تتمتع عُمان بموقع جغرافي مهم؛ نظرا لموقعها في أقصى جنوب شرق الجزيرة العربية، حيث تطل على كل من خليج عُمان وبحر العرب المتصل بالمحيط الهندي، أما من الشمال فتتحكم عُمان في مضيق هرمز الذي يعتبر مدخلا للخليج العربي هذا فضلا عن كونه الممر المائي الوحيد الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي، ويمكن القول بأن الموقع الجغرافي لعمان له دور كبير في تفوق عُمان البحري الأمر الذي جعل عُمان أهم قوة بحرية في المنطقة، وقد انعكست أهمية هذا الموقع على سير الأحداث التاريخية التي شهدتها المنطقة فعلى الرغم من وجود السلاسل الجبلية الموازية لسواحل عُمان التي تشكل نوعا من العزلة بين الساحل والداخل، إلا أن عُمان استطاعت أن تكون علاقات حضارية مع العالم الخارجي، كما استطاعت أن تكون أسطولا بحريا أصبحت عُمان بفضله سيدة البحار، الأمر الذي جعل من عُمان دولة بحرية لها دور تجاري وسياسي مهم في تاريخ الخليج العربي والعالم .
ونظراً لأهمية موقع عُمان فإنه يمكن القول بأن تاريخ عُمان يحتل مكانة كبيرة في تاريخ العالم بصفة عامة وتاريخ الخليج بصفة خاصة بسبب كثرة الحروب والصراعات في المنطقة، مما جعل عُمان محط أنظار العديد من القوى الاستعمارية الأمر الذي حتم على عُمان أن تكون دولة غير منعزلة،وتربطها العديد من الصلات بالقوى العربية والإسلامية والعالمية على اختلاف مراحلها التاريخية، وقد دفع هذا لإقامة علاقات مع الدولة العثمانية .


تناولت هذه الدراسة العلاقات التجاريةوالمؤثرات الحضارية بين عُمان والدولة العثمانية، وفيها استعراض لأهم الموانئ التي كانت تمثل محطات ترسو فيها السفن والطرق التجارية المتبعة بين البلدين واهم الصادرات والواردات المتبادلة بين البلدين، كما تناولت هذا الدراسة دراسة لأشهر الحمامات التركية داخل القصور العمانية، ونظام الحريم في القصور العثمانية ومقارنتها بقصور السيد سعيد في عُمان، وهو من النظم الاجتماعية الحديثةعلى المجتمع العماني آنذاك .

تناولت الدراسة أيضا أهم الألقاب المستخدمة والعملات الرائج تداولها بين البلدين :


التجارة:
كان تدهور الأسطول الفارسي أيام نادر شاه وتقليص النفوذ البحري البرتغالي، أمرا فتح المجال والفرصة أمام العمانيين للاستثمارات التجارية والبحرية .
ويمكن القول انه على الرغم من حالة الركود الاقتصادي التي سادت المناطق المجاورة لعمان في أواخر القرن 18 م إلا أن التجارة في مسقط بقيت مزدهرة .
وبالرغم من الاضطرابات السياسية التي عكرت صفو الدولة البوسعيدية إلا أن الاقتصاد العماني تميز بالازدهار والانتعاش، وهذا يرجع إلى عدة عوامل أهمها نشاط الملاحين العمانيين الذين كانت أساطيلهم تجوب البحار، وقد استفادوا من تدهور نشاط الموانئ الإيرانية لدعم ميناء مسقط باعتباره المركز الأول للتجارة في الخليج، كما كان لنجاح حكام مسقط في استغلال موارد الدولة لتنشيط الملاحة والتجارة مع الخليج أثر كبير في ازدهار التجارة العمانية(٣) . ونتيجة للمكانة التي وصلت لها مسقط في مضمار التجارة أعطى السيد سلطان بن أحمد نفسه الحق في حماية الملاحة في الخليج، وفرض على السفن التجارية أن تزور مسقط أولا قبل توجهها شمالاً نحو الخليج .
ويمكن القول أن عُمان أصبحت في الربع الأخير من القرن الثامن عشر معبرا للتجارة
فأصبحت عام 1970م الموزع الوحيد للسكر في الخليج والمشرق العربي في نفس الوقت فقد كانت توزع نصف إنتاج اليمن من القهوة .
ونتيجة لذلك كان الازدهار التجاري والموقع الجغرافي لعمان حلقة اتصال بين كثير من مناطق العالم . فمن الأرجح أن هذه العوامل من أهم العوامل التي ساعدت عُمان بان ترتبط بعلاقات تجارية مع مجموعة من الدول ومن ضمنها الدولة العثمانية . ورغم ندرة الوثائق التي تناولت العلاقات التجارية بين عُمان والدولة العثمانية في فترة الدراسة فإننا سنحاول رصد بعض مظاهر العلاقات التجارية بين البلدين . فقد كانت هناك علاقة تجارية ملموسة بين البلدين، ففي عهد الإمام أحمد بن سعيد كانت معظم تجارة عُمان تتم مع العراق العثمانية .
