الإسلام والمرأة

أيها الأحبة :يعتبر موضوع المرأة من أبرز موضوعات العصر , و قد كثر فيه الحوار و الجدل و تنوعت فيه الدعوات و الاتجاهات , و تلاعبت فيه الميول و الأهواء , و أثيرت حوله فتن كثيرة , و برزت مقالات و كتب , و أثيرت عواطف و محن كادت أن تفتك بالقيم و الأخلاق و تدمر الأسرة التي هي خلية المجتمع الأولى يصلح بصلاحها و يفسد بفسادها . فما هو موقف الإسلام من المرأة ؟ و كيف تعامل معها ؟
لا شكّ أن الجواب على هذا السؤال عريض واسع يحتاج بيانه و تفصيله إلى مئات بل آلاف الصفحات يجدها الباحث في المكتبة العربية و الإسلامية و في مكتبات غير المسلمين و لكن لا بأس أن نشير في مقامنا هذا إلى لمح سريعة و ومضات خاطفة .
المرأة قبل الإسلام :

كانت المرأة في الحضارات القديمة قبل الإسلام سلعة تباع عند الإغريق , و جردها الرومان من الروح , و في الصين كان يحق للرجل أن يدفن زوجته حية و لأهله الحق في أن يرثوها منه وعند الهنود كانت تحرق مع زوجها إذا مات.

أما عند اليهود فهي نجسة في حيضها أو يجوز لأبيهابيعها, و عقد الفرنسيون عام / 586 م / مؤتمراً قرروا في نهايته أنها إنسان لها روح .
و حكم البرلمان الإنكليزي في عهد هنري الثامن بمنع المرأة من قراءة الإنجيل لأنها نجسة . أما عند العرب فقد وئدت حية , و كانت تورث مع المتاع .
ذلك هو شأن المرأة لما جاء الإسلام و سطع نور محمد عليه الصلاة و السلام لقد جاء الإسلام لينطق بحقوق المرأة و يقرر أنها أحد شطري النوع الإنساني قال تعالى : )و أنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى ( و قال النبي الكريم: (إنما النساء شقائق الرجال ) فالمرأة شقيقة الرجل في الجنس و المنشأ و المصير , و لا فرق بينهما في مبدأ التكليف و الثواب و العقاب . قال الله تعالى ) ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى(
وقال: ) من عمل صالحاً من ذكرٍ وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون( و قال جل شأنه : ) فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ( . و جاء الرحمة المهداة e ليقول : ( استوصوا بالنساء خيراً ) و يقول : ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا ًرضي منها آخر ) ويقول ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) ويقول : ( من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة ). وسئل عن أحب الناس إليه فقال : عائشة , وكان يؤتى بالهدية فيقول : ( اذهبوا بها على فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة ) .
وروت عائشة : كنت أغتسل أنا ورسول الله e في إناء واحد .
ولقد سمح لعائشة أن تنظر إلى الأحباش يلعبون بالسلاح في المسجد وسابقها أكثر من مرة , وكان مثلا حيا في الرحمة و لطف المعشر فطالما سمح لعائشة أن تتسلى باللعب الصغيرة ولطالما كان يدخل صويحباتها عليها لتمرح معهن .
ونهى أن يطرق الرجل المسافر أهله ليلاً يتصيد عثراتهن.
ومما يؤسف له أن بعض الجهلة يعتبر القسوة على المرأة و الخشونة في معاملتها ضرباً من الرجولة و الشهامة ويعتبر ملاطفتها عيباً وهذا من سوء الفهم واستغلاق البصيرة وخلافاً للسنة النبوية الشريفة ولتعاليم الإسلام وروحه .
وسنحاول في هذه الدراسة المتواضعة أن نعرض لبعض الحقوق التي تتعلق بالمرأة ونتعرف إلى موقف الإسلام منها وذلك بما يناسب المقام ومن خلال عناوين تتعلق بحقوق المرأة ..... أما هذه العناوين فهي :
الإنسانية والمساواة
، الحرية ، الملكية ، الإرث ، الاختيار في الزواج و الطلاق ، العلم ، العمل ، الأسرة ، الأمومة ، الاختلاط ، الحجاب ، التعدد ، القوامة .
