الى اخي العزيز هشام المراسي

الشاعر عامر العمار يرد على هشام المراسي do.php?imgf=14127716
هذا هو ردي لك على طلبك الموجه لي وارجو ان اكون قد وصلت الى اجابتك بعيدا عن المهاترات للوقوف على افضل السبل التي تنسجم مع فكرنا نحن المسلمين الذين لايفرقون بين ما أنزل الله من كتب سماويه حيث ان لم نكن نؤمن بما انزل الى سيدنا رسول الله وباقي الانبياء فنحن غير مسلمين وليس لنا في الاسلام حظا يذكر ....
بداية اود ان اعلمك شيئا اخي هشام قد يكون غاب عن مخيلتك أنا لست متخصصا في الدين وهذا التخصص له رجاله ولكن انا انسان اجاهد للوصول الى درجة مثقف والمثقف كما تعلم لايقتصر على علم او معرفة معينة وانما يفترض ان يكون ملما بما يمكنه من الخوض بكل ما تحتويه الحياة في طياتها ليتمكن من مواجهة ما يفترض به الرد على تساؤلات الغير على اقل تقدير للوصول الى الاقناع لاان يكون مشرعا لامور شرعت واخذت مآخذها قسما منها نتمكن من الرد عليها والقسم الاخر محسوما لايمكن لاحد ان يغير منها لاسيما ماورد منها في القرآن لسبب انت تعلمه وتحاول ان تبتعد عنه وتتمسك بقضايا وضعيه وضعها الانسان وحاول صياغتها لخدمته من باب تحقيق رغبات شخصية او من باب الحقد على مذهب معين او دين معين وهذا هو الاخطر في الموضوع ..
ان رسالة الاسلام اختار الله ان يضعها بمجتمع عربي لعدة اسباب اهمها ان العرب في حينها قد تجاوزوا حدا بالغوا فيه في الجهل والمجون على الرغم من كون باقي الاديان موجودة اصلا في مجتمع الجزيرة مثل اليهودية والنصرانية لكنها كانت متقولبة على افراد ولا احد منهم يحاول ان يثقف العرب لهدايتهم الى الحق وما انزل من الشريعة الالاهية التي وردت سواء في الانجيل او التوراة لانهم ارادوا ان يبقى العرب على جهله يتزوج كما يريد ويقتل كما يريد ويتصرف كما يريد وهذا الامر يخدمهم كثيرا كما هو الحال في المدينة التي كان اليهود فيها يحكمون غيرهم من الاوس والخزرج ينمون روح العداء بينهم لابقاءهم ضعفاء لايقوون على شئ يمكن ان يظر اليهود في وحدتهم ولو قرأت اخي
الفاضل كتاب الزواج عند العرب قبل الاسلام لوجدت مالايقبله العقل ولا الضمير من خلال ماورد فيه من عادات عن الزواج وغيره .
العرب قديما كان موردهم الاساسي هو الغزو لاسيما في المجتمع البدوي الذي بنيت نشأتهم عليه وكان نتيجة الغزو غير مقتصرا على سبي النساء فقط والرجال كذلك يتم بعد ذلك الاتفاق بينهم اما بأن يفدوهم بالمال او يعيدوهم بغزوة مماثلة من القبيلة الثانية والاحداث عن ايام العرب في الجاهلية كثير ... أما زواج سيدنا رسول الله بالعدد الذي نعلمه فهذا امر من الله قد يراد منه ان يجمع القبائل ولايفرق بيسن احد وآخر لانه كان فخرا للقبيلة التي تزوج سيدنا رسول الله وتم منعه من الزواج في سورة النور وقبل ان ادخل في متن الموضوع اود ان ابين مايلي :
كان لسيدنا إبراهيم عليه السلام ثلاث زوجات حسبما ورد في التوراة والإنجيل:
أ- السيدة/ هاجر (كتاب الخلق: 16/ 4) وهى أم سيدنا إسماعيل عليه السلام.
ب- السيدة/ سارة (الخلق: 18/ 15) وهى أم سيدنا إسحاق عليه السلام.
جـ- السيدة قثورة (الخلق: 25/ 10) وكان لها ستة بنين وهذه أسماؤهم:
زمران، يقان، مدان، مديان، أسباق، سنوخ.

وكان لسيدنا يعقوب أربع زوجات (الخلق: 29/ 23- 29) وأسماؤهن كما يلي:
أ- لياه (الخلق: 29/ 23) وهى أم سمون، لاوى، يهوده، أشكار وزبون.
ب- زلفة: وهى أم ابنين وهما: جد وآثر.
جـ- راخيل: ولها ابنان: سيدنا يوسف عليه السلام وبنيامين.
د- بلهمة: وهى أم دان (ونفتاى) .
تزوج سيدنا موسى عليه السلام بأربع نساء (كتاب الخروج: 2/ 31) وأسماؤهن كما يلي:
أ- سفورة وهى أم جيسون والعيزر.