ولما كان للسيد سلطان بن احمد علاقات تجارية واسعة مع العراق العثمانية فقد تحتم لدعم الازدهار التجاري العماني في عهده عقد اتفاقية تجارية مع السلطات الحاكمة في البصرة بخصوص عملية التبادل التجاري لبضائع البلدين بضريبة استيراد مخفضة قدرها ٣٪ من ثمن التكلفة .
كما ارتبطت عُمان بعلاقات تجارية مع مصر العثمانية، ففي أثناء حملة نابليون على مصر رأى نابليون بنفسه السفن التجارية العمانية التي تعبر ميناء السويس عندما كان في زيارة لذلك الميناء .
ولذلك أرسل نابليون إلى السيد سلطان بن احمد عام 1971م يخبره فيها بأن الطريق بين السويس والقاهرة أصبحت آمنة ومفتوحة، وباستطاعة التجار العمانيين أن يرسلوا بضائعهم إلى السويس ويتاجرون بها من دون خوف أو رهبة أو تردد ويحصلون مقابل ذلك على ما يشتهون من المواد والسلع .
كما كان للسيد سعيد أسواق تجارية لمنتجات سلطنته في مصر العثمانية بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من تجار مصر العثمانية كانوا يمارسون أنشطة تجارية هائلة في مسقط .
هذا فضلا عن علاقات عُمان التجارية مباشرة مع تركيا العثمانية، فقد لاحظ الرحالة الأمريكي لوكر Locker حين زار مسقط، بأن أسواق مسقط مقسمة إلى مجموعة من المخازن والأقسام . وقد رأى لوكر بأن سوق مسقط يوجد به مخزن كبير يديره شخص تركي، وكان هذا الشخص يرتدي ثوبا أنيقا فضفاضا وله أكمام عريضة وعلى رأسه طربوش أحمر لفت حوله قطعة قماش بيضاء مطرزة ووجد إلى جانبه شخص تركي آخر يبيع القماش، وكان يدخن الغليون ويعرض بضاعة تتمثل في أقمشة من الكتان والقطن وملابس أخرى صوفية وحريرية مصنوعة من المخمل وصوفية، وهي أقمشة غالية الثمن وقد أعجب لوكر بالتجار الأتراك في مسقط حيث انهم يعاملون زبائنهم بكل أدب واحترام(١١)، وهذا يدل بوضوح على العلاقات التجارية المباشرة بين عُمان وتركيا .

وارتبطت عُمان بعلاقات تجارية مع الحجاز العثمانية، فقد كانت القوات العثمانية الموجودة في الحجاز تستورد الغلال من جهة مسقط ومن ثم تنقلها إلى جده لتقوم ببيعها هناك، حيث ان الغلال التي كانت ترسل إلى الحجاز من القصيم في إقليم نجد كانت مكلفة جدا بالنسبة للعثمانيين . وكانت الغلال من مسقط تنقل من هناك إلى جدة ويتحمل العثمانيون كلفة النقل عن طريق السفن، ثم يتم نقلها من جدة إلى الجهات التي تتواجد فيها القوات العثمانية المتمثلة في قوات محمد علي باشا، حيث يقوم العثمانيون أيضا بدفع التكلفة، هذا فضلا عن التكاليف التي تقع أثناء عمليات النقل فهي عملية مكلفة جدا لهم . ولذلك وجدوا بأن نقلها عن طريق مسقط أقل تكلفة من المصاريف التي كانت تنقل عن طريق القصيم، كما أنها سهلة النقل وقد ذكر الجناب العالي عندما أرسل إلى أحمد باشا بأن جهات مسقط والبصرة لهم سفن تجارية كثيرة وأن أهلها رجال عمل يعرفون كيف يؤدون أعمالهم، وأمره أن يرسل كتابا إلى الإمام سعيد بن سلطان ليخبره بذلك من أجل تسهيل عمليات نقل الغلال من مسقط إلى الحجاز


وكان ابرز الموانئ التى كان تقوم فيها التجارة بين البلدين هى:-
( ميناء مسقط _ ميناء صور_ ميناء جدة_ميناءا الحديدة ومخاعلى سواحل البحر الاحمر_ميناء البصرة ).
ويمكن أن نستعرض أهم الصادرات والواردات المتبادلة بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية فيما يلي:
أولا: الصادرات:
تعددت الصادرات التي كانت السفن العمانية تنقلها إلى مناطق الدولة العثمانية، إلا أن أشهر تلك الصادرات كان البن اليمني، وقد كان أسطول البن أهم حدث في تاريخ العراق التركي .
فقد كانت السفن العمانية ترتاد جميع الموانئ الواقعة بين ميناءي جدة والبصرة، فميناء البصرة وحده كان يستقبل من سفنهم الصغيرة المسماة بالترانكي حوالي 50 سفينة سنوياً .