الإنسانية و المساواة : بعد أن ذاقت المرأ ة الأمرين ، وشربت كؤوس المهانة والذل على مر العصور السالفة ،جاء الإسلام بالشريعة السمحة والعدل المثالي ، فمسح للمرأة دموعها وأعاد إليها كرامتها و سيادته ونادى رسول الله e بأعلى صوته : ( من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة )
ولقد سبق أن ذكرنا أن الإسلام ساوى بين الرجل و المرأة في الأصل وقرر إنسانيتها وأنها من جنس الرجل وشقيقة له بصورة قطعية لا لبس فيها أما المساواة في وظائف الحياة وطرائقها فمن الصعب أن تبدل طبائع الأشياء ، ومن مزية الإسلام أنه دين و نظام واقعي يلامس الفطرة ويصدر عنها ) ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير (
وإن جملة العقائد والعبادات والأخلاق والأحكام التي شرعها الله للإنسان يستوي في التكليف بها والجزاء عليها الرجل والمرأة ، وإذا كانت الحياة الإنسانية على ظهر الأرض اختباراً للإخلاص و الوفاء واستقامة الفكر و السلوك فإن الإنسانية بنوعيها سواء في هذا المضمار قد يسبق الرجل و قد تسبق المرأة ولا دخل لصفات الذكورة و الأنوثة في تقديم أو تأخير ولا في مثوبة أو عقاب .
) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( .


) و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ، أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ( . كل ما صنع الدين أنه وزع الاختصاصات العملية توزيعا يوافق الطبائع و الفروق غير أن بعض المترجلات من النساء يريد أن يشتط في طلب ما ليس له وإن بعض القساة من الرجال يريد أن يهضم المرأة مالها من حقوق والإسلام منهج آخر بين التفريط والإفراط .
وإن محمداً e مشى على الثرى وعاش وعثاء الطريق وضراء العيش وفي كل مكابدته لواقعية الحياة ومعاناتها بقي متزن الخطا متقد الفكر ليس كأولئك الفلاسفة والأدباء الذين ينسجون المثل العليا خيالات وأوهاماً يبرزونها للناس وهم في أبراج عاجية أو صوامع قصية .
الحرية و الملكية والإرث :
المرأة في الإسلام كاملة الحرية و الأهلية , فالحرية الدينية مكفولة لها و ليس للرجل سلطان على دين زوجته فليس له أن يكرهها على تغيير دينها يهودية كانت أو نصرانية و كذلك الحرية السياسية و المدنية فكلا الرجل و المرأة مسؤول عن قول الحق و
إسداء النصح و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و شخصية المرأة المعنوية ثابتة و حق التصرف و مباشرة العقود مقرر لها في الشريعة .

و لها كامل الحرية في اختيار الزوج , و لا يحق لأحد إكراهها ففي الحديث ( لا تنكح البكر حتى تستأذن و لا تنكح الأيم حتى تستأمر ) , و لها حق طلب الطلاق إذا لم تستقم حياتها الزوجية , و شرع لها الخلع وسيلة إلى الخلاص , و لقد مُنحت نصيباً وافراً في الميراث يلائم وصفها الاجتماعي في المجتمع المسلم و لها حرية التصرف في مالها و هي تملك إرادة حرة في جميع تصرفاتها .

و لقد أشاد غوستاف لوبون بمبادئ المواريث في القرآن الكريم و فضلها على الحقوق الفرنسية و الإنكليزية ,و يقول روجيه غارودي : إنّ القرآن يعطي المرأة حق الطلاق و هو ما لم تحصل عليه المرأة في الغرب إلا بعد ثلاثة عشر قرناً .
و كتبت الليدي ماري مونكاد زوجة السفير الإنكليزي في تركيا إلى شقيقتها تقول : يزعمون أنّ المرأة المسلمة في استعباد و حجر معيب , و هو ما أود تكذيبه , و لا أبالغ إذا قررت لك أنّ المرأة المسلمة و كما رأيتها في ( الآستانة ) أكثر حرية من زميلاتها في أوربة و لعلها المرأة الوحيدة التي لا تُعنى بغير حياتها البيتية ثم إنهن يعشن في مقصورات جميلات و يستقبلن من يردن من الناس .
العمل و الأمومة , الأسرة و القوامة :
الشريعة الإسلامية لا تمنع أحداً من العمل و الكسب غير أنها تضع الحدود و الضوابط التي تلائم طبائع الأشياء و تفيد المجتمع و أفراده .
