ظهرت مملكة المايذنج آو مالى فى القرن الثالث عشر عقب سقوط امبراطورية غانه فى المنطقة التى تمتد بين اعالى النيجر والسنغال ودامت حتى القرن السابع عشر واصل هذه الدوله يحيط به كثير من الغموض ولكن الاعتقاد السائد بين المتخصصين فى تاريخ افريقيا الغربيه هو ان هذه المملكة التى بدات صغيره قامت على اكتاف عدد من رؤساء القبائل لافريقيه فى المنطقة ومن اهم الرؤساء والزعماء الاوائل الذين وصلتنا اسمائهم والذين كان لهم شان فى النصف الثاني من القرن الثاني عشر تذكر الروايه ثلاثه منهم هم : همانا – جيجوى- بيلالي- 1175- 1200ف(( وموسىكايطا))الذي قام بعدة حجات الى الاماكن المقدسه ممايدل على ان الاسلام تمكن فى هذه الاسرهالملكيه التى كانت على راسها- واما ابن موسى –و- نارى فامغان- 1218-1230 ف فقد اشتهر خصوصا بحروبه وغزواته للمناطق الجنوبيه والجنوبية الغربي هوعلى الضفة اليمينيه لنهر النيجر وقد كان ( سومونو) من اهم الملوك الذين انتصر عليهم وخضعوا له – فى غضون هذه الحروب وكان – لنارى فامغان- عدة نساء تسمى احداهن ( سوجلون كونتى) ولدت له ولد ضعيف البنيه واسمه ( سوندياتا)آو( مارى جاتا ) ومعنى الكلمه اسد مالى ومن زوجاته الاخرى ولد لنارى فامغان احدى عشر ولد اخر قتلهم الملك الوثنى الساحر ( سومادور) عن اخرهم ونجا سوندياتا بسبب عاهته التى احتقر امره من اجلها عندما غزى مملكة ماندنيج – وذات يوم احس سونديانا بان الذل والهوان الذي يتعرض له وطنه على يد الغازى الاجنبى لايحتمل فقرر ان يعمل لتحريره ولتخليصه من تلك الحاله تقول الحكايه ان سونديانا طلب الى اخصائه ان يمده بقضيب من حديد ليستعمله عصا ينهض بها ويتوكاء عليها ولما توكاء على القضيب محاولا النهوض على ساقيه اعوج القضيب ثم تكسر تحت ثقل جسمه وبعد ذلك طلب بقضيب ثانى ثم ثالث كان مصير كل منهما مصير القضيب الاول – واخيرا صاح احد اتباعه اعطوه صولجان ابيه لكى يعتمد عليه وينهض على ساقيه ولما توكاء على الصولجان نهض سونديانا بدون عناء وقد كان ذلك بداية لعهد حافل من تاريخ مالى .

ولكن الغيره لم تلبث ان دبت عقاربها فى صفوف اقاربه الذين لم يكونوا يكنون له الحب والولاء وازاء الضغوط التى واجهها التجاء الى بلدا جنبى واقام فى منطقة ( ميما) ردحا من الزمن وازاءاستمرار تعسف سومادر واستبداده بعث اليه كبار المملكه وفدا ليدعوه الى العوده الى بلده ليقود نضاله وهكذا استجاب سونديانا لنداءوطنه ولم يلبث عقب عودته ان جمع جيشا واخذ يعمل على راسه فى منطقة ( سانكران)و(( تين كيسو)) و(( فوتاجالون)) ولم تحل سنة 1234 ف حتى كان سونديانا على راس قوة كبيره من الشعوب والقبائل المتحالفه لنصرته والتى كانت مصممه على تحرير الوطن - وبعد معارك كان الفشل فيها فى المراحل الاولى حليف سونديانا قرر ان يلجاء فى حرب خصمه (( صوصو)) الى الدبلوماسيه والسحر ولتنفيذ مخططه تطوعت اخته (( مينيامباسوكر)) لكى تقوم بمهمة خاصه لدى الملك الطاغيه – لقد ارادت ان تكشف سر مناعته بحيث لاتؤثر فيه السهام وهكذا اهداها سونديانا الى الملك كعربون على ولائه واخلاصه ولم تلبث ان الهبت نار الحب فى قلبه وفى ليله الزفاف اقترب الملك الزوج من عروسه ولكنها صدت كل محاوله منه قبل ان تعرف كل اسراره وبعد ايام من التردد والتفكير انتهى الامرب ((صوصو ))

الى ان يفشى اسراره لزوجته متناسيا نصائح امه : انه لايمكن ان يقتل الا بواسطة ظفر ديك ابيض ...