وقد كانت السلطات العثمانية باسم السلطان العثماني تمنح أساطيل البن العماني بعض الامتيازات، فعندما أرسل الإمام أحمد بن سعيد أسطوله لمساعدة البصرة العثمانية والحصار المفروض عليها من قبل الفرس عام 1775م، أصدر السلطان العثماني فرمانًا يعطي الحق للتجار العمانيين بحرية التجارة مع العراق التركي ورفع الرسوم المفروضة على البن.
وفي عام 1788م استطاع باشا بغداد أن يسدد ما عليه من ديون EIC 4، وسدد أيضا ما عليه من ضرائب للرسوم الجمركية الخاصة بتجارة البن، وهكذا فإن هذا ابعد اهتمام البريطانيين عن القهوة المستوردة من البصرة للعمانيين . وُيذكر بأن السيد طالب بن الإمام أحمد بن سعيد كان مسؤولاً عن تجارة القهوة والدخل الآتي من صور الذي يعتبر المركز الرئيسي والميناء الأساسي لاستجلاب القهوة .

ويذكر في التقرير المقدم إلى شركة الهند الشرقية الإنجليزية عام 1970م من قبل صموئيل ماستي وهاررفرد جونز، والخاص بالتجارة بين الهند والخليج، بأن البن الذي يستورده العمانيون يقارب نصف الكمية المنتجة سنوياً في اليمن كلها، كما أنه يكفي لسد احتياجات الطلب عليها من سوريا العثمانية والقسم الأوروبي من الدولة العثمانية والجزيرة العربية وأوروبا وغيرها من المناطق . وشملت الصادرات العمانية إلى المناطق العثمانية الرقيق، فمن المعروف أن إفريقيا الشرقية تعتبر المصدر الرئيسي لتجارة الرقيق في الخليج العربي الذي تمر منه تلك التجارة إلى الأسواق الشرقية من شبه الجزيرة العربية والعراق وفارس والهند .
ويشير Landen بأن مسقط كانت سوقاً رائجة لتجارة الرقيق في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي وكانت تقوم بتصديرهم إلى مناطق الخليج والعراق العثمانية والبصرة بالتحديد .
وشملت الصادرات العمانية إلى المناطق العثمانية أيضا الصمغ والعقاقير العربية التي كانت تصل إلى البصرة العثمانية، وكان الصمغ والعقاقير العربية تحتكرها السفن العمانية،
وكانت العقاقير تجد طريقها إلى مصر العثمانية وخاصة ميناء الإسكندرية ثم يعاد تصديرها من جديد إلى مناطق أخرى.
كما قام العمانيون بتصدير السكر المستورد من بتافيا، فكان يصدر إلى أرمينيا والمناطق العثمانية كبلاد ما وراء النهرين والأناضول والجزيرة العربية .
ثانياً : الـــــواردات:
وقد استورد العمانيون من أنحاء الدولة العثمانية العديد من المنتجات فقد كانت أساطيلهم تجلب التمور من العراق ثم تعيد تصديرها من جديد إلى موانئ البحر الأحمر وشرق إفريقيا، كما كانت تقوم باستيراد النحاس من العراق والعفص الجوزي والتبغ والآلات الوترية وأقلام القصب والخيول، كما تشير السيدة سالمة إلى الأسلحة التركية التي كانت تُجلب إلى منازلهم وتعلق على جدرانها كنوع من أنواع الزينة .


ومن المؤثرات الحضارية التي سادت في المجتمعات العمانية هي الحمامات التركية:
يقول ابن خلدون: #الحمامات إنما توجد في الأمصار المستحضرة المستبحرة العمران لما يدعو إليه الترف والغنى من التنعم ولذلك لا تكون في المدن المتوسطة .
وتعتبر الحمامات من الأبنية العامة التي أقيمت في المدن الإسلامية منذ الأيام الأولى للفتح الإسلامي، ولم تظهر هذه الحمامات كدليل على الترف والغنى والحضارة، بل ظهرت لحاجه ضرورية أوجبتها فريضة الاغتسال في الإسلام، وشملت الحمامات كلاً من الرجال والنساء دون تفريق، ولم يقتصر دور الحمَام على الخدمات الوظيفية بل تعداها ليحتل مركزاً رئيساً على الأصعدة الدينية والاجتماعية والفنية والأدبية . ولم تكن الحمامات أقل أهمية من المساجد والمكتبات والأسواق بل كانت مثلها أهمية .
وانتشرت هذه الحمامات في المدن الإسلامية ففي الفسطاط أقام عمرو بن العاص حماما اسمه حمام الفأر .
كما كانت دمشق يوجد بها حوالي 52 حماماً في القرن الثاني عشر الميلادي، وفاس كان بها 100 حمام في القرن السادس عشر الميلادي .
ويتكون الحمام من قسمين متلاصقين منفصلين استخداما واستعمالا ولكل منهما مدخله الخاص؛ أحد هذين القسمين هو الحمام نفسه وهو المكان الذي يأويه المستحمون، والثاني يستخدم للخدمات التقنية والتشغيل، وتوجد داخل الحمام المياه الباردة والحارة حيث تندفع منه لتتوزع داخل الحمام بواسطة سواق أو أقنيه فخارية أو رخامية أو رصاصية أو خشبية .