ب- جبشيه.
جـ- بنت قيني (قاضيون 16/1) .
د- بنت حباب (قاضيون 4/ 16) .
وقد ورد في كتاب صيموئيل (26/23) ذكر تسع زوجات لسيدنا داود عليه السلام ولا يسعني أن أذكر أسماؤهن وأسماء أولادهن لضيق المقام.
وقد ورد في كتاب سلاطين 11/3 أنه كان لسيدنا سليمان عليه السلام سبعمائة زوجة وثلاثمائة أمة. ولم يذكر هذا الأمر في القرآن الكريم.
لم يتزوج سيدنا عيسى عليه السلام وكذا صار الزواج عملاً غير مستساغ عند النصرانيين واعتبروا العزوبة منتهى الروحانية.
ولكن مع كل ذلك فقد ورد قول سيدنا عيسى عليه السلام في إنجيل متى باب 25 حينما أخبر عن بعثته أنه عليه السلام أخبر عن عشر أبكار. "تزوجت خمس منهن بعريس واحد وذهبن إلى بيتهن، أما الخمس الأخريات فتخلفن ولم يفتح لهن الباب".
وهذه الجملة الواحدة تدل بكل وضوح على أن سيدنا عيسى عليه السلام كان يجيز تعدد الزوجات. فقد أول بعض القسيسين هذه الجملة قائلين أن المسيح قد تكلم بأسلوب تمثيلي. نعم: ولو كان كذلك: الحق أنه لا يمكن لنبي أن يقول شيئاً بأسلوب تمثيلي عن أمر ما إلا إذا كان ذلك الأمر مرغوباً لديه.
ولهذا السبب كان (ملتن) الشاعر الإنجليزي الشهير يقول بتعدد الزوجات. وجدير بالذكر أن نابليون ملك فرنسا قد استدل على ذلك وتزوج ثانية في حضور البابا ولم يعترض البابا وصدقت أوربا على صحة هذا الزواج!. وهناك أحداث كثيرة مماثلة.
والآن نتقدم إلى ما ورد في المذهب الهندوكي. والمهم أن الهندوكيين لا يوجد لديهم نظام تعدد الزوجات في العصر الحاضر وقد اعترضوا على تعدد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم لنفس الأسباب السابقة.
وأهم شخصية في المذهب الهندوكي، هو شرى رام جندرجي. انهم يحلونه محل الآلهة. ومن المعروف والمعلوم عند كل هندوكي أنه كانت لوالد شرى رام جندرجى (راجه وسرت، ملك من ملوك الهند) ثلاث زوجات في آن واحد وأسماؤهن كما يلي:
1- ملكة كوشليا وهى أم شرى رام جندرجى.
2- ملكة سمترا وهى أم لجمن جى.
3- ملكة كيكنى وهى أم برت جى.
والآن أحاول أن أبين الحكمة وراء كل زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وفقاً للترتيب الزمني لزواجه صلى الله عليه وسلم:
ا- السيدة خديجة رضي الله عنها:
السيدة خديجة هي أولى زوجاته صلى الله عليه وسلم وهى أرملة وكان عمرها وقت الزواج أربعين سنة وعمر الني صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة. فعاشا معاً لخمس وعشرين سنة بعد زواجهما إلى أن توفيت السيدة خديجة وهى في الخامسة والستين من عمرها بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم في الخمسين من عمره. وجدير بالذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج أية امرأة أخرى في حياتها.
ومات أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم في نفس السنة وسمي هذا العام بعام الحزن. ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فقد شخصيتين هامتين ألا وهما: السيدة خديجة وأبا طالب اللذين كانا يشدان من أزر النبي صلى الله عليه وسلم ويحنوان عليه.
وهكذا صار النبي صلى الله عليه وسلم وحيداً لا ناصر له ولا معين من ناحية أسرته.
السيدة سودة رضي الله عنها:
وكانت هذه المرحلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مرحلة الشدائد والابتلاء وهو في حاجة ماسة إلى من يسكن إليها لذلك فهو يتزوج السيدة سودة البالغ عمرها وقتئذ خمس وخمسون سنة.
وعليكم أيها القراء أن تنتبهوا إلى عمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكي ندرك مدى بطلان الافتراءات التي يثيرها أعداء الإسلام ضد الرسول صلى الله عليه وسلم واتهامهم له بالشهوانية والأنانية. علينا أن نتساءل: ما هي الخلفية وراء زوجاته: ما هو عمر أزواجه؟ ولماذا يتزوجهن؟
كانت السيدة سودة أرملة سكران بن عمرو وهي من المؤمنات المهاجرات. توفي عنها زوجها بعد الرجوع من الهجرة الثانية إلى الحبشة فأصبحت وحيدة لا ناصر لها ولا معين. ولو رجعت إلى أهلها الكفار لعذبوها ولحاولوا ردها إلى الشرك قسراً. وما كان هناك أي شخص يمكن أن يقوم بكفالتها والمحافظة على إسلامها.
