(( موسوعة الطرق الصوفية ومدارسها ورجالها قديما وحديثا ))

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

(( موسوعة الطرق الصوفية ومدارسها ورجالها قديما وحديثا ))

(( موسوعة الطرق الصوفية ومدارسها ورجالها قديما وحديثا ))

( الحلقة الأولى )

في التصوف ... هناك الكثير جدا من الطرق الصوفية المختلفة
ومنها ما هو أصيل أو معتدل أو متشدد أو هو غريب كليا
ويجب التفريق بينهم جميعا
كما لدينا من أهل السنة والجماعة والشيعة
من ينطبق عليهم القول أيضا ...
فأن الكثير يعتقد أن الخلاف في الفروع وليس الأصول
في حين أن البعض الآخر يرى غير ذلك
وكذلك يحدث عند المتصوفين
هذا الموضوع طويل وشائك وخطير ويجب الحذر كله
فهناك الكثير من الشخصيات سلكت الطريق نفسه
واشتهرت وكانت لها مدارس متنوعة
ومنهم من قصته يمكن هضمها
ومنهم من تلوع وذاق الظلم مثل الحلاج
الذي تجد قصته الكاملة في المنتدى
ومنهم من لا يعتبر لهم أهمية
مع أن التصوف انتشر كثيرا في العراق وبلاد العجم والترك أولا
وبلاد المغرب العربي من مصر إلى المغرب لاحقا .
فيكون الحديث أولا عن ذكر الطرق الصوفية كلها
ومن ثم يكون الحديث عن الشخصيات المستقلة
ومن ثم الحديث عن قصة التصوف
من البداية إلى النهاية .

أولا

(( الطريقة القادرية ))







الوثيقة الرسمية لنسبه الشريف



وصاحبها الولي الكبير الصالح وتاج العارفين قدس الله سره الشريف
( القطب ) السيد الشيخ محيي الدين أبو محمد عبد القادر
بن موسى ابن عبد الله بن يحيى الزاهد
بن محمد بن داود بن موسى ابن عبد الله بن موسى الجون
بن عبد الله المحض بن حسن المثنى
بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام )

وأمه أم الخير أمة الجبار فاطمة بنت أبي عبد الله الصومعي
وهي القائلة : لما وضعت أبني عبد القادر
كان لا يرضع ثديي في نهار رمضان
وغم على الناس هلال رمضان
فأتوني وسألوني عنه فقلت لم يلتقم اليوم ثديا
وأن ذلك اليوم كان أول من رمضان .
واشتهر ببلادنا في ذلك الوقت
أنه ولـد للأشراف ولد لا يرضع في نهار رمضان .

ولد الشيخ سنة 470هـ الموافق 1077م
في ( بينق ) وهي قصبة ( قرية ) صغيرة من بلاد ( كيلان ) أو ( جيلان )
وهي بلاد متفرقة تقع وراء ( طبرستان )
ولما أصبح شاب يافع قرأ القرآن الكريم ومبادئ الدين
على يد كبار علماء ( كيلان ) ومن ثم رحل إلى مدينة بغداد
ودخلها سنة 488 هـ الموافق 1095م
فدرس فيها العلوم النقلية والعقلية على يد كبار علماء العراق
في ذلك الوقت من الشافعية والحنابلة
ومنهم في علم الحديث ( محمد أبن الحسن الباقلاني )
و ( أحمد بن المظفر ) وغيرهم
وفي علم البيان والأدب والبلاغة ( أبى زكريا يحيى التبريزي )
وعلم التصوف من ( جعفر بن أحمد السراج )
وعن القاضي ( أبي سعيد المخرمي المخزومي )
الذي أخذ الطريق عنه وتفقه على يديه وخلفه على مدرسته
وقرأ القرآن وعلومه وقراءته وتفسيره
على يد ( أبي الوفا علي بن عقيل الحنبلي ) وغيرهم الكثير
دوبرع في الأصول والفروع وأنواع الخلاف
حتى برز في شتى العلوم
ومن ثم لازم الانقطاع والخلوة والسهر والجوع
حتى صار من كبار السادة الصوفية
فأشتهر اسمه ( الشيخ عبد القادر الكيلاني )
وللشيخ مؤلفات كثيرة في التفسير والفقه بلغت تقريبا 15 مؤلفا
ومن أكثر هذه الكتب شيوعا كتابه
( الغنية لطالبي طريق الحق ) وهو كتاب يتحدث عن التصوف والأخلاق .
وكذلك أشتهر كتاب ( الفتح الرباني والفيض الرحماني )
وهو كتاب جمعه تلامذته في ذكر المواعظ والإرشاد .
وهو القائل :

