الأمــيـر عـثــمـان بــن أرطــغــرل مــؤسـس الإمـبـراطـورية الـعـثـمـانـيـة




نشأة الدولة العثمانية 699ـ1342هـ/1299ـ1924م

نشأت الدولة العثمانية عام 699هـ (1299م) كإمارة صغيرة،
ثم توسعت مع مرور الأيام توسعاً كبيراً، لتمتد على ثلاث قارات،
وتصبح من الدول القوية صاحبة النفوذ الكبير والكلمة المسموعة في العالم.
وكانت الدولة الإسلامية الأطول حكماً في التاريخ،
إذ استمر حكمها حتى عام 1342هـ(1924م)،
وتعاقب على حكم الدولة العثمانية الذي استمر لسبعة قرون،
ستة وثلاثون حاكماً من أسرة آل عثمان،
لقب بعضهم بالأمير، وآخرون بلقب خليفة،
أما الأغلبية منهم فحملوا لقب سلطان.


مؤسس الدولة العثمانية... الأمير عثمان بن أرطغرل




يعتبر الأمير عثمان بن أرطغرل الذي ولد في عام 656هـ (1258م)
في بلدة سوغود Sqütأوعثمانجق Osmancik،
مؤسس الدولة العثمانية،
وكان قد عينه الأمير السلجوقي علاء الدين كيكوبات
خلفاً لوالده الذي بقي مصاحباً للسلطان السلجوقي علاء الدين كيكوبات،
وساعده على فتح للعديد من المدن المنيعة والقلاع الحصينة.
وقد حقق الأمير عثمان انتصارات متتالية في حروبه مع البيزنطيين،
مما أثار إعجاب السلطان السلجوقي مسعود،
وكرّمه بإعطائه شارات السلاجقة،
وهي الراية البيضاء والخلعة والطبل،
ومنحه استقلالاً، ولقب بك، ابتداء من سنة 688 هـ/1289م،
وسمح له بأن يسكك النقود باسمه (أي يكتب عليها اسمه)،
وبذكر اسمه بعد اسم السلطان من على منابر المساجد والجوامع السلجوقية،
ولما واصل جهاده في فتح القلاع والحصون البيزنطية الواحدة تلو الأخرى،
واشتدت وطأته على البيزنطيين، عزموا على التخلص منه،
فدبروا له مكيدة في أحد الأعراس،
غير أن القائد البيزنطي كوس ميخال"Kose Mihal" الذي كان صديقاً له،
أسر إليه بالخبر، فاحتاط للأمر وأعدّ العدة الكافية،
وبادر القوات البيزنطية بهجوم مباغت أحبط مكيدتهم،
وحقق نصراً كبيراً عليهم.

وبعد أن قُتل السلطان السلجوقي وسقطت الدولة السلجوقية على أيدي التتار،
هرع الناس ليلتفوا حوله ويبايعوه حاكماً عليهم،
وذلك عام 699هـ(1299م)،فاتخذ مدينة قره حصار مركزاً لدولته،
ومن ثم حصَّن مدينة يني شهير وجعلها عاصمة إمارته.
وقد حكم بين الناس بالقسط والعدل،
فأنصف المظلوم، وأعطي كل ذي حق حقه،
حتى ذاع صيته وعلا شأن إمارته،
ولا سيما بعد أن تزوج ابنة الشيخ أده بالي Edıbali.

بعد أن أصبحت الدولة العثمانية مستقلة استقلالاً تاماً،
وسع الأمير جبهات القتال مع البيزنطيين،
وكان يهدف إلى فتح مدينة بورصة واتخاذها عاصمة للدولة العثمانية،
وقد بقي الأمير عثمان يطمح إلى تحقيق هذا الهدف حتى آخر أيام حياته؛
وقد أمر، وهو على فراش الموت، ولده أورخان بفرض الحصار على المدينة
التي كانت تعتبر من الحصون المنيعة في ذلك الوقت والاستماتة في فتحها.
وقدنجح أورخان في ذلك، ووصلت أنباء هذا النصر إلى الأمير عثمان وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة،
فنُقل جثمانه إلى المدينة المحررة ودفن فيها عام 726هـ(1324م)،
بعد أن عاش سبعين عاماً، قضى منها 27 عاماً على عرش السلطنة.

صفات مؤسس الدولة العثمانية

كان للأمير عثمان بن أرطغرل شخصية متزنه مؤثرة لم تطغِ قوتها على عدالتها،
ولم تفقد القوة والسلطة توازنها،
ولم تتجاوز سلطانها على رأفتها ولاغناها على تواضعها.



وتروي المراجع العثمانية التاريخية قصصاً عن عدل الأمير عثمان،
فعندما عهد إليه الأمير أرطغرل ولاية القضاء في مدينة (قره جه حصار)
بعد فتحها عام 784 للهجرة 1382 للميلاد،
حكم لصالح بيزنطي نصراني ضد مسلم تركي،
فاستغرب البيزنطي وعندما سأل الأمير عثمان: كيف تحكم لصالحي وأنا على غير دينك؟
فأجابه عثمان: بل كيف لا أحكم لصالحك
والله الذي نعبده، يقول لنا:
"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل"
فاهتدى الرجل وقومه إلى الإسلام.

وكان شديد الوفاء بالعهود
فعندما اشترط أمير قلعة اولوباد البيزنطية حين استسلم للجيش العثماني،
أن لا يمر من فوق الجسر أي عثماني مسلم إلى داخل القلعة،
التزم بذلك هو ومن جاء بعده.
لم تكن أعماله وفتوحاته من اجل مصالح اقتصادية أو عسكرية أو غير ذلك،
بل كانت فرصة لتبليغ الدعوة إلى الله ونشر دينه،

وقد وصفه المؤرخ أحمد رفيق بأنه
( كان متدينا للغاية، وكان يعلم أن نشر الإسلام وتعميمه واجب مقدس
وكان يتمتع بفكر سياسي واسع متين، ولم يؤسس عثمان دولته حباً في السلطة وإنما حباً بالإسلام)

ويقول الكاتب مصرلي أغلوا: ( لقد كان عثمان بن أرطغرل يؤمن إيماناً عميقاً بأن مهمته الوحيدة في الحياة هي الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله،
وقد كان مندفعا بكل حواسه وقواه نحو تحقيق هذا الهدف السامي.)

ولم تكن وصيته لابنه أورخان وهو على فراش الموت إلا دليلاً على ذلك،
"يا بني إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين،
إن نشر الإسلام وهداية الناس إليه،
وحماية أعراض المسلمين وأموالهم،
أمانة في عنقك سيسألك الله عز وجل عنها."

هذه الوصية التي أصبحت منهاج عمل
ومناراً لجميع سلاطين بني عثمان
الذين تعاقبوا على السلطنة طيلة أكثر من ستة قرون.




أنجب الأمير عثمان من الأولاد سبعة،
هم: أورخان بك،
وعلاء الدين بك،
وجوبان بك،
وحامد بك،
وفاطمة خاتون،
وبازارلي بك،
وملك بك.

انتهى...منقول

المصادر:-
كتب التاريخ والسير
المؤرخ أحمد رفيق
الكاتب مصرلي أغلوا