ولما كانت الدولة العثمانية تمثل الخلافة الإسلامية فقد اهتمت بالعمارة والبناء واهتمت بالحمامات التي كانت امتدادا للدولة الإسلامية . فقد كان الولاة العثمانيون الذين تم تعيينهم من قبل الدولة ولهم السلطات الإدارية والمالية يهتمون بالبناء والتعمير، إلا أن ما شيدوه من مبانٍ دينية ومدنية كان مستواها أقل بدرجة واضحة من المستوى الذي كانت عليه العمائر في اسطنبول .
وازدهرت الحمامات التركية في اسطنبول في القرن الثامن عشر وكانت ذات طراز معماري هائل .

ومن الملاحظ بأن الحمام التركي الموجود في بيت المتوني قد صمم على نفس نمط الحمامات التركية المنتشرة في المناطق العثمانية، فعلى سبيل المثال نجد أن هذا الحمام شبيه جداً بحمام الماء الساخنة القديم الموجود في بورصة، حيث أن هذا الحمام تتخلله الأعمدة والعقود المستديرة كما يحتوي قبابا تغطيه، ويوجد في القبة نافذة تسمح بدخول الضوء ليلا ونهارا، كما هو الحال في الغطاء الزجاجي الموجود في حمامات بيت المتوني لنفس الغرض . كما يتميز حمام بيت المتوني بنظام الازدواجية لكونه يجمع خدمات كاملة لراحة الرجال وخدمات كاملة لراحة النساء، وهو نمط سائد في جميع الحمامات التركية، كما هو الحال في حمام محمود باشا الموجود في استانبول الذي بني خصيصاً ليكون حماماً مزدوجاً وهي لا تختلف عن الحمامات الإسلامية في طرازها، كما يخلو حمام بيت المتوني من الصور وذلك لاستخدم بعض غرف الحمام لأغراض الصلاة، وهو يتشابه مع الحمامات التركية التي تستبدل فيها الصور بالأشكال الهندسية
نظام الحريم فـي البلاط
السلطاني العثماني والعُماني ونفوذ المرأة:
أولاً- حريم السلطان:
الحريم اصطلاح تاريخي معروف منذ القدم في العالم الإسلامي وقد خصص قسم منه لإقامة النسوة وحدهن في السرايا، أو البيوت، وتسلسل مراتب الحريم داخل القصر، وكانت الأجنحة التي تقيم فيها الحريم عبارة عن مبان مستقلة تسمى دائرة، فهناك دائرة إقامة والدة السلطان وأخرى لزوجاته وثالثة للأمراء والأميرات والجواري، وكانت كل فئة تأخذ مكانها داخل الحريم ضمن ترتيب محدد، وتسمى أسرة السلطان بسيدات الفئة الأولى وهي تشمل كلاً من والدة السلطان وزوجاته وبناته، ثم بعد ذلك الجواري كما يوجد داخل الحريم السلطاني جناح للخدم .
وكان السلاطين العثمانيون يكنون لأمهاتهم قدراً من التبجيل، وكان نفوذ والدة السلطان كبيراً يمتد إلى زوجاته وجواريه، وتعتبر من أكثر السيدات نفوذاً داخل قصور الحريم السلطاني يطلق عليها #سلطانة والدة«، وتصبح السلطانة منذ تولي ابنها السلطة أوسع السيدات نفوذاً داخل حرم السلطان . والغالب أن أمهات السلاطين كن يملكن أموالا وثروات طائلة تنفقهن على الأوقاف المختلفة في استانبول والحرمين الشريفين والقدس . تأتي في المرتبة الثانية من حيث النفوذ زوجات السلاطين حيث حظين بمكانة عالية داخل السرايا أو نظام الحريم، وقد تزوج السلاطين العثمانيون بنات حكام الدول المحيطة بهم من أجل تدعيم أسس الدولة العثمانية .

و كثيراً ما كانت تدار الفتن والمؤامرات من قبل زوجات السلطان اللائي هن من أمهات أبنائه، حيث أن كل أم أنجبت ولداً تسعى أن يكون ابنها ولياً للعهد، كما يرجع لهذه الزوجات السبب الأكبر في وجود النزاع والخلاف والتآمر بين السلطان وبين أبنائه الذين أنجبهم من سيدة أخرى والذين حرموا من وراثة العرش.
و نظام الحريم كما هو معروف عند العثمانيين عرف أيضا داخل قصور السيد سعيد بن سلطان في مسقط وفي زنجبار . وكان نظام الحريم داخل قصور السيد سعيد يضم والدة السلطان وزوجته وأبناءه وبناته والجواري والخدم، فعندما زارت نوستيز مسقط مع زوجها الدكتور هيلفر عام 1836م، أعطت وصفاً دقيقاً لقصر السلطان وما فيه، فقد ذكرت نوستيز أنها عند دخولها قصر السلطان سعيد بمسقط وجدت به عدداً كبيرًا من الجواري وزوجته ووالدة السلطان وبناته وأخواته .