فاختار النبي صلى الله عليه وسلم كفالة هذه الأرملة الوحيدة الحزينة المسكينة المسنة فتزوجها وفي هذا تشريع الزواج بالأرامل اللائي ينظر إليهن نظرة سوداء في الملل والأديان الأخرى كالهندوكية. فالرسول صلى الله عليه وسلم أرسل للبشر كافة ولم يرسل لأمة بعينها كغيره من الأنبياء، لذا فسن زواجه لإبطال كل ما في الأديان المحرفة والملل الأخرى من خرافات وامتهان للنساء وبخاصة المزدريات منهن في مجتمعاتهن كالأرامل والمطلقات وتشريفهن بزواجه منهن وهو أشرف البشر فيمتثل به المؤمنون كافة.
- السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما:
وهى الوحيدة من بين أزواجه الطاهرات التي كانت بكراً. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى على نظام التبني بزواجه السيدة زينب بنت جحش، فيمكننا القول أنه صلى الله عليه وسلم قد قضى على نظام آخر بهذا الزواج وهو نظام التآخي الجاهلي إذ كانت العادة قد جرت عند بعض العرب أن يؤاخى بعضهم بعضاًَ وكانت هذه المؤاخاة تتساوى مع الأخوة الحقيقية القائمة على صلة الدم، وكانوا يحرمون على أنفسهم الزواج بابنة أخيهم المزعوم.
فقضى النبي صلى الله عليه وسلم على هذه العادة الجاهلية بزواجه بالسيدة عائشة رضي الله عنها وكان عمرها تسع سنوات وقت الزواج وبقيت على قيد الحياة ثمانيا وأربعين سنة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولعل هذا هو السر وراء هذا الزواج. وظلت تنشر الدين وتبلغه إلى النساء والرجال.
ونرى أثر ذلك حتى اليوم كلما ذهبنا إلى الروضة في المسجد النبوي الشريف فنجد هناك عموداًَ (قائماً) يسمى (اسطوانة عائشة) .وكان الصحابة يجلسون بقرب هذه الاسطوانة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ويستفتونها في الأمور الدينية وكانت السيدة عائشة تفتي وتدرس وتبلغ وهي جالسة في حجرتها التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا استشكل أبوها سيدنا أبو بكر وغيره من الصحابة الكبار مثل سيدنا عمر الفاروق وسيدنا عثمان بن عفان في أي أمر هام رجعوا إلى السيدة عائشة لحل تلك المشكلة.
وقد ذكر العلماء المؤرخون أنه قد انتقل ربع الأحكام الشرعية إلى الأمة المسلمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال توجيهات السيدة عائشة وجهودها التي استمرت 48 سنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وظلت تسكن نفس الحجرة التي دفن فيها الرسول إلى أن توفي سيدنا عمر ودفن بجوار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتقلت من تلك الحجرة قائلة: " إنني أستحي الآن أن أبقى هنا ".
وظلت السيدة عائشة توجه الصحابة في كثير من الأمور العامة وتنبههم إلى بعض أخطائهم الفقهية العلمية وهناك الصحابة الكبار أيضاًَ الذين تنبهوا إلى بعض أخطائهم نتيجة لتوجيهاتها فقد ألف العلامة السيوطي رحمه الله رسالة مستقلة في هذا الموضوع وأوضح كيف صححت السيدة عائشة أخطاء الصحابة وذكر تلك الفتاوى في رسالته التي سماها (عين الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة) .
- السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:
وهي أرملة سيدنا خنيس بن حذافة الذي استشهد في غزوة بدر وفي تلك الأثناء توفيت السيدة رقية زوج عثمان بن عفان وبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض سيدنا عمر ابنته على عثمان للزواج كما أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال فقال عثمان: " سأنظر في أمري " فلبث ليالي، ثم قال: " لقد بدا لي أن لا أتزوج " قال عمر لأبى بكر:" إن شئت أنكحك حفصة، فصمت، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبث ليالي ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه: فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت على حفصة. فلم أرجع إليك شيئاًَ؟ قلت: نعم قال: انه لم يمنعني أن أرجع إليك إلا أنني علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها، فلم أكن لأفشى سره، ولو تركها لقبلتها ".
ولا يفوتنا هذا الأمر الهام أن زواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة والسيدة حفصة له أهمية كبيرة من الناحية الإجتماعية لأنه كان سبب ربط قوي بينه وبين سيدنا أبى بكر وسيدنا عمر وهما اللذان قاما بخدمات جليلة للإِسلام وضحيا بكل مرتخص وغال في سبيل الله وحب رسوله.
- السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها:
وهى أرملة عبيدة بن الحارث رضي الله عنه، البطل الذي استشهد في أول المبارزة في غزوة بدر وهي أيضاً من النساء المؤمنات اللاتي ضحين بالنفس والنفيس في سبيل الله، وكانت حين استشهاد زوجها تقوم بواجبها في إسعاف الجرحى وصبرت على استشهاد زوجها ولم تتخل عن واجبها حتى بعد وفاة زوجها إلى أن جاء النصر وهزم المشركون وكانت تناهز الستين من عمرها، ولم يكن هناك من يعولها فكانت بحاجة ماسة إلى الرعاية.
فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بحالتها وصبرها وجهادها وإخلاصها خطبها لنفسه وكان عمره صلى الله عليه وسلم آنذاك يناهز الخامسة والخمسين وظلت السيدة زينب بنت خزيمة على قيد الحياة بعد زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم عامين اثنين ثم انتقلت إلى رحمة الله رضي الله عليها ورضت عنه تعالى.
فلما رأى هؤلاء الأفاكين المغرضين الذين يتقولون على الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويتهمونه بالشهوانية والأنانية في هذا الزواج الشريف الذي لا يهدف إلا إلى غاية نبيلة كريمة والذي يعبر عن المروءة والشهامة التي كان يتحلى بها الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) .

- السيدة أم سلمة هند المخزومية رضي الله عنها:
وهى أرملة عبد الله بن عبد الأسد من الأولين السابقين إلى الإسلام. كان قد هاجر إلى الحبشة ومعه زوجته السيدة أم سلمة التي خرجت فراراً بدينها. واستشهد زوجها البطل في غزوة أحد مخلفاً لها أيتامها الأربعة: ابنان صغيران وبنتان صغيرتان وكانوا بلا كفيل ولا معين. وكان عمر السيدة أم سلمة حينئذ بين خمس وخمسين وستين سنة.
فقدر النبي صلى الله عليه وسلم ظروفها الصعبة وحاجة العائلة إلى من يكفلها ويرعاها فخطبها ولكنها اعتذرت في بداية الأمر وقالت:" إني مسنة. وإني أم أيتام، وإنني شديدة الغيرة ". فرد عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل لها يقول بما معناه:" أنا لا أعبأ بالسن، أما الأيتام فأضمهم إلي، وإني أدعو الله سبحانه أن يذهب عن قلبك الغيرة ".
واستجاب الله لدعاء النبي فذهبت عن قلبها الغيرة ووافقت على الزواج فتزوجها عليه السلام وتربى أيتامها تربية حسنة وأحبهم عليه الصلاة والسلام حباً أكثر مما أحبهم أبوهم.
هذه هي السيدة أم سلمة

- السيدة زينب بنت جحش:
هي ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخت عبد الله بن جحش البطل الذي استشهد في غزوة أحد.
كان قد زوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بزيد بن حارثة متبناه وكان يعرف بزيد بن محمد ولكنها رأت أنها أشرف من زيد بسبب حسبها ونسبها وأن زيداً كان عبداً مملوكاً قبل أن يتبناه الرسول صلى الله عليه وسلم. وهكذا ساءت العلاقات بينهما وكما ورد في بعض الروايات أنها كانت تغلظ له في القول. فشكا زيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأراد أن يطلقها ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه من الطلاق ونصحه قائلاً: " أمسك عليك زوجك " ولكن ظل الخلاف بينهما يزداد حتى طلقها زيد.
في تلك الآونة أراد الله سبحانه وتعالى أن يقضي الرسول صلى الله عليه وسلم على نظام التبني الذي كان سائداً منذ أيام الجاهلية. وتحت هذا النظام كان العربي يتبنى ولد غيره فيقول له: " أنت ابني، أرثك وترثني ".
وكان يصبح هذا الولد بمثابة ابنه الحقيقي في الأمور كلها حتى فيما يتصل بتحريم علاقة الزواج وما كان لله سبحانه أن يبقيهم ويقرهم على مثل تلك العادات التي كانت سائدة في الجاهلية كنظام التبني. فأبطل الله سبحانه وتعالى هذا النظام كما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال:
" إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت زيد بن حارثة بن شرحبيل ".
وبعد أن طلق زيد زينب، أمر الله سبحانه رسوله أن يتزوجها لإبطال نظام التبني إبطالاً كاملاً.
ويشهد القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخشى من ألسنة الناس أن يقولوا: تزوج محمد امرأة ابنه فقد جاء في القرآن الكريم {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} ] سورة الأحزاب [.
ومع هذا الحكم القطعي نزلت آية أخرى تبين بوضوح أنه لن يأتي نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وهى:
{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}
وعلينا أن نتأمل الآن بهدوء:
أنه ليس هناك نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد صلى الله عليه وسلم يخشى من ألسنة الناس إذا تزوج امرأة متبناه لأنه أمر خطير جداً، فلا قدر الله إن لم يتمكن محمد صلى الله عليه وسلم وهو آخر الأنبياء من إبطال نظام التبني والقضاء عليه فمن ذا الذي يأتي بعده للقضاء على هذه البدعة؟.
