الخضراء

بالأندلس، وهي الجزيرة الخضراء، ويقال لها جزيرة أم حكيم، وهي جارية طارق بن زياد مولى موسى بن نصير كان حملها معه فخلفها هذه الجزيرة فنسبت إليها، وعلى مرسى أم حكيم مدينة الجزيرة الخضراء، وبينها وبين مدينة قلشانة أربعة وستون ميلاً، وهي على ربوةٍ مشرفةٍ على البحر وسورها متصل به، وبشرقيها خندق وبغربيها أشجار تينٍ وأنهار عذبة؛ وقصبة المدينة موفية على الخندق وهي منيعة حصينة سورها حجارة وهي في شرقي المدينة ومتصلة بها؛ وبالمدينة جامع حسن البناء فيه خمس بلاطات وصحن واسع وسقائف من جهة الجوف وهو في وسط المدينة في أعلى الربوة، وأسواقها متصلة من الجامع إلى شاطئ البحر؛ وعلى البحر بين القبلة والشرق من مدينة الجزيرة مسجد سوى يعرف بمسجد الرايات، ركزت فيه المجوس راياتها، فنسب إليها، وله باب من خشب سفن المجوس، وبها كانت دار صناعةٍ بناها عبد الرحمن بن محمد أمير المؤمنين للأساطيل، وأتقن بناءها، وعلى أسوارها، ثم اتخذها المنتزون بها في الفتنة قصراً، وبقرب المدينة مدخل الوادي في البحر، عليه بساتين كثيرة، ومهبطه من حيث تدخله السفن، ومنه شرب أهل الجزيرة، ويسمونه وادي العسل، ويمده البحر إلى قدر شطر المدينة، وهو نحو نصف ميل، وتجاهه أثر مدينة الجلندي الملك صاحب قرطاجنة إفريقية بقبلى مدينة الجزيرة، وهو اليوم خربة تزدرع، وبها حائط عريض مبنى بالحجارة داخل البحر، ومن هذا الحائط كانت تشحن المراكب، وبنى عليه محمد بن بلال برجاً.
ومدينة الجزيرة طيبة رفيقة بأهلها جامعة لفائدة البر والبحر قريبة المنافع من كل وجهٍ لأنها وسطى مدن الساحل وأقرب مدن الأندلس مجازاً إلى العدوة. ومنها تغلب ملوك الأندلس على ما تغلبوا عليه من بلاد إفريقية؛ وبها ثلاث حمامات، ولها كور كثيرة، وكانت جبايتها ثماني عشر ألفاً وتسعمائة.
وأهل الجزيرة هذه هم الذين أبوا أن يضيفوا موسى والخضر عليهما السلام، وبها أقام الخضر الجدار وخرق السفينة، والجلندى هو الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً، حكى ذلك عن وكيع بن الجراح.
حرف الدال

دانية

مدينة بشرقي الأندلس.
على البحر عامرة حسنة، لها ربض عامر، وعليها سور حصين، وسورها من ناحية المشرق في داخل البحر قد بنى بهندسة وحكمة؛ ولها قصبة منيعة جداً، وهي على عمارةٍ متصلة، وشجر تينٍ كثيرة، وكروم؛ والسفن واردة عليها، صادرة عنها، ومنها كان يخرج الأسطول إلى الغزو، وبها ينشأ أكثره لأنها دار إنشاءٍ؛ وفي الجنوب منها جبل عظيم مستدير، وتظهر من أعلاه جبال يابسةٍ في البحر.
ومن دانية أبو عمرو الداني المقرئ المعروف بابن الصيرفي، له تواليف في القراءات، سمع بالأندلس من محمد بن عبد الله أبي زمنين، ووصل إلى المشرق، وفسمع من جماعةٍ، توفي بدانية سنة444.