وقد وصفت نوستيز والدة السيد سعيد وهي السيدة غنية بنت سيف بن محمد بن سيف بن محمد بن خلف البوسعيدي، بأنها تجلس معتدلة أثناء الجلسة في أحد المقاعد بعيدة عن باقي النسوة وفي وضع يوحي بأنها السيدة الآمرة عليهن .
كما شاهدت السيدة والدة السلطان مشغولة في تطريز قطعة من القماش، وأخبرتها أنها تعلمت الخياطة والتطريز من السيدات الأوروبيات اللائي قمن بزيارتها.
وهذا دليل واضح نستنتجه بأن والدة السلطان كانت تقوم باستقبال زوجات الوفود الرسمية التي تفد إلى بلادها، مما يبرهن لنا عظم المكانة التي كانت تتمتع بها والدة السلطان داخل قصر الحريم .
كما شاهدت نوستينز دخول أحد الرقيق إلى قاعة والدة السلطان، وكان يحمل في يده رسالة فتقدم وانحنى بكل احترام ووضع الرسالة عند قدميها وهي عبارة عن رسالة من ابنها السيد سعيد بن سلطان، ويمكن أن نستنتج من هذا المشهد المكانة التي كانت السيدة والدة السيد سعيد تحظى بها حيث أن الرسالة لم تسلم إلى زوجة السلطان التي كانت داخل الجلسة بل سلمت إلى والدة السيد سعيد . ويذكر وولستد بأن السيد سعيد بن سلطان كان يزور والدته كل يوم ليتحسس رغباتها ويستجيب لها بكل طاعة وخضوع.

كما كانت زوجه السلطان سعيد وهي عزة بنت سيف بن الإمام أحمد البوسعيدي صاحبة النفوذ المطلق، داخل قصور السلطان فيذكر الفارسي بأن السيدة عزة بنت سيف كانت تقيم في بيت المتوني - القصر الخاص بالسيد سعيد بزنجبار - وكانت هي التي تقوم بإدارة هذا البيت، وكان لديها اعتزاز شديد بنفسها .
وتذكر السيدة سالمة بنت السيد سعيد بن سلطان بأن السيدة عزة بنت سيف زوجة والدها هي صاحبة الكلمة المطلقة في البيت، ولم يكن يجرؤ أحد على الاقتراب منها إن لم تشجعه بنفسها وكانت لا تسير دون حاشية وراءها . وكانت تتميز بمكانة عالية لدرجة أن جميع الأطفال والوصيفات يذهبون ليقدموا لها التحية كل صباح .
وقد تزوج السيد سعيد بأميرات فارسيات من أجل تدعيم علاقاته وتعزيزها مع ملوك فارس .
وكانت إحدى زوجاته هي حفيدة شاه إيران فتح علي شاه، والأخرى شهرزاد ميرا بن محمد شاه، وكانت قد قدمت إلى زنجبار ومعها حاشية ضخمة مكونة من 150 شخصا ورفضت ارتداء الحجاب، وكانت مغرمة بالصيد وركوب الخيل، وكانت تعيش حياة فاخرة في قصر السيد سعيد، حيث طلبت من السيد سعيد أن يقيم لها منزلاً بحمامات فارسية واصطبلات للخيول، وقد لبى لها السيد سعيد طلبها ولم ينجب السيد سعيد من كلتا الأميرتين، ولم يستمر زواج السيد سعيد منهما لفترة طويلة فذهبت الأولى إلى موطنها ولم تعد، وأرسل السيد سعيد إلى الثانية ورقة طلاقها بعد أن سافرت لزيارة أهلها في فارس .

الألــــقـــاب:
ظهرت مجموعة من الألقاب الدينية والسياسية في كلٍ من الدولة العثمانية والدولة العمانية، وقد كانت هذه الألقاب خاصة بالحكام وبعضها بعلماء الدين وبعضها بالوظائف الإدارية في الدولة، ويمكن أن نستعرض بعضاً من هذه الألقاب المستخدمة التي شاع تداولها في كل من الدولتين:-
١ . لقب سلطان:
تذكر بعض المصادر أن أور خان بن عثمان لقب نفسه بلقب السلطان وورثه من أبيه، وقد وجُد ذلك في نقوش في جامع بورصة الذي بناه أورخان بن عثمان عام 1334م حيث كتب على تلك النقوش #السلطان بن سلطان الغزاة«، ويرى سلاطين آل عثمان بأن السلطنة لا تكون إلا لمن كان له آباء سلاطين فيقول سليم الأول لطوطمان باي حينما قبض عليه وقبل شنقه: #السلطنة لا تكون ولا تليق إلا برجل يكون آباؤه وأجداده من سلاطين وأنت وقتاباي الذي هو أعظمكم والغوري ما أسماء آبائكم ومن أين لكم السلطنة« .
