السلام عليكم ..
=================
امراء عسير عبر التاريخ (العصر الاسلامي )
الموضوع منقول ومجمع ومصاغ بتصرف من كتب تاريخيه مختلفه ... امل ان تحوز على رضاكم .. رغم ان اغلب الكتب انصفت تاريخنا ببعض الحقيقه ..
ستكون السلسله ابتداء من العصر الاسلامي وحتى العهد السعودي الزاهر ....

***********************


الصرد بن عبد الله الازدي :-


شغلت قبائل عسير مركزا هاما وكبيرا بين القبائل العربيه في الجاهليه وكانت تسمى بقبائل ازد شنوءه فهي من قبائل الازد التي هي من اعرق وامنع القبائل العربيه على الاطلاق . وكانت المنطقه او جزء منها تسمى مخلاف جرش وكانت جرش عاصمتها . وقد كانت تفرض الاتاوة على العير العابره بارضها ومنها عير
قريش في رحلة الشتاء ...
وعلى الرغم من بعد عسير النسبي انذاك جغرافيا عن الحجاز , فقد اسلمت قبائلها ووفدت على المدينه مبايعة مسلمه ..
وقد وصل خبر الدعوه المباركه الى بلاد ازد شنوءه فوفد منها الصرد بن عبد الله الازدي رضي الله عنه في السنه 10 من الهجره على رأس وفد قومه مبايعا مسلما .. وقد امره عليه الصلاة والسلام على قومه واوصاه بالجهاد .

""""" يروى فيما ورد عن علقمة بن سويد بن الحارث الازدي قال : حدثني ابي عن جدي قال : وفدت سابع سبعه من قومي على النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخلنا وكلمناه اعجبه ما رأى من سمتنا وزينتنا فقال من انتم ؟ قلنا مؤمنون , فتبسم وقال " لكل قوم حقيقه فما حقيقة قولكم وايمانكم " قلنا خمس عشرة خصله , خمس منها امرتنا بها رسلك ان نؤمن بها , وخمس نعمل بها , وخمس تخلقنا بها في الجاهليه فنحن عليها حتى تكره منها شيئا . فقال ما الخمس التي امرتكم بها رسلي ان تؤمنو بها؟ قلنا : ان نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر , قال وما الخمس التي امرتكم ان تعملو بها ؟ قلنا : ان نقول لا اله الا الله ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاه ونصوم رمضان ونحج البيت ان استطعنا .. فقال : وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهليه ؟ قلنا : الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء والرضا بمر القضاء والصدق في مواطن اللقاء وترك الشماته بالاعداء ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
حكماء علماء كادو من فقههم ان يكونو انبياء ... ثم قال : وانا ازيدكم خمسا , فيتم لكم عشرون خصله : فلا تجمعو ما لا تأكلون ولا تبنو مالا تسكنون ولا تنافسو في شئ انتم عنه غدا زائلون واتقو الله الذي اليه ترجعون وارغبو فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون """"""

وقد جاهد الصرد بعد عودته جهادا عظيما حتى ان مناوئيه كانو بسفح جبل يسمى " كشر " وقد كانت الغلبه في البدايه للعدو , وبخدعة حربيه استطاع هزيمتهم واجبار من تبقى منهم على الفئ .
وقد كان رجلان من ازد شنوءه في حضرة النبي عليه السلام بنفس يوم الوقعه وقت العصر فسألهم عن جبل شكر , فقالو له ان بارضهم جبل يقال له " كشر " , قال فانه ليس بشكر ولكنه شكر ... ثم وضح لهم فقال : ان بدن الله لتنحر عنده الان .
ثم دعا الله ان يرفع عن قومهما بلاء الحرب وينصرهم ..
وعند وصول الازديان الى قومهما وجدا ما قاله الرسول صحيحا وبنفس اليوم والوقت (العصر ) ..
استمر الصرد بن عبد الله واليا لاقليم جرش (عسير حاليا ) حتى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .


عبد الله بن ثور الازدي :_

ولي في خلافة الصديق رضي الله عنهما وقد طلب منه ابو بكر ان يمده بالرجال المقاتلين لقتال المرتدين باليمامه وقد فعل , وذلك لما تميز به الازد عن غيرهم من قوة وشجاعه وبساله واخلاص حتى يومنا هذا ...
استمر ابن ثور في ولايته ايام الفاروق وعثمان ..


