الجاهلية،تاريخ

الجاهلية و مصادر التاريخ الجاهلي

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






الجاهلية
و مصادر التاريخ الجاهلي





اعتاد الناس إن يسموا تاًريخ العرب قبل الإسلام "التاريخ الجاهلي"، أو "تأريخ الجاهلية"، وان يذهبوا إلى إن العرب كانت تغلب عليهم البداوة، وانهم كانوا قد تخلفوا عمن حولهم في الحضارة، فعاش أكثرهم عيشة قبائل رحل، في جهل وغفلة، لم تكن لهم صلات بالعالم الخارجي، ولم يكن للعالم الخارجي اتصال بهم، أميوّن، عبدة أصنام، ليس لهم تاريخ حافل، لذلك عرفت تلك الحقبة التي سبقت الإسلام عندهم ب "الجاهلية".
و "الجاهلية" اصطلاح مستحدث، ظهر بظهور الإسلام، وقد أطلق على حال قبل الإسلام تمييزا وتفريقاً لها عن الحالة التي صار عليها العرب بظهور الرسالة، على النحو الذي محدث عندنا وعند غيرنا من الأمم من إطلاق تسميات جديدة للعهود القائمة، والكيانات الموجودة بعد ظهور أحداث تزلزلها وتتمكن منها، وذلك لتمييزها وتفريقها عن العهود التي قد تسميها أيضاً بتسميات جديدة. وفي التسميات التي تطلق على العهود السابقة، ما يدل ضمناً على شيء من الازدراء والاستهجان للأوضاع السابقة في غالب الأحيان.
وقد سبق للنصارى إن أطلقوا على العصور التي سبقت المسيح والنصرانية "الجاهلية"، أي "أيام الجاهلية"، أو "زمان الجاهلية"، استهجاناً لأمر تلك الأيام، وازدراءَ بجهل أصحابها لحالة الوثنية التي كانوا عليها، ولجهالة الناس إذ ذاك وارتكابهم الخطايا التي أبعدتهم، في نظر النصرانية، عن العلم، وعن ملكوت الله. "وقد أغش الله عن أزمنة هذا الجهل فيبشر الآن جميع الناس في كل مكان إلى إن يتوبوا".
وقد وردت لفظة "الجاهلية"، في القرآن الكريم،وردت في السور المدنية، دون السور المكية، فدل ذلك على إن ظهورها كان بعد هجرة الرسول إلى المدينة، وان إطلاقها بهذا المعنى كان بعد الهجرة، وأن المسلمين استعملوها منذ هذا العهد فما بعده.
وقد فهم جمهور من الناس إن الجاهلية من الجهل الذي هو ضد العلم أو عدم اتباع العلم،ومن الجهل بالقراءة والكتابة، ولهذا ترجمت اللفظة في الإنكليزية ب "The Time of Ignorance"، وفي ا لألمانية ب "Zeit der Unwissenheit" وفهمها آخرون أنها من الجهل بالله وبرسوله وبشرائع الدين وباتباع الوثنية والتعبد لغير الله، وذهب آخرون إلى أنها من المفاخرة بالأنساب والتباهي بالأحساب والكبر والتجبر وغير ذلك من الخلال التي كانت من أبرز صفات الجاهلين. ويرى المستشرق "كولدتزهير" "Goldziher" إن المقصود الأول من الكلمة "السفه" الذي هو ضد الحلم، والأنفة والخفة والغضب وما إلى ذلك من معان، وهي أمور كانت جد واضحة في حياة الجاهليين، ويقابلها الإسلام، الذي هو مصطلح مستحدث أيضاً ظهر بظهور الإسلام، وعماده الخضوع لله والانقياد له ونبذ التفاخر بالأحساب والأنساب والكبر وما إلى ذلك من صفات نهى عنها القرآن الكريم والحديث.
وقد وردت الكلمة في القرآن الكريم في مواضع منه ،منها آية سورة الفرقان: ((وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً)) ، وآية سورة البقرة: ((قالوا أتخذَنا هزواً? قال: أعوذ بالله إن أكون من الجاهلين)) ، وآية سورة الأعراف: ((خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين))، وآية هود: ((أني أعظك إن تكون من الجاهلين)). وفي كل هذه المواضع ما ينم على أخلاق الجاهلية. وقد ورد في الحديث: ((إذا كان أحدكم صائماً، فلا يرفث ولا يجهل))، وورد أيضاً: "إنك امرؤ فيك جاهلية" وبهذا المعنى تقريباً وردت الكلمة في قول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علـينـا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أي: لا يسفه أحد علينا، فنسفه عليهم فوق سفههم، أي نجازيهم جزاء يربي عليه.
واستعمال هذا اللفظ بهذا المعنى كثير.