وقد اتخذ العثمانيون لأنفسهم لقب #سلطان البرين والبحرين« ويقصد بالبرين البر الآسيوي والأوروبي، أما البحرين فيقصد به البحر المتوسط والبحر الأسود.
وقد ظهرت بعض الألقاب المقترنة بلقب سلطان .
كما شاع استخدام لقب سلطان في عُمان أيضاً إلا أن العثمانيين حاولوا الاحتفاظ لأنفسهم بلقب سلطان، فخلال المراسلات المتبادلة بين السلاطين العثمانيين مع سلاطين وسادة عُمان نجد أن الأتراك العثمانيين فضلوا استخدام لقب إمام لحكام عُمان، لأنهم لا يعترفون بالسلطان وألقاب السلطان إلا لملوكهم من آل عثمان على الرغم من أن استخدام لقب سلطان في عُمان قد شاع في الأدبيات والكتابات والتقارير الأوروبية .
فهناك العديد من الوثائق المتبادلة بين سلاطين العثمانيين وحكام عُمان التي امتنع فيها العثمانيون عن استخدام لقب سلطان لحكام عُمان، فتذكر بعض الوثائق #صاحب مسقط والبعض الآخر إمام مسقط« ومن الغريب أنهم استخدموا هذه الألقاب حتى في عهد السيد سعيد الذي شاع في عصره استخدام لقب سلطان رسمياً.
ويذكر الشيخ منصور الذي كان طبيبا للسيد سعيد وقائداً لجيوشه، أنه اعتاد دائماً أن يخاطب السيد سعيد بلقب سلطان فيقول:
#اعتدت دائماً أن أخاطب عاهل مسقط بلقب السلطان كما كانت تفعل غالبية رعيته وكانوا قد توقفوا عن استعمال لقب إمام .
وقد ذكر الشيخ السالمي في تحفته لقب سلطان على بعض حكام عُمان فأطلق على السيد سعيد بن الإمام أحمد لقب سلطان فيقول #ذكر ناصر بن أبي نبهان أن السلطان سعيد مال إلى شف الهناوية«، كما أطلق الشيخ السالمي في تحفته أيضاً على السيد سعيد بن سلطان لقب سلطان فيقول #وأعد له السلطان سعيد بن سلطان الرجال للقتال .
ويذكر Kelly بأن لقب سلطان ورد للمرة الأولى في المعاهدة المعقودة بين مسقط وإنجلترا عام ٩٣٨١م، وكان ذلك بناء على اقتراح بالمر ستون وبسؤال الكابتن روبرت توجان أحد ضباط الأسطول الهندي عن مدى صحة هذا اللقب، فقال في رده على وزير الخارجية البريطاني أن اللقب الصحيح هو السلطان سعيد بن سلطان إمام عُمان .
وقد استخدم بعض المؤرخين في مؤلفاتهم لقب سلطان في ذكر حكام عُمان فاستخدم ويلسون في كتابه تاريخ الخليج لقب السلطان عندما تناول فترة السيد سلطان بن احمد فأطلق عليه لقب سلطان . ومن الأرجح أن الأوروبيين وقع لديهم لبس بين سلطان كلقب وسلطان كإسم، ويمكن القول أن اسم سلطان هو الذي فجر هذا اللقب #سلطان« وجعله متداولا لدى بعض المؤرخين .
ويذكر صاحب كتاب التحفة النبهانية لقب سلطان فيقول #سلطان مسقط«.
وقد استخدم في عُمان لقب إمام فقد تلقب الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية بهذا اللقب بعد أن انتخب إماماً على عُمان ، ثم انتقل هذا اللقب لابنه الإمام سعيد الذي ظل محتفظاً بلقب إمام حتى وفاته في عهد السيد سعيد بن سلطان، وكان الإمام سعيد بن أحمد هو آخر من تلقب بلقب إمام في القرن ٨١م .
٢-لقب الســيــد:
شاع استخدام لقب السيد لدى كل من عُمان والدولة العثمانية، إلا أن الاختلاف من حيث الفئة التي وجهت لها هذا اللقب في كلتا الدولتين . فقد اتخذ حمد بن سعيد بن الإمام أحمد لنفسه لقب سيد، بعد أن انتقل إلى مسقط وأصبح صاحب السلطة الشرعية في البلاد .
والجدير بالذكر أن السيد حمد هو أول من تلقب بلقب السيد لكونه حاكماً لمسقط نيابة عن والده الإمام سعيد بن الإمام احمد، وقد كان لاختيار السيد حمد لمسقط كمركز له أثر كبير في تسمية عُمان #مسقط وعُمان« وذلك لأن عاصمة والده الإمام كانت الرستاق بينما ظل السيد حمد حاكماً في مسقط، كما شاع استخدام لقب السيد لدى الدولة العثمانية فلقب السيد هو من الألقاب السلطانية فيقال أن السلطان السيد الأجل .