و لقد قسّم الإسلام الأدوار بين الرجل و المرأة لبناء أسرة سليمة و مجتمع قويم , فالرجل مسؤول عن النفقة و تأمين الحاجات , و المرأة مسؤولة عن البيت و رعاية الزوج و الأولاد و توفير الراحة و الحنان و التربية ففي الحديث ( و المرأة راعية في بيت زوجها و مسؤولة عن رعيتها).
و إذا احتاج المجتمع الإسلامي إلى عمل المرأة فثمة ضوابط : أن لا يكون لعملها تأثير سلبي على حياتها العائلية , و أن لا تعمل عملاً فيه محظور شرعي كالاختلاط و الخلوة , و أن لا تأخذ مكان الرجل و أن يتوافق عملها مع طبيعتها الأنوثية .
و لقد أسهمت المرأة في مجال الدعوة فبايعت على نصرة الإسلام و العمل بتعاليمه و هاجرت من أجله و قاتلت أحياناً .
و لقد راعى الإسلام وظيفة المرأة الأولى و هي الأمومة و الأسرة و السكن و شرع ما يضمن تحقيق هذه الأصول من إيجاب النفقة و الدعوة إلى حسن المعاشرة .و لقد ظلم الغرب المرأة حين اعتبرها عاملة لو عملت خارج بيتها و عاطلة عن العمل لو عملت داخل بيتها و رعت مصالحه و عنيت بأطفالها , و إنّ الخلل في هذا المفهوم حمّل المرأة الغربية ضغوطاً نفسية و أعباء هي في مناء عنها في ظل الإسلام و تشريعاته .
و إنّ أحداً من أهل الإسلام لم يقل بعدم عمل المرأة , فهي عضو في المجتمع و لا بد أن تساهم في بنيانه و نهضته و لكن نوع العمل هو المهم , و إنّ التخصص في الأعمال و المهن أرقى ما توصل إليه الإنسان و اعتمده في هذا العصر , و قوام التخصيص : الموهبة الفطرية ثم الممارسة و المران . و إنّ أعظم تخصص للمرأة هو وظيفة الأمومة. تقول الدكتورة ( إيدا إلين ) و هي خبيرة أمريكية في علم الاجتماع : إنّ التجارب أثبتت ضرورة لزوم الأم لبيتها و إشرافها على تربية أولادها , و لقد أنذرت هذه الخبيرة قومها بسوء المصير إذا استمر الحال على ما هو عليه و نادت بقوة : بضرورة عودة المرأة إلى بيتها لتزاول فيه شعائر الأمومة و اختصاص الزوجة و ربة البيت , و يقول تقرير الصحة العالمية : إنّ كل مولود يحتاج إلى رعاية أمه المتواصلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل و إنّ فقدان هذا يؤدي إلى اختلال شخصية الطفل كما يؤدي إلى انتشار جرائم العنف المنتشرة بصورة مريعة في المجتمعات الأوربية .
و لقد عجزت المحاضن و روضات الأطفال عن القيام بدور الأم .
إن تدبير المنزل إشرافاً ورعاية ً وحفظاً وإرضاع الأطفال وتربيتهم وحضانتهم ممزوجة بعاطفة الأنثى العميقة تعجز عن تحقيقها أعظم مربية وأنفس حليب صناعي .
وإذا لم تقم المرأة بوظيفتها الأساسية و هي الأمومة فقد أهدرت طاقة حيوية مرصودة لغرض كبير .
فإن إحتاجت إلى العمل فلا مانع ولكن لا تندفع إليه لنزوة حمقاء أو إرضاء لاستمتاع الرجال .
ولقد اعتبر الإسلام الأسرة وحدة المجتمع الأولى ، وأولاها من العناية ما يليق بالمحضن الذي تنشأ فيه الأجيال ، وللمرأة دور أساسي في قوة الأسرة وتماسكها ،وأي خلل في أداء المرأة لمسؤوليتها في الأسرة ينعكس أثره على أفرادها .
و العلاقة بين الرجل و المرأة في المجتمع الإسلامي و داخل الأسرة تقوم على أساس التكامل بين الأدوار أو ما يسمى بالتكامل الوظيفي , و تمايزت الأدوار بتمايز الطباع و الاستعداد الفطري , و لقد حدد الشرع عمل كل منهما , فمن الظلم تحمل أحدهما مسؤولية الآخر في الظروف العادية .
