ومن أبرز رجال قبيلة غطفان الذين تولّوا الزعامة وقادوا القبيلة في حربهم مع القبائل الأخرى واستطاع بعضهم أن يترأس على كل غطفان بتفرّعاتها:
1. عوف بن حارثة المري، الذي قاد غطفان في حرب الفجار مع قريش(8).
2. زهير بن جذيمة العبسي، وقد قاد غطفان كلها تحت زعامته.
3. عمرو بن جؤية بن لوذان الفزاري، وقد قاد غطفان كلها يوم الخُنان على بكر بن وائل.
4. بدر بن عمرو، وقد قاد غطفان على بني أسد.
5. يينة بن حصن بن جذيمة، وقد تولى قيادة غطفان إلى بني تغلب يوم الساجسي(9).
أمّا الفترة التي عاشها الجد الأعلى لهذه القبيلة وهو (غطفان) لا تتجاوز مئة وخمسة وسبعين عامًا قبل عهد الرسول ، وذلك حسب القاعدة التي تحدد الجيل بين عشرين وخمسة وعشرين عامًا. وبما أنّ عيينة بن حصن بن جذيمة بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفن، وهو من الصحابة المؤلفة قلوبهم، شارك في فتح مكة مع الرسول (10) لكنه ارتدّ مع من ارتدّ من أبناء جنسه عن الإسلام، فأسر في أحد المعارك واقتيد إلى المدينة فمنّ عليه أبوبكر الصدّيق فحقن دمه وأطلق سراحه(11).
ثانيًا: ديار قبيلة غطفان
إنّ ديار قبيلة غطفان تقع إلى الشمال من مدينة يثرب(12)، وتمتد مستوطناتها إلى أرض نجد وتقسم نجد إلى نجد العليا ونجد السفلى. قال الشاعر طرفة بن العبد:
(من النجد في قيعان جاش مسايلة)(13).
وكل ما ارتفع عن تهامة فهو نجد(14)، وهي تجاور في ديارها هذه مواطن قبيلة طيء، فنظرًا لكبر حجم هذه القبيلة فإن ديارها تمتد من أرض الحجاز إلى أرض

1. بنو أشجع:
كانت ديارها أقرب مواضع القبائل إلى مدينة يثرب، حيث تستقر في الأطراف الشمالية، وتمتد إلى منتصف الطريق إلى مدينة تيماء، وفيها أكثر سكان مدينة فدك، وتجاور هذه القبيلة في الطرف الغربي قبيلة جهينة، ومن الشرف كلا من بني عبس وذبيان، وهي تتداخل معهم وتشترك في سكن بعض المواضع(16).
2. بنو عبس:
تقع ديار بني عبس في الأطراف الجنوبية الشرقية من ديار فزارة، وكان من أبرز مواقعها أبانين وماوان والربذة(17)، ولهم منازل أخرى في أكمة الخيمة، وهي إلى الشمال من أبانين، وتمتد ديارهم إلى أطراف حمى الربذة(18).
3. بنو فزارة:
تقع ديار هذا الفرع من غطفان في موقع ديار الأبانين، وكذلك في منطقة الأبيض والأسود وهما أسماء لجبلين يمر بينهما وادي الرملة من أرض الحجاز(19).
ثالثًا: حياة قبيلة غطفان الاجتماعية والسياسية والدينية قبل الإسلام
إنّ حياة قبيلة غطفان الاجتماعية قبل الإسلام هي حياة معظم القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية حياة بدوية قائمة على تربية المواشي والتنقل من مكان إلى آخر تبعًا لتوفر الماء والكلأ لرعاية مواشيهم؛ فإن حياتهم المعاشية قائمة على ما تنتجه هذه الحيوانات من ألبانها وأصوافها ولحومها فتتم المقايضة مع أبناء الحواضر، وهذه الحياة عامل مشترك لجميع أبناء القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية.
فالرئاسة أو الإمارة عندهم ينالها أهل العصبية والجاه، وإذا تساوت العصبية في جماعة قدّموا كبر السن، ولذلك كان لفظ (الشيخ) عندهم يدل على الرئاسة، وإذا أشكل عليهم الانتخاب لأي سبب عمدوا إلى الاقتراع، وكذلك إذا اجتمعت عدة قبائل في المحالفة على حرب واحتاجوا إلى من يرأسهم جميعًا فإنهم يقترعون بين أهل الرئاسة، فمن خرجت عليه القرعة رأسوه، وهذا هو شأن معظم القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية في من يتولى قيادتهم، وقلما يترأس الابن مكان أبيه في السيادة أو القيادة للقبيلة إلاّ إذا اتصف بكل صفات أبيه(20).
ويظهر دور قبيلة غطفان التاريخي باستقلال قبائل معد وفروعها من حكم ملوك اليمن، وهذا على ما يرويه الإخباريون، فكان رئيسهم زهير بن جذيمة العبسي، سيد عبس، فجمع غطفان وفروعها تحت رئاسته، وقد تَلَقّب بلقب ملك وضمن الإتاوة من هوازن لكنه قتل من قبل خالد بن جعفر بن كلاب، فترأس عبس ابنه قيس الذي كان يحمل معظم صفات والده، وترأس ذبيان، وهي إحدى فروع قبيلة غطفان، جذيمة الفزاري، وتمكّن الحارث بن ظالم المري، وهو أحد فتاك العرب قبل الإسلام، من قتل خالد بن جعفر وكان في جوار ملك الحيرة النعمان، وقد أدت هذه الحوادث إلى تشتت فروع قبيلة غطفان ونشوب حروب بينهما وخاصة بين بني عبس وبني ذبيان(21).
أمّا حياتهم الدينية فكانت وثنية، وهي حياة معظم القبائل العربية قبل الإسلام، فكانت تعبد آلهة العزى، وهي عبارة عن شجرة تقع في منطقة نخلة من ديارهم، وكانوا يطوفون حولها كالبيت الحرام في مكة المكرّمة، وكان سدنتها من بني صرمة بن مرة، وكانت قريش تعظّمها،وكانت قبيلتا باهلة وغني تعبدانها معهم، وبقيت رمز عبادتهم إلى أن جاء الإسلام وفتحت ديارهم فأرسل الرسول محمد  سرية يقودها القائد خالد بن الوليد فهدم البيت واقتلع الشجرة وكسر الوثن(22).
وكان لغطفان أشهُرٌ حُرُم من السَّنَة، محرّمة وتسمّى (البسل) وهي ثمانية أشهر حرم عليهم من كل سنة(23). وقد عرفت هذه الأشهر الحرم لقبيلة غطفان بين القبائل العربية ولا ينكرونه ولا يدفعونه، وكانوا يسيرون في أثنائها إلى أيّ جهة بين أبناء قبائل شبه جزيرة العرب أين شاؤوا، ولا يخافون منهم شيئًا في اعتراضهم أو نهب ممتلكاتهم، وهذا يدل على أنّ أبناء قبيلة غطفان كانوا أصحاب قوة ومنعة، ترهبهم القبائل العربية، فإن فرضهم التحريم لمدة ثمانية أشهر يؤكد إلى ذلك، فانقادت القبائل العربية الأخرى في علاقاتها معهم وحدهم إلى ذلك طائفة برضا أو كارهة لذلك بخوف(24).
