مقدمة
لو ملأنا الكتب مقالا والقلم مدادا ما أوفيناها حقها، ساندت الرسول عليه الصلاة والسلام يوم نفر عنه الناس، وأعطته يوم لم يجد الرفيق وسندت الإسلام بحكمتها وصبرها وحنكتها فكانت المعين والرأي السديد له عليه الصلاة والسلام. فقال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام: " والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس ، و آوتني إذ رفضني الناس، ورُزقت منها الولد وحرمتموه مني " فمن هي خديجة بنت خويلد.

نسبها
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن عبد العزيز بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب ابن غالب بن فهر, ,وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم وينتهي نسبها الى غالب بن فهر.ولدت كما ذكرت عدة مصادر في العام 68 قبل الهجرة وكانت وفاتها في العام الثالث قبل الهجرة
أم المؤمنين ، خير نساء الجنة وسيدة نساء العالمين في زمانها.أمُّ القاسم ،ابنة خويلد بن أسد القرشية الأسدية . أمُّ أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أول من آمن به وصدّقه قبل كل أحد ، وثبتت جأشه ، ومضت به إلى ابن عمها ورقة . عن عبد الله بن جعفر : سمعتُ علياً : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خير نسائها خديجة بنت خويلد " .

صفاتها
وهي ممن كمُل من النساء . كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة ، من أهل الجنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُثني عليها ، ويُفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويُبالغ في تعظيمها ، بحيث إن عائشة كان تقول : ما غِرت من امرأة ما غِرت من خديجة ، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها.

- ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنها لم يتزوج امرأة قبلها ، وجاءه منها عدة أولاد ، ولم يتزوج عليها قط ولا تسرَّي إلى أن قضت نحبها ، فوجدلفقدها ، فإنها كانت نعم القَرين ،وكانت تُنفق عليه من مالها ، ويتجر هو صلى الله عليه وسلم لها . أمره الله أن يُبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب . قال ابن إسحاق : تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة . وكانت خديجة وزيرة صِدق . فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يَخرج في مالها إلى الشام ، فخرج مع مولاها مَيسرة . فلما قدم باعت خديجة ماجاء به ، فأضعف

كانت تسمي في الجاهلية بالطاهرة ,وكانت أرملة في الأربعين من عمرها ,توفي عنها زوجها الأول ابو هالة بن زرارة التميمي فتزوجت بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن مخزوم ثم توفي عنها ولها أبناء من الزوجين.

هي الوحيدة التي قرأ الله عز و جل عليها السلام ففي الحديث عن أبي زُرعة ، سمع أبا هريرة ، يقول : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هذه خديجة أتتك معها إناءٌ فيه إدام أو طعامٌ أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنِّي ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب

زواجها من الرسول عليه الصلاة والسلام
ضاربت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرات ، كان أهم هذه السفرات إلى الشام ،مع غلام لها يقال له ميسرة ، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم ، وخرج في مالها ،وخرج معه غلامه ميسرة حتى قدم الشام، وكان التوفيق حليف رسول الله ، وعاد بالتجارة، وقد ربح الضعفين ، فسرت السيدة خديجة أيما سرور. هذه التجارة كانت سبب زواجه منها ، والخير يتنامى ، بدأ شاباً صادقاً أميناً عفيفاًطاهراًَ ، هذه السمعة الطيبة جعلت هذه المرأة الغنية الموسرة الشريفة في قومها تسمحأن يكون شريكاً لها في تجارة ، فلما ذهب ميسرة معه إلى بلاد الشام ، ورأى من حكمتهوصدقه وأمانته وورعه وعفته الشيء الكثير حدث السيدة خديجة بما رآه من رسول الله صلىالله عليه وسلم .

هذه السيدة الوقور التي هي أرقى بيوتات مكة طمحت بالزواج منسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعزة المرأة الغربية وكبرياءها لم تعرض نفسها عليه مباشرة بل أرسلت له امرأة اسمها نفيسة ، فخاطبت النبي صلىالله عليه وسلم ، قالت : ما يمنعك من أن تتزوج ؟ فقال سيدنا محمد صلى الله عليهوسلم يوم كان شاباً في الـ25 : ما بيدي لأتزوج به ، قال : فإن كفيت كذلك ، ودعيتإلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ، فقالت له : ألا تجيب ؟ قال : فمن هي ؟ قالت : خديجة ، قال : ومن لي بذلك ؟ يعني كيف يمكن ؟ فقالت : علي ذلك ، يروى أن أبا طالب وقف يخطب في حفل الزواج قائلاً : إن محمداً لا يوزن به فتاً من قريش ، إلا رجح به شرفاً ونبلاً ، وفضلاً وعقلاً ، وإن كان في المال قِلٌ ، فإن المال ظل زائل ، وعارية مسترجعة ، وله في خديجة بنت خوليد رغبة ، ولها فيه مثل ذلك، هذه خطبة النكاح ، خطبها عمه أبو طالب .
فقال عند ذلك ولي خديجة عمها عمر ، هوالفحل الذي لا يجدع أنفه ، وأنكحها منه ، وله 25 سنة ، ولها يومئذٍ 40 سنة ، وقد حضر العقد بنو هاشم ، ورؤساء مضر ، وكان بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الشام بشهرين

إسلامها
قالت عائشة : أولُ ما بدئ به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة .. إلى أن قالت : فقال :" اقرأ باسم ربك الذي خلق " ،قالت: فَرجع بها تَرجف بوادره حتى دَخل على خديجة ، فقال : (( زملوني )) .. فزملوه حتى ذهب عنه الرَّوع ، فقال ( مالي ياخديجة؟ )) و أخبرها الخبر وقال : (( قد خشيت على نفسي )) ، فقالت له : كلا ،أبشر ، فوالله لا يُخزيك الله أبداً ، إنك لتصِل الرحم ، و تصدق الحديث ، وتَحمِل الكل ، و تُعين على نوائب الحق . و انطلقت به إلى ابن عمها ورَقة بن نوفل ابن أسد ، وكان امرأً تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الخط العربي ، وكتب بالعربية من الإنجيل ماشاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً قد عَمي . فقالت : اسمع من ابن أخيك ما يقول : فقال : يا ابن أخي ، ما ترى؟ فأخبره ، فقال : هذا الناموس الذي أنزل على موسى الحديث . فأسلمت به عليه الصلاة والسلام وآمنت.

الحصار في الشعب
قال ابن القيم في زاد المعاد: لما رأت قريش أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد أجمعوا أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة... فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم؛ إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقاً عليهم جداً مقطوعاً عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد... ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم؛ إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه فخرج إليهم فأخبرهم أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذباً خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقاً رجعتم عن ظلمنا، قالوا: أنصفت... فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفراً وعناداً... وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب.
فهل تخلت خديجة رضي الله عنها وهي المخزومية عن زوجها في حصار قريش لبني هاشم، لا بل كانت أول من دخل معه الشعب لتقف معه في هذا الحصار الغاشم.

وفاتها
توفيت السيدة خدية رضي الله عنها في العام الثالث قبل الهجرة عن خمس وستون عاما، ودفنت بالحجون وسمي هذا العام عام الأحزان.

منقوول