8- السيدة: جويرية بنت الحارث - رضي الله عنها:
وكانت أرملة ماتع بن صفوان الذي كان من ألد أعداء الإسلام وأشدهم خصومة للرسول صلى الله عليه وسلم. كان قد قتل يوم المريسيع خلاله غزوة بني المصطلق وتركها فوقعت أسيرة في يد المسلمين، وهي أيضا بنت الحارث بن ضرار سيد بني المصطلق الذين كانوا يتآمرون على المسلمين وأحيانا يغيرون عليهم ويوقعون بهم الضرر.
وقد ورد في صحيح البخاري عن عائشة- رضي الله عنها تعالى- أنها قالت:
"أصاب رسول الله خير نساء بني المصطلق، فأخرج الخمس منه ثم قسمه بين الناس، فأعطى الفرس سهمين والرجل سهما، فوقعت (جويرية بنت الحارث) في سهم ثابت بن قيس، فجاءت إلى الرسول فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه، وقد أصابني من الأمر ما قد علمت، وقد كاتبني ثابت على تسع أواق، فأعني على فكاكي، فقال عليه السلام: "أو خير من ذلك؟ ". فقالت: ما هو؟. فقال: "أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك". فقالت: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله: "قد فعلت".
فلما علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا قالوا: "أصهار رسول الله يسترقون؟ ". فأعتقوا ما كان في أيديهم من سبي بني المصطلق، فبلغ عتقهم مائة بيت بزواجه عليه السلام بنت سيد بني المصطلق.
ولم يسع لبني المصطلق بعد إطلاق سراحهم والإحسان عليهم من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين إلا أن يسلموا ويتخلصوا من حقدهم على الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم ويقلعوا عن جرائم قطع الطريق والغارات التي كانوا يشنونها على ديار المسلمين (كانت هذه القبيلة من قطاع الطريق) . وقد ورد في بعض الروايات أنه وصل أبو السيدة جويرية لعتقها من الأسر قبل
زواجها بالرسول صلى الله عليه وسلم وأراد أن يأخذها معه ويدفع تسع أوقيات من عنده وهنا ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأمر للسيدة جويرية أن تختار بين أمرين.
(1) إما أن تذهب إلى قبيلتها مع أبيها.
(2) وإما أن تسلم وتختار الزواج بالرسول صلى الله عليه وسلم فاختارت الإسلام والزواج بالرسول صلى الله عليه وسلم على الكفر والرجوع إلى أهلها وقبيلتها.
فكان هذا الزواج بركة عليها وعلى أهلها وقبيلتها لأنه كان سببا لإسلامهم وعتقهم وترك أعمال قطع الطريق، فقال الناس: "إن جويرية أيمن امرأة على قومهَا".
من هنا نرى أن هذا الزواج كان ميمونا على بني المصطلق لأنه استبدل عداوتهم للإسلام إلى حبهم لله والرسول والإسلام وهو مبارك على المسلمين أيضا لأنه خلصهم من غَارات بني المصطلق ومؤامراتهم وبدأ بنو المصطلق يساعدون المسلمين ويجاهدون في سبيل الله.
9- السيدة: أم حبيبة- رضي الله عنها:
وهي بنت أبي سفيان الذي كان في جاهليته (ألد أعداء الإسلام بعد أبي جهل) وكانت قد أسلمت وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش فرارا بدينها، ومات زوجها في الحبشة فأصبحت وحيدة ليس لها كفيل ولا معين، إن هي عادت إلى أبيها في مكة المكرمة فالنتيجة واضحة، ستجبر على الرجوع إلى الكفر قهرا وإلا عذبت عذابا شديداً، أما في المدينة المنورة فليس لها من يكفلها ويرعاها.
فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بوفاة زوجها، خطبها وأرسل إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه إياها، فلما علمت السيدة أم حبيبة بما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فرحت وسرت سرورا عظيما ووافقت على هذا الزواج، فزوجها النجاشي بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصدقها عنه أربعمائة دينار مع هدايا أخرى ثمينة وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة فوصلت في سنة سبع من الهجرة إلى المدينة المنورة، وكان عمرها حينئذ سبعاً وثلاثين سنة، ولما علم أبو سفيان بهذا الزواج أقره وقالت: "هو الفحل لا يقدع أنفه". ونرى حكمة بالغة وراء هذا الزواج وهي تأليف قلب أبي سفيان وقومه فصار هذا الزواج سبباً لتخفيف الأذى عن المسلمين في مكة المكرمة وأصبح أكثر ميلا إلى الصلح، فنراه قادما إلى المدينة المنورة لتجديد الصلح ويزور ابنته في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم والابنة تقنعه أنه لا كرامة لأي إنسان إلا بالإسلام وإن كان والدها، فمن الواقع أن أبا سفيان ما جاء غازيا ضد أهل المدينة بعد هذا الزواج.