وجاء في سورة المائدة: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكماً لقوم يوقنون" أي أحكام الملة الجاهلية وما كانوا عليه من الضلال والجور في الأحكام والتفريق بين الناس في المنزلة والمعاملة.
وأطلقوا على "الجاهلية الجهلاء"، والجهلاء صفة للأولى يراد بها التوكيد، وتعني "الجاهلية القديمة". وكانوا إذا عابوا شيئاً واستبشعوه، قالوا: "كان ذلك في الجاهلية الجهلاء". و "الجاهلية الجهلاء" هي الوثنية التي حاربها الإسلام. وقد أنب القرآن المشركين على حميتهم الوثنية،فقال: ((إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية)).
والرأي عندي إن الجاهلية من السفه والحمق والأنفة والخفة والغضب وعدم الانقياد لحكم وشريعة و إرادة إلهية وما إلى ذلك من حالات انتقصها الإسلام. فهي في معنى "اذهب يا جاهل" نقولها في العراق لمن يتسفه ويتحمق وينطق بكلام لا يليق صدوره من رجل، فلا يبالي أدبا ولا يراعي عرفاً، و "رجل جاهل" نطلقه على من لا يهتم بمجتمع ودين، ولا يتورع من النطق بأفحش الكلام. ولا يشترط بالطبع أن يكون ذلك الرجل جاهلا أميا، أي ليس له علم، وليس بقارئ كاتب.
وقد اختلف المفسرون في المراد من الجاهلية الأولى في قوله تعالى: ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى))، فقيل: "الجاهلية الأولى التي ولد فيها إبراهيم، والجاهلية الأخرى التي. ولد فيها محمد". وقيل "الجاهلية الأولى بين عيسى ومحمد"، وقد أدى اختلافهم في مفهوم هذه الآية إلى تصور وجود جاهليتين جاهلية قديمة، وجاهلية أخرى هي التي كانت عند ولادة الرسول.
واختلف العلماء في تحديد بدأ الجاهلية، أو العصر الجاهلي، فذهب بعضهم إلى أن الجاهلية كانت، فيما بين نوح وإدريس. وذهب آخرون إلى أنها كانت بين آدم ونوح، أو إنها بين موسى وعيسى، أو الفترة التي كانت ما بين عيسى ومحمد. وأما منتهاها، فظهور الرسول ونزول الوحي عند الأكثرين، أو فتح مكة عند جماعة. وذهب ابن خالويه إلى أن هذه اللفظة أطلقت في الإسلام على الزمن الذي كان قبل البعثة.
والذي يفهم خاصة من كتب الحديث إن أصحاب الرسول كانوا يعنون به "الجاهلية" الزمان الذي عاشوا فيه قبل الإسلام، وقبل نزول الوحي، فكانوا يسألون الرسول عن أحكامها، وعن موقفهم منها بعد إسلامهم، وعن العهود التي قطعوها على أنفسهم في ذلك العهد، وقد اقر الرسول بعضها، ونهى عن بعض آخر، وذلك يدل على أن هذا المعنى كان قد تخصص منذ ذلك الحين، وأصبح للفظة "الجاهلية" مدلول خاص في عهد الرسول.
وأطلق بعض العلماء على الذين عاشوا بين الميلاد ورسالة الرسول "أهل الفترة" وهم في نظرهم جماعة من أهل التوحيد ممن يقر بالبعث، ذكروا منهم:"حنظلة ابن صفوان" نبي "أصحاب الرّس" وأصحاب الأخدود، وخالد بن سنان العبسي، و "وثاب السني" وأسعد أبا كرب الحميري، وقس بن ساعدة الإيادي وأمية بن أبي الصّلت، وورقة بن نوفل، وعداس مولى عتبة بن أبي ربيعة، وأبا قيس صربة بن آبي أنس من الأنصار، وأبا عامر الأوسي، وعبد الله بن جحش وآخرين. فهم إذن طبقة خاصة من الجاهليين، ميزوا عن غيرهم بهذه السمة، لأنهم لم يكونوا على ملة أهل الجاهلية من عبادة الأصنام والأوثان. فلفظة "الجاهلية" إذن نعت اسلامي، من نوع النعوت التي تطلق في العهود السابقة على حركة ما أو انقلاب. أطلقه المسلمون على ذلك العهد، كما نطلق اليوم نعوت وأسماء على العهود الماضية التي يثور الناس عليها، من مثل مصطلح "العهد المباد" الذي أطلق في العراق على العهد الملكي منذ ثورة 14 تموز 1958، ومثل المصطلحات الأخرى الشائعة في الأقطار العربية الأخرى، والتي أطلقت على العهود السابقة للثورات والانقلابات.