رابعًا: موقف قبيلة غطفان من الرسول والمسلمين وأهم السرايا التي سيرها ضدهم
إنّ استقرار قبيلة غطفان في الديار القريبة من مدينة الرسول  جعلها في احتكاك دائم ومباشر بالمسلمين، وذلك من خلال موقع المدينة على طرق قوافلهم التجارية ناهيك عن اقتراب رعاتهم من رعاة المسلمين وتنافسهم على مواضع الكلأ وآبار العيون لرعي مواشيهم، فإن الاستحواذ والسيطرة عليها دليل على قوة ومنعة القبيلة وتأكيدها على كبر وسعة ديارها وكثرة مراعيها، وهي صفة ملازمة للحياة القبلية البدوية، فضلاً عن هذا فإنّ لقبيلة غطفان حلفًا مع قريش، فقد ناصرتها في حرب الفجار قبيل الإسلام عندما كان زعيمها يومذاك عوف بن حارثة المري(25)، فإن هذا التعاون جعلها تحمل نفس عداء قريش للرسول . وبقاؤهم على الشرك ومخالفتهم لعقيدة المسلمين أعطاهم الذريعة في تربص الفرصة المناسبة للهجوم والإغارة على المسلمين في المدينة لنهب مواشيهم والفتك بمن يحاول منعهم، فكان المسلمون لهم بالمرصاد في كبح جماحهم فأرسلت إليهم السرايا، وقاد الرسول  غزوات لردّ اعتدائهم وتوعيتهم بنشر مبادئ الدين الجديد القائم على الإيمان بالله تعالى والسلام، فكانت لهم مع المسلمين جولات ومحاولات اغتيال الرسول  بخطط باءت كلها بالفشل، وسوف أذكر أهم هذه السرايا والغزوات التي قادها الرسول ، ومن ثم أبرز هجماتهم ومحاولاتهم ضد الرسول  والمسلمين بالمدينة:
1. غزوة قرقرة الكدر
قامت قبيلة غطفان بجمع رجالها وتحالفت مع رجال من بني سليم للهجوم على المدينة (يثرب) فلمّا علم الرسول محمد  بأنهم يعدّون الحملة لغزو المسلمين جُهّزت سرية وقادها بنفسه في شهر محرم من السنة الثالثة للهجرة، فلما وصل تحشدهم لم يلق منهم مقاومة تذكر، حيث تفرقوا في أرض نجد خوفًا من قدوم جيش المسلمين(26)، فعاد المسلمون إلى المدينة بعد أن شتت جمعهم وكسر شوكتهم.
2. غزوة ذي أمر(27)
يذكر أنّ الرسول محمد  لما رجع من غزوة السويق أقام بالمدينة شهري ذي الحجة ومحرم من السنة الثالثة الهجرية ثم جهّز غزوة إلى أرض نجد يريد بها قبيلة غطفان، واستغرق في حملته حتى دخول شهر صفر ومن ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق كيدًا، فاستطاع أن يفرّق تجمعهم ويقلل من خطرهم(28). واستخلف في غزوته هذه على المدينة الصحابي عثمان بن عفان (29).
3. غزوة ذات الرقاع
بعد أن أقام الرسول  بالمدينة إثر رجوعه من غزوة اليهود من بني النضير، شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأول من السنة الرابعة للهجرة، قام بتجهيز جيش المسلمين لغزو ديار نجد يريد به بني محارب وبني ثعلبة من قيبلة غطفان، واستعمل على المدينة في فترة غيابه في هذه الغزوة الصحابي أبا ذر الغفاري، ويذكر عن أبي موسى الأشعري أنّ سبب تسميتها بذات الرقاع فقال: خرجنا مع رسول الله  في غزوته نحن ستة مقاتلين نتعاقب على بعير واحد بيننا، فثقبت أقدامنا وسقطت أظافرنا من السير، فكنا نعصب أرجلنا بخرق من القماش لثقبها من خشونة الأرض، فلذلك سميت بذات الرقاع(30).
4. غزوة الأحزاب
وقد كانت غزوة الأحزاب أو الخندق في شوال من السنة الخامسة للهجرة عندما استطاع نفر من اليهود الذهاب إلى رجال قبيلة غطفان وإقناعهم بدعوتهم إلى حرب رسول الله  والمسلمين، وأخبروهم أنهم سيكونون معهم من داخل المدينة عليه، وأنّ قريشًا قد بايعوهم من قبل على ذلك، فاجتمعوا في تحالفهم على اجتثاث الرسول  والمسلمين من المدينة وإخماد دعوة الإسلام بينهم(31)، فخرجت قبيلة غطفان بفروعها مع قبيلة قريش متحالفين مع يهود بني قريظة في المدينة على الشكل التالي:
0 شارك بنو فزارة (1000) بألف مقاتل يقودهم عيينة بن حصن(32) واسمه حذيفة بن حصن، ولقبه عيينة لشتر كان بعينه(33).
0 وخرج بنو أشجع وكان تعدادهم (400) أربعمائة مقاتل يقودهم رخيلة بن نويرة بن طريف الغطفاني.
0 وخرج الحارث بن عوف المري على بني مرة وكان تعدادهم (400) أربعمائة مقاتل. ولمّا أجمعت قبيلة غطفان على المسير إلى قريش، امتنع الحارث بن عوف من التوجه معهم لمقاتلة المسلمين، فقال لقومه: "تفرقوا في بلادكم ولا تسيروا إلى محمد، فإني أرى أنّ محمدًا أمره ظاهر، لو ناوأه من بين المشرق والمغرب لكانت له العاقبة" فتفرّق بنو مرة في ديارهم ولم يحضر أحد منهم معركة الخندق(34).
وهذا يعني أنّ اجتماع ثلاثة فروع من قبيلة غطفان كان تعداد رجالها (1800) ألف وثمانمائة مقاتل، فلو اجتمعت كل فروعها لكان عددها كبيرًا يضاهي أكبر القبائل العربية مثل قريش وقضاعة؛ ولهذا السبب تحالفت معها قبيلة قريش في حروبها مرتين، المرة الأولى في حرب الفجار مع هوازن أهل الطائف، والثانية في معركة الأحزاب ضد الرسول  والمسلمين في المدينة.
فلمّا علم الرسول  بمقدمهم قام بحفر الخندق حول الأطراف المكشوفة من المدينة، وحين أنجز حفر الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجمع الأسياف بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف مقاتل، وأقبلت غطفان بفروعها حتى نزلوا بذنب نقمى إلى جانب جبل أحد، وخرج الرسول  بجيش المسلمين فجعلوا ظهورهم إلى سلع والخندق أمامهم في ثلاثة ألاف مقاتل، فضرب هنالك عسكره والخندق حاجز بينهم(35).