و الحقوق الزوجية في الإسلام ليست وصايا وجدانية أخلاقية فحسب , بل هي حقوق يحميها القانون الإسلامي ) ولهن مثل الذي عليهن , و للرجال عليهن درجة ( و هذه الدرجة هي درجة القوامة )الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم ( و هذه القوامة لا تعني التسلط بقدر ما تعني المسؤولية . و الرجل مطالب بحسن المعاشرة و إكرام الزوجة اقتداء بمثله الأعلى سيدنا رسول الله e القائل : ( خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي ) .
و القوامة ضرورة تقتضيها سنة الله في الكون لأي عمل أو علاقة مشتركة , و طبيعي أن يمنح الرجل القوامة فهو الذي يتحمل المسؤولية و هو الأقوى و الأجلد و الأحكم و الأقل تأثراً بالعواطف , و هذا شيء ينسجم مع طبيعة المرأة , و المرأة بدورها تستشعر الحاجة إلى رجل يحميها و يظلل كيانها و مشاعرها . و قد سجل اوجست فرويل في كتابه ( الزواج عاطفة و غريزة ) : حاجة المرأة إلى الإحساس بالحماية . كما دلت إحصائيات لطالبات أمريكيات مثقفات ثقافة عالية : إنهن يرغبن في البيت و الأطفال و في زوج يأخذ بالمسؤولية على عاتقه ليكون البيت مريحاً و سعيداً .

و كما ذكرنا إنّ هذه القوامة لا تعني إهدار الحرية المدنية للمرأة فقد تكون المرأة أفضل من زوجها بالعلم و الأدب و التقوى , و منزلتها بهذه المواهب أرفع عند الله و الناس من منزلة زوجها .
يقول أحد المستشرقين الفرنسيين : على الإنسان أن يطوف في الشرق ليرى أنّ الأدب المنزلي فيه قوي متين و أنّ المرأة فيه لا تحسد بحكم الضرورة نساءنا ذوات الثياب القصيرة و الأذرع العارية , و لا تحسد عاملاتنا في المصانع و عجائزنا .
و تخاطب بيريه الفرنسية بنات الإسلام قائلة :
لا تأخذن من العائلة الأوربية مثالاً لكنّ , لأن عائلاتها هي أنموذج رديء لا يصلح مثالاً يحتذى

العلم:
لقد أوجب الشرع تعليم المرأة مما لابد منه لدينها ودنياها من الحاجات الضرورية . وفي الحديث ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) فإن حكم الحديث هذا عام يشمل الجنسين الرجال والنساء وعليه إجماع العلماء .
وفي البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله e فقالت: يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فقال : اجتمعن في يوم كذا وكذا وفي مكان كذا فاجتمعن فأتاهن مما علمه الله .وتقول أمّ عطية الأنصارية رضي الله عنها : أمرنا رسول الله e أن نخرجهنّ في الفطر والأضحى : العواتق والحيّض وذوات الخدور .
وكتب التاريخ حافلة بالنساء اللائي نهضن بالعلم في ظل حضارة الإسلام وفي كتب رجال الحديث خاصة باب كبير للنساء المحدثات وقد أثنى الإمام الذهبي عنهن فقال: ما علمت في النساء من اتهمت ( أي بالكذب ) ولا من تركوها .
ووقفت امرأة أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصحح له خطأه في مسألة تحديد المهور وقال : أصابت امرأة و أخطأ عمر .
وقد أشار لوبون إلى أهمية النساء ودورهن في أيام نضارة حضارة العرب . فلما جاء عصر الانحطاط أصاب فيما أصاب المرأة فعزلت عن التعلم و المجتمع . ودور أمهات المؤمنين وفي مقدمتهم السيدة عائشة رضي الله عنهن أجمعين في نقل الكثير من أحكام الشريعة وبيانها لا يخفى على من قرأ سيرتهن وأحاط بأخبارهن .
الاختلاط و الحجاب :
لقد اعتبرت العفة أصلاً شرعياً أو من الضرورات التي جاء الشرع لحمايتها ، وأي عدوان على العفة عدوان على الشريعة و انتهاك لحقوق الرجل و المرأة والأسرة و المجتمع . ورعاية لهذا المبدأ شرع الزواج وسمي عقده ميثاقاً غليظاً ولحمايته حرم الزنا واعتبر فاحشة ، كما سدت ذرائعه كالخلوة والاختلاط والخضوع في القول . ففي الحديث ( لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم ) وشرع الحجاب وغض البصر, والحجاب حصن من الحصون التي تحافظ على العفة و الستر ومظهر من مظاهر الشعائر الشرعية ، ورمز العفاف للمرأة و الرجل و المجتمع ، و الحجاب فريضة وليس عادة أو عرفاً أو تقليداً .