أنا من رجال لا يخاف جليسهم ...... ريب الزمان ولا يرى ما يرهب
قوم لهم في كل مجد رتبــــــــة ...... علوية وبكل جيــــــــش موكــب
أنا بلبل الأفـــــراح أملأ دوحها ...... طربا وفي العلياء باز أشهــــب

وهو القائل لمريديه :

(( أوصيكم بتقوى الله وطاعته
ولزوم ظاهر الشرع وسلامة الصدر
وسخاء النفس وبشاشة الوجه
وبذل الندى وكف الأذى
والفقر وحفظ حرمات المشايخ ))

والتصوف مبني على ثمان خصال ...
السخاء والرضا والصبر والإشارة والغربة
والصوف والسياحة والفقر .

وأشهر ما قال :
( تعلم الفقه ثم اعتزل )
و ( العمل الصالح من عامل مولاه بالصدق )
و ( حقيقة الشكر الاعتراف بنعمة المنعم )







إلى حلقة أخرى

المصدر: منتديات عراق الخير والمحبة - من قسم: منتدى التاريخ الأسلامي

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

(( موسوعة الطرق الصوفية ومدارسها ورجالها قديما وحديثا ))




( الحلقة الثانية )




(( الطريقة القادرية ))



الجزء الثاني

توفي في بغداد ليلة يوم السبت الثامن من شهر ربيع الآخر
سنة 561 هــ الموافق 1161م
وكان عمره 84 سنة
ودفن ليلا بعد أن صلى عليه ولده عبد الوهاب
في مدرسته بباب الأزج أو ( باب الطلسم )
والتي سميت فيما بعد ( باب الشيخ )
ومازال ضريحه عامرا بالناس ومريديه
ويأتونه من كل بقاع الأرض
للتبرك بمقامه الشريف من السنة والشيعة .
ومنذ أكثر من 800 سنة مضت
فأن هذا المكان المبارك لم ينقطع عنه الطعام والماء
فكان ملاذا للفقراء وذوي الحاجة .
وهو تابع للوقف السني شكليا
ولبيت ( الكيلاني ) إدارته خاصة منذ ذلك الزمن
وهي عائلة كبيرة وكريمة ومن أشهر العائلات البغدادية .








كان له أخ أصغر منه
أسمه عبد الله وتوفي شابا صالحا ودفن في كيلان .

( وصفه )

نحيف البدن ربع القامة عريض الصدر
عريض اللحية طويلها أسمر اللون مقرون الحواجب
أدعج العينين ذا صوت جهوري وكان يلبس لباس العلماء ...
ويركب البغل وترفع بين يديه الغاشية
ويتكلم على كرسي عالي
وكان في كلامه سرعة وجهر وله كلمة مسموعة
إذا قال أنصت له وإذا أمر ابتدر لأمره
وإذا رآه ذو القلب القاسي خشع
وإذا مر إلى الجامع يوم الجمعة وقف الناس في الأسواق
يسألون الله تعالى به حوائجهم
وكان ذو هيبة عظيمة
إذا نظر إلى أحد يكاد يرعد من هيبته .





وكانت خطبته في مجالس وعظه يقول :

(( الحمد لله رب العالمين .. ويسكت
ثم يقول الحمد لله رب العالمين .. ويسكت
ثم يقول الحمد لله رب العالمين .. ويسكت
ثم يقول عدد خلقه وزنة عرشه ورضاء نفسه ومداد كلماته
ومنتهى علمه وجميع ما شاء وخلق وذرأ وبرأ عالم الغيب والشهادة
الرحمن الرحيم .. الملك القدوس .. العزيز الحكيم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد يحي ويميت
بيده الخير وهو على كل شيء قدير
واشهد أن محمداً عبده ورسوله
أرسله بالهدى ودين ليظهره على الدين كله ولو كره المشركين
اللهم أصلح الإمام والأمة
والراعي والرعية ... وألِّف بين قلوبهم في الخيرات
وأدفع شر بعضهم عن بعض
اللهم أنت العالم بسرائرنا فأصلحها
وأنت العالم بذنوبنا فاغفرها
وأنت العالم بعيوبنا فاسترها
وأنت العالم بحواجنا فاقضها ... لا ترانا حيث نهيتنا
ولا تفقدنا حيث أمرتنا
ولا تنسنا ذكرك ولا تؤمنا مكرك ولا تحوجنا إلى غيرك
ولا تجعلنا من الغافلين
اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أنفسنا
أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعصية
واشغلنا بك عمن سواك .. أقطع عنا كل قاطع يقطعنا عنك
ألهمنا ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ))