دروقة

مدينة بالأندلس من عمل قلعة أيوب، وعظيمة في سفح جبل، وعلى مقربة منها كنيسة أبرونية، ولها ثلاثمائة باب وستون باباً، وهي إحدى عجائب البنيات.
وقيل بين دروقة وبين قلعة أيوب ثمانية عشر ميلاً، وهي مدينة صغيرة مختصرة، كثيرة العامر كثيرة البساتين والكروم، وكل شيء بها كثير رخيص، وبينها وبين سرقسطة خمسون ميلاً.
دلاية

قرية بالأندلس من عمل المرية.

حرف الراء

رصافة

ورصافة أخرى بقرطبة في الجهة الجوفية منها، ورصافة أخرى بيلنسية بينها وبين البحر، وأظن منها الرصافى الشاعر، مادح عبد المؤمن بن علي.

الرقيم

وفي الأندلس في جهة إغرناطة، بقرب قريةٍ تسمى لوشة، كهف فيه موتى، ومعهم كلب رمة، وأكثرهم قد انجرد لحمه، وبعضهم متماسك، وقد مضت القرون السالفة ولم نجد من علم شأنهم، ويزعم أناس أنهم أصحاب الكهف، قال: ودخلت إليهم ورأيتهم سنة 504 وهم بهذه الحالة، وعليهم مسجد، وقريباً منهم بناء رومي يسمى الرقيم، كأنه قصر محلق، وقد بقي بعض جدرانه، وهو في فلاةٍ من الأرض خربةٍ، وبأعلى حضرة إغرناطة مما يلي القبلة آثار مدينةٍ رومية يقال لها مدينة دقيوس، وجدنا في آثارها غرائب وقبوراً.
دلاية

قرية بالأندلس من عمل المرية.

حرف الراء

رصافة

ورصافة أخرى بقرطبة في الجهة الجوفية منها، ورصافة أخرى بيلنسية بينها وبين البحر، وأظن منها الرصافى الشاعر، مادح عبد المؤمن بن علي.

الرقيم

وفي الأندلس في جهة إغرناطة، بقرب قريةٍ تسمى لوشة، كهف فيه موتى، ومعهم كلب رمة، وأكثرهم قد انجرد لحمه، وبعضهم متماسك، وقد مضت القرون السالفة ولم نجد من علم شأنهم، ويزعم أناس أنهم أصحاب الكهف، قال: ودخلت إليهم ورأيتهم سنة 504 وهم بهذه الحالة، وعليهم مسجد، وقريباً منهم بناء رومي يسمى الرقيم، كأنه قصر محلق، وقد بقي بعض جدرانه، وهو في فلاةٍ من الأرض خربةٍ، وبأعلى حضرة إغرناطة مما يلي القبلة آثار مدينةٍ رومية يقال لها مدينة دقيوس، وجدنا في آثارها غرائب وقبوراً.

(وَيَحمِلُ عَرشَ رَبِّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ركلة

مدينة بالأندلس، بقرب سرقسطة وقلعة أيوب، عالية البنيان، على وادي شلون، وبساتينها تسقى منه، ونزل بمدينة ركلة في أيام بني هود برد عظيم، حطم أغصان شجر الكمثرى حتى تركها جذوعاً دون أغصان، وجد في زنة واحد منها في اليوم الثاني من نزوله ثلاثة أرطال بالبغدادي. فسبحان من له القدرة الباهرة!

رندة

بالأندلس من مدن تاكرنا، وهي مدينة قديمة، بها آثار كثيرة، وهي على نهر ينسب إليها، واجتلب الماء إليها من قريةٍ بشرقيها ومن جبل طلوبرة بغربيها، فيوافى الماء داخلها من شرقيها وغربيها، ويتوارى نهرها في غارٍ فلا ترى جرتيه أميالاً، ثم يظهر حتى يقع في نهر لكه.
وبقرب مدينة رندة عين تعرف بالبراوة، وتجرى من أول الربيع إلى آخر الصيف، فإذا دخل الخريف نضب ماؤها فلا يفيض بقطرةٍ إلى أول الربيع من عامٍ ثانٍ.