اشتد الحصار على المسلمين فأراد الرسول محمد  أن يزعزع تجمع صفوفهم لإدراكه أنّ تحالف قائد غطفان عيينة بن حصن مع قريش منبعث من طموحه الشخصي وحبه للقتال من أجل كسب الغنيمة أكثر من كونه يعبّر عن حقد وكراهيته للرسول محمد  والمسلمين، فبعث الرسول  إلى عيينة والحارث وهما قائدا غطفان وأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهم من رجال غطفان وينصرفا عن تأييد قريش، فجرى بينهم مفاوضات الصلح لكن لم يكتب عقد الصلح ولم تقع الشهادة؛ لأن الرسول  عندما استشار كلاًّ من سعد بن عبادة وسعد بن معاذ، أمراء الأنصار، عن إعطائهم هذه الحصة، فقالا كنا معهم على الشرك فلم يطمعوا فينا، فكيف وقد هدانا الله تعالى إلى الإسلام وأعزّنا بك يا رسول الله . فما لنا بهذا الصلح من حاجة، فمزق الكتاب، ورجعوا خائبين. وفي هذه الأثناء بعث الله تعالى نعيم بن مسعود، وكان مشركًا، من بني أشجع من غطفان، إلى الرسول  فأعلن إسلامه، فقال له الرسول : إنما أنت رجل فأخذل عنا ما استطعت، فالحرب خدعة، فاستطاع نعيم أن يفكّ عرى الوثاق، ويظهر الفتنة والخداع بين يهود بني قريظة وحلفائهم من قريش وغطفان، ففرّق شملهم وكسر شوكتهم، وبعث الله تعالى ريحًا عاتية أطفأت نيرانهم، وأقلعت خيامهم، وكفأت قدورهم، وزرعت الرعب في أفئدتهم، فاندحروا يجرّون أذيال الخيبة والخسران ليظهر الله تعالى دينه، ويكف القتال عن المسلمين بنصره الذي لا غالب له(36).

5. سرية بشير بن سعد إلى الجناب من أرض غطفان
يذكر أنّ رجلاً من أشجع قدم على رسول الله  يدعى حسيل بن نويرة في السنة السابعة للهجرة، وكان هذا الرجل دليله إلى خيبر، فسأله الرسول  عن أحوال الديار التي جاء منها، وهي منطقة الجناب، فأعلمه أنّ بها جمعًا من غطفان يترأسه عيينة بن حصن يطلب منهم التحشد للغارة والهجوم على المدينة، وهم يقصدونك أو بعض أطرافك، فبعث الرسول  رسولاً إلى الصاحبين أبي بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب، رضي الله عنهما، فذكر لهما الخبر، فقالا له: ابعث بشير بن سعد، فعقد له لواءً، وبعث معه ثلاثين مقاتلاً، وأمرهم أن يسيروا الليل ويكمنوا بالنهار، وخرج معهم حسيل بن نويرة دليلاً لهم، حتى دنوا من القوم فأصابوا نعمًا كثيرًا، وتفرقت الرعاء وأعلمت قبيلتهم بجيش المسلمين، فلمّا وصل الدليل مع الجيش إلى خيامهم لم يجد أحدًا منهم فرجعوا بالنعم. وفي طريق عودتهم في منطقة سلاح وجدوا عينًا لعيينة يراقبهم فقتلوه وتابعهم المسلمون فأصابوا رجلين منهم وأسروهما، أمّا قائدهم عيينة فقد أعجزهم هربًا خوفًا من القتل أو الأسر، أمّا الأسيران فقدما بهما إلى المدينة فامتثلا بين يدي رسول الله  فأعلنا إسلامهما فأطلق الرسول  سراحهما(37).
6. سرية خضرة إلى قبيلة غطفان
في السنة الثامنة للهجرة من شعبان بعث رسول الله  الصحابي الجليل أبا قتادة في أربعة عشر رجلاً من المسلمين إلى غطفان من أرض نجد، فأوصاهم السير بالليل والراحة بالنهار، وعند الغارة عدم قتل النساء والصبيان، فخرجوا حتى وصلوا أطراف ديار غطفان فهجموا عليهم فغنموا منهم مواشي كثيرة حتى وصل سهم كل رجل منهم اثني عشر بعيرًا ويعادل البعير بعشر من الغنم(38).
7. سرية أبي بكر الصدّيق إلى بني فزارة من قبيلة غطفان
دعا رسول الله  أبا بكر وأمره على سرية فوجهه إلى بني فزارة فلما دنوا من عيون ماء لهم كمنوا الليل، فلما حان وقت الفجر صلوا الصبح فأمرهم أبو بكر بالهجوم على القوم فقتلوا من تصدى لهم وهرب من لم يثبت أمام الغارة، وأسر الباقون، فغنموا أموالاً ومواشي كثيرة وعادوا سالمين إلى المدينة(39).
أمّا غارات قبيلة غطفان ومحاولات اغتيال الرسول  فكان من أبرزها:
1- محاولة اغتيال الرسول  من قبل رجل من بني محارب من غطفان:
يذكر أنّ رجلاً من بني محارب يقال له (غورث بن الحارث) قال لقومه أتريدون أن أقتل محمدًا ، أجابوه بالتأييد والقبول، لكنهم سألوه كيف تقتله؟ قال: أفتك به، فأقبل إلى رسول الله  وهو جالس وسيف رسول الله  في حجره، فسأل الرسول  أن ينظر إلى السيف، وكان محلَّى بالفضة فناوله السيف، فأخذه الرجل وهو يتمثله فاستلّه من غمده وأخذ يهزه ويهم بضرب الرسول  لكن الله تعالى يكبه عن فعلته الغادرة، ثم سأل رسول الله  هل تخافني وفي يدي السيف، فأجابه رسول الله  بإيمان مطمئن لا أخافك، وإن الله تعالى مانعك من غدرك، فأيقن الرجل أنه مصون ولا يمكن إيذاؤهم لحفظ الله تعالى له.
ثم ردّ السيف إلى رسول الله  وهو خائف خائب(40). فأنزل الله تعالى على رسوله قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ(41)، فكتب الله تعالى على نفسه صيانته ورعايته من كل اعتداء أو مكروه يصيبه لأنّ الله تعالى ماضٍ في حكمه لكي يتمّ رسالته ويظهره على الدين كله.
2- غزوة رسول الله  قبيلة غطفان ومحاولة الغدر به واغتياله:
جهز الرسول  جيشًا لغزوة قبيلة غطفان في ناحية النخيل من أرض نجد في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة، وذلك لبلاغ وصل رسول الله  أنّ جمعًا من بني ثعلبة ومحارب قد جمعوا جموعهم للهجوم على أطراف المدينة، وكان قائدهم رجلاً من محارب يدعى (دعثور بن الحارث)، فتوجه رسول الله  بجيشه وكان تعداده أربعمائة وخمسين مقاتلاً، واستخلف على المدينة الصحابي عثمان بن عفّان، فلمّا علموا بقدوم المسلمين هربوا إلى رؤوس الجبال، فأصاب المسلمون بهذه الغزوة مطرًا بلّل ملابس جيش المسلمين، فنـزع رسول الله  ثوبه ونشره على الشجرة ليجف، واضطجع في ظلها، فباغته دعثور بن الحارث حتى أقام على رأسه شاهرًا سيفه قائلاً له: من سيمنعك مني اليوم، فأجابه رسول الله  يمنعني منك الله تعالى، ودفع جبريل  في صدر الرجل فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله  وقال له: الآن من يمنعك مني، قال: لا أحد، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فعفا عنه، ومن ثم أتى قومه فجعل يدعوهم إلى الإسلام والإيمان بالله ورسوله (42)، فتحوّل هذا الرجل المشرك من مبغض محاولاً قتل رسول الله  إلى محب مؤمن داع لنشر عدالة السماء في الأرض ومؤيد ما جاء به النبي محمد  بين أفراد عشيرته.