موارد التاريخ الجاهلي
تاريخ الجاهلية هو أضعف قسم كتبه المؤرخون العرب في تاريخ العرب، يعوزه التحقيق والتدقيق والغربلة. وأكر ما ذكروه على انه تاريخ هذه الحقبة، هو أساطير، وقصص شعبي، وأخبار أخذت عن أهل الكتاب ولا سيما اليهود، وأشياء وضعها الوضاعون في الإسلام، لمآرب اقتضتها العواطف والمؤثرات الخاصة.
وقد تداول العلماء وغير أصحاب العلم هذه الأخبار على إنها تاريخ الجاهلية حتى القرن التاسع عشر. فلما انتهت إلى المستشرقين، شكّوا في أكثرها، فتناولوها بالنقد. استناداً إلى طرق البحث الحديثة التي دخلت على العلوم النظرية،وتفتحت بذلك آفاق واسعة في عالم التاريخ الجاهلي لم تكن معروفة،ووضعوا الأسس للجادات التي توصل عشاق التاريخ إلى البحث في تاريخ جزيرة العرب.
وكان أهم عمل رائع قام به المستشرقون هو البحث عن الكتابات العربية التي دوّنها العرب قبل الإسلام، وتعليم الناس قراءتها بعد أن جهلوها مدة تنيف على ألف عام. وقد فتحت هذه النصوص باب تاريخ الجاهلية، ومن هذا الباب يجب أن نصل إلى التاريخ الجاهلي الصحيح.
لقد كلف البحث عن هذه الكتابات العلماء والسياح، ثمناً غالياً كلفهم حياتهم في بعض الأحيان، ولم يكن من السهل تجول هؤلاء الأوروبيون بأزياء مختلفة في أماكن تغلب عليها الطبيعة الصحراوية للحصول على معلومات عن الخرائب والعاديات والحصول على ما يمكن الحصول عليه من نقوش وكتابات.
والتاريخ الجاهلي مع ذلك في أول مرحلة من مراحله وفي الدرجات الأولى من سلم طويل متعب. ولا ينتظر التقدم أكثر من ذلك،إلا إذا سهّل للعلماء التجوال في بلاد العرب، لدراستها من جميع الوجوه، و للبحث عن العاديات، ويسرت لهم سبل البحث، ووضعت أمامهم كل المساعدات الممكنة التي تأخذ بأيدهم إلى الكشف عن مواطن ذلك التاريخ والبحث عن مدافن كنوز الآثار تحت الأتربة واستخراجها وحلّ رموزها،لجعلها تنطق بأحوالها في تلك الأيام. وتلك مسؤولية لن تفُهم إلا إذا فهم العرب وعلى رأسهم الحاكمون منهم أن من واجبهم المحافظة على تأريخ العرب القديم بصيانة مواطن الآثار ومنع الاعتداء عليها، بإنزال أشد العقوبات بمن يحطم تمثالا، لاعتقاده بأنه صنم، أو بهدم أثراً للاستفادة من حجره، أو ما شابه ذلك من هدم وتخريب.
لم يطمئن المستشرقون إلى هذا المروي في الكتب العربية عن التاريخ الجاهلي ولم يكتفوا به، بل رجعوا إلى مصادر وموارد ساعدتهم في تدوين هذا الذي نعرفه عن تاريخ الجاهلية، وهو شيء قليل في الواقع، ولكَنه مع ذلك خير من هذا القديم المتعارف وأقرب منه إلى التأريخ، وقد تجمعت مادته من هذه الموارد:
1- النقوش والكتابات.
2- التوراة والتلمود والكتب العبرانية الأخرى.
3- الكتب اليونانية واللاتينية والسريانية ونحوها.
4- المصادر العربية الإسلامية.


1 - النقوش والكتابات
تعد النقوش والكتابات في طليعة المصادر التي تكوّن التاريخ الجاهلي، وهي وثائق ذات شاًن، لأنها الشاهد الناطق الحي الوحيد الباقي من تلك الأيام، وأريد أن أقسمها إلى قسمين: نقوش وكتابات غير عربية تطرقت إلى ذكر العرب كبعض النصوص الآشورية أو البابلية، ونصوص وكتابات عربية كتبت بلهجات مختلفة، منها ما عثر عليه في العربية الجنوبية، ويدخل ضمنها تلك التي وجدت في مصر أو في بعض جزر اليونان أو في الحبشة، وهي من كتابات المعينين والسبئين، ومنها ما عثر عليه في مواضع أخرى من جزيرة العرب، مثل أعالي الحجاز وبلاد الشام والعربية السعودية والكويت ومواضع أخرى، كل ما عثر أو سيعثر عليه من نصوص في جزيرة العرب مدوناً بلهجة من اللهجات الني تعارف علماء العرب أو المستشرقون على اعتدادها من لغات العرب.