ولما استحوذت المرآة على السر الخطير تظاهرت بالمرض قبل ان تهرب تحت جنح الظلام بمساعدة بعض اعوانها لتلتحق بمعسكر اخيها - وبذلك انفتحت ابواب المملكه فى طريق سانديانا وفى سنة 1240ف كان سنديانا يتربع على عرش امبراطوريه كبيره – وقد نقل عاصمة المملكه من مدينة ( جيليبا) الى ( نيانى) التى تقع فى مكان غير بعيد كان قد سجل فيه واحد من اعظم انتصاراته واعاد بناء ذلك المدينه التى كانت فى ذلك الوقت خرابا وهذه العاصمه التى قام – فيدال دجيارد – فى سنة 1920 بالتنقيب فى خرائبها وبجمع بعض المعلومات الشفاهيه عنها شهدت عمرانا وازدهارا كبيرا فى عهد سونديانا والملوك الذين تولوا على العرش من بعده ولكنها تعرضت فى القرن السابع عشر لهجوم شعوب ((بامبرا والغولب ))

الذين خربوها وقد اضطر ملوك البلاد الى الانتقال الى (( مانى كورا)) اى مالى الجديده – وهى عباره عن قريه تقع على الضفة اليمنى لنهر النيجر عند المكان الذي يلتقى فيه بنهر ( سانكران ) ومن مالى الجديده انتقل ملوك كايطا فى مرحله تاليه الى ( كابااوكابنما) على الضفة المقابله للنيجر وعاصمة مالى نيامى وصفها كل من ابن فضل الله العمرى الذي ينقل عن الشيخ ( الدكلى ) الذي عاش فى مالى وابن خلدون وقد ذكر الاول ان المدينه تمتد فى مساحة شاسعه وان سقوف بيوتها مخروطيه الشكل ومبنيه بالخشب والقصب اما قصور الملك فتقع فى مكان واحد تحيط بها اسوار – واما ابن خلدون فيذكر هو أيضا ان المدينة واسعه وتجرى فيها مياه ولها اسواق مقصوده وانها قد اصبحت فى عهده محطة للقوافل الاتيه من المغرب الأقصى وافريقيه – ومصر وهذه المعلومات قريبه مما قدمه ابن بطوطه الذي قام فى المدينة بعض الوقت وقد وجه سونديانا حملات عسكريه من عاصمته ( نيانى) فى اتجاه الغرب ولم يلبث ان وسعت حدود المملكة بان ضمت اليها حقول الذهب الكبرى ( بامبرك) وتواصلت العمليات العسكريه حتى بلغت اسفل نهرالسنغال ونهر غامبيا ومستنقعات التكرور وبذلك اصبحت مالى اعظم واقوى ممالك السودان حيث شملت فيماشملته ولايات غانه الواقعه فى اقصى الغرب .
كانت مالى فى هذا العصر غنيه بالثروات التى تاتيها من حقول وابحار ولكنها كانت فى نفس الوقت بلدا زراعيا وتقول الروايه ان سونديانا كان يولى عناية خاصه للتنمية الزراعيه وانه هو الذي ادخل زراعة القطن والارشاد وغيره من المزروعات كما اهتم بتربية الحيوانات وبعد عشرين عاما من الحكم لقى سونديانا حتفه فى سنة 1255 ف فى حادث غريب فقد أتراد احد انصاره ( تيرايولى) ان يشكره على نعمة اسداها اليه فنظم حملة للرمايه فانطلق سهم طائش من قوس ابنه فاصاب الامبراطور وارداه قتيلا .

وسرك سونديانا مملكته مزدهرة الاقتصاد ولكنها أيضا مملكه متحده فى وقوفها ضد امبريالية ( صوصو) وقد كان سونديانا هو الذي يتولى بنفسه قيادة الخياله التى كانت مسلحه بالسيوف فى الوقت الذي كان فيه جيش المشاه مسلحا بالفؤوس والسهام والحراب الطويله ( طامبا) التى تبعث الرعب فى قلوب الاعداء وعلى الصعيد الاجتماعى نظم سونديانا مملكته على اساس طبقات القبائل المتحالفه معه فبلغ عدد الطبقات ثلاثين طبقه منهاخمس طبقات للصناع اليدويين واربع طبقات للمحاربين وخمس طبقات للعلماء وستة عشر طبقه من الرجال والنساء الاحرار الذين اطلق عليهم مع ذلك اسم(( عبيدالمجتمع)) وهذه الطبقه هى طبقة الفلاحين والعمال الذين ياخذ الجيش منهم حاجته من المشاة فى وقت الحرب .