3- غارة عيينة بن حصن على لقاح رسول الله (غزوة ذي قرد):
حدث أن غزا عيينة في السنة السادسة للهجرة وكان رسول الله  في المدينة وجاءه الفزع يخبره بهجوم مباغت لبني فزارة من قبيلة غطفان وقائدهم عيينة بن حصن على لقاح رسول الله  التي كانت ترعى في الغابة التي تقع في شمال المدينة فنهبوا الإبل وقتلوا راعيها واحتملوا امرأة كانت في اللقاح معهم، فجهز الرسول  مجموعة من فرسان المسلمين لمطاردة الغزاة لحين أن يجمع البقية ويلحق بهم فاستطاع المسلمون إجبارهم على فك أسر المرأة وانتزاع بعض من الجمال من أيديهم، وأعجزهم الباقون(43).
4- محاولة قبيلة غطفان تقديم العون لحلفائهم من يهود خيبر ضد المسلمين
يذكر أن قبيلة غطفان لما سمعت بمقدم جيش المسلمين يقودهم رسول الله  لمحاصرة مدينة خيبر وفتحها، جمعوا رجالهم ثم خرجوا ليظاهروا يهود خيبر ضد المسلمين، حتى أن ساروا مرحلة في طريقهم إلى خيبر سمعوا خلفهم في أهليهم وأمواله حسيسًا وأصواتًا علت، فظنوا أنّ القوم قد خالفوا إليهم بغارة على أهلهم، فرجعوا على أعقابهم وأقاموا في بيوتهم قرب أهلهم وأموالهم وخلوا بين جيش المسلمين وبين يهود خيبر، فحاصرها رسول الله  فاستطاعوا فتحها وإجبارهم على دفع الجزية(44).
5- إحدى فروع قبيلة غطفان سلبت واعتدت على تجار المسلمين:
يذكر أن زيد بن حارثة ذهب إلى الشام في تجارة له ومعه بضائع لأصحاب رسول الله ، فلمّا كان في موضع وادي القرى لقيه رجال من بني فزارة بن بدر من قبيلة غطفان، فهجموا عليه وضربوه وأخذوا كل ما كان معه من أموال، فعاد زيد إلى المدينة، وأخبر رسول الله  بما حدث من اعتداء بني فزارة وسلب ما يملك من أموال، فجهز الرسول  سرية وأعاده على رأسها لغزوهم وردّ اعتباره ومعاقبة المعتدين، فلمّا وصل إلى ديارهم وجدهم قد هربوا فأسر امرأة من ساداتهم وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وابنتها جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر، وتمكّن من قتل النعمان وعبدالله ابني مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر، ورجع إلى المدينة ومعه الأسيرتان(45) وقد أرهبتهم هذه الحملة وأشفى غليله ممن اعتدى عليه واستطاع أن يردّ بعضًا من أمواله وأموال المسلمين منهم قسرًا.
خامسًا: دخول قبيلة غطفان وبطونها في الإسلام
تعدّ قبيلة غطفان من أكبر القبائل العربية التي استقرت في شمال الحجاز، ومن أكثرها احتكاكًا بدولة الإسلام في المدينة، وكان من أبزر عشائرها بنو فزارة التي كانت المؤيد الأول في تحركات ونصرة عيينة بن حصن، وظهر ذلك بشكل واضح في مشاركة قريش ضد المسلمين في غزوة الأحزاب، وكذلك في تحالفهم مع اليهود المستقرين في مدينة خيبر. ولهذا ظهر اهتمام الرسول  في توسيع نفوذه على الأطراف الشمالية من المدينة عندما كانت تمر بها قوافل تجار المسلمين من ديارها وأصبح تأمينها ضرورة ملحة، وتبلور ذلك بشكل واضح بعد أن أمن تهديد قريش للمسلمين وخصوصًا بعد عقد صلح الحديبية، حيث كان من شروطه اعتراف قريش بالمسلمين ويحق لكلا الطرفين التحالف مع من يشاء من القبائل، ولهذا تحالف المسلمون مع قبيلة خزاعة وتحالفت قريش مع قبيلة كنانة(46)، فكان هذا التحالف صمام الأمان للمسلمين في انفتاحهم على القبائل العربية وعلى الخصوص القريبة من المدينة، وأخذت القبائل بالتوافد على المدينة معلنين الإسلام أو الموادعة، وكان من أبرز البطون الغطفانية التي وفدت على الرسول  بالمدينة وأعلنت إسلامها:
1- وفد بني أشجع وإسلامهم:
كانت بنو أشجع من المشاركين في معركة الأحزاب مع قريش ضد المسلمين، ولكن قد أسلم منهم خلال حصارهم للمدينة نعيم بن مسعود الذي استطاع أن يقوم بدور مهم في تفكيك عرى التحالف بين المشركين من قريش وغطفان مع اليهود(47).
وبعد انتهاء المعركة قدمت بنو أشجع على رسول الله  ويقدر تعدادهم بمائة رجل يترأسهم مسعود بن رخيلة فنـزلوا شعب سلع فخرج إليهم رسول الله  وأكرم وفادتهم، فأمر لهم بأحمال التمر، فقالوا: "يا محمد، لا نعلم أحدًا من قومنا أقرب دارًا منك منا، ولا أقل عددًا، وقد ضقنا بحربك وبحرب قومك فجئنا نوادعك فوادعهم"، ثم أسلموا بعد ذلك وكانوا سبعمائة رجل(48). ويذكر أنّ دليل المسلمين إلى خيبر رجل من أشجع(49)، وشارك نفر منهم في مقاتلة اليهود في خيبر، ودليل مشاركتهم استشهاد رجل من بني أشجع في حصارها(50). وكذلك كان لهم مشاركة في فتح مكة، ويقدّر عددهم بثلاثمائة مقاتل، وكانت لهم راية مع عوف بن مالك، وحامل اللواء معقل بن سنان(51). ويذكر أنّ العباس  عمّ الرسول  قال: إنّ هؤلاء القوم كانوا أشد الناس ضدّ رسول الله  والمسلمين، فلمّا دخل الإسلام في قلوبهم أصبحوا من أكثرهم حبًّا له وللمسلمين(52).
2- إسلام عيينة بن حصن:
فلمّا بان للرسول  وجه الحقيقة في نقض قريش الصلح فكر في فتح مكة وضمها إلى حظيرة الإسلام، لكنه لم يفصح للمسلمين عن اتجاه سير الحملة ، فبعث الرسول  البعوث إلى أهل البادية النازلين في أطراف المدينة، ومؤكدًا على من حوله من المسلمين مرسلاً إليهم الرسل لنقل خطابه الذي يقول فيه: من كان يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر فليحضر شهر رمضان بالمدينة، فتوافد المسلمون إلى المدينة ومعهم بعض القبائل العربية كان من بينهم قبيلة غطفان، ومنهم بنو أشجع وفزارة وبنو جهينة ومزينة، وكان يترأس قبيلة غطفان معقل بن سنان ونعيم بن مسعود، وكانت رايتهم مع قائدهم عوف بن مالك(53).