وأغلب الكتابات الجاهلية التي عثر عليها هي و للأسف في أمور شخصية، ولذلك انحصرت فوائدها في نواح معينة، في مثل الدراسات اللغوية، وأقلها النصوص التي تتعرض لحالة العرب السياسية، أو الأحوال الاجتماعية أو العلمية أو الدينية أو النواحي الثقافية والحضارية الأخرى، ولهذا بقيت معارفنا في هذه النواحي ضحلة غير عميقة. كل أملنا هو في المستقبل، فلعله سيكون سخيا كريما، فيمدنا بفيض من مدونات لها صلة وعلاقة بهذه الأبواب، وينقذنا بذلك من هذا الجهل الفاضح الذي نحن فيه، بتاريخ. العرب قبل الإسلام.
بل حتى النصوص العربية الجنوبية التي عثر عليها حتى الآن، هي في أمور شخصية في الغالب، من مثل إنشاء بيت، أو بناء معبد، أو يناء سور، أو شفاء من مرض، ولكنها أفادتنا، مع ذلك، فائدة كبيرة في تدوين تاريخ العرب الجنوبيين، فقد أمدتنا بأسماء عدد من الملوك، ولولاها لما عرفنا عنهم شيئاً. ونظراً إلى ما نجده في بعض النصوص من إشارات إلى حروب، ومن صلات بين ملوك الدول العربية الجنوبية، ونظرا إلى كون بعض الكتابات أوامر ملكية وقوانين في تنظيم الضرائب وتعيين حقوق الغرباء وفي أمور عامة أخرى لها علاقة بصلة الحكومات بشعوبها، و نظرا إلى ما عرفناه من ميل إلى الحضارة و الاستقرار و العمل و البناء، وفي حكوماتهم من تنظيم و تنسيق في الأعمال، فأننا نأمل الحصول في المستقبل على وثائق، تعطينا مادة جيدة عن تاريخ العرب الجنوبيين و عن صلاتهم ببقية العرب أو العالم الخارجي، لأن جماعة تهتم هذا الاهتمام بالأمور المذكورة، لا يمكن إن تكون في غفلة عن اهمية تدوين التاريخ.
و تختلف الكتابات العربية الجنوبية طولاً و قصراً تبعاً للمناسبات و طبيعة الموضوع، وتتشابه في المضمون وفي إنشائها، الغالب، لأنها كتبت في أغراض شخصية متماثلة. ومن النصوص الطولية المهمة، نص رقمه العلماء برقم: "C.I.H. 1450" وقد كتب لمناسبة الحرب التي نشبت بين قبائل حاشد و قبائل حمير في مدينة "ناعط"، ونص رقمه "C..I.H 4334"، وقد أمر بتدوينه الملك "شعر أوتر بن علهان نهفان" "شعر أوتر بن علهن نهفن" ، "80-50ق.م"، ونص "أبرهة" نائب ملك الحبشة على اليمن "عزلي"، وهو يحوي كتابة مهمة تتألف من "136" سطراً، يرتقي تاريخها إلى سنة 658 الحميرية أو 543 م وقد كتب بحميرية رديئة ركيكة، ونص يرتقي تاريخه إلى سنة 554 م.
أما الكتابات المكتوبة باللهجات التي يطلق عليها المستشرقون اللهجات العربية الشمالية، فقليلة. ويراد بهذه اللهجات القريبة من عربية القرآن الكريم. وأما الكتابات التي وجد إنها مكتوبة بالثمودية أو اللحيانية أو الصفوية، فإنها عديدة، وهي قصيرة، وفي أمور شخصية، و قد أفادتنا في استخراج أسماء بعض الأصنام وبعض المواضع وفي الحصول على أسماء بعض القبائل وأمثال ذلك.



تاريخ الكتابات
والكتابات المؤرخة قليلة. هذا أمر يؤسف عليه، إذ يكون المؤرخ في حيرة من أمره في ضبط الزمن الذي دوّن فيه النص، ولم نتمكن حتى الآن كل من الوقوف على تقويم ثابت كان يستعمله العرب قبل الإسلام، مدة طويلة في جزيرة العرب. والذي تبين لنا حتى الآن هو أنهم استعملوا جملة طرق في تأريخهم للحوادث، وتثبيت زمانها، فأرخوا بحكم الملوك، فكانوا يشيرون إلى الحادث بأنه حدث في أيام الملك فلان، أو في السنة كذا في حكم الملك فلان. وأرخوا كذلك بأيام الرؤساء وسادات القبائل وأرباب الأسر وهي طريقة عرفت عند المعينين والسبئين والقتبانيين وعند غيرهم في مختلف أنحاء جزيرة العرب.