10-السيدة: صفية -رضي الله عنها:
وكانت سيدة بني قريظة وأيضا سيدة بني النضير وهما قبيلتان من اليهود عقدتا صلحاً مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين ثم نقضتا العهد غدرا وخيانة. والسيدة صفية ابنة حيي بن أخطب الذي كان سيد بني قريظة ومن ناحية الأم هي ابنة صيمويل الذي كان سيد بني النضير. وكانت السيدة (صفية) قد أسرت بعد مقتل زوجها في غزوة خيبر وروي أنها - رضي الله عنها - لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "لم يزل أبوك من أشد اليهود عداوة لي حتى قتله الله". فقالت: "يا رسول الله إن الله يقول في كتابه: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ".
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "اختاري فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك"، فقالت: "يا رسول الله لقد هويت الإسلام، وصدقت بك قبل أن تدعوني إلى رحلك ومالي في اليهودية أرب، ومالي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام فالله ورسوله أحب إلي من العتق، وأن أرجع إلى قومي". فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه. ونرى كثيراً من اليهود أسلموا بعد هذا الزواج، ولا نراهم يتآمرون ويؤلبون قبائل العرب ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده.
11- السيدة: ميمونة -رضي الله عنها:
كانت السيدة (ميمونة) قد تزوجت مرتين قبل زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم ومات زوجها الثاني (أرحم بن عبد العزى) في السنة السابعة من الهجرة، وهي أيضا أخت أم المؤمنين (زينب بنت خزيمة) من ناحية الأم. وكان في هذا الزواج مصلحة كبيرة لأن السيدة ميمونة كانت أخت زوج سيد بعض قبائل عربية تآمرت على الإسلام والمسلمين إذ طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرسل سبعين من الفقهاء ليعلموهم الدين وما لبثوا أن غدروا بهؤلاء المبعوثين فقتلوهم عن بكرة أبيهم، واستمروا على عدائهم، حتى أن تمت مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم لسيدهم بزواجه ميمونة - ضي الله عنها - وجدير بالذكر أن نقف برهة لنميز بين هذا النوع من الزواج بين ملوك وأباطرة العالم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن مثل هذه الزيجات كانت معروفة لدى أباطرة العالم بمصاهرة أعدائهم إتقاء شرهم ولكسبهم إلى صفوفهم أو ضمان حيادهم على أقل تقدير ويكون الإصهار دائما في جانب قوي. لا يتمكن الصهر من كسر شوكتهم ... أما الرسول عليه الصلاة والسلام فلم يكن زواجه من هذا القبيل وإن اتفق في النهاية بمصاهرة أقوام ناصبوه العداء فمصاهرته لم تكن خاضعة للمفاوضات والمبادلات، ولكنه مصاهر بعد كسر
مزاعم أعداء الإسلام ودفعها:
يزعم أعداء الإسلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عدد زوجاته لإشباع رغباته، وفيما سبق أشرت بإيجاز إلى الظروف والملابسات التي أدت إلى كل زيجة من زيجات النبي صلى الله عليه وسلم ومنها يمكن أن يرد على أولئك الأعداء فيما يزعمون من جهة، ومن جهة أخرى لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما يزعمون لما ظل وفيا لخديجة -رضي الله عنها- التي كانت قد بلغت الخامسة والستين من العمر وهو ما يزال في الخمسين من عمره، فكيف يقنع بامرأة متقدمة في السن تكبره خمس عشرة سنة ولا يختار امرأة أخرى حتى توفيت وهي في الخامسة والستين من عمرها، فهل يمكن لرجل شهواني أن يصبر على شهوته إلى هذا الحد حتى يهرم ويصير شيخا كبيراً؟.
فضلا عن ذلك، فإن قريشا عرضت عليه صلى الله عليه وسلم أن ينصبوه ملكا عليهم، وأن يزوجوه أجمل النساء على أن يترك دعوته ولو كان كما يزعم أعداء الإسلام لرحب بهذا العرض، واختار لنفسه إحدى الشابات الجميلات.
ولكنه عاش حياة البساطة والتقشف رغم أن الله تعالى يسر للمسلمين غنائم كثيرة.
المصالح والغايات وراء تعدد الزوجات:
وهي خمسة أقسام:-
(أ) المصالح التعليمية.
(ب) . المصالح التشريعية
(ج) .المصالح الاجتماعية
(د) المصالح السياسية.
(ر) .المصالح الشخصية
والآن لنتناول بإيجاز كل من هذه المصالح الخمس:
أ - المصالح التعليمية: المرأة كما هو معروف نصف المجتمع لذلك كان لابد للنبي صلى الله عليه وسلم أن يهيئ معلمات ومفتيات لتبصير نساء المسلمين بأمور دينهن.