ويذكر أنّ عيينة بن حصن كان عند أهله في أرض نجد عندما جاءه الخبر بحملة الرسول  لفتح مكة، وقد تجمع أكثر من عشرة آلاف من العرب فخرج في نفر من قومه حتى قدم المدينة فوجد الرسول  قد خرج منها قبله بيومين، فسلك عن ركوبه فسبق إلى موضع العرج فوجده الرسول  بالعرج، فلمّا أتاه قال: يا رسول الله، بلغني خروجك فلم أعلم حتى أجمع قومي لنكون معك في جلبة كثيرة. ولست أرى هيأة حرب، فاستفسر عن خطة توجه الرسول  لكي يتأكد من سير الحملة، فأجابه الرسول  إلى حيث يشاء الله تعالى، فسار معه ووجد الأقرع بن حابس بالسقيا، فلمّا نزل الجيش في منطقة قديد، قام الرسول  بعقد الرايات للحرب، فلمّا شاهد عيينة رايات الحرب، ندم على عدم قدوم قومه مع جيش المسلمين، فلمّا دخل جيش المسلمين مكة يومئذ كان الرسول  بين الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن(54). وهذه الفترة هي بدايات ميل عيينة وتألفه مع دعوة الإسلام، ويعدّ من المؤلَّفة قلوبهم حيث حصل على عطاء الرسول  وشهد حنينًا والطائف، وقد وصفه الرسول  بالأحمق المطاع في قومه، وذلك لدخوله على الرسول  في بيته بغير إذن فأساء الأدب، فعبّر النبي  عن جفوته وخشونة طبعة بذلك(55)، لكن إعلان إسلامه كان دافعًا لإسلام قومه(56).
3- إسلام بني عبس:
كان لبني عبس وفد إلى الرسول  في المدينة، ويذكر أنّ عددًا من رجالها كانوا من المهاجرين الأولين، ويقدّر عددهم بتسعة أشخاص منهم ميسرة بن مسروق، والحارث بن الربيع، وقنان بن دارم وبشر بن الحارث ابن عبادة، وهرم بن مسعدة، وسباع بن زيد وأبوالحصن بن لقمان، وعبد الله بن مالك، وقردة بن الحصن بن فضالة، فأسلموا جميعًا، فدعا لهم الرسول  بالخير وبالبركة(57). ويعتقد أنّ إسلامهم حصل قبل فتح مكة، ويذكر أنّ جماعة منهم أسلموا فأرسل الرسول إليهم صحابيًّا يعلّمهم مبادئ الإسلام، وأخبرهم أنه لا إسلام لمن لا هجرة له، فسألوا الرسول ، فأباح لهم وأمرهم بالبقاء في ديارهم على إسلامهم لأنهم أصحاب مواش وزرع فيصعب نقلها إلى المدينة(58)، مضافًا إلى ذلك حصول ازدحام السكن في المدينة،والمسلمون كذلك أمنوا جهة قريش بعد صلح الحديبية، فلا أهمية ضرورية لهجرة المزيد من المسلمين إلى المدينة.
4- إسلام بني مرة:
أمّا إسلام بني مرة فقد كان وفدهم إلى رسول الله  ليعلن إسلامهم بعد عودته من غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة(59). ويذكر أنّ خارجة بن حصن وفد على الرسول  وأعلن إسلامه في هذه السنة بعد غزوة تبوك(60).
سادسًا: ارتداد قبيلة غطفان عن عقيدة الإسلام:
كان أول من ارتد من قبيلة غطفان بنو فزارة حيث انضمّت إلى طلحة ابن خويلد الأسدي، عندما تنبّأ بالنبوة الكاذبة، فقام بتجديد العقد القديم مع غطفان وحصل ذلك في حياة الرسول (61)، ولَمّا توفِّي الرسول  سيَّر أبو بكر الصدّيق  جيش أسامة بن زيد على المرتدّين من قبائل العرب، فتضرّمت الأرض نارًا، وارتدّت كل قبيلة عامّة وخاصّة إلاّ قريشًا وثقيفًا، واستغلظ أمر مسيلمة الكذّاب وطلحة بن خويلد، واجتمع مع طلحة عوامّ قبيلة طيء وأسد، وارتدّت غطفان تبعًا لعيينة بن حصن، الذي قال: نبيّ من الحليفين ويعني بهما (أسدًا وغطفان) أحبّ إلينا من نبيّ من قريش، وقد مات محمد وطلحة حيّ، فتبعته غطفان كلها ضد الإسلام والمسلمين(62)، وقد احتجّت هذه القبائل العربية ومنها غطفان وفزارة وعبس في التفريق بين الصلاة والزكاة، على أساس أنّ الزكاة فرضت عليهم قسرًا، وهو ما يتنافى مع أعرافهم، لكنه موقف لا يخلو من نفاق في عقيدة السلام، لأنهم كانوا عازمين على حرب المسلمين ودعوتهم، مستغلين فرصة ارتداد القبائل العربية في أطراف شبه الجزيرة العربية، فلو كانوا أخلصوا النية للإسلام لانضمّوا إلى أهل المدينة ضد أولئك المرتدّين(63)، وإلاّ كيف نفسّر إسلام القبائل العربية والوفود التي جاءت طواعية إلى المدينة، معلنين إسلامهم أمام الرسول محمد ، ومكثوا نحو سنتين لا يحرّكون ساكنًا وهم راضون بهذا الدين الجديد(64)، وما عملية احتجاجهم في منع الصدقة وتركهم الصلاة وعدم أداء الزكاة عذرًا لفعلتهم، فكان موقف الخليفة أبي بكر الصدّيق  خير جواب حازم في قول كلمته المشهورة (والله لو منعوني عقالاً لقاتلتهم عليه)(65)؛ فقد ربط الكلام بالعمل، وأعانه الله تعالى على تحقيق ذلك. وعن عائشة أمّ المؤمنين، رضي الله عنها، أنها قالت: توفِّي رسول الله  فنـزل بأبي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها، اشرأب النفاق، وارتدّت العرب، فوالله ما اختلفوا في واحدة إلا طار أبي بحظها وغنائها عن الإسلام(66)، فبعد أن ودّع جيش أسامة خرج بمن بقي من المسلمين لمقاتلة المرتدِّين إلى القصة من أرض محارب لتوجيه الزحوف إلى أماكن أهل الرّدّة، فصار إليهم خارجة بن حصن بن بدر الفزاري ومنظور بن زبان بن سيار الفزاري، من رؤساء قبيلة غطفان، فقاتلاهم قتالاً شديدًا، فانهزم المشركون وأتبعهم طلحة بن عبيدالله التيمي، فلحقهم بأسفل ثنايا عوسجة، فقتل منهم رجلاً وفاته الباقون فأعجزوه ثباتًا، فجعل خارجة بن حصن يقول: ويل للعرب من ابن أبي قحافة، ثم عقد أبو بكر الصدّيق، رضي الله عنهما، وهو في القصة، قيادة الجيش لخالد بن الوليد، وعلى الأنصار ثابت بن شماس الأنصاري، رضي الله عنهما، وهو من الذين استشهدوا يوم اليمامة، إلاّ أنه كان تحت قيادة خالد بن الوليد ، وأمر الخليفة القائد أن يصمد أمام جيش المرتدّين بقيادة طلحة بن خويلد الأسدي الذي ادّعى النبوّة، وهو يومئذ ببزاخة، وهي موضع ماء لبني أسد بن خزيمة، فسار إليه القائد خالد، وجعل على مقدمة جيشه عكاشة بن محصن الأسدي وثابت بن حزم البلوي، والتقى الجيشان فاقتتلوا قتالاً شديدًا، وعيينة بن حصن في سبعمائة رجل من بني فزارة من غطفان مع طليحة، فلمّا رأى عيينة سيوف المسلمين قد استحلّت رقاب المشركين أتى طلحة وقال له: أما ترى ما يصنع جيش أبي الفضيل، فهل جاءك جبريل بشيء قال: نعم، جاءني وقال لي: إنّ لك رحى كرحاه ويومًا لا تنساه، فقال: عيينة أرى والله أنّ لك يومًا لا تنساه، يا بني فزارة هذا كذّاب، وولّى عن عسكره، فأخبر قومه بذلك فانهزم الناس، وأظهر الله تعالى المسلمين على المرتدّين، وأُسِر عيينة بن حصن وقدم إلى المدينة، فحقن أبوبكر  دمه وأُخْلِي سبيله، أمّا طليحة بن خويلد، فقد هرب ودخل خباء له فاغتسل وخرج فركب فرسه وأهلّ بعمرة، ثم مضى إلى مكة، ثم أتى المدينة مسلمًا، وقيل بل ذهب إلى الشام فأسره جيش المسلمين ممن كانوا غازين ببلاد الشام وبعثوا به إلى أبي بكر  بالمدينة، فأعلن إسلامه، فعفا الخليفة عنه، فحسن إسلامه، وشارك في فتوح العراق، وأبلى بلاءً حسنًا في معركة نهاوند(67).