ريمية

مدينة بالأندلس تعرف بمدينة بني راشد، بها أنشام عادية، ويأوي إليها عقبان كثيرة فلا تؤذيهم في شيء من دجاجهم، وهي تأتى على ما في سائر القرى المجاورة لها، وإذا حصرها الثلج هناك ومنعها من التصرف صرصرت من الجوع، وأرمقت بأصواتها، فيلقى لها أهل ريمية من فضول ما عندهم، فتأكل وتسكث.
ريه

كورة من كور الأندلس، في قبلي قرطبة، نزلها جند الأردن من العرب، وهي كثيرة الخيرات.

حرف الزاي

الزاهرة

مدينة متصلة بقرطبة من البلاد الأندلسية، بناها المنصور بن أبي عامر لما استولى على دولة خليفته هشام.
قال ابن حيان: كان الخليفة الحكم وقف من الأثر على البقعة التي بنيت فيها الزاهرة، وكانت ملوك المروانية قبله تتخوف ذلك، وكان فيها اهتم بشأنها الحكم، فنظر فيا وقاس على جهاتها البقعة المدعوة بألش بفتح اللام، وهي بغربي مدينة الزهراء، ووجد انتقال الملك إليها، فأمر حاجبه أبا أحمد المصحفى بالسبق إلى بنائها، طمعاً في مزية سعدها، وألا يخرج الأمر من يد ولده، فأنفق عليها ما لا عظيماً؛ فمن الغرائب أن محمد بن أبي عامر تولى له شأنها ولا يعلم يومئذٍ به ، ثم وقع إلى الحكم أن البقعة بغير ذلك الموضع، وأنها بشرقي مدينة قرطبة، فأنفذ رسوله بالوقوف عليها، فانتهى إلى منزل ابن بدر المسمى ألش مضمومة اللام؛ وأصاب هناك عجوزاً مسنة وقفته على حد الارتياد وقالت له: سمعنا قديماً أن مدينة تبنى هنا، ويكون على هذه البئر نزول ملكها، فكم سعى أمير المؤميني بالسؤال عنها، وأمر الله واقع لا محالة! فعاد الرسول بالجلية، فلم تطل المدة حتى بناها محمد بن أبي عامر، وبنيى بأرجاء تلك البئر قراره.
قال الفتح بن خاقان: لما استفحل أمره، واتقد جمره، وجل شأنه، وظهر استبداده، وكثر حساده؛ وخاف على نفسه من الدخول إلى قصر السلطان، وخشى أن يقع بطالبه في أشطان؛ فتوثق لنفسه، وكشف له ما ستر عنه في أمسه؛ من الاعتزاز عليه، ورفض الاستناد إليه؛ وسما إلى ما سمت إليه الملوك من اختراع قصرٍ ينزل فيه، ويحله بأهله وذويه؛ ويضم إليه رياسته، ويتم به تدبيره وسياسته؛ ويجمع فيه فتيانه، وغلمانه؛ ويحشر إليه صنائعه. فارتاد موضع مدينته المعروفة بالزاهره الموصوفة بالمشيدات الباهره؛ وأقامها بطرف البلد على نهر قرطبة الأعظم، ونسق فيها كل اقتدار معجز ونظم؛ وشرع في بنائها سنة 368، فحشر إليها الصناع والفعله، وأبرزها بالذهب واللازورد متوجة منعله؛ وجلب نحوها الآلات الجليله، وسربلها بهاء يرد العيون كليله؛ وتوسع في اختصاطها، وتولع بانتشارها في البسيطة وانبساطها؛ وبالغ في

