في عشر أسطر سنلخص أهم العرقيات (الإثنيات) التي يتركب منها المجتمع الجزائري آملين أن لا ننسى أحدا :
التركيبة الإثنية للمجتمع الجزائري 1013278_195004850673
مازالت الابحاث والفرضيات مستمرة حول إنسان ما قبل التاريخ الذي استوطن شمال افريقا إلا أن الأكيد منه أن : أهم التجمعات السكانية التي استقرت في الجزائر تعود إلى قبائل البربر الامازيغوهم أبناء بر بن مازيغ بن كنعان على أغلب ما اتفق عليه المؤرخون ومازالت روافد ألسنهم وثقافتهم منتشرة في عدة مناطق من الجزائر كما أسست الكثير من سلالاتهم إمارات ودول سواءا قبل انتشار الإسلام أو بعده ، وكانت هناك أيضا تجمعات عبرانية يُجهل تاريخ دخولها لشمال افريقيا بالتحديدإلا أن تواجدها يسبق تواجد الرومان في الجزائر، قدمت من المشرق وإستقرت بالجزائر ومنهم من أسس امارات يهودية محلية في أراضي الجزائر . ثم دخل الجزائر الفينيقيون القادمون من سواحل الشام و أسسوا مملكة قرطاج بتونس طيلة ستة (6) قرون و التي كانت تشمل أراضيها على كل من أراضي تونس الحالية والكثير من أراضي الشرق وشواطئ الجزائر وصولا لشواطئ اسبانيا ، حيث أسسوا في الجزائر العديد من المدن ، ما زالت موجودة لحد اليوم أشهرها مدينة (قرتا = قسنطينة ، هيبوريجوس = عنابة ، روسيكاد = سكيكدة ، إيجيجلي = جيجل ، آيول = شرشال ، اكوزيم = العاصمة ، رشقون شمال تلمسان .. الخ ) ثم غزتها جموع وجيوش الرومان وأسسوا العديد من الحواضر (تيمقاد في باتنة ، الجميلة بسطيف ..الخ ) .. و بقوا بها عدة قرون الى أن زحفت في القرن الخامس الميلادي بعض قبائلالوندال في 100 ألف شخص إلى الشواطئ الجزائرية ، واستولوا على مدنها تباعا انطلاقا من طنجة بالمغرب فمدينة سيزارية =شرشال ، فسطيف ، فسالداي=بجاية ، فقسنطينة فكالما=قالمة ، فهيبوريجوس = عنابة …الخ ، و هم قبائل جرمانية أصلها من شرق أوروبا ، قدمت عبر البحر المتوسط انطلاقا من الشواطئ الاسبانية وأسسوا مملكتهم في شمال افريقيا من طنجة إلى طرابلس شرقا ومن قسنطينة الى جزيرة كورسكا ….ثم أصبحت الجزائر بيزنطيةبعدما سيطرت عليها الامبراطورية البيزنطية (عاصمتها القسنطينية = بتركيا ) وشيدت فيها الكثير من المعالم والمدن ..و بقت كذلك لعدة قرون حتى أتت الجيوش العربية الاسلامية ففتحتها و سكنت بها العديد من الفروع العربية ” عرب الفتح ” أغلبهم استقر في الحواضر ( المدن ) واندمجوا مع سكانها وأسسوا الكثير من الحاميات ، وخلال العصور الاولى للفتح خصوصا بعد فتح الاندلس مرت بالجزائر العديد من البطون العربية بفرعيها : القحطانية ( اليمانية ) والشامية ، متوجهة نحو الاندلس ، كما دخلت الجزائر تحت نفوذ وسلطة ( دولة الأغالبة ) وهم سلالة عربية من قبيلة بني تميم حكمت الاراضي التونسية والجزائر، و استقر فيها الكثير من الأشرافالفارين من بطش الحكومات في المشرق ( السُليمانيون ، الادريسيون .. ) الذين أسسوا فيها بعض المدن والممالك ( سوق حمزة = البويرة ، مدينة الشريف بوفاريك بالبليدة ، عين الحوت بتلمسان ..الخ) ، كما لا ننسى نزوح الكثيرمن زعماء الخوارج والشيعة وأتباعهم(بمختلف مذاهبهم ) من المشرق فارين إليها …و في القرن الخامس الهجري دخلت الجزائرالقبائل القيسية العدنانية ( أبناء عدنان من نسل سيدنا اسماعيل بن إبراهيم عليها السلام ) وهي التي كان لها الفضل الكبير في تعريب البلاد تعريبا كليا ، ومن أهمهم قبائل بنو هلال الحجازية ( الاثبج رياح زغبة قرة العمور ..الخ ) و قبائل بنو سليم ( أشهرهم اليوم : الشعانبة ، الأعشاش، العلاونة ، النهودة الكعوب مرداس..الخ ) وحلفائهم من قبائل بنو معقل و قبائل عريب وجشم وفزارة وعدوان وطرود وسفيان والخلوط وغيرهم … فتعربت الجزائر ببواديها بعدما تعربت حواضرها (مدنها ) إبان الفتح .. ثم عادت فيول الاندلسيين الفارين من البطش الذي سُلط عليهم ( وهؤلاء خليط من سكان الاندلس ، من العرب والبربر الأمازيغ و منهم حتى القوط -المُولدون- والصقالبة وكذلك الكثيرمن اليهود ) وزاحموا سكان مدن الجزائر (تلمسان وهران مستغانم العاصمة بجاية عنابة قسنطينة ..