** شارك أزد شنوءه بفعاليه (كعادتهم دوما ) في الفتوحات الاسلاميه داخل الجزيره وخارجها . وذلك في عهد الخلفاء الراشدين ثم الاموييون من بعدهم .. وكانو يتبعون ولاية مكه المكرمه ..

سيكون هذا الجزء خاصا بما بعد العصر العباسي وحتى ما قبل العصر الحديث , أي منذ خروج الجد الاعلى لال يزيد من بغداد اثر سقوط الدوله الامويه وقيام الدوله العباسيه التي لاحقت الامويين ومنهم الجد الاعلى لال يزيد كونه يرجع نسبا الى يزيد ين معاويه بن ابي سفيان .. وذلك الرجل بعد خروجه حاول تأسيس دولة مستقله على غرار دولة ابن عمومته عبدالرحمن الداخل في الاندلس وان لم تبرز كدوله كبرى وقويه الا لاحفاده قبل انضمام عسير للدوله السعوديه بمائة عام تقريبا .. وقبلها كانت في مد وجزر وتم ضمها للعديد من الدول والممالك التي حكمت عبر عصور التاريخ الجزيره العربيه وبعض اجزاء من العالم الاسلامي وبعض اجزاء من العالم .. و في فترات ضعف اليزيديون برز امراء عسيريون اخرون وحكمو المنطقه وهم ال المتحمي , ثم مالبث اليزيديون ان استعادو حكمهم وبرزو بشكل اقوى من ذي قبل واسسو دولة قويه مستقله تعد من اقوى الدول في الجزيره العربيه في ذلك الوقت , حتى تم ضم المنطقه للحكم السعودي ادامه الله ...
لن نتكلم عن ال المتحمي و وال يزيد (ال مسلط وال مجثل , وابناء عمومتهم ال عائض ) في هذا الجزء وسيتم ذكرهم في الاجزاء اللاحقه باذن الله ...

خروج الجد الاعلى لال يزيد وتأسيسه الاوّ لـيّ للاماره :-

في العصر الاموي استمرت مشاركات العسيريين بفعاليه كبرى في الفتوحات الاسلاميه خارج الجزيره العربيه وكانو يدينون بالولاء للوالي الذي يتبعونه في مكه كغيرهم من قبائل الازد ..
وعند قيام الدوله العباسيه بدأت تلاحق بني اميه وتقاتلهم , فتوزعو في الامصار والاقاليم وخاصة البعيده عن انظار العباسيين . وقد كان منهم : علي بن محمد بن عبدالرحمن بن محمد بن يزيد بن معاويه بن صخر بن حرب (وصخر بن حرب هو اسم ابي سفيان ) . استطاع هذا الرجل ان يصل الى بلاد ازد شنوءه او ما يسمى بعسير , وان يجعل اسرته تتحالف مع الازد ويؤسس بذلك امارة جديده حاز على ثقة الجميع لزعامتها . واستمرت الزعامه في تلك الاسره حتى العصر الحديث , الا انه كان يقع من حين لاخر خلاف بين فروع الاسره على الزعامه وهذا شأن الاسر الحاكمه على مر التاريخ . الا ان ذلك كان سببا للضعف وطمع الاعداء , فكانت هذه الدوله بين مد وجزر في القوه والاتساع .

يقول المؤرخ محمود شاكر واصفا علي بن محمد اليزيدي واسرته واهليتهم للزعامه :-
" ان الامير الذي يولد في حضن العز وينشأ في بيت كريم المنبت لا يستطيع ان يكون الا كذلك وان حطت به الايام او قست عليه الظروف اذ لا يلبث ان تحركه ارومته وتدفعه سمعته وامجاد سلفه ان يعود الى مكانه الطبيعي فيأتيه الناس مقدرين له حسبه ووضعه ..فان النفس البشريه لتقدر من حط به القدر وجار عليه الزمان .. وان كان هذا العزيز قوي الحجه طلق اللسان استطاع ان يجعل من وضعه الذي هو فيه قوة ومن مطلبه حقا ومن رغبته عدلا , وكثيرا ما كان ينشأ اولاد الامراء ويربون على هذا وعلى الكرم والشجاعه ليكونو اهلا لمناصبهم , اذ لا يرتفع بخيل ولا بد لمن اراد ان يتصدر المجالس ويجمع حوله الناس ان يكون كريما , فالكرم عنوان الامكانيه على القياده ودليل القدره على توجيه الناس حسب الوجهه التي يريدها واعلاء امره ورأيه .. واذا كان للشجاعة دور كبير فانها لا تنعدم في رجل قطع اكباد الابل واجتاز الفيافي والقفار في سبيل عزته وانفته , فقد كان بامكانه البقاء والسكوت على الضيم والذل والطاعة العمياء لبني العباس ... " انتهى كلام شاكر .