الزقاق

بحر الزقاق وهو الداخل من البحر المحيط، والذي عليه سبتة، والذي يضيق من المشرق إلى المغرب حتى يكون عرضه ثمانية عشر ميلاً، وهو بساحل الأندلس الغربي بمكان يقال له الخضراء، ما بين طنجة من أرض المغرب وبين الأندلس، ثم يتسع الزقاق كلما امتد حتى يصير إلى ما الا ذرع له ولا نهاية، وهو مخرج بحر الروم المتصاعد إلى الشأم، وسنذكر ذلك إن شاء الله عند ذكر سبتة.
وفي بعض الأخبار أنه قبل افتتاح المسلمين البلاد المصرية بمائة سنة، طغى ماء البحر وزاد، فأغرق القنطرة التي كانت بين بلاد الأندلس وبين ساحل طنجة من أرض المغرب، وكانت قنطرة عظيمة لا يعلم لها في المعمور نظير؛ يقال إنها من بناء ذي القرنين مبنية بالحجارة، يمر عليها الإبل والدواب من ساحل المغرب إلى الأندلس، وكان طولها أثنى عشر ميلاً، في عرضٍ واسعٍ وسموٍ كبير؛ وربما بدت هذه القنطرة لأهل المراكب تحت الماء فعرفوها، والناس يقولون: لا بد من ظهورها قبل فناء الدنيا.

الزلاقة

بطحاء الزلافة من إقليم بطليوس من غرب الأندلس، فيها كانت الوقيعة الشهيرة للمسلمين على الطاغية عظيم الجلالقة إذ فونش بن فرذلند عهيد المعتمد محمد بن عباد، وكان ذلك في الثاني عشر من رجب سنة 479.
وكان السبب في ذلك فساد الصلح المنقعد بين الطاغية وبين المعتمد؛ فإن المعتمد اشتغل عن أداء الضريبة في الوقت الذي صارت عادته يؤديها فيه، بغزو ابن صمادح صاحب المرية، واستنفاده ما في يديه بسبب ذلك، فتأخر لأجل ذلك أداء الإتاوة عن وقتها، فاستشاط الطاغية غضباً، وتشطط فطلب بعض الحصون زيادة على الضريبة، وأمعن في التجنى، فسأل في دخول امرأته القمطيجة إلى جامع قرطبة لتلد فيه من حملٍ كان بها، حيث أشار إليه بذلك القسيسون والأساقفة، لمكان كنيسةٍ كانت في الجانب الغربي منه، ومعظمةٍ عندهم، عمل المسلمون عليها الجامع الأعظم؛ وسأل أن تنزل امرأته المذكورة بمدينة الزهراء غربي مدينة قرطبة، تنزل بها فتختلف منها إلى الجامع المذكور، حتى تكون تلك الولادة بين طيب نسيم الزهراء، وفضيلة ذلك الموضع الموصوف من الجامع، وزعم أن الأطباء، أشاروا عليه
الزهراء

مدينة في غربي قرطبة، بناها الناصر عبد الرحمن بن محمد، كذا قالوا، ولا أدري أهي الزاهرة المتقدمة الذكر، أو غيرها؛ وبينها وبين قرطبة خمسة أميال.
وكانت قائمة الذات بأسوارها، ورسوم قصورها، وكان فيها قوم سكان بأهاليهم وذراريهم، وكانت في ذاتها عظيمة، مدرجة البنية؛ وهي مدينة فوق مدينةٍ، سطح الثلث الأعلى على الحد الأوسط، وسطح الثلث الأوسط على الثلث الأسفل، وكل ثلثٍ منها له سور، فكان الحد الأعلى منها قصوراً يعجز الواصفون عن وصفها، والحد الأوسط بساتين وروضات، والحد الأسفل فيه الديار والجامع، ثم خرب ذلك كله، وأصابه ما أصاب قرطبة وغيرها من بلاد موسطة الأندلس، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