وتقول الروايه ان سونديانا كانت له زوجه يحبها اسمها ( ديوروندى) وان اخاه الاكبر اعتداعليها بالضرب بينما كان هو يقود حملة عسكريه ومشتبكا مع العدو وفى دخيلة نفسه ساوره احساس انه يوجد فى عاصمته انسان يتالم فامر الجيش بالعوده – وقد خلف سونديانا ابنه ( منسى ) اولى 1255- 1270 ف على عرش مالى وقد اشتهر الاخير بالتقوى والميل الىالعباده وقد قام باداء فريضة الحج الى بيت الله الحرام وفى عهده شهدت الامبراطوريه اتجاها الى الامركزيه بعدما اقطع اراضى كبار القواد وفى مقدمتهم – افران وكمر- وسيريمان كايطا-.
وبعد وفاة الملك آبى بكر الاول سنة 1285 ف واجه البلد مشكلة بشان من يخلفه على العرش وقد استغل احد افاد الاسرة اسمه ( سكورا) ظروف الاضطراب فى الراي فارتقى الى العرش وقداثبتت الحوادث فيما بعد ان سكورا كان رجلا ا كفاء وانه رجل الحرب والسياسه معا فهو لم يكتفى بادارة الامبراطوريه التى خلفها سونديانا على افضل وجه بل عمل على توسيعها فمدد حدودها شرقا على حساب مملكة جاو الحديثة الظهور وغربا حتى ضم ارض التكرور.وبهذا ظم سيكورا منطقة مسينا التى كانت تابعه لملك جاو فى الوقت الذي اخضع فيه الملك ( ديارا) ملك التكرور واصبح تابعا له واتساع رقعة مملكة مالى معناه الثروة والسمعة والازدهار والاقتصاد وهكذا فان المملكه لم تلبث ان اصبحت ملتقى للطرق التجاريه وللقوافل العابره للصحراء والاتيه من مختلف بلدان المغرب ابتداء من طرابلس وقام سكورا باداء فريضة الحج وعند عودته اغتاله قطاع الطرق لدى نزوله عند الشواطيء الطرابلسيه وقد قام رفقاؤه فى السفر بتحنيطه ووضعوه فى جلد ثورونقلوه الى بلده برنو الذي بعث ملكه بمن يحمل جثة الامبراطور لتفن فى بلده مالى ,.
وفى سنة 1303 ف 703 هجرى ارتقى عرش مالى ابوبكر الثاني ابن اخ سونديانا الذي اشتهر خصوصا بمحاولة قام بها لاستكشاف المحيط الاطلسى الذي كان يرفض ماتواتر من انه بحر لاحدود له – ولهذه الغايه اعد الملك 200 سفينه وجهزها بالرجال والمواد الغذائيه وارسلها فى مهمة للبحث عن شواطيء المحيط الغربيه ولكن هذه المحاوله التى سبقت محاولة ( كريستوف كلوب)) بنحو قرنين كانت سابقه لااوانها لانه لم يعد من ذلك الاسطول الضخم الى قاعدته سوى سفينه واحده اخبر رجالها انهم قابلوا بعد جولة طويله تيارا عظيما فى داخل البحر ابتلع جميع وحدات الاسطول - وتقول الرواية التاريخيه ان ابوبكر الثاني لم يياس ولم يفل هذا الفشل من عزمه فجهز اسطولا ثانيا يتكون من 2000 سفينه نصفها خصص لحمل الماء والمواد الغذائيه وقد تولى بنفسه قيادة هذه البعثه العظيمه الاولى لكشف امريكا الجنوبيه ولكن هذا الاسطول لم يكن حظه افضل من الاول لان تجهيزه التقنى لم يسمح له بمواجهة التيارات والامواج العنيفه التى اشتهر بها الاطلسى وكذلك غرق الملك مع كامل قطع اسطوله ولم يعد احد ليروى تفاصيل هذه الماساه النادرة المثال .