والكتابات المؤرخة بهذه الطريقة، وان كانت أحسن حالاً من الكتابات المهملة التي لم يؤرخها أصحابها بتاريخ، إلا أننا قلما نستفيد منها فائدة تذكر، إذ كيف يستطيع مؤرخ أن يعرف زمانها بالضبط، وهو لا يعرف شيئاً عن حياة الملك الذي أرخت به الكتابة أو حكمه، أو زمانه، أو زمان الرجال الذين أرخ بهم? لقد فات أصحاب هذه الكتابات أن شهرة الإنسان لا تدوم، وأن الملك فلاناً، أو رب الأسرة فلانا، أو الزعيم فلاناً ربما لا يعرف بعد أجيال، وقد يصبح نسياً منسياً، لذلك لا يجدي التأريخ به شيئاً، وذاكرة الإنسان لا تعي إلا الحوادث الجسام. لهذا السبب لم نستفد من كثير من هذه الكتابات المؤرخة على وفق هذه الطريقة، وأملنا الوحيد هو أن يأتي يوم قد نستفيد فيه منها في تدوين التاريخ.
وترد التواريخ في الكتابات العربية الجنوبية، ولا سيما الكتابات القتبانية، على هذه الصورة: "ورخس ذو سحر خرف ...."، أو "ورخس ذو تمنع خرف ..."، أي: "وأرخ في شهر سحر من سنة...." و "أرخ في شهر تمنع من سنة....". ويلاحظ إن "ورخ" و "توريخ"، مثل "أرخ" و "تاريخاً"، هما قريبتان من استعمال تميم، إذ هي تقول: "ورخت الكتاب توريخاً" أي: "أرخت الكتاب تأريخاً". وأما حرف "السين" اللاحق بكلمة "ورخ"، فانه أداة التنكير. ويلي التاريخ أسم الشهر، مثل شهر "ذو تمنع" و "ذو سحر" وغير ذلك. وقد تجمعت لدينا أسماء عدد من الشهور في اللهجات العربية الجنوبية المختلفة تحتاج إلى دراسة لمعرفة ترتيبها بالنسبة إلى الموسم والسنة. ثم تلي الشهور في العادة كلمة "خرف" أي "خريف"، وهي في العربية الجنوبية، السنة أو العام أو الحول. وعندئذ يذكر اسم الملك أو الرجل الذي أرخ به، فيقال: "خرف شهر يكل" أي سنة "شهريكول"، وهو ملك من ملوك قتبان. وهكذا بالنسبة إلى الملوك أو غيرهم.
نرى من ذلك إن التاريخ بأعوام الرجال كان يتضمن شهوراً. غير إننا لا نستطيع أن نجزم بان هذه الشهور كانت ثابتة لا تتغير بتغير الرجال، أو إنها كانت تتبدل بتبدل الرجال. والرأي الغالب هو إنها وضعت في وضع يلائم المواسم وأوقات الزراعة. ويظهر انهم كانوا يستعملون أحياناً مع هذا التقويم تقويماً آخر هو التقويم الحكومي، وكان يستند إلى السنين المالية،أي سني جمع الضرائب. وتختلف أسماء شهور هذا التقويم عن أسماء شهور التقاويم التي تؤرخ بالرجال.
ويظهر أن العرب الجنوبيين كانوا يستعملون التقويم الشمسي في الزراعة، كما كانوا يستعملون التقويم القمري والتقويم النجمي أي التقويم الذي يقوم على رصد النجوم.
وقد اتخذ الحميريون منذ سنة "115 ق. م" تقويماً ثابتاً يؤرخون به، وهي السنة التي قامت فيها الدولة الحميرية -على رأي بعض. العلماء- فأخذ الحميريون يؤرخون بهذا الحادث، و اعتدوه مبدأً لتقويمهم. وقد درسه المستشرقون، فوجدوه يقابل السنة المذكورة قبل الميلاد.والكتابات المؤرخة بموجب هذه الطريقة، لها فائدة كبيرة جداً في تثبيت التاريخ.
وقد ذهب بعض الباحثين حديثاً إلى أن مبدأ تاريخ حمير يقابل السنة "109 ق.م" أي بعد ست سنوات تقريبا من التقدير المذكور، وهو التقدير المتعارف عليه. والفرق بين التقديرين غير كبير.
ومن النصوص المؤرخة، نص تأريخه سنة385 من سني التقويم الحميري. وإذا ذهبنا مذهب الغالبية التي تجعل بداية هذا التقويم سنة "115 ق. م"، عرفنا أن تاريخ هذا النص هو سنة 27 م تقريباً، وصاحبه هو الملك "يسر يهنعم" "ياسر يهنعم" "ياسر ينعم" ملك سبأ وذو ريدان و ابنه "شمر يهرعش". وللملك "ياسر يهنعم" نص آخر يعود تاريخه إلى سنة 374 من سني التقويم الحميري، أي سنة "295 م". : و لشمر يهرعش" كتابة أمر بتدوينها سنة 396 للتقويم الحميري، أي سنة 281 م. وقد ورد اسمه في نصوص أخرى، وقد لقّب نفسه بلقب "ملك سباً وذو ريدان"، ولقب نفسه في مكان أخر بلقب "ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت"، مما يدل على أنه كان قد وسعّ ملكه، وأخضع الأرضين المذكورة لحكمه، وهي نصوص متأخرة بالنسبة إلى النصوص الأخرى.