لقد كرم الإسلام المرأة حيث فرض لها حق العيش الكريم وحمل الرجل مسؤولية ذلك فأغناها عن التعرض لبيع نفسها وبذل كرامتها, وحقوق المرأة التي حفظتها الشريعة الإسلامية تفوق في الأهمية تلك التي تضمنتها وثيقة حقوق الإنسان وفي مقدمة تلك الحقوق أن يكون للمرأة بيت تمارس فيه وظائفها الطبيعية الملائمة لفطرتها ، ولذا فإن أي قانون أو مجتمع يحد من فرص المرأة في الزواج يعتبر منتهكاً لحقوقها ظالماً لها .
لقد حفظ الإسلام حقها في صيانة عرضها فحرم النظر الخبيث إليها وعاقب من رماها بالفاحشة من غير بينة .
ومن المؤسف أن الدعاة إلى حقوق المرأة يهملون الدعوة إلى الفضيلة ويرونها أخطر على المرأة والمجتمع من مباذل الخمر والقمار والعري . وكأنهم تغافلوا عن أن رقي المرأة الحقيقي منوط برقي إنسانيتها وثقافة عقلها وسمو خلقها وصفاء قلبها وحياتها وبما تزاول من عمل في هذه الحياة. لقد أرخصوها ، وابتذلوا إنسانيتها ، وجعلوا جمالها سبيلها إلى فرص العمل ولم ينظروا إليها إلا أنها ذات أنوثة قادرة على الأغراء ومضاعفة الكسب وهذا هو الرق بعينه ، الرق الحر المتحرر ، لقد سيقت المرأة إلى أسواق النخاسة تحت سياط الحاجة والفاقة . إن مستقبل المرأة في الغرب شبح قاتل فمنذ أن تبلغ السادسة عشرة عليها أن تدير شؤونها أو قد تطرد من بيتها لتواجه مخالب الشهوات وأنياب الاستغلال في ساحة الرجال تستقبل كلمات تجرح حياءها وتخدش أنوثتها وتدعى إلى عمل فيه التهام كرامتها وشرفها .
لقد كانت المرأة في الحضارات البائدة تُقتل أما اليوم فهي التي تقتل نفسها قالت مارلين مونرو أشهر ممثلة عالمية في الستينات تنصح بنات جنسها قبل انتحارها : احذري المجد احذري من يخدعك بالأضواء ، إني أتعس امرأة على هذه الأرض ، لم أستطع أن أكون أماً ، إني امرأة أفضل البيت و الحياة العائلية الشريفة على كل شيء.
وتقول هيلسيان ستانسيري : امنعوا الاختلاط ، وقيدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب ، فهذا لكم من الإباحية و الطلاق ومجون أوربة وأمريكة . وتقول الكاتبة الليدي كوك : أيها الآباء ، لا يغرنكم بعض دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن في المعامل ونحوها ، علموهن الابتعاد عن الرجال ، إن البلاء الناتج عن الزنا يعظم و يتفاقم حيث يكثر الاختلاط بين الرجال و النساء .
وتقول الكاتبة الإنكليزية آناردو : أيا ليت بلادنا كبلاد المسلمين حيث فيها الحشمة و العفاف و الطهارة .
وصرح الدكتور جون كيشلر أحد علماء النفس الأمريكيين في شيكاغو : عن نسبة كبيرة في البرود الجنسي و العقم بين النساء و الرجال الأمريكيين وذكر أن الإعلانات التي تعتمد على صور الفتيات العارية هي السبب في هبوط المستوى الجنسي للشعب الأمريكي
ومن شاء المزيد فليرجع إلى تقرير لجنة الكونغرس الأمريكية لتحقيق جرائم الأحداث في أمريكا تحت عنوان ( أخلاق المجتمع الأمريكي المنهارة ) و ( المجتمع العاري بالوثائق والأرقام ) .
التعدد :
تدعيماً لمبدأ العفة أباح الإسلام تعدد الزوجات ، وهو تشريع ثابت محكم ، مشروط بالعدل ، محقق لكرامة المرأة ، ميسر لها الزواج بكرامة وعفة بغض النظر عن حالها من ترمل أو طلاق أو كبر .