الخ ) وذلك بعد سقوط الاندلس في أيدي الصليبيين ومنهم من أسس مدن جديدة كالقليعة والبليدة أو منحت لهم اقطاعات كدلس ببومرداس التي كانت من أشهر مدن الاندلسين ، كذلك سهل بوزريعة بالعاصمة وغيرها … ، وكان من نتائج فرار الأندلسين ، غزو الاسبان للمدن والسواحل الجزائرية وضل الاسبان متواجدين طيلة 300 سنة في تلك المناطق ( لعل أشهل المدن التي سقطت في أيديهم، نذكر : بجاية العاصمة تنس مستغانم وهران … الخ ) مما خلق نوعا من الصراع بين المناطق الداخلية للجزائر وتلك المناطق الخاضعة لحكم الاسبان ( سُميت بحرب 300 سنة ) ، و تداول الزمن ليغزوها ( يفتحها ) العثمانيون منقذين إياها من هجمات و حملات الصليبيين و الاستعمار الاسبانى لمدن شمالها ، وهؤلاء ( بنو عثمان ) الأتراك استقدموا الكثير من العائلات الاوربية المشرقية (أتراك ألبان شراكسة والكثير من العبيد والأسرى الاوربيين ..الخ) أحفادهم اليوم يُلقبون بالكراغلة (كروغلي – قروغلي ) وأغلبهم اندمجوا في طبقة الحضر أي أنهم سكان المدن ويشكلون نسيجا هاما فيها ( كتلمسان المدية تبسة العاصمة قسنطينة البرج مازونة مليانة عنابة وهران واد الزيتون ببمرداس وغيرها من المناطق ..الخ ) … في القرن التاسع عشر “1830 ” دخلت فرنسا الجزائر .. و سكنت البلاد العديد من الاسر الاوروبية فاستقدم الفرنسيون الكثير من ” المعمرين الاوربيين ” فاق عددهم المليونين في وقت من الاوقات ، كما لا ننسى أن هناك مجموعات افريقية متعددة (ما كان يطلق عليهم قديما المجموعات الزنجية = وهم من شعوب ما يعرف اليوم بالساحل الافريقي ) استقرت بجنوب الجزائر ومنهم من هاجر نحو الشمال واندمج مع التجمعات البشرية الاخرى منذ عهد قديم ، ومنهم من استقدمتهم السلطات الحاكمة المتعاقبة على الجزائر( كالفينقيين والرومان والعرب والاتراك ) خصوصا الاتراك الذين اشتهر في عهدهم تجارة الرقيق: سواءا الرقيق الأبيض من غزواتهم في البحار شمالا ( كانت العاصمة الجزائرية مركزا لهذا النوع ) أو الرقيق الأسود باستجلابهم من تخوم أراضيهم الجنوبية ، فاستقدموا مجموعات كثيرة كمخزن-جنود- أو خدم أو موالي لهم ، ويكفي التذكير أن أشهر جيش للدولة العثمانية كان جيشا من العبيد الاوربيين في البداية ، ثم من الأفارقة ( الجيش الانكشاري ) ……… وهكذا التاريخ دول ، لسنا الأوائل ولن نكون الأواخر وتلك سنة الله في خلقه ، ولكن تبقى لنا الجزائر وطنا وأما للجميع : الجزائر مزيج من العرقيات فيهاالعبرانيين و الامازيغ الكنعانيين و الفينيقيين و الرومان و الجرمان والوندال و العرب ( القحطانيين والقيسيين ) و الكراغلة (الترك ومن قدم معهم من ألبان وشراكسة وغيرهم ) وبقايا الافرنج و الأسرى الاوربيين الذين استقدمتهم السفن العثمانية في غزواتها …. ليصدق قول إمامنا عبد الحميد بن باديس رحمة الله عليه :

“تكاد لا تخلص أمة من الأمم لعرق واحد, وتكاد لا تكون أمة من الأمم لا تتكلم بلسان واحد, فليس الذي يكون الأمة, ويربط أجزاءها, ويوحد شعورها, ويوجهها إلى غايتها هو هبوطها من سلالة واحدة. وإنما الذي يفعل ذلك هو تكلمها بلسان واحد, ولو وضعت أخوين شقيقين يتكلم كل واحد منهما بلسان. وشاهدت ما بينهما من اختلاف نظر, وتباعد تفكير, ثم وضعت شاميا وجزائريا ـ مثلا ـ ينطقان باللسان العربي, ورأيت ما بينهما من اتحاد وتقارب في ذلك كله. لو فعلت هذا لأدركت بالمشاهدة الفرق العظيم بين الدم واللغة في توحيد الأمم”. — سنة 1936—
“وإذا نظرت إلى كثير من الأمم الأوروبية اليوم, وفي مقدمتها فرنسا, فإنك تجدها خليطا من دماء كثيرة ولم يمنعها ذلك من أن تكون أمة واحدة لاتحادها فيما تتكون به الأمم”. سنة 1938
وتبقى الحكمة :: (( علينا أن نتعلم أن نعيش مع بعض كإخوة أو نندثر سويا كأغبياء ))


منقوول