ثم يلتفت عن يمينه ويقول:

(( لا إله إلا الله .. ما شاء الله كان
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ))

ثم يشير تلقاء وجهه بإصبعه ويقول:

(( لا إله إلا الله ... ما شاء الله كان
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ))

ثم يلتفت عن يساره ويقول هكذا.
ثم يقول:

(( لا تبد أخبارنا .. لا تهتك أستارنا
لا تؤاخذنا بسوء أعمالنا ... لا تحينا في غفلة ولا تأخذنا على غرة
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به
واعف عنا واغفر لنا
وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ))




مدخل ضريح السيد الشيخ الكيلاني سنة 1907م




ضريح السيد الكيلاني سنة 1914م


قيل أنه لم يمرض في حياته مرضاً شديدا
سوى مرض موته الذي دام يوماً وليلة فقط ....
وقد سأله ابنه الشيخ عبد العزيز عن مرضه فقال له :

(( لا يسألني أحد عن شيء
فأنا أتقلب في علم الله عز وجل ...
إن مرضي لا يعلمه أحد ولا يعقله أحد ))

وسأله أبنه الشيخ عبد الجبار ماذا يؤلمك من جسمك؟
فقال قدس الله سره الشريف :

(( جميع أعضائي تؤلمني إلا قلبي
فما به ألم وهو مع الله عز وجل ))

وكان يقول رحمه الله تعالى :

(( أنا لا أخاف من إي إنسان ....
أنا لا أخاف من الموت ولا من ملك الموت ))

وكان يرفع يديه ويردهما وهو يقول :

(( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ))

ثم أتاه الحق وسكرة الموت وجعل يردد:

(( استعنت بلا إله إلا الله سبحانه وتعالى
هو الحي الذي لا يموت ...
ولا يخشى الموت سبحان من تعزز بالقدرة
وقهر عباده بالموت لا إله إلا الله محمد رسول الله ))

وقد تعذر عليه التلفظ بكلمة : تعزز ...
فظل يرددها حتى تلفظ بها ... ثم أخذ يردد :

(( الله .. الله .. الله ))

حتى خفي صوته ولسانه ملتصق بسقف حلقه
ثم خرجت روحه الكريمة .



الساعة القادرية القديمة



إلى حلقة أخرى

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

(( موسوعة الطرق الصوفية ومدارسها ورجالها قديما وحديثا ))

(( الحلقة الثالثة ))

صور من الارشيف للحضرة الكيلانية

إلى حلقة أخرى

[كاظم المسعودي]

هاهو الاخ والاستاذ الكبير محمد الشاهد يتحفنا بموضوع جديد

كعادته متميز باختيار المواضيع المهمة

يثبت الموضوع لاهميته وجماله



هذا الموضوع لاول مره يؤرشف لنا على النت في جوجل مبروووووووووووووووك

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

كم أسعدني التقييم أخي العزيز الفاضل
ولأن الموضوع مهم ويحتاج للوقت وللصبر والتأني
فأني ترددت كثيرا في طلب التثبيت وفي النهاية قلت لنفسي
وليأخذ الموضوع مساحته العامة في الموقع
فأن هناك الكثير من المواضيع المهمة
وهي أجدر من هذا الموضوع ..
وكانت المفارقة أني لا أحب استخدام ( الحاسوب المحمول )
وأتوقف عن الكتابة بسبب وجود فيروس في حاسوبي الخاص
أو بمعنى آخر ربما يتهمني البعض أني نمطي أو رجعي ..
ولكني في الحقيقة ( لا أستطيع الكتابة دونه )
وضاع من الوقت ما يكفي
بل كاد أن يضيع جهد ليالي أربعة في رمشه عين
لولا إحساسي الذي جعلني انسخ منه على سبيل الحيطة والحذر .
شاكرا لكم هذه المبادرة الطيبة وبارك الله في الجميع .