ولما أراد الملك "شرحبيل يعفر بن أبي كرب أسد" "ملك سباً وذو ريدان وحضرموت ويمنت و أعرابها في الجبال والسواحل" بناء السدّ، أمر بنقش تاريخ البناء على جداره. وقد عثر عليه، وإذا به يقول: إن العمل كان في سنة 564-565 الحميرية، وهذا يوافق عامي 449-450 من الأعوام الميلادية. وبعد ثماني سنوات من هذا التأريخ، أي في عام 457-458 من التأريخ الميلاديَ "572 - 573حميري"، وضع عبد كلال نصاً تاريخياً يذكر فيه أسم "الرحمن"، ولهذين النصين أهمية عظيمة جدا من الناحية الدينية. يذكر النص الأول "إله السماوات والأرضين"، ويذكر الثاني "الرحمن". وتظهر من هذه الإشارة فكرة التوحيد على لسان ملوك اليمن وزعمائها.
وقد عُثر على نصين آخرين ورد فيهما اسم الملك "شرحب آل يكف" و "شرحبيل يكيف". تأريخ أحدهما عام 582الحمري "467 م"، وتأريخ النص الثاني هو سنة585 الحميرية، الموافقة لسنة 475 م.
ومن النصوص الآثارية المهمة، نص حصن غراب. وهذا النص أمر بكتابته "السميفع أشوى" "السميفع أشوع" وأولاده، تخليداً لذكرى انتصار الأحباش على اليمانيين في عام 525م "سنة 640 الحميرية". ويليه النص الذي أمر أبرهة حاكم اليمن في عهد الأحباش بوضعه على جدران سدّ مأرب لما قام بترميم السدّ و إصلاحه في عام 657 الحميري، الموافق لعام 542م.
وآخر ما نجده من نصوص مؤرخة، نص وضع في عام 669 لتقويم حمير "يوافق عام 554م". ولم يعثر المنقبون بعد هذا النص على نص آخر يحمل تاريخاً. نعم، عثروا على نصوص كثيرة تشابه في مضمونها وعباراتها، وألفاظها النصوص التي أقيمت في الفترة بين 439 م وسنة 554م، وهذا يبعث على احتمال كون هذه النصوص مكررة، وأنها من هذا العهد الذي بحثنا عنه آنفاً. هذا، وإن مما يلاحظ على الكتابات العربية الجنوبية أن التي ترجع منها إلى العهود القديمة من تاًريخ جنوب بلاد العرب، قليلة. وكذلك الكتابات التي ترجع إلى العصور الحميرية المتأخرة،أي القريبة المتصلة بالإسلام. ولذلك أصبحت أكثر الكتابات التي عثر عليها حتى الآن من العهود الوسطى المحصورة بين أقدم عهد من عهود تأريخ اليمن وبين أقرب عهود اليمن إلى تاًريخ الإسلام. وأكثرها خلو من التأريخ غير عدد منها يرد فيه لسماء ملوك وملكات أرخت بأيامهم. لكنّنا لا نستطيع تعيين تأريخ مضبوط لزمانهم، لعم وجود سلسلة لمن حكم أرض اليمن، ولعدم وجود جداول بمدد حكمهم،ولفقدان الإشارة إلى من كان يعاصرهم من الملوك الأجانب.
وقد كان ما قدمناه يتعلق بالكتابات العربية الجنوبية المؤرخة. أما الكتابات العربية الشمالية المؤرخة، فهي معدودة، وهي لا تعطينا هذا السبب فكرة علمية عن تاًريخ الكتابات في الأقسام الشمالية والوسطى من بلاد العرب. وقد أرخ شاهد قبر "امرئ القيس" في يوم 7 بكسلول من سنة 223 "328 م". وهذه السنة هي من سني تقويم بصرى Bostra، وكان أهل الشام وحوران وما يليهما، يؤرخون بهذا التقويم في ذلك العهد، ويبدأ بدخول بصرى في حوزة الروم سنة105 م.
وعثر على كتابة في خرائب "زيد" بين قنسرين ونهر الفرات جنوب شرقي حلب، كتبت بثلاث لغات: اليونانية والسريانية والعربية، يرجع تأريخها إلى سنة "823 للتقويم السلوقي"، الموافقة لسنة 512م. والمهم عندنا، هو النص العربي، ولا سيما قلمه العربي. أما من حيث مادته اللغوية، فان أكثر ما ورد فيه أسماء الرجال الذين سعوا في بناء الكنيسة التي وضعت فيها الكتابة.