حرف السين

سرقسطة

في شرق الأندلس، وهي المدينة البيضاء.
وهي قاعدة من قواعد الأندلس، كبيرة القطر، آهلة، ممتدة الأطناب، واسعة الشوارع، حسنة الديار والمساكن، متصلة الجنات والبساتين، ولها سور حجارةٍ حصين، وهي على ضفة نهرٍ كبيرٍ، يأتي بعضه من بلاد الروم، وبعضه من جبال قلعة أيوب ومن غير ذلك؛ فتجتمع مواد هذه الأنهار كلها فوق مدينة تطيلة، ثم تنصب إلى مدينة سرقسطة؛ ومدينة سرقسطة هي المدينة البيضاء، وسميت بذلك لكثرة جصها وجيارها؛ ومن خواصها أنها لا تدخلها حية ألبتة، وإن جلبت إليها ماتت؛ فمن الناس من يزعم أن فيها طلسما لذلك، ومنهم من يقول إن أكثر بنيانها من الرخام الذي هو صنف من الملح الدراني؛ ومن خاصيتها ألا تدخل الحناش موضعاً يكون فيه، وكذا بأقاليم عدة.
ولسرقسطة جسر عظيم يجاز عليه إلى المدينة، ولها أسوار منيعة، ومبانٍ رفيعة.
واسمها مشتق من اسم قيصر، وهو الذي بناها، وذكر أنها بنيت على مثل الصليب وجعل لها أربعة أبواب: باب إذا طلعت الشمس من أقصى المطالع في القيظ قابلته عند بزوغها، فإذا غربت قابلت الباب الذي بإزائه من الجانب الغربي، وباب إذا طلعت الشمس من أقصى مطالعها في الشتاء قابلته عند بزوغها وهو الباب القبلي؛ وإذا غربت قابلت الباب الذي بإزائه
سمورة

هي دار مملكة الجلالقة، على ضفة نهرٍ كبيرٍ جداً، خرارٍ، كثير الماء، شديد الجرية، عميق القعر. وبين سمورة وبين البحر ستون ميلاً.
وسمورة مدينة جليلة، قاعدة من قواعد الروم، وعليها سعة أسوار من عجيب البنيان، وقد أحكمته الملوك السالفة، وبين الأسوار فصلان وخنادق ومياه واسعة.
وقد كان عبد الرحمن بن محمد الخليفة الأموي بالأندلس غزاسنة327 في أزيد من مائتي ألف من الناس، فنزل على دار مملكة الجلالقة، وهي سمورة هذه، وكان أشد ما على أهل الأندلس من الأمم المحاربة لهم الجلالقة، كما أن الإفرنجة حرب لهم، غير أن الجلالقة أشد بأساً. وكان لبعد الرحمن بن محمد صاحب الأندلس وزير من ولد أمية يقال له أحمد بن إسحاق، فقبض عليه عبد الرحمن على موجدةٍ وجدها عليه، فقتله عبد الرحمن، وكان لذلك الوزير أخر يقال له أمية في مدينة شنترين من ثغور الأندلس.
فلما علم ما فعل بأخيه عصا عبد الرحمن، وصار في حيرز ردمير ملك الجلالقة، فأعانه على المسلمين، ودله على عوراتهم، ثم خرج أمية في بعض الأيام عن المدينة يتصيد في بعض متنزهاته، فغلب على المدينة بعض غلمانه، ومنعه من الدهول إليها، وكاتب عبد الرحمن، فمضى أمية بن إسحاق أخو الوزير المقتول إلى ردمير فاصطفاه واستوزره وصيره في جملته، وغزا عبد الرحمن صاحب الأندلس مدينة سمورة دار مملكة الجلالقة، وكان في أزيد من مائة ألف، فكانت الوقيعة بينه وبين ردمير ملك الجلالقة في شوال سنة327 كما قدمناه، فكانت اللمسلمين عليهم، ثم ثابوا بعد أن حوصروا وألجئوا، فقتلوا من المسلمين بعد عبورهم الخندق خمسين ألفاً، وقيل إن الذي منع ردمير من طلب من نجا من المسلمين أمية بن إسحاق، خوفه الكمين، ورغبه فيما كان في عسكر المسلمين من الأموال والعدد والخزائن، ولولا ذلك لأتى على جميع المسلمين.
ثم إن أمية هذا استأمن عبد الرحمن بعد ذلك، وتخلص من ردمير، فقبله عبد الرحمن أحسن قبولٍ؛ وقد كان عبد الرحمن بعد ذلك، وتخلص من ردمير، فقبله عبد الرحمن أحسن قبولٍ؛ وقد كان عبد الرحمن صاحب الأندلس بعد هذه الوقيعة جهز عساكره مع عدةٍ من قواده إلى دار الجلالقة، فكانت لهم بهم حروب هلك فيها من الجلالقة ضعف من قتل من المسلمين في
الوقيعة الأولى وكانت للمسلمين عليهم.
ومدينة سمورة محدثة اتخذت داراً سنة288.