خالص احترامي وتقديري

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

(( الحلقة الرابعة ))

( من الذاكرة الشخصية )

كان لوالدي ( سكلة خشب وبواري ) في محلة باب الشيخ ...
تحديدا عند مدخل مقبرة الغزالي
و ( الباريه ) حصيرة من القصب تصنع في جنوب العراق
وأعواد الخشب كانت تأتي من الشمال ( الموصل )
وكان مرقد الشيخ عبد القادر لا يبعد عنا سوى مسافة
لا تأخذ من الوقت سوى خمسة دقائق
ولم يكن الطريق إليه كما هو الحال عليه الآن ..
ونفس المكان هو تابع للوقف الكيلاني وهي قصة طويلة ...



كنت صغيرا وعمري ربما يتجاوز السادسة بقليل
حين كنت احضر مع والدي إلى ( السكلة )
وشاهدت جمع غفير من الناس يحملون ( جنازة ) قادمين من مرقد الشيخ قدس الله سره
لكي يتم الدفن في مقبرة الغزالي وهم يكبرون
ويقولون لا اله إلا الله
وكنت صغيرا ولا علم لي بالشيخ عبد القادر أو الشيخ الغزالي
وكنت في حالة من ( الدهشة )
لأني سمعت احدهم يقول بالعامية ( الله سهلها )
ويتسابق الجمع على حملها بالتناوب
مع أن الممر لم يكن واسعا كفاية ...


صورة لوالدي حين كان شابا صورت في ( مقبرة الغزالي )

وسألت والدي عن ما يجري
فقال لي عن مناقب الشيخ وبركاته وكنت في ذلك الوقت ( لحوح ) في السؤال
وبقي المشهد كله في ذاكرتي كما حصل لي في قصة ( الحلاج )
ويوما ذهبت إلى المكان ( ضريح الشيخ ) دون علم والدي
ودخلت من المدخل الرئيسي وكنت ارتدي ( دشداشة )
فهالني منظر القادمين ...
فأن الكثير منهم لا يلبس اللباس الذي نعرفه
وشعر رأسهم طويل وهالني منظر الفقراء المريع
فأن المشهد كله بالنسبة لي هو غامض تماما
فشعرت بالخوف وعدت لوالدي
وقلت له ما حصل فعنفني لخروجي دون أذن منه وكاد أن يضربني ..
وبعد قليل ولا أعرف ماذا حصل
فأنه طوقني بذراعيه وقال لي :
(( عندما تريد الذهاب إلى هناك لا تنسى أن تقول لي
لكي أعطيك بعض المال لتوزعه على الفقراء ))

هذه الحادثة وأبي ما زال على قيد الحياة أطال الله عمره المديد ويذكر ذلك
فأنه علمني دروس هائلة ومنها العطف على الفقراء وحبهم
فكم كنت سعيدا حين يزودني بالدراهم لكي أوزعها عليهم
وكان الفقراء لا يصدقون
أن طفلا صغيرا يقدم لهم المعونة البسيطة
فكان عدد منهم أحيانا يتجمعون حولي
ولا يفترقون عني حتى أقول لهم ( خلصت عندي )
أحببت هذا المكان منذ طفولتي وأحببت الشيخ حبا جما ..



حتى حين توفي ولدي الصغير ( علي ) غسلته هناك .
وبقي المكان وما حوله جزء من الذاكرة فلا ينسى
ولكن لماذا ؟

إن الطريقة التي أسسها السيد الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره الشريف
تستند على الكتاب والسنة فكان حنبلي المذهب
وجمع في النسب لآل بيت النبوة للإمام الحسن نسبا
وإلى الإمام الحسين من جهة الأم
وعلى هذا الأساس اكتسبت طريقته ثوباً قوياً
جعلت الناس أن يوصفوها
بأنها زبدة الدين الإسلامي الحنيف وخلاصته
وقد نالت هذه الطريقة رغبة لما عرفت بالصلاح والزهد
ولم يدخلها الغلو.
فأنه وضع أسسا متينة ومبادئ سديدة دونها في كتابه ( الغنية )
وأن لأهل المجاهدة وأولي العزم عشر خصال
وأن يتقيد بها فأن سيصل إلى القمة العالية
والمنازل الشريفة وهي :