لقد برهنت اسرة سونديانا التى خرج منها عده من الملوك العظام انها جديره بمؤسسها ولكن اعظم هؤلاء الملوك اشهرهم فى العالم هو الذي يستولى العرش بعد ابوبكر الثاني وهو ( منسي موسى) آو ( كونكو موسى ) كما يسمى احيانا باسم امه( كونكو) فى سنة 1307ف 707 هجرى اى بعد نصف قرن من وفاة سونديانا وفى سنة 1324 ف 725 هجرى قام الملك برحله الى البلاد المقدسه لاداء فريضة الحج ورافقته خلال هذه الرحله الاف من الرجال والحاشيه والخدم ويقول صاحب تاريخ السودان بان عددهم 60000 ستون الف حيث قطع الصحراء عن طريق ولاته وواحة توات واتجه الى القاهره حيث بهر العقول بعظمته وبضخامة هذه المسيره النادره فان هذه القافله من الحجاج كانت تحمل ضمن ماتحمله طنين من الذهب الابريز الذي خصص لحمله فيمايقول ابن فضل الله العمرى نحو 100 جمل ويقول العمرى الذي حضر الى القاهره بعد وصول منسى موسى اليها ان الناس بعد مرور هذه الفتره كلها لايزالون يشيدون بعظمة امبراطور مالى وغدقون عليه المدح والثناء حيث استفاد من سخائه صغار الموظفين مثل التجار الذين كانوا يتعاملون مع اصحابه حيث كان الواحد منهم يدفع بدون تردد خمسة دنانير للثوب الذي لايكاد يساوى اكثر من دينار واحد وقد طرح من هذا الذهب فى اسواق مصر عقب نزول منسى موسى بها بفضل كرم السودانيين وترفهم ماجعل قيمة الذهب تهبط فى مصر هبوطا شديدا ولم يستعيد الذهب سعره الا بعد مقدم العمرى الى مصر بوقت - والى جانب ثرائه وسخائه ترك منسى موسى اثر فى مصر خصوصا بجلال مظهره ووقاره وعلى الرغم من انه كان يحسن اللغة العربيه فهو لم يكن يتحدث الى زواره الا بترجمان وعندما قيل له ان قواعد البروتوكول تحتم عليه ان يسجد بين يدى سلطان مصر عند مقابلته ذهل واستفضح ذلك ولكنه لما مثل بين يديه خر ساجدا وهويقول :- اننى اسجد لله العظيم الذي خلقنى وخلق الكون كله )) ولم يقتصر سخاء منسى موسى وكرمه على القاهره بل كان ينشر الذهب حيثما حل وقد انطلقت يده بالعطاء خصوصا فى الاماكن المقدسه حيث كان يوزع الهدايا يمينا وشمالا ومن هنا لانجد صعوبة فى ان نصدق انه عندما وصل الى القاهره فى طريق عودته الى بلده كانت الثروة التى حملها قد نفذت الامر الذي تسبب له فى كثير من الحرج ولتغطية نفقات العوده اضطر فى ركبه الاستلاف من احد كبار تجار الاسكندريه وقد سار التاجر فى ركبه الى السودان لكى يسترد قرضه ولكن الرجل مات فى الطريق فى تمبكتو على ان الملك سدد مع ذلك دينه لورثة التاجر.
وفى مكه اتصل بالامبرطور شاعر من غرناطه اسمه ( ابواسحاق الساحلى ) وظل ملازما له حتى ادخله فى خدمته وقد كان ابواسحاق هذا يحمل الى جانب موهبة الشعر موهبة اخرى هى صناعة البناء وكان من الأعمال التى تكلف بها من قبل الملك اعادة بناء المسجد القديم بحيث يكون اليق واكثر اتساعا وملاءمة لوضع المملكه وهكذا بنا فى موضعه مسجدا جديدا بالآجر الامر الذي لم يكن معروفا فى السودان حتى ذلك العهد وقد ظل ذلك المسجد قائما لمدة ثلاث قرون ولاتزال اسسه قائمه حتى الان - .