كما استخدم لقب السيدة للنساء في كل من عُمان والدولة العثمانية، فيذكر ابن رزيق هذا اللقب عندما أشار بقوله #السيدة بنت الإمام يقصد بها السيدة موزة بنت الإمام أحمد بن سعيد .
واستخدم أيضاً لدى العثمانيين فقد أطلق على عدد من النساء العثمانيات فمنها لقب #سيدة الخواتين«، وهذا اللقب كانت تخاطب به زوجات أو أمهات السلاطين وحكام وأكابر النساء في المشرق الإسلامي .
على الرغم من أن لقب السيد غالبا ما اقترن بالبيت الطاهر من العلويين من ولد علي بن ابي طالب إلا أنه شاع استخدامه عند حكام عُمان والخلفاء العثمانيين لتمييزهم عن أفراد عامة الناس والرعية .
٣- ألقاب أخرى:
كما استخدم سادة وسلاطين عُمان بعض الألقاب المركبة في رسائلهم المتبادلة مع رؤساء الدول المجاورة والدول الأوروبية، فمثلاً استخدم الإمام سعيد بن الإمام أحمد بن سعيد بعض هذه الألقاب في مراسلاته مثل من المتوكل على الله إمام المسلمين سعيد بن الإمام كما استخدم السيد سعيد بن سلطان بعض الألقاب المركبة ؛ مثل #لقب المعتصم بالله والواثق به والمتوكل عليه سعيد بن سلطان بن الإمام« . وفي رسالة من السيد سعيد إلى معشوق باشا والي بغداد اختتم السيد سعيد رسالته باستخدام ألقاب التواضع مثل #هذا من المحب الواثق بالله سعيد بن سلطان، كما استخدمت بعض الألقاب مثل لقب #الحضرة«، ففي رسالة أرسلت من الإمام أحمد بن سعيد إلى السلطان العثماني عبد الحميد الأول استخدم فيها هذا اللقب بقولة #ومن تلك الحضرة نرتقب الإشارة مدة بعد مدة.
كما استخدمت في كل من الدولة العثمانية وعُمان بعض ألقاب التصوف، وأشهر هذه الألقاب التي شاع استخدامها هو لقب #قطب« وهو لقب من الألقاب الصوفية وأهل الصلاح، والقطب في أهل اللغة هو كوكب بين الجدي والفرقدين يدور عليه الفلك، واستخدم العثمانيون هذه اللقب بصورة مركبة مثل قطب الأقطاب أو قطب دائرة الأنام .
وقد استخدم أئمة عُمان هذا اللقب في المراسلات المتبادلة بينهم وبين العثمانيين ففي رسالة أرسلها الإمام أحمد بن سعيد إلى السلطان العثماني، استخدم فيها هذا اللقب في رسالته بقوله #قطب دائرة أفلاك الخلافة الإسلامية .
ويمكن القول بأن عُمان تأثرت بألقاب الدولة العثمانية عن طريق المراسلات التي يتبادلها حكام عُمان مع سلاطين الدولة العثمانية، وعن طريق وجود جنسيات مختلفة داخل قصور حكام عُمان لا سيما في عهد السيد سعيد بن سلطان، هذا فضلاً عن أن هذه الألقاب دخلت إلى عُمان عن طريق التجار العمانيين الذين يتاجرون في الموانئ العثمانية او التجار الاتراك المقيمين في عُمان .

النقــود والعـمـــلات:
تعتبر النقود من النواحي الحضارية المهمة في تاريخ الدول الاقتصادي، فهي معيار ومقياس للأسعار وتشكل أساس عملية البيع والشراء والتبادل السلعي، لذا فقد كانت مسألة النقود وما يتصل بها من مسائل فرعية كرواج تداولها من عدمه والمضاربات في أسعارها والتلاعب بأوزانها وعيارها وتعرضها للتقليد والتزييف يؤثر تأثيراً سلبياً بالغاً في الحياة الاقتصادية لأي مجتمع من المجتمعات .
فالنقود هي وسيلة للتعامل اليومي بين الأفراد والمحرك والدافع لاقتصاد الدول، فهي وثيقة اقتصادية وسياسية تستطيع من خلالها أن تتعرف على مدى ازدهار أو تدهور اقتصاد البلاد .
ولو تناولنا النقود والعملات التي استخدمت في الدولة العثمانية سنجد أنها مرت بتغيرات كبيرة بين الصعود والهبوط، فنتيجة للحروب الطويلة التي خاضتها الدولة العثمانية مع كلٍ من النمسا وبولندا وروسيا، استنزفت تلك الحروب الكثير من الأموال، وقد كانت لتلك النقود دار ضرب في العاصمة استانبول، وفي عهد السلطان العثماني محمود الثاني 1808-1839م وصلت النقود العثمانية إلى مرحلة كبيرة من الفوضى بسبب تخفيض قيمة النقود لمرات
__________________________________
الخاتمة
تراوحت العلاقات العمانية العثمانية بين الود والتعاون واحترام كل طرف للطرف الآخر تارة وبين التوتر في العلاقات تارة أخرى، خاصة عندما توقفت الدولة العثمانية عن دفع المعونة التي كانت تدفع لعمان منذ عهد الإمام أحمد بن سعيد .