فهذه هي الحكمة الأساسية وراء تعدد الزوجات، وقد عرفنا أن السيدة عائشة ظلت تدرس وتبلغ تعاليم الإسلام وتفتي في الكثير من المسائل الهامة ثماني وأربعين سنة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وانتقل ربع الأحكام الشرعية إلى الأمة الإسلامية من خلال توجيهاتها ومساعيها، ومن هنا تتضح لنا المصلحة وراء زواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة وهي صغيرة السن.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم (أشد حياء من العذراء في خدرها) وهكذا يكون الأنبياء فما كان يمكنه أن يرد على كل سؤال يوجه إليه من جانب النساء بكل صراحة فكان يجيب بأسلوب الكناية أو يستعين بإحدى أزواجه صلى الله عليه وسلم، ومن رواية السيدة عائشة -رضي الله عنها - أن امرأة من الأنصار، سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الغسل من المحيض فعلمها النبي صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل، ثم قال لها: "خذي فرصة ممسكة (أي قطعة من القطن بها أثر الطيب) فتطهري بها"، قالت: "كيف أتطهر بها"، قال: "تطهري بها"، قالت: "كيف يا رسول الله أتطهر بها؟ ". فقال لها: "سبحان الله تطهري بها"، قالت: السيدة عائشة: "فاجتذبتها من يدها فقلت ضعيها في مكان كذا وكذا، وتتبعي بها أثر الدم".
وهكذا كان هناك الكثير من الأسئلة المحرجة لاسيما عن أحكام الحيض والنفاس والجنابة فكانت تجيب عنها زوجاته الطاهرات في أكثر الأحيان في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم والسنة المطهرة بعد القرآن الكريم هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام وتشتمل على أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأعماله وتقريره ولا يمكن لأحد أن يعرف ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو عمل أو تقرير إلا أن يكون معه في جميع الأوقات حتى خلال أوقات فراغه متابعاً لكافةحالات فرحه وغضبه ويسره وعسره ويصاحبه في كل أمور حياته مهما كانت هامة أو بسيطة، عامة أو شخصية.
وهذا الشرف لم يقدره الله سبحانه وتعالى إلا لزوجاته صلى الله عليه وسلم اللاتي ظللن يصحبنه طوال حياته إلى لحظة انتقاله إلى الرفيق الأعلى. فلهذا نرى أن كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يستفتون أمهات المؤمنين -رضوان الله تعالى عليهن أجمعين- فيما يعن من أمور هامة في حياة المسلمين العامة والخاصة.
ويقول الإمام الزهري التابعي: "كانت عائشة أعلم الناس يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم". (طبقات ابن سعد: ج 2: قسم 2: ص 26) .
ب- المصالح التشريعية: كما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحقيق بعض الغايات التشريعية ومنها إبطال بعض العادات التي سادت زمن الجاهلية مثل التبني والتآخي.
كان بعض الناس من العرب يقول للآخر: "أنت ابني" فكان يتخذه ابنا حقيقيا فكان له حكم الأبناء من النسب في جميع الأحوال، في الزواج والطلاق ومحرمات النكاح ومحرمات المصاهرة والميراث.
وكذلك كان بعض الناس يقول للآخر: "أنت أخي" فكان يتخذه أخاً حقيقيا بنفس الطريقة وكان يحل له كل ما يحل للأخ الحقيقي ويحرم عليه كل ما يحرم على الأخ الحقيقي أيضا.
فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم عادة التبني بزواجه بمطلقة متبناه زيد وهي أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش. الحق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخشى أيضا من ألسنة الناس ويتردد في هذا الزواج فنزلت الآية: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} . فالنقطة الهامة أنه ما كان لأي إنسان غير النبي يستطيع أن يبطل عادة التبني إذا لم يبطلها النبي صلى الله عليه وسلم لخشيته من الناس. ففرض الله على النبي صلى الله عليه وسلم هذا الزواج ليبطل نظام التبني.
وبالمثل فقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم عادة التآخي بزواجه بأم المؤمنين السيدة عائشة لأنها ابنة أخيه في الإسلام سيدنا أبي بكر الصديق. وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق أن ذكرنا "أنت أخي في الإسلام" ولا يعني هذا أنك أخي من ناحية النسب. ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التآخي في الإسلام والأخوة على أساس النسب.
ج- المصالح الاجتماعية: حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يربط أهم وأبرز أعضاء الأمة الإسلامية بعضهم ببعض عن طريق المصاهرة فمثلا زواجه بالسيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق والسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب جاء تتويجا للوشائج الوثيقة التي ربطت بينه وبين أهم وأعظم أصحابه وهما سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر بن الخطاب اللذان أسديا خدمات جليلة للإسلام والمسلمين وقد تقلد كل منهما أمور المسلمين بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ومن ناحية أخرى فقد زوج الرسول صلى الله عليه وسلم بعض بناته بسيدنا عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب وقربهما إليه وقد كان هذا حافزا لهما بالتضحية في سبيل الله بكل شيء. وهكذا صار سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا علي من أعاظم الرجال وأتقاهم وأقربهم إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم.