ويذكر أنّ القائد خالدًا استمر في سيره لمطاردة المرتدّين، فوصل إلى منطقة الغمر فوجد هناك جماعة من غطفان وبني أسد وغيرهم من قبائل العرب مجتمعين قد جعلوا لكل قوم عليهم رئيسًا منهم، فقاتلهم القائد خالد فقتل منهم جماعة وانهزم الباقون، وفي يوم الغمر يقول الشاعر الحطيئة العبسي قصيدة منها هذا البيت(68):
ألا كل أرماح قصـار أذلة فداء لأرماح الفوارس بالغمر
سابعًا: مشاركة قبيلة غطفان في الفتوحات الإسلامية
لَمّا فرغ الخليفة أبو بكر الصدّيق  من أمر الردّة رأى توجيه الجيوش إلى الشام والعراق، فكتب إلى أهل مكة والطائف وأهل اليمن وإلى جميع القبائل العربية في أرض نجد والحجاز، وهي مواطن قبيلة غطفان، يستنفرهم للجهاد ويرغّبهم فيه وفي غنائم الروم، فسارع الناس إليه بين محتسب وطامع، وأتوا إلى المدينة من كل حدب وصوب، فعقد الخليفة ثلاثة ألوية لثلاثة رجال من الصحابة المسلمين هم: خالد بن سعيد ابن العاص بن أمية، وشرحبيل بن حسنة، حليف بني جمح، وعمرو بن العاص بن وائل السهمي، وكان عقد هذه الألوية يوم الخميس لمستهل صفر سنة ثلاث عشر من الهجرة(69)، وجاءت وفود العرب رغبة في الجهاد وحرصًا على فعل الخير بعد أن وصلهم بعوث الخليفة أبي بكر الصدّيق ، فأتى أهل اليمن جناحًا جناحًا وقبيلة قبيلة، وحملوا معهم نساءهم وأولادهم، ففرح الخليفة بمقدمهم وتفاءل بالنصر لقدومهم(70).
فقعد الخليفة أبوبكر  الألوية لرجال، منهم ميسرة بن مسروق العبسي على قبيلة عبس، وهي إحدى بطون قبيلة غطفان(71). وكان لهذا القائد العبسي دور مهمّ في موقعة فحل ضد الروم في عمليات تحرير بلاد الشام من قبضتهم، فقاتلهم قتالاً شديدًا، فحمل عليهم وحملوا عليه، فكان فارسًا مغوارًا تحت قيادة خالد بن الوليد على كتيبة الخيالة، فعندما قسّم القائد خالد فرسانه في هذه المعركة إلى ثلاثة أقسام، جعل للمرادي قيس بن هبيرة ثلثها ولميسرة العبسي ثلثها، وكان لخالد الثلث الباقي، فتقدّم عليهم حتى دنا من ميمنتهم فعلاها وارتفع عليهم، فدفعوا إليه خيلهم لكي يشغلوا كتيبة خالد وأصحابه فتركهم يتقرّبون إليه، فأعلن القائد ساعة الصفر بتكبيرة (الله أكبر)، وشدّ معه أصحابه فحمل سمرة بن مسروق العبسي بكتيبة على من كانوا يلونه من خيالة الروم فهزموهم واتبعهم المسلمون يضعون الرماح والسيوف فيهم حيث شاءوا حتى اضطروهم وأخرجوهم إلى عسكرهم وأعانهم الله تعالى على قتل خلق كثير منهم(72).
ويذكر أنّ ميسرة حمل على قلب جيش الروم في هذه المعركة وقد أخذ صف جيش الروم ينتفض من ميسرتهم وميمنتهم فقاتلوهم قتالاً شديدًا، فسقط ميسرة عن فرسه وتعثرت معه ثم عاد عليها، فهجم على رجل من الروم واعتنقه فاعتركا ساعة، ثم رصّه ميسرة فقتله(73). وعندما حاصر المسلمون مدينة حمص دافع عنها الروم، فرماهم القائد أبوعبيدة ابن الجرّاح بخالد بن الوليد وحمل عليهم المسلمون فولَّوا منهزمين حتى دخلوا المدينة، فبعث خالد بن الوليد ميسرة العبسي واستقبل خيلاً للروم كثيرة عند نهر قريب من مدينة حمص، فطاردهم ثم حمل عليهم حتى هزمهم بعون الله تعالى(74).
ويذكر أنّ أول راية دخلت أرض حمص ودارت حول مدينتها راية ميسرة بن مسروق العبسي(75). ويعدّ ميسرة بن مسروق العبسي من أصحاب الرأي والمشورة العسكرية؛ فقد اعترك الحياة وأخذ من تجاربها الكثيرة، وهذا ليس غريبًا وهو ابن قبيلة عريقة لها باع طويل في الحروب، ولها سطوتها بين قبائل الحجاز، فكان منهم الكثير من شاركوا مع قبائلهم في الفتوحات الإسلامية سواء على جبهة بلاد الشام أو العراق، لكن المصادر لم تسعفنا في ذِكر مشاركتهم إلاّ ما ندر، فكان ابن مسروق العبسي منهم ومن الذين يعتمد عليهم في القيادة وتنفيذ الخطط العسكرية. وتأكيدًا على ما ذهبنا إليه، فعندما قامت جيوش الروم بهجوم معاكس وكبير على بلاد الشام، وأخذت تحتل مواقع سبق وأن حررها المسلمون بقائدهم ماهان حتى جاشت جيوشهم على المسلمين ودنوا منهم، فدعا القائد العامّ أبو عبيدة رؤساء المسلمين وقادتهم واستشارهم في أمر هذا الجيش الرومي الجرّار، فكان ممن تكلم يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وقيس بن هبيرة. أمّا ميسرة بن مسرون العبسي الذي تكلّم فأجاد، وأثنى على رأيه كل من حضر الاجتماع من القادة، فقال لأبي عبيدة: "أصلحك الله لا تبرح مكانك الذي أنت فيه، وتوكّل على الله، وقاتل عدوّك، فوالله إني لأرجو أن ينصرك الله العظيم، وإن أنت خرجت منها إني لخائف ألاّ ترجع إليها أبدًا على ما تدع لهم البلاد، وقد قاتلناهم عليها حتى نفيناهم عنها، وقتلنا بطارقتهم وفرسانهم فيها يوم أجنادين ويوم فحل"، فقال أبو عبيدة مؤيّدًا مشورته التي عارض فيها آراء القادة الذين سبقوا: "لست بارحًا وقد ولّيت خالد بن الوليد ما خلف بابي، وأنا معكم لا أبرح الأرض حتى يحكم الله بيننا وهو أحكم الحاكمين(76). وكان النصر حليفًا للمسلمين، وقد أُعطي أبو عبيدة قيادة ألف فارس لميسرة بن مسروق العبسي لمطاردة فلول جيش الروم المنهزم بعد أعقاب معركة اليرموك(77).