لعبت كثير من العوامل التي ساعدت على ربط العلاقات العمانية العثمانية ومن هذه العوامل المشكلات الداخلية والخارجية في الدولتين والتي كان لها الأثر الأكبر والمباشر في إضعاف قوة الدولتين، والأثر غير المباشر في تأثير هذه الظروف على العلاقات العمانية العثمانية . فقد كان للخطر الفارسي الذي جاء نتيجة لهجوم كريم خان الزند على البصرة أثر كبير في تقوية الروابط والعلاقات بين البلدين سواء كان في المجال العسكري والسياسي أو في المجال التجاري .
كما كان ظهور الخطر الوهابي في شبه الجزيرة العربية وهو الخطر الذي كان يهدد كلاً من الدولتين- سبب رئيسي في التعاون السياسي والعسكري القائم بين الدولتين للتخلص من العدو المشترك . كما أن تواجد قوات محمد علي باشا داخل أراضي الجزيرة العربية أمر مهم وساعد في قيام صلات وعلاقات مشتركة بين محمد علي باشا والسيد سعيد بن سلطان .
وللتنافس الأوروبي في المنطقة أثره الكبير في إكساب طابع العلاقات بالود أحيانا والتوتر أحيانا أخرى؛ فمثلا حاولت بريطانيا كسب ود المناطق الواقعة على طريق الهند وخاصة عُمان والعراق العثمانية لمنع أي تقدم أوروبي آخر غيرها، مما كان لها الأثر الأقوى في تشجيع العلاقات الودية بين عُمان والمناطق العثمانية، وعلى الوجه الآخر كان للتنافس الأوروبي أكبر الأثر في توتر العلاقات بين البلدين كما هو الحال في الصراع الفرنسي البريطاني على الشرق .
___________________________
وخلال تتبع العلاقات بين البلدين خرجت الرسالة بنتائج جيدة كانت مبعثرة وغير واضحة للباحثين وأهم هذه النتائج:
١- في المجال العسكري فقد أوضحت الدراسة أن الحروب التي خاضتها كل دولة مع أعدائها جعلت كلاً منهما تستدعي مساعدة الدول الأوروبية لها، إلا أن التعاون العسكري بين عُمان والدولة العثمانية كان قائما ومتمثلاً في تبادل الأسلحة والمدافع وغيره من العتاد العسكري، ومحاولة استفادة كل دولة من أساطيل الدولة الأخرى . وقد كان كل من الجيش العماني والعثماني يتكون من خليط من العناصر المختلفة؛ فقد كانت الانكشارية وقوات من العرب والأتراك تمثل الجيش العثماني، أما الجيش العماني فكان يشمل عناصر من البلوش والزدجال والافارقة الذين كانت الدولتان تعتمد عليهما في حروبهما؛ وكان التعاون العسكري بين البلدين قائما ويتمثل في تبادل المدافع والأسلحة المختلفة .
٢- كشفت الدراسة ازدهار الأسطول في كل من الدولتين إلا أنه كان يستخدم في وقت السلم للأغراض التجارية وفي وقت الحرب أيضا، ويمكن القول بأن الحروب التي خاضتها كلتا الدولتين لها أكبر الأثر في إضعاف قوة الأسطول .
٣- وعلى الصعيد التجاري فقد بينت الدراسة ان الازدهار التجاري المتبادل بين الدولتين عزز العلاقات بين البلدين، ومن المعروف أن العلاقات التجارية بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية كانت راسخة منذ القدم، فقد كانت أساطيل البن العمانية تخرج من موانئ عُمان وتتجه إلى مختلف الموانئ العثمانية لتصدير البن، كما تعددت الصادرات والواردات بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية .
٤- كشفت الدراسة أيضاً عن المؤثرات الحضارية والنظم الاجتماعية بين البلدين، فقد تباينت جوانب التأثير الحضاري بين الدولتين ويتضح لنا ذلك في التشابه الواضح في حياة قصور السلاطين العثمانيين وقصور السيد سعيد بن سلطان في الفترة 1804-1856م وما تضمنه من نظام الجواري والحريم المنتشرة في القصور العثمانية، كما اتضحت المؤثرات الحضارية بين الدولتين في ظهور الحمامات التركية داخل القصور العمانية، كما أدخلت مصطلحات وألقاب وكلمات لم تكن تستخدم في عُمان وأصبحت واسعة الانتشار، ويمكن القول بأن العلاقات التجارية والسياسية هي التي مهدت لقيام العلاقات الحضارية، وأن العلاقات العمانية العثمانية لم تقتصر فقط على المجالات السياسية والعسكرية بل امتدت إلى الحياة الاجتماعية والجوانب الحضارية الأخرى .
عديدة بسبب الحروب.
منقوول