( أولا )

أن لا يحلف بالله عز وجل صادقا ولا كاذبا ..
عامدا ولا ساهيا لأنه إذا أحكم ذلك من نفسه وعود لسانه
رفعه ذلك أن يترك الحلف ساهيا وعامدا
فإذا اعتاد ذلك
فتح الله له بابا من أنواره
يعرف منفعة ذلك في قلبه وزيادة في بدنه
ورفعة في درجته وقوة في عزمه
وفي بصره والثناء عند الأخوان وكرامة عند الجيران
حتى يأتمر به من يعرفه ويهابه من يراه .


( ثانيا )

أن يجتنب الكذب هازلا وجادا
لأنه إذا فعل ذلك وأحكمه من نفسه واعتاده لسانه .
شرح الله به صدره وصفى به علمه
حتى كأنه لا يعرف الكذب وإذا سمعه من غيره عاب ذلك عليه
وغيره به في نفسه وأن دعا له بزوال ذلك كان له ثوابا .


( ثالثا )

أن يحذر أن يعد أحدا شيئا فيخلفه إياه وهو يقدر عليه
إلا من عذر بين أو يقطع العدة البتة
فأنه أقوى لأمره
وأقصد لطريقه لأن الخلف من الكذب ــ فإذا فعل ذلك
فتح له باب السخاء ودرجة الحياء
وأعطى مودة في الصادقين ورفعة عند الله جل ثناؤه .




إلى حلقة أخرى

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

شاكرا المرور mnar12
بارك الله فيك


خالص حبي واحترامي

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

(( الحلقة الخامسة ))

( رابعا )

يجتنب أن يلعن شيئا من الخلق أو يؤذي ذرة فما فوقها
لأنها من أخلاق الأبرار الصادقين
وله عاقبة حسنة في حفظ الله إياه في الدنيا
مع ما يدخر له عنده من الدرجات
ويستنقذه من مصارع الهلكة
ويسلمه من الخلق
ويرزقه رحمة العباد والقرب منه عز وجل .


( خامسا )

يتجنب أن يدعو على أحد من الخلق
وأن ظلمه فلا يقطعه بلسانه ولا يكافئه بفعاله
ويحتمل ذلك لله تبارك وتعالى
ولا يكافئه بقول ولا فعل
فأن هذه الخصال ترفع صاحبها في الدرجات العلا
إذا تأدب بها ينال بها منزلة شريفة في الدنيا والآخرة
والحب والمودة في قلوب الخلق أجمعين
من قريب وبعيد وإجابة الدعوة
والعلو في الخير والعز في الدنيا في قلوب المؤمنين .




( سادسا )

أن لا يقطع الشهادة على أحد من أهل القبلة بشرك ولا كفر
ولا نفاق فأنه أقرب للرحمة وأعلى في الدرجة .
وهي تمام السنة وأبعد عن الدخول في علم الله سبحانه وتعالى
وأبعد من مقت الله عز وجل وأقرب إلى رضا الله تعالى ورحمته
فأنه باب شريف كريم على الله
يورث العبد الرحمة للخلق أجمعين .


( سابعا )

يجتنب النظر والهم إلى شيء من المعاصي ظاهرا وباطنا
ويكف عنها جوارحه فأن ذلك من أسرع الإعمال ثوابا للقلب والجوارح
في عاجل الدنيا مع ما يدخر الله تعالى له من خير الآخرة
ونسأل الله أن يمن علينا أجمعين بالعمل بهذه الخصال
وأن يخرج شهواتنا من قلوبنا .


( ثامنا )

يتجنب أن يجعل على أحد من الخلق منه مؤنه صغيرة ولا كبيرة ...
بل يرفع مؤنته عن الخلق أجمعين مما أحتاج إليه استغنى عنه
فأن ذلك تمام عزة العابدين وشرف المتقين
وبه يقوى على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ويكون الخلق عنده أجمعين بمنزلة واحدة
في الحق
سواء فإذا كان كذلك نقله الله تعالى
إلى الفناء واليقين به عز وجل ولا يرفع أحدا بهواه
ويكون الناس عنده في الحق سواء
ويقطع بأن هذا الباب عز المؤمنين وشرف المتيقن
وهو أقرب باب إلى الإخلاص .