ان الفرق بين وضعي عبد الرحمن الداخل (عبد الرحمن بن معاويه بن هشام بن عبد الملك ) مؤسس الدوله الامويه في الاندلس وعلي بن محمد اليزيدي يكمن فيما يلي رغم ان كليهما امويان : -

1- بعد الاندلس الشاسع عن العباسيين وعن نفوذهم مقارنة بعسير التي هي جزء من جزيرة العرب ولقربها من اليمن التي تكثر فيها الثورات ويحرص الخلفاء على ولائها للدوله ولكون الطريق لليمن يمر عبر عسير فلابد من ولائها للخلافه.
2- غنى الاندلس بالثروات الطبيعيه والكنوز مما يساعد الحاكم على ارساء دعائم الدوله وتقويتها في جميع المجالات .
3- قرب عبد الرحمن الداخل في النسب من اخر حكام بني اميه فجده هشام بن عبد الملك لم تمض على ولايته اكثر من سبع سنين وما زال له موالين كثر انضمو لعبد الرحمن . بينما علي بن محمد من نسل يزيد بن معاويه الذي مضى على خلافته اكثر من 68 عام ولم يكن سهلا عليه جمع الناس لاول وهله وكسب ولائهم .

** وقد ذكر قلة من المؤرخين ان نسل يزيد بن معاويه قد انقطع , الا ان ذلك قد فنده الكثيرون والاغلبيه وذلك لان يزيدا كان له من الولد 15 ولدا وليس من المنطقي قول ذلك , وما دفع اولئك المؤرخين الى ذلك القول هو حرص عقب يزيد وبني اميه عامة على التخفي والتفرق في الامصار البعيده ومنهم علي بن محمد ..

** وطـّـد علي بن محمد دعائم وجوده وحكمه لعسير وتحالفه مع قبائلها (ازد شنوءه ) واستطاع كما ذكر اعلاه وبمدة وجيزه ان يكون صاحب الكلمه والنفوذ . وقد يكون اخفى نسبه في بداية الامر خوفا من بطش العباسيين الا ان بعد عسير النسبي عن مركز الخلافه وتعاطف اهلها معه واعجابهم بشخصيته ساعده في الظهور فيما بعد ..

** ثار علي بن محمد على الدولة العباسيه ايام المهدي وشق عصا الطاعه واستغل ان وضع بني العباس لم يرق للكثيرين ...
ارسل المهدي جيشا كبيرا عظيما لاخماد الثوره في بلاد ازد شنوءه وكان الجيش بقيادة رجل من فرع ازدي اخر وهو عبدالله بن عبدالرحمن الغامدي ونشب قتال عنيف بين الطرفين انتهى بقتل علي بن محمد اليزيدي .

** لم ينته دور ونفوذ الاسره اليزيديه الامويه في عسير بعد مقتل عميدها ومؤسس حكمها وزعامتها .. اذ استطاع ابناء علي بن محمد واحفاده ان يترابطو ويتماسكو فيما بينهم وان يحتفظو بمكانتهم ومركزهم بين قبائل عسير حتى القرن السابع الهجري ..