وقد أحكم الله شرعته ، فهو ليس فرضاً لازماً على الرجل ، وليس على المرأة أو أهلها قبول الارتباط برجل متزوج .
والقدرة على الإنفاق وتحقيق العدل أصلان فيه ، فإن خشي الرجل عدم تحقيق العدل فواحدة . و الشريعة غير مسؤولة عن سوء استخدام هذا القانون الشرعي ، وليس سوء الاستخدام مبرراً لإبطال العمل به . والواقع التطبيقي لهذا التشريع يؤدي إلى دعم مكانة المرأة وقيمتها في المجتمع .
وثمة حالات لا تحل إلا بالتعدد كعقم الزوجة أو مرضها أو طبيعة مهنتها أو أمور أخرى لا بدل فيها عن التعدد إلا بالطلاق وهو أكره ما يمكن أن يحدث بين زوجين والتعدد في كثير من الأحيان سبب لحفظ كرامة الأطفال وذلك بإيجاد الأب البديل للطفل اليتيم عوضاً عن التشرد أو دور الأيتام ، فالإسلام راعى مصلحة المجتمع من الرجال والنساء بشكل عام ولو تعارض أحياناً مع الرغبة الآنية والمصلحة الضيقة الخاصة بالمرأة المتزوجة وثمة ضرورات في الواقع البشري للتعدد كزيادة عدد النساء ، وهو حل كريم شريف لما يعقب الحروب من أزمات أخلاقية واجتماعية واقتصادية .
والحق أن البلاد التي تعادي النظام الشرعي وتشنع عليه لم تخرج عنه ولم تخالفه إن كل من أوربة وأمريكة تسير على نظام تعدد النساء العملي والواقعي بل وعلى تعدد الرجال وإن لم تقره شرعة القانون ، إنه نظام إباحة الزنى واتخاذ الأخدان والخليلات. لقد حرموا تعدد الزوجات ثم أُرغموا أمام الضرورات الواقعية وعملوا بتعدد النساء غير الشرعيات ، إن الدعارة ، والعوانس من النساء والأبناء غير الشرعيين، واللقطاء ثمار اجتماعية لرفض التعدد الظاهري في الغرب يقول أميل درمنغم ، وهو مستشرق فرنسي : أيهما أفضل ؟ تعدد الزوجات الشرعي أم تعدد الزوجات السري؟إن تعدد الزوجات من شأنه إلغاء البغاء والقضاء على عزوبة النساء ذات المخاطر .
ويقول غوستاف لوبون : إن تعدد الزوجات المشروع عند الشرقيين أحسن من تعدد الزوجات الريائي عند الأوربيين وما يتبعه من مواكب أولاد غير شرعيين .
خاتمة :
هذه بعض أحكام الإسلام ومواقفه من المرأة ، وهي غيض من فيض وبإمكان الباحث أن يتوسع في هذا الموضوع في مظانه وكتبه الموسعة . ولقد رأينا في تلك اللمحات السريعة رقي الإسلام وسمو مبادئه وواقعية أفكاره مما يجعله الدين الحق الجدير بالاتباع و المختار ليكون محطة اللقاء بين السماء و الأرض . تقول السيدة ماكلوسكي ،وهي سيدة ألمانية أسلمت عام /1976/ وكانت قنصلة لبلادها في بنغلادش : إن المرأة المسلمة معززة مكرمة في كافة نواحي الحياة ولكنها اليوم مخدوعة مع الأسف ببريق الحضارة الغربية الزائف ، ومع ذلك فسوف تكتشف يوماً ما كم هي مضللة في ذلك بعد أن تعرف الحقيقة .
ومن البشائر أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشاراً في العالم وأوسعها وإن أكثر من يسلم في العالم الغربي هم النساء رغم الحملات الدؤوبة لتشويه الإسلام وذلك لشدة ما تعانيه المرأة الغربية من واقع مرير ، كله جور وعنت .
وسأختم كلامي بحديثين لسيدنا رسول الله e الحديث الأول : ( إذا صلت المرأة خمسها ،وصامت شهرها وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها دخلت الجنة ).
الحديث الثاني : ( رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء ، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وفقهاً وعملاً في الدين يا رب العالمين ، اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
منقول