اقرأ في روز ...
مقال الشاعر الكبير / فاروق جويدة ..
براءةُ الحب وقسوةُ العشاق ..
كان وداعُنا شيئاً مؤلماً .. تمنيتُ لو كانت مشاعرنا أكثر إنسانيةً فقد تقطَّعَت بيننا جسورٌ كثيرة ونحن نضع لحظةَ النهاية. لم نحاول أن نسترجعَ أياماً جميلة عشناها معاً ربما تخففُ عنا مرارة الوداع .. لا أعرفُ كيف تسللتْ كل مشاعرِ القسوة التي اجتاحت قلوبَنا البريئة .. كنتِ في غاية القسوة وأنت تقرأين كتاباً من العتابِ المُرِّ. إنَّ آخر ما يبقى للعشاق بعد إسدالِ الستار أن تظل بينهما أطيافٌ للذكرى تُخفِّف ما تحمل الأيام من ليالي البعدِ ومحنةِ الفراق .. لقد تحدثتِ كثيراً عن أسباب النهاية وضرورة الرحيل ولم تذكري شيئاً عن روعةِ البداية وكيف كانت المشاعرُ الجميلةُ بكل الصدق تحتوينا وتحملُ لنا كل يوم أملًا جديداً في مستقبلٍ أفضل. في لحظات النهاية لا أحد يذكر كيف جمعتْنا الأيامُ ووحدتْنا المشاعر .. لم يذكر أحدٌ منا مواقفَه مع الآخر وكم كان نبيلًا في لحظاتِ الألم وكم كان مترفِّعاً ونحن نواجه عواصف الأيامِ وتحديات الزمن. بقدر عتابي عليكِ بقدر حزني من نفسي لأنني طاوعتُكِ ورضيتُ أن نغلق آخر صفحاتِ الودّ بيننا بهذه النهايةِ المؤلمة .. لم يحاول أحدٌ منا أن يراجع نفسه.. ربما اعتذرَ، ربما شَعَرَ بالندم، ربما حاول أن يمُد يديه، ربما نتصافح بحبٍ وشوقٍ مرة أخرى .. لقد أشعلتِ النيران ولم أحاول أنا أن أُطفئ شيئاً منها .. وامتدتْ بيننا لتأكل كل المشاعر الجميلة التي بنيناها بنبضاتِ قلوبنا ودموعِنا وآلامٍ كثيرة تحدينا بها الزمنَ والحياة والبشر. في أحيانٍ كثيرة أشعر بالندم لأنني فرَّطتُ فيكِ ورضيتُ أن نبتعد رغم أن قرارَ الوداع والرغبة في البعادِ كانت رغبتكِ أنت. كان ينبغي أن أُدافع عن حبنا ليس من أجلكِ وليس من أجلي ولكن من أجل هذا الحبِّ الذي لا نعرفُ هل يزورنا مرةً أخرى أم أنه لن يعود. لقد تمادينا في لحظةِ الغضب .. وحمَلَنا الغضبُ إلى جنونِ الاندفاع، وما بين الغضب والاندفاع سقط بيننا طفلٌ برئٌ يسمى الحب وخرج باكياً وهو لا يعرفُ له وطناً أو أرضاً أو مكاناً. إن هذا الحب الهاربَ من لحظةِ جنونٍ فرَّقتْنا سوف يبقى طوال عمره ساخطاً علينا أّننا لم نرحمْ براءتَه .. ولم نفرِّق بين براءةِ الحب وقسوةِ العشاق.. سوف يمضي هذا الحب بعيداً عنا وهو يلعن كل قلبٍ فرط في مشاعرِه في لحظةِ فراقٍ دامية.
أنا نادمٌ على ما حدث وليتكِ مثلي تشعرين بهذا الندم فقد كنا شركاء في جريمةٍ واحدةٍ هي اغتيالُ الحبِّ.

وقبل أن نفترق
لا تسأليني كيف حالُ زماني
ماذا يعيشُ الآن في وجداني
ما أنتِ في دنياي إلا قصة
بدأتْ بقلبي وانتهتْ بلساني
وشدوتُها للناسِ لحناً خالداً
يكفيكِ أنكِ كنتِ من ألحاني