** في منتصف القرن السابع الهجري وقع خلاف بين عقب علي بن محمد اليزيدي , حيث وقع الخلاف على الزعامه بين ابناء العمومه صقر بن حسان بن سليمان (واليه ينتهي نسب ال عائض الذين حكمو لاحقا بعد عدة قرون ) وابن عمه علي بن ابراهيم بن سليمان (الذي ينتمي اليه ال يزيد الشعف ) , ساندت قبائل شهران وقحطان علي بن ابراهيم ضد ابن عمه ومن معه من قبائل عسير وانتهى الخلاف بقتال ادى الى قتل علي بقرية دلغان عام 652هـ , وبذلك استتب الامر لصقر بن حسان واولاده من بعده حتى ظهور ال عائض فيما بعد وهم بالطبع من عقب صقر بن حسان .


دول وممالك حكمت عسير في فترات متفرقه :


لم يكن حكم اليزيديون الاوائل مستمرا منذ خروج علي بن محمد , بل كان بين مد وجزر واستغلال لضعف الخلافات والدول , فقد ضمت المنطقه لعدة دول قويه حكمت اجزاء شاسعه من الجزيره العربيه والعالم الاسلامي بل والعالم (كالدوله العثمانيه ), وهذه الدول كما يلي :-

*** العباسيون
*** الطولونيون
*** الاخشيديون
*** الفاطميون
*** القرامطه : وقد استطاع اهل عسير ان يقفو في وجههم ويطردوهم شر طرده .
*** السلاجقه
*** الايوبيون
*** المماليك
*** العثمانيون


كان لموقع منطقة عسير الاستراتيجي اهمية كبرى للحجاز واليمن والجزيره .. وقد كان حكم قبائل عسير لمنطقتهم التي تضم قبائل اخرى غيرهم بين مد وجزر مع اخرين وفيما بينهم احيانا , فكل يطمع في شرف حكمها او ضمها اليه وكسب ولاء اهلها لما عرف عنهم من قوة وبأس وشجاعه على مر التاريخ , كما تميز اهل عسير على مر العصور بالتفاني والاخلاص لقضاياهم وولائهم لحكامهم في غير معصيه , ناهيك عما اشتهر عنهم على مر العصور بنبذهم للغدر والطعن من الخلف , فان لم يرق لهم حاكم انقلبو عليه جهارا نهارا ووجها لوجه بعد مناصحته وبذل كل الطرق السلميه .... ومن الطريف ان بعض الغزاه لليمن كانو يتحاشون المرور بعسير بمحاولة سلوك الطريق الساحلي الغربي او الصحراوي الشرقي هربا من اولئك الازد ومن حالفهم من العدنانيين وكلهم ذوو بأس شديد على من هاجمهم وذوو حلم وعطف وكرم على من هادنهم ..



اسقاط الحكم اليزيدي وظهور الحكم المتحمي : (من الامير محمد بن احمد اليزيدي الى الامير محمد بن عامر ابونقطه المتحمي ) :-


عند ظهور دعوة الشيخ الامام المجدد المصلح محمد بن عبدالوهاب رحمه الله واجزل له المثوبة , كانت الجزيره العربيه وخصوصا نجد تعج بالبدع والمظاهر الشركيه , فكانت هذه الدعوه المجدده التي لم تأت بجديد سوى ارجاع الناس الى الحق الذي حادو عنه ..

ورغم ان عسيرا كانت شافعيه قبل هذه الدعوه المباركه , فقد لقيت الدعوه شيئا من المقاومه وهذا حال أي دعوه في بدايتها فقد قاومها اهل نجد انفسهم في بداياتها .. هذا على الرغم من ان المذهب الاصلي لعسير ولكثير من مناطق الجزيره لا تختلف كثيرا عن الدعوه التي تبنت المذهب الحنبلي , سوى في امور بسيطه جدا جدا وليست جوهريه و لا تؤدي الى الخلاف فهي كلها مذاهب اهل السنه والجماعه الاربعه . الا ان المقاومه والخلاف الذي حصل كان سياسيا بحتا ولم يكن عقائديا ...

قاوم الكثيرون الدعوه الوهابيه ومنهم الاشراف في الحجاز ..
انتشرت الدعوه في الجزيره العربيه ممثلة بنجد والحجاز ووصل خبرها الى عسير ابان حكم الامير محمد بن احمد اليزيدي .