د- المصالح السياسية: ونرى الكثير من المصالح السياسية التي تحققت من وراء زيجات النبي صلى الله عليه وسلم فمثلا زواجه بالسيدة جويرية بنت سيد بني المصطلق، وعتق أسرى بني المصطلق فأسلموا وتخلوا عن أعمال قطع الطريق وغاراتهم التي كانوا يشنونها ضد المسلمين ولا نرى أية مؤامرة يحيكها بنو المصطلق ضد المسلمين بعد هذا الزواج.
وهكذا زواجه بالسيدة صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني قريظة قد خفف بل قضى على موقف العداء الذي وقفه اليهود ضد الإسلام ووضع حداً لمؤامرتهم ضد النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا الزواج. وهكذا زواجه بالسيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان سيد قريش، فنرى أبا سفيان الذي كان ألد أعداء الإسلام قبل إسلامه، خفيفا غير ممعن في عداوته ضد الإسلام حتى جاء إلى المدينة المنورة يلتمس تجديد عقد صلح الحديبية ولا نراه يأتي غازيا إلى المدينة المنورة بأحزابه بعد هذا الزواج.
وزواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة ميمونة أخت زوج سيد بعض قبائل سعت فسادا في الأرض واغتالت سبعين من كبار الصحابة بالمكر والخديعة، كان له أثر بالغ في تلطيف مخاصمة هذه القبائل للمسلمين.
ر- المصالح الإنسانية: وهناك المصالح الإنسانية أيضا وراء بعض زيجاته صلى الله عليه وسلم، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض النساء رأفة بهن بسبب ظروفهن الخاصة، وكانت هناك بعض النساء العجائز اللاتي مات عنهن أزواجهن فلم يبق لهن سند أو معين في الحياة أو هناك الأمهات اللاتي افتقدن الكفيل لهن ولأطفالهن، وكانت هناك بعض الأرامل اللاتي لو رجعن إلى أهلهن لعذبن عذاباً شديدا ولفتن فتونا كبيراً، فتزوجهن رسول الله صلى الله عليه وسلم صيانة لهن ورعاية
لإنسانيتهن فمنهن السيدة
سودة -رضي الله عنها- (عمرها 55 سنة وقت الزواج) . والسيدة زينب بنت خزيمة (كان عمرها 65 سنة حينئذ) . والسيدة أم سلمة - رضي الله عنها - (كان عمرها حوالي 60 سنة حينئذ) .
فما رأي الأفاكين والمغرضين من المستشرقين في زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بهؤلاء النسوة؟، هل تمت هذه الزيجات بدافع الأنانية كما يزعمون أو هو منتهى الإيثار
والتضحية وتكريم الإنسانية؟.

إذا كان ذهن ومستوى فكر بعض الناس أضيق من أن يتصور حقيقة الكرامة والشرف للإنسان فما هو ذنب أهل الكرامة والشرف؟. وما على هؤلاء الناس إلا أن يعالجوا أذهانهم ومستوى فكرهم ويوسعوا أفق تصورهم. إنما الحق أن زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم كلها تدل على نبوته ورسالته وهي دلائل قاطعة وبراهين ساطعة على أنه لم يأت ولن يأتي رجل مثل النبي صلى الله عليه وسلم الذي ضحى بكل ما يملك مرضاة لله سبحانه ثم حباً للإنسانية.
إن الرجل هو في الحقيقة أنقى وأطهر الناس في العالم بدليل أنه لا يختار لنفسه إلا الأرامل والعجائز والوحيدات اللاتي فقدن كل سند ومعين في الحياة.
والسيدة عائشة هي الوحيدة بين كل أمهات المؤمنين التي كانت بكراً، وأما الأخريات فهن كلهن أرامل ومسنات - هل هذه شهوانية وأنانية أم هذه قمة الإنسانية؟. والأمر الهام جدا أن نرى هذه الزيجات في إطار الظروف والملابسات التي أحاطت الرسول الداعي إلى الإسلام وإمام الإنسانية، ما الذي كان يناسبه لنشر دعوته إلى الناس جميعا، فمنهم الرجال والنساء، ومنهم أصحابه وأعداؤه ومنهم قبائل العرب ودول العجم وقد أرسله الله رسولا إلى الناس كافة فكان عليه أن يؤم الحركة الإسلامية ويبلغ الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة، ويعطيها نفوذاً وقوة في كل مجال وفي كل ناحية. فإذا نظرنا إلى زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الناحية نرى أنها أمر لابد منه وهكذا سنة النبيين جميعاً.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين....

الشاعر عامر العمار