( تاسعا )

ينبغي له أن يقطع طمعه من الآدميين
لا يطمع نفسه في شيء مما في أيديهم فأنه العز الأكبر
والغنى الخالص والملك العظيم والفخر الجليل
واليقين الصادق والتوكل الصافي الصحيح
وهو باب من أبواب الثقة بالله عز وجل
وهو باب من أبواب الزهد
وبه ينال الورع ويكمل نسكه
وهو من علامات المنقطعين إلى الله تبارك وتعالى .


( عاشرا )

التواضع لأنه بذلك يشيد مجد درجته وتعلوا منزلته
ويستكمل العز والرفعة عند الله تعالى
وعند الخلق ويقدر ما يريد من أمر الدنيا
وهذه الخصلة أصل الطاعات كلها وفروعها وكمالها
وبها يدرك العبد منازل الصالحين .

هذه الشروط العشرة البالغة الأهمية
لم تكن هي وحدها كافية
فأنه أمر مريديه أن يذكروا الله تعالى في الليل والنهار
وبعد الصلوات الخمس للوصول إلى الله تعالى .




إلى حلقة أخرى

[محمد عبد الهادي جسام الشمري]

(( الحلقة السادسة ))

هذه الطريقة هي من أقدم الطرق الصوفية في العالم
وهي التي جعلت من الشيخ عبد القادر الكيلاني
أن يكون ( القطب الأول )
ولها فروع في العراق
ومنها ( البرزنجية ) و ( الطالبانية ) و ( الكسنزانية )
وانتشرت في مصر
ولها فرعان وهما ( القادرية القاسمية ) و ( القادرية الفارضية )
ومن ثم انتشرت في السودان
على يد الشيخ ( تاج الدين البهاري )
وكان مركزها العام بلاد ( سنار )
ومنها انتشرت في كثير من البلاد
ومن أشهر شيوخها ( الشيخ إدريس ود أرباب )
وأسرته على النيل الأزرق .
ومن الطريقة القادرية تفرعت ( السمانية )
التي أسسها ( الشيخ محمد السماني )
وحين توفي دفن في المدينة المنورة
والذي جمع فيها النسب ( الشاذلي ) و ( الخلوتي )
وانتشرت أيضا في السودان على يد الشيخ ( أحمد الطيب ود البشير )
والذي ورثه ولده الشيخ ( محمد نور الدائم )
وعن طريق الشيخ نور الدائم تلقى ( السيد محمد أحمد المهدي الكبير )
صاحب الثورات في السودان
ومن بقي منهم حتى يومنا هذا الزعيم ( الصادق المهدي )
ومن السودان تحديدا دخلت الطريقة القادرية ( الشمانية ) إلى صعيد مصر
ومنها إلى ليبيا وتونس والجزائر
والمغرب وشمال وغرب ووسط أفريقيا .
ومن المغرب انتقلت ( الطريقة القادرية ) إلى إسبانيا وخصوصا في غرناطة
ومن ثم بعد سقوط الأندلس عادت إلى المغرب
وتمركزت في ( فاس ) وكانت أول زاوية
هي زاوية السيد الشيخ ( إبراهيم الكيلاني )
ودخل الكثير من البربر وهم ( سكان فلسطين الحقيقيين )
في دين الإسلام عن ( الطريقة القادرية )
ومن المغرب نزولا إلى دول إفريقيا تباعا مع انتقال شيوخ هذه الطريق إليها
وكذلك انتشرت الطريقة القادرية في آسيا
وكانت تسمى ( قادري خانة )
وكذلك انتشرت في الحجاز
وكان في مكة المكرمة لوحدها أكثر من 380 زاوية في 661 هــ .
وإن شيوخ السجادة القادرية يعطوا لكل مريد
ينتسب إلى الطريقة شجرة النسب والإجازة بالأوراد ...
ليكون السند متصلاً.
ولذلك نرى اليوم أن ( الطريقة القادرية ) انتشرت في كل بقاع الأرض قاطبة
بفعل الأساس المتين والمبادئ والقيم العالية .


أنتهى الحديث عن ( الطريقة القادرية )
والحلقات التالية عن ( القطب الثاني ) سيد أحمد الرفاعي
والطريقة الرفاعية


من ارشيف الصور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



















إلى حلقة أخرى

[mnar12]