وأرخت كتابة "حرّان" اليونانية بسنة أربع مئة وثلاث وستين من الأندقطية الأول، وهي تقابل سنة 568م، والأندقطية، هي دائرة ثماني سنين عند الرومانيين، وكانت تستعمل في تصحيح تقويم السنة. أما النص العربي، فقد أرخ "بسنه 463 بعد مفسد خيبر بعم" "عام". ورأى الأستاذ "ليتمن" أن عبارة "بعد مفسد خيبر بعم"،تشير إلى غزوة قام بها أحد أمراء غسان لخيبر. وفي استعمال هذه الجملة التي لم ترد في النص اليوناني، دلالة على أن العرب الشماليين كانوا يستعملون التواريخ المحلية، كما كانوا يؤرخون بالحوادث الشهيرة التي تقع بينهم.
أما الكتابات الصفوية والثمودية واللحيانية، فإن من بينها كتابات مؤرخة، إلا ان توريخها لم يفدنا شيئاً أيضاً. فقد أرخت على هذا الشكل: "يوم نز هذا المكان" أو "سنة جاء الروم". ومثل هذه الحوادث مبهمة، لا يمكن أن يستفاد منها في ضبط حادث ما.
هذا وقد أشار "المسعودي" إلى طرق للجاهليين في توريخ الحوادث، تنفي مع ما عثر عليه في الكتابات الجاهلية المؤرخة، فقال: "وكانت العرب قبل ظهور الإسلام تؤرخ بتواريخ كثيرة، أما حمير وكهلان ابنا سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بأرض اليمن، فإنهم كانوا يؤرخون بملوكهم السالفة من التبابعة وغيرهم"، ثم ذكر أنهم أرخوا أيضاً بما كان يقع لديهم من أحداث جسيمة في نظرهم، مثل "نار صوان"، وهي نار كانت تظهر ببعض الحرار من أقاصي بلاد اليمن، ومثل الحروب التي وقعت بين القبائل والأيام الشهيرة وقد أورد جريدة بتواريخ القبائل إلى ظهور الإسلام. وذكر "الطبري" أن العرب "لم يكونوا يؤرخون بشيء من قبل ذلك، غير أن قريشا كانوا - فيما ذكر- يؤرخون قبل الإسلام بعام الفيل، وكان سائر العرب يؤرخون بأيامهم المذكورة، كتأريخهم بيوم جبلة وبالكلاب الأول والكلاب الثاني".
وقد ذكر المسعودي أن قدوم أصحاب الفيل مكة، كان يوم الأحد لسبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ثمانمائة واثنتين -وثمانين سنة للاسكندر، وست عشرة سنة ومئتين من تاريخ العرب الذي أوله حجة العدد "حجة الغدر"، ولسنة أربعين من ملك كسرى أنوشروان. ولم يشر المسعودي إلى العرب الذين أرخوا بالتقويم المذكور، غير أننا نستطيع أن نقول إن "المسعودي" قصد بهم أهل مكة، لأن حملة "أبرهة" كانت قد وجهت إلى مدينتهم، وأن الحملة المذكورة كانت حادثاً تاريخياً بالنسبة إليهم، ولذلك أرّخوا بوقت وقوعها.
ويرى كثير من المستشرقين والمشتغلين بالتقاويم وبتحويل السنين وبتثبيتها، وفقاً لها، أن عام الفيل يصادف سنة "570" أو "571" للميلاد، وذلك يمكن اتخاذ هذا العام مبدءاً نؤرخ به على وجه التقريب الحوادث التي وقعت في مكة أو في بقية الحجاز والتي أرّخت بالعام المذكور.



2- التوراة والتلمود والتفاسير والشروح العبرانية
وقد جاء ذكر العرب في مواضع من أسفار التوراة تشرح علاقات العبرانيين بالعرب.
والتوراة مجموعة أسفار، كتبها جماعة من الأنبياء في أوقات مختلفة، كتبوا أكثرها في فلسطين. وأما ما تبقى منها، مثل حزقيال والمزامير، فقد كتب في وادي الفرات أيام السبي، وأقدم أسفار التوراة هو سفر "عاموس" "Amos"، ويظن أنه كتب حوالي سنة 750 ق. م.
وأما آخر ما كتب منها، فهو سفر " دانيال" "Danial" والإصح هو الرابع والخامس من سفر " المزامير". وقد كتبت هذه في القرن الثاني قبل المسيح.
فما ذكر في التوراة عن العرب يرجع تاريخه إذن إلى ما بين سنة 750 والقرن الثاني قبل المسيح.