وفى طريق عودته سمع منسى موسى بان احد قواده قد استولى على جاو عاصمة الصنغاى الامر الذي حمله على الاسراع فى العوده وقد كانت ملكة الصنغاى كبيره تمتد على منعطف النيجر نحو الف ميل انطلاقا من حدود مالى وفى جاو التى وصل اليها عن طريق غدامس وتمبكتو توقف الامبراطور وهناك قدم اليه ملك الصنغاى – ديا اسبيا- فروض الطاعه والولاء مع رهينتين هما ابناه – وكان منسى موسى ملكا مسلما تقيا وقد عمل كثيرا لنشر الاسلام فى امبراطوريته ولكنه واسع الصدر متسامحا فلم يرغم رعيته على اعتناق الاسلام بل ترك لهم حرية الاختيار بين الاسلام ودفع الجزيه ومن اعماله البهيه بناء المسجد الجامع المسمى ( جينجربير) فى تمبكتو –
وكانت حضارة مالى وعظمتها السياسيه بلغت اوجها وقد كان الامبراطور يرتبط بعلاقات ديبلوماسيه مع سلاطين القاهره والمغرب الأقصى الذين كان لهم سفراء معتمدين فى بلاطه كما كان لع سفراء معتمدين فى عاصمتى البلدين –
وبفضل منسى موسى نال اسم مالى شهرة عارمه من الاندلس حتى خرسان – ومنذ سنة 1339ف نجد اسم مالى مرسوما على خرائط العالم التى وضعها ( انجلودولسرت ) وعلى هذه الخريطه نجد طريقا تخترق جبال الاطلسى ثم الصحراء الكبرى تنتهى عند ارض مناجم الذهب – والاطلس الذي وضعه ( ابراهام كريسا ) لشارل الخامس المعروف بالحكيم ملك فرنسا هو الاخر رسم عليه مالى بوضوح – وهذا البلد الغنى بموارده الزراعيه والذهب فان ارضه الواقعه على ضفاف نهر النيجر هو أيضا بلد واسع الرقعه بحيث قيل ان اختراقه بالطول يستغرق مشيا سنة كامله على الاقدام فاذا كانت مالى لاتشمل ادرار لمنوره وتاجنت فهى مع ذلك تضم كل التجمعات البربريه الواقعه جنوب الصحراء وتمتد سلطة ملكه جنوبا حتى غابات غينيا وفى الاتجاه الشرقى الغربى من المحيط الاطلسى حتى بلاد الهوسا .
وفى عهد منسى موسى ازدهرت التجاره والادب فى تمبكتو بعد بناء السهلىا لمسجد الجديد قام بتجديد قصر الملك فى هذه المدينه التى جذبت شهرتها بوصفها اكبر مدينه فى العالم للتجاره فى التبر وبفدها التجار من مختلف الاصقاع ولاسيما من السوس ودرعه وسلجماسه وفاس وتوات وغدامس وفزان واوجله بل ومن مصر أيضا – مصر التى عززت علاقتها التجاريه بمالى منذ زيارة منسى موسى للقاهره ومع التجار قدم الى تمبكتو الفقهاء والادباء والعلماء ليعقدوا حلقات الدروس فى مساجدها – ولما مات منسى موسى سنة 1332 ف 733هجرى خلف وراءه مملكه مترامية الاطراف وجد حلفاؤه من بعده صعوبة فى المحافظة على رقعتها الشاسعه وبعد الملك (ماغان) 1332- 1336 ف الذي وقع فى عهده نهب تمبكتو على يد الموسيين والذى سمح تساهله بفرار اميرى جاو اللذين اخذهما منسى موسى رهينتين تولى العرش منسى سليمان 1341- 1360 ف الذي اصلح شئون البلد الماليه وربط علاقات طيبه مع سلاطين فاس وبعث هدايا فاخره الى السلطان آبى سالم المرينى بمناسبة اعتلائه عرش المغرب الأقصى وكذلك استعاد سلطان مالى على الولايات الشرقيه واصبح رؤساء الطوارق فى تكده ( اير حاليا ) يعترفون بسلطانه ويدينون له بالولاء – وقد استقدم سليمان عدد من العلماء والفقهاء فى المذهب المالكى وقدكان هونفسه فقيها على نفس المذهب – وبعد عدد من الملوك الذين خلفوه اعتلى عرش مالى موسى الثاني 1374-1387 فوالذى كان اميل الى الكسل وعدم الاكتراث بالشئون العامه التى سلم مقاليدها الى حاجبه ( رئيس الوزراء) وهذا