وكان من بطون قبيلة غطفان ممن شاركوا في فتح مصر تحت قيادة عمرو بن العاص، فيذكر أنّ أصحاب الراية، وهم مجموعة من قبائل متفرّقة من قريش والأنصار وأسلم وغفار وجهينة وثقيف وعبس بن بغيض وأشجع، فعقد لهم القائد عمرو راية انضمّوا إليها لا تنسب إلى أحد أكثر من الراية التي يقفون تحتها في القتال، وعندما اختطوا الفسطاط نسبت لهم خطة بها(78)، وكان لبطون غطفان دور بارز ومشاركة واضحة في معركة القادسية، حيث التحق ألف مقاتل بجيش سعد بن أبي وقّاص المتوجّه لتحرير العراق بمكان التحشد(79).

الخاتمـة
1. تعدّ قبيلة غطفان من القبائل العربية العدنانية الكبيرة القاطنة في أطراف المدينة والمتميزة بالفروسية والمجرِّبة للحروب.
2. ناصبت العداء قبيلة غطفان وبطونها في مواقف كثيرة للرسول محمد  والمسلمين، وكانوا متحالفين مع قريش حتى فتح مدينة مكة.
3. ساهمت بعض بطون قبيلة غطفان في نشر الدعوة الإسلامية بعد دخولهم الإسلام، وظهر ذلك بشكل واضح بعد فتح مدينة مكة.
4. كان لقسم من رجال قبيلة غطفان مساندة ومشاركة فعّالة مع الرسول  في إبطال التحالف المبرم بين قريش وغطفان من جهة، وتحالفهم مع اليهود في المدينة من جهة أخرى، وهذا ما فعله نعيم بن مسعود الغطفاني.
5. اتضح أنّ ارتداد قبيلة غطفان مع القبائل العربية الأخرى عن الإسلام لم يكن بفعل ذاتي، وامتناعهم عن إعطاء الزكاة أو ترك الصلاة فحسب، بل بتعاون عوامل خارجية ساعدت في تحريضهم على الابتعاد عن دعوة الإسلام ومبادئه الموحدة لعقيدتهم والجامعة لأهدافهم، وهذا ما يغيظ ويعاكس أهداف وخطط الفرس والروم ضد العرب والمتربصين على حدود الدولة العربية الإسلامية الفتية، وبالتعاون مع اليهود المرابطين في داخل الجزيرة العربية.
6. كانت قبيلة غطفان مع القبائل العربية التي رجعت إلى حظيرة الدولة الإسلامية نقية السريرة، فإن هم أسلموا وآمنوا وعاهدوا صدقوا في فعلهم وقاتلوا حتى النصر أو الشهادة لإعلاء كلمة الله تعالى.
7. ظهر اشتراك قبيلة غطفان في الفتوحات الإسلامية بحماس منقطع النظير بعد دخول الإسلام في قلوبهم، فأخذوا يكفّرون عن سيّئاتهم عند ارتدادهم عن الإسلام بعد وفاة الرسول محمد .

الهوامش:

* معهد الفنون الجميلة للبنين، نينوى، العراق.
(1) الجبوري، د. جاسم محمد، قبيلة كلب ودورها في التاريخ العربي، رسالة ماجستير، ص83.
(2) الملاح، د. هاشم، الوسيط في السيرة النبوية، ص38.
(3) الجميلي، د. رشيد، محاضرات في التاريخ الإسلامي، ص25.
(4) عريم، عبدالجبار، القبائل الرحل في العراق، 7.
(5) الواقدي، المغازي، 2/443؛ انظر: الحموي، معجم البلدان، 1/407.
(6) ابن حزم، الجمهرة، 255.
(7) المصدر نفسه، 481.
(8) ابن حبيب، المنمّق، 204.
(9) ابن حبيب، المحبّر، 248؛ انظر: الواقدي، المغازي، 2/467.
(10) الواقدي، المغازي، 2/799.
(11) ابن خياط، تاريخ، 82؛ انظر: البلاذري، فتوح البلدان، 104.
(12) الواقدي، المغازي، 2/443؛ انظر: الحموي، معجم البلدان، 1/407.
(13) الحموي، معجم البلدان، 1/407.
(14) المصدر نفسه، 4/735.
(15) انظر الخارطة المرفقة مع البحث والمؤثرة عليها قبيلة غطفان وتفرعاتها.
(16) البكري، معجم ما استعجم، 329؛ انظر: العلي، الدولة في عهد الرسول ، 1/322.
(17) البكري، المصدر نفسه، 1083؛ انظر: الحموي، المعجم، 4/139.
(18) الحموي، المعجم، 1/914.
(19) المصدر نفسه، 2/342 و 3/771؛ انظر: البكري، معجم ما استعجم، 95.
(20) زكريا، عشائر الشام، 139.
(21) علي، المفصّل، 4/508-509.
(22) ابن حبيب، المحبّر، 31.
(23) ابن هشام، السيرة النبوية، 1/43؛ انظر: العلي، محاضرات، 1/114.
(24) القاسمي، نظام الحكم في الشريعة، 11.
(25) ابن حبيب، المنمّق، 204.
(26) البلاذري، الأنساب، 1/310؛ انظر: العلي، دولة الرسول، 2/502.
(27) ذي أمر: موضع بئر بناحية النخل من أرض نجد في ديار غطفان؛ انظر: المقريزي، إمتاع الأسماع فيما للرسول من الأبناء، 1/107.
(28) ابن خياط، تاريخ، 27؛ ابن هشام، السيرة، 3/46.
(29) ابن هشام، السيرة؛ انظر: الطبري، تاريخ، 2/596-604.
(30) ابن هشام، السيرة، 3/203-204؛ انظر: الطبري، تاريخ، 2/555-556.
(31) ابن هشام، السيرة، 3/214-215؛ انظر: الواقدي، المغازي، 2/440؛ الطبري، تاريخ، 2/564.
(32) ابن سعد، الطبقات، 1/57-58.
(33) الزبيدي، تاج العروس، 6/45.
(34) ابن هشام، السيرة، 3/215؛ انظر: الواقدي، المغازي، 2/443.
(35) ابن هشام، السيرة، 3/219؛ انظر: الواقدي، المغازي، 2/443-479؛ ابن كثير، البداية والنهاية، 3/94-95.
(36) ابن هشام، السيرة، 3/223-229؛ الواقدي، المغازي، 2/443-479.
(37) ابن هشام، السيرة، 2/729؛ انظر: الواقدي، المغازي، 3/727.
(38) الواقدي، المغازي، 2/777-780.
(39) ابن كثير، البداية والنهاية، 3/220.
(40) ابن هشام، السيرة، 3/205؛ انظر: المقريزي، إمتاع الأسماع، 1/193.
(41) سورة المائدة، الآية 11.
(42) ابن سعد، الطبقات، ق1/23-24؛ انظر: المقريزي، إمتاع الأسماع، 1/111.
(43) ابن هشام، السيرة، 3/281؛ انظر: الطبري، تاريخ، 2/595-596؛ الواقدي، المغازي، 2/537؛ ابن كثير، البداية والنهاية، 3/150.