حرف الشين

شجس

قرية بالأندلس قريبة من بطرير، وهي قرية جامعة مفيدة، وهي قريبة من شاطبة.

شذونة

بالأندلس، وهي كورة متصلة بكورة مورور، وعمل شذونه خمسون ميلا في مثلها، وهي من الكور المجندة، نزلها جند فلسطين من العرب، وكورة شذونة كورة جليلة القدر، جامعة لخيرات البر والبحر، كريمة البقعة، عذبة التربة، يفيض مياهها بلا ندوى مع المحل ثمارها، وقد لجأ إليها عامة أهل الأندلس سنة136، وكانت الأندلس قد قحطت ستة أعوامٍ. ومن كور شذونة شريش وغبرها، وفيها كانت الهزيمة على لذريق حين افتتحت الأندلس سنة96.
وبقرب شذونة موضع يعرف بالجبل الواسط، وهو جبل فيه آثار للأول، وفي شق صخرةٍ داخل كهفٍ فيه فأس حديدٍ، يتعلق من الشق الذي في الصخرة، تراه العين وتجسه اليد، فمن رام إخراجه لم يطق ذلك، وإذا رفعته اليد ارتفع وغاب في شق الصخرة، ثم يعود إلى حالته.
ويذكر مشايخ كورة شذونة أن النار أوقدت على الموضع، ورش بالخل لينكس، ويوصل إلى استخراج الفأس، فلم يقدر على ذلك، وأعياهم أمره، وقرنت الثيران في بعض الأزمنة، وجعلت عجلتان، وشد بهما طرفا حبلٍ وثيقٍ قد ربط في الفأس، وحملوا على الثيران ليقلع الفأس، فلم يستطع ذلك.
قالوا: وأطيب العنبر الغربي إنما يوجد بساحلها، وبساحل شذونه يوجد حوت التن لا في غيره من سواحل الأندلس، فيظهر في أول شهر مايه، لا يرى قبل هذا الشهر، فإنه يخرج من البحر المحيط فيدخل إلى البحر المتوسط الذي يسمى البحر الرومي، فيصيد مدة ظهوره أربعين يوماً، ثم يعود على مثل ذلك الوقت من العام الآخر.
وبساحل شذونة المقل الذي يعظم جماره حتى يكون قلبه مثل قلب النخل، وكانت تصنع منه الغرابيل عن الحلفاء. وكانت جباية شذونة في أيام الأمير الحكم بن هشام خمسين ألفاً وستمائة.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقةالشرف

من غربي إشبيلية بالأندلس، وهو جبل شريف البقعة، كريم التربة، دائم الخضرة، فراسخ في فراسخ طولاً وعرضاً، لا تكاد تشمس منه بقعة لا لتفاف زيتونه، واشتباك غصونه، وزيته من أطيب الزيوت، كثير الريع عند العصر، لا يتغير على طول الدهر، ومن هناك يتجهز به إلى الآفاق براً وبحراً؛ وكل ما استودع أرض إشبيلية وغرس في تربتها نما وزكا وفضل وجل.
ويقال إن في الشرف ثمانية آلاف قرية عامرة، وديارها حسنة، وبين الشرف وبين إشبيلية ثلاثة أميال، وسمي بذلك لأنه مشرف على ناحية إشبيلية، ممتد من الجنوب إلى الشمال، وهو كله تراب أحمر، وشجر الزيتون فيه من هذا المكان إلى قنطرة لبلة.