الحاجب اغلق عليه الابواب وراح يتصرف وكانه سيد امره وكذلك شن حمله عسكريه على الطوارق ووجه اخرى الى بورنو وبعد موسى الثاني قامت نزاعات ومنافسات فى القصر ووقعت اغتيالات وكان من نتائج كل ذلك انتشار الوهن والضعف فى اطراف الامبراطوريه فى الوقت الذي ظهرت فيه قوة - جاو – التى اخذت تضم ولايات مالى الواحده بعد الاخرى الى اراضيها الشرقيه ثم استولت على – جنى- احدى عواصم مالى – وكذلك انفصل التكرور عن مالى واصبح يشكل منطقه من اراضى دول ( ودلف) وتوالت غارات -عمر كتفرى – سيد جاو على اراضى مالى ولم تكن تحل سنة 1490 ف حتى كان قد اخضع – فوته – بودو – طورو- واتجه الى نهر النيجر واستولى على مدينة – ديار الهاجه- وفى محاولة لوقف زحف جاد المتواصل عقد ملك مالى معاهدة تحالف مع الملك - جان الثاني – ملك البرتغال ومن نطاق هذا التحالف بعث ملك البرتغال بعثتين لنجدة حليفه ولكنه لم تصل اية منها الى مالى وازاء التهديد الذي يشكله التحالف المالى البرتغالى شن عمر كنفرى هجوما خاطفا ساعد على نجاحه و تعسف الولاة الماليين وتضعضع الواجهه الداخليه وبعد مقتل – طانجولا الاول- وكارثة – ديارا – التجاء ابنه كولى طانجولا - الى فوته جالون – حيث انشأ مملكة استمر فى حكمها من سنة 1512 حتى 1530 ف ومن فوطه جالون تمكن من استرجاع بعض ولايات مملكة ابيه –
وفى الفترات التاليه تحول موقف مالى من الدفاع الى التراجع حتى بلغ الامر ان احتل – الاسقيا داود- عاصمته مدة اسبوعين فى سنة 1545 ف وتحت تاثير مختلف الضغوط انقسمت المملكه الى ثلاث مماليك ومع ذلك فقد قام - منسى محمد- بمحاوله اخيره لاسترجاع عظمة المملكه وجمع عدد من رؤساء منعطف النيجر وانظموا الى صفه لمواجهة المغرب الأقصى الذي ضرب بجيوشه مملكة جاو وقد تمكن الماليون من الوصول الى ( جنت ) ولكنهم تراجعوا عنها فى وجه الاسلحه الناريه التى لم يكونوا يعرفونها ومن الاحداث الهامه التى وقعت فى عصر سليمان زيارة الرحاله المغربى ابن بطوطه الذي كان السلطان- ابوعنان- 749 – 759 هجرى – قد ارسله فى مهمه الى بلاد السودان وقد بدأ رحلته فى سنة 1352ف 753 هجرى عن طريق سدلماسه وتغازى وبعد مسيرة شهرين وصلت القافله الى ولاته حيث كان يعيش صديق للرحاله من- سلا – يعمل فى التجاره هناك وبعد بضعة ايام قضاها فى هذه المدينه التى يصف لنا احوالها ومعيشتها وصفا دقيقا رحل الى – نيانى- مع ثلاثة من الرفاق ودليل – وفى غضون هذه الرحله التى استغرقت اربعة عشر يوما لم يحمل معه ابن بطوطه ورفاقه طعاما آو ذهبا اوفضة بل اكتفوا بحمل كميات من الملح والخرز وهى بضائع كانوا يقايضونها بمختلف انواع الطعام – وفى نيانى وجد الرحاله عدد من مواطنيه الذين اعتنوا به واكرموه وهناك استقبله الملك فى قصره وقد سجل لنا ابن بطوطه كثيرا من انطباعاته عن عوائد السودان وتقاليدهم واعطى صوره تدل فى مجموعها على سخطه وان كان قد مدح فيهم حب العدل والامن المنشر فى المملكة والامان بين سكانها والحرص على اداء الصلوات فى اوقاتها ومما استنكره فيهم كون الخدم والجوارى والبنات الصغار يظهرن للناس عرايا تماما وكل شيء يدل على ان ابن بطوطه لم يكن متضايقا كثيرا اثناء اقامته فى نيانى لان هذه الاقامه دامت مالايقل عن ثمانية شهور قبل ان يتجه على متن جمل فى سنة 1353 ف 754 هجرى الى تمبكتو وقبل ان يعود الى بلده عن طريق واحة توات وسجل ماسه .