(44) ابن هشام، السيرة، 3/330؛ انظر: الواقدي، المغازي، 2/640-642؛ ابن كثير، البداية والنهاية، 3/181-182.
(45) ابن حبيب، المحبّر، 470؛ انظر: الطبري، تاريخ، 3/540.
(46) ابن هشام، السيرة، 4/18؛ انظر: العلي، الدولة في عهد الرسول، 1/306.
(47) ابن سعد، الطبقات، 2/19؛ انظر: العلي، الدولة، 1/326.
(48) ابن سعد، الطبقات، 2/28؛ انظر: ابن شبه، تاريخ المدينة، 367.
(49) ابن سعد، الطبقات، 2/21؛ انظر: الواقدي، المغازي، 367-617.
(50) الواقدي، المغازي، 649، 700.
(51) ابن سعد، الطبقات، 2/22، 3/120.
(52) الواقدي، المغازي، 2/820.
(53) نفس المصدر، 2/799.
(54) نفسه، 2/804.
(55) ابن دريد، الاشتقاق، 173؛ انظر: علي، المفصّل، 4/255.
(56) الطبري، تاريخ، 1/1687.
(57) ابن سعد، الطبقات، 1/41-42؛ انظر: العلي، الدولة، 330-331.
(58) ابن سعد، الطبقات، 1/41-42.
(59) ابن سعد، الطبقات، 2/48.
(60) الطبري، تاريخ، 2/1890-1892.
(61) ابن الأثير، الكامل، 2/341؛ انظر: العلي، الدولة، 1/333.
(62) ابن الأثير، الكامل، 2/342.
(63) الصعيدي، السياسة الإسلامية، 64.
(64) المرجع نفسه، 65.
(65) البلاذري، فتوح البلدان، 103.
(66) المصدر نفسه، 104-105.
(67) نفسه، 104-105؛ انظر: ابن خياط، تاريخ، 82؛ ابن الأثير، الكامل، 2/343.
(68) البلاذري، فتوح البلدان، 104-105؛ انظر: ابن خياط، تاريخ، 82.
(69) المصدر نفسه، ق1/128.
(70) الأزدي، فتوح الشام، 9-10.
(71) المصدر نفسه، 16.
(72) نفسه، 128-129، 132.
(73) نفسه، 132.
(74) نفسه، 144-145.
(75) نفسه، 149.
(76) نفسه، 172.
(77) نفسه، 137.
(78) ابن عبدالحكم، الفتوح، 98، 115-116؛ انظر: المقريزي، الخطط، 2/60-61، الحديثي، أهل اليمن، 167؛ الجبوري، الجوار، رسالة دكتوراه كتبت على الآلة الكاتبة، 122.
(79) الطبري، تاريخ، 3/483؛ انظر: كمال، القادسية، 35.
المصادر والمراجع
1- القرآن الكريم
2- البكري، أبو عبدالله محمد بن إسماعيل، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، (د.ت)
3- البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر، أنساب الأشراف، تح. محمد حميد الله، القاهرة، 1379هـ/1959م.
4- البلاذري، تاريخ فتوح البلدان، رواية محمد بن عبدالله، تح. عبدالمنعم عبدالله، مؤسسة سجل العرب، 1970م.
5- ابن الأثير، محمد بن محمد بن عبدالكريم بن عبدالواحد الشيباني، الكامل في التاريخ، بيروت، 1965م.
6- ابن حبيب، أبوجعفر محمد بن أمية بن عمر الهاشمي البغدادي، المنمّق في أخبار القرشيين.
7- ابن حبيب، المحبّر، رواية أبي سعيد بن الحسن السكري، نشرة إيلزة يتخنت شتيز، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، (د. ت).
8- ابن حرام، أبومحمد علي بن سعيد الأندلسي، جمهرة أنساب العرب، تح. عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1977م.
9- الحموي، الإمام شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت، معجم البلدان، دار الكتاب العربي.
10- ابن خياط، أبوعمر خليفة بن هبيرة خليفة، تاريخ خليفة بن خياط، رواية بقي بن مخلد، تح. سهيل زكار.
11- ابن دريد، محمد عبدالمحسن، الاشتقاق، تح. عبدالسلام محمد هارون، بغداد، 1979م.
12- الزبيدي، أبوالفيضي محمد بن مرتضى، تاج العروس في شرح جواهر القاموس، المطبعة الخيرية، القاهرة، 1866م.
13- الأزدي، محمد بن عبدالله، تاريخ فتوح الشام، تح. عبدالمنعم عبدالله عامر، مؤسسة سجل العرب، 1970م.
14- ابن سعد، محمد بن منيع، الطبقات الكبرى، نشرها د. إحسان عباس، ليدن، 1940م.
15- ابن شبة، عمر، تاريخ المدينة، (د.ت)
16- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، تاريخ الرسل والملوك، تح. محمد أبي الفضل، دار المعارف المصرية، 1986م.
17- ابن الحكم، أبوالقاسم عبدالرحمن بن عبدالله، فتوح مصر وأخبارها، ليدن، 1930م.
18- ابن كثير، أبوالفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر القرشي، البداية والنهاية، بيروت، 1966م.
19- المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي بن عبدالقادر، إمتاع الأسماء بما للرسول من الأبناء والأموال والحضرة والإمتاع، تح. محمود شاكر، 1941م.
20- المقريزي، الخطط المقريزية، منشورات مكتبة العرفان.
21- ابن هشام، أبو محمد عبدالملك المعافري، السيرة النبوية، تح. مصطفى السقا، بغداد، 1986م.
22- الواقدي، عبدالله بن محمد بن عمر، كتاب المغازي، تح. د. مارس جونس، دار المعارف المصرية، 1965م.
23- الجبوري، د. جاسم محمد عيسى، قبيلة كلب ودورها في التاريخ العربي حتى نهاية العهد الأموي، رسالة ماجستير كتبت على الآلة الكاتبة، جامعة المستنصرية، 1989م.
24- الجبوري، الجوار: دراسة في المفهوم والدلالة التاريخية في عصر الرسالة والخلفاء الراشدين، رسالة دكتوراه كتبت على الآلة الكاتبة، جامعة الموصل، 1999م.
25- الجميلي، د. رشيد عبدالله، محاضرات في التاريخ الإسلامي.
26- الحديثي، د. نزار عبداللطيف، أهل اليمن في صدر الإسلام ودورهم في الأمصار، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
27- زكريا، أحمد وصفي، عشائر الشام، دار الفكر، دمشق، (د.ت).
28- الصعيدي، عبدالمتعال، السياسة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، دار الفكر العربي، القاهرة، 1962م.
29- علي، د. جواد، المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار العلم للملايين، بيروت، 1970م.
30- عريم، عبدالجبار، القبائل الرحّل في العراق، (د.ت).
31- القاسمي، ظافر، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي، (د. ت).
32- كمال، أحمد عادل، القادسية، دار النفائس، بيروت، 1973م.
33- العلي، أحمد صالح، الدولة في عهد الرسول، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1988م.
34- العلي، محاضرات في تاريخ العرب، جامعة بغداد، 1954م.
35- الملاح، د. هاشم يحيى، الوسيط في السيرة النبوية والخلافة الراشدة، جامعة الموصل، 1994م.
مقال منقول :
كتبه : د. جاسم محمد عيسى الجبوري
مجلة العرب, عدد : رجب وشعبان, للعام 1427هـ .