وقد وردت في التلمود " Talmud" إشارات إلى العرب كذلك. وهناك نوعان من التلمود : الفلسطيني أو التلمود الأورشليمي "Yeruschalmi" كما يسميه العبرانيون اختصاراً، والتلمود البابلي نسبة إلى "بابل" بالعراق، ويعرف عندهم بأسم "بابلي" اختصاراً.
أما التلمود الفلسطيني، فقد وضع، كما يفهم من اسمه في فلسطين. وقد تعاونت على تحبير المدارس اليهودية "Academies" في الكنائس " الكنيس". وقد كانت هذه مراكز الحركة العلمية عند اليهود في فلسطين، وأعظمها هو مركز "طبرية" "Tiberies" وفي هذا المحل وضع الحبر "رابي بوحان" "Rabbi Jochanan" التلمود الأورشليمي في أقدم صورة من صوره في أواخر القرن الثالث الميلادي وتلاه بعد ذلك الأحبار الذين جاؤوا بعد " يوحنان"،وهم الذين وضعوا شروحا وتفاسير عدة تكون منها هذا التلمود الذي اتخذ هيأته النهائية في القرن الرابع الميلادي.
وأما التلمود البابلي، فقد بدأ بكتابته - على ما يظهر- الحبر " آشي" "Rabbi Ashi" المتوفي عام 435 م، وأكمله الأحبار من بعده، واشتغلوا به حتى اكتسب صيغته النهائية في أوائل القرن السادس للميلاد. ولكل تلمود من التلمودين طابع خاص به، هو طابع البلد الذي وضع فيه، ولذلك يغلب على التلمود الفلسطيني طابع التمسك بالرواية والحديث. وأما التلمود البابلي، فيظهر عليه الطابع العراقي الحر وفيه عمق في التفكير، وتوسع في الأحكام والمحاكمات، وغنى في المادة. وهذه الصفات غير موجودة في التلمود الفلسطيني.
وبهذا يكمل التلمود أحكام التوراة، وتفيدنا إشاراته من هذه الناحية في تدوين تاريخ العرب. أما الفترة بين الزمن الذي انتهي فيه من كتابة التوراة والزمن الذي بدأ فيه بكتابة التلمود، فيمكن أن يستعان في تدوين تاريخها بعض الاستعانة بالأخبار التي ذكرها بعض الكتاب، ومنهم المؤرخ اليهودي " يوسف فلافيوس" " جوسفوس فلافيوس" "JosephusFlavius"، الذي عاش بين سنة 37 و 100 للمسيح تقريبا. وله كتاب باللغة اليونانية في تاريخ عاديات اليهود "Joudaike Archaioligia" تنتهي حوادثه بسنة 66 للميلاد، وكتاب أخر في تاريخ حروب اليهود "Peri tou Joudiaou Poemou" من استيلاء " انطيوخس افيفانوس" "Antiochus Epiphanos" على القدس سنة 170 قبل الميلاد إلى الاستيلاء عيها مرة ثانية في عهد "طيطس" "Titus" سنة 70 بعد الميلاد، وكان شاهد عيان لهذه الحادثة. وقد نال تقدير "فسبازيان" "Vespasian" و " طيطس" وأنعم عليه بالتمتع بحقوق المواطن الروماني.
وفي كتبه معلومات ثمينة عن العرب، وأخبار مفصلة عن العرب الأنباط، لا نجدها في كتاب ما آخر قديم. وكان الأنباط في أيامه يقطنون في منطقة واسعة تمتد من نهر الفرات، فتتاخم بلاد الشام، ثم تنزل حتى تتصل بالبحر الأحمر. وقد عاصرهم هذا المؤرخ، غير أنه لم يهتم بهم إلا من ناحية علاقة الأنباط بالعبرانيين، ولم تكن بلاد العرب عنده إلا مملكة الأنباط.
هذا وان للشروح والتفاسير المدونة على التوراة والتلمود قديما وحديثا، وكذلك للمصطلحات العبرانية القديمة على اختلاف أصنافها أهمية كبيرة في تفهم تاريخ الجاهية، وفي شرح المصطلحات الغامضة التي ترد في النصوص العربية التي تعود إلى ما قبل الإسلام، لأنها نفسها و بتسمياتها ترد عند العبرانيين في المعاني التي وضعها الجاهليون لها. وقد استفدت كثيرا من الكتب المؤلفة عن التوراة مثل المعجمات في تفهم أحوال الجاهلية، وفي زيادة معارفي بها، ولهذا أرى أن من اللازم لمن يريد دراسة أحوال الجاهية، التوغل في دراسة تلك الموارد وجميع أحوال العبرانيين قبل الإسلام.





منقول من كتاب
(المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام)
لمؤلفه المرحوم (جواد علي)