كان ممن اقبل على الدعوه وتأثر وأثر بها محمد بن عامر المتحمي الملقب بابي نقطه واخوه عبد الوهاب , وال المتحمي اصلا شيوخ شمل قبائل ربيعه ورفيده وبني ثوعه , وهي احدى قبائل عسير السراه الاربع (يوجد جزء منها بتهامه وهم بنو ثوعه ) .. حيث وفد الاخوان الى الدرعيه ضمن وفد ضم ممثلين ممن اعجبو بالدعوه وداعميها ..

اسند حاكم الدرعيه انذاك ومناصر الدعوه المباركه الامير عبدالعزيز بن محمد بن سعود مهمة نشر الدعوه في عسير وحمايتها الى الاخوان " المتاحمه " , وعند عودتهما بدأّا يتصرفان كحكام مما اثار حفيظة وغضب الحاكم الامير محمد بن احمد اليزيدي (من قبيلة بني مغيد العسيريه ) , فهو لم كن يعرف سر الدعوه ومضمونها ولكونها جديده عليه فان من طبع الانسان احيانا ان يقاوم كل جديد وخاصة من امير حاكم اصبح اخرون يهددون ملكه وسلطانه , هذا على الرغم من ان احفاده قد تبنوها ودعموها لاحقا بعد عودة الحكم لهم فيما بعد ...

استنجد الاخوان المتاحمه بالدرعيه , فارسل لهم الامير عبد العزيز جيشا عرمرما من مختلف القبائل التي ساندت الدعوه انذاك , واستطاعو قتل الامير اليزيدي وهزيمة جيشه ...

وبذلك اصبح الامير محمد بن عامر ابو نقطه المتحمي العسيري اميرا لعسير واتخذ طبب عاصمة قبائله عاصمة لحكمه للمنطقه ...
وبهذا انتقلت الاماره من بيت عسيري (ال يزيد ) الى بيت عسيري اخر ( ال المتحمي ) ...

مؤسس امارة ال المتحمي الامير محمد بن عامر ابو نقطه المتحمي العسيري .. كان ذلك عام 1215 هـ .

نسبه : هو محمد بن عامر ابو نقطه المتحمي العسيري .. وفخذ المتاحمه هم مشائخ قبيلة ربيعة ورفيده احدى قبائل عسير السراه الاربع .. سمي ال ابو نقطه بذلك لنقطة كانت على عين جدهم فكني بذلك وهم فرع من اسرة ال المتحمي .. فمن مثل الامير محمد بن عامر جدير بالاماره نسبا ومكانه ..

ذكرنا فيما سبق انه عندما انتشرت اخبار الدعوه السلفيه المباركه التي دعا لها الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله واجزل له المثوبه , تنامت أخبارها الى الامير محمد بن عامر فذهب الى الدرعيه على رأس وفد يضم اخاه عبدالوهاب بن عامر وطامي بن شعيب المتحمي وبعض ال الحفظي وجمع من اعيان ووجهاء عسير .
الا ان امير عسير انذاك محمد بن احمد اليزيدي وقف لهم بالمرصاد لكنهم طلبو النجده من الدرعيه وكان لهم ذلك حيث انتهى الصراع بمقتل الامير اليزيدي واستيلاء الامير محمد بن عامر على السلطه في عسير ... وقد ذكرنا ذلك في الجزء السابق (2.0) ... و ذكر بعض المؤرخين ان المدد القادم من الدرعيه وما انضم اليه من الدواسر انضم لسرايا محمد بن عامر بقرية حجلا (تسمى الان مدينة سلطان ) وهي اولى قرى عسير المتاخمه لشهران شرقا ثم زحفت الجموع غربا حتى تمركزت بالمكان المسمى " المغوث " ويسمى حاليا " باحة ربيعه " , واتم الجيش مهمته في استتباب الامور لصالح الامير محمد بن عامر ..

اتخذ الامير محمد بن عامر " طبب " مركزا لامارته كيف لا وهي مركز سلطته القبليه الاول ..

امتد نفوذ امارة الامير محمد بن عامر الى سواحل القحمه بتهامه والشقيق غربا وحتى اقاصي بلاد شهران وقحطان شرقا ودانت له قبائل رجال الحجر بالطاعه , وامتد نفوذه حتى حدود وادي الدواسر ..


انتشرت الدعوه السلفيه في ربوع عسير السراه وتهامه عن طريق الدعاه , ووصلت الى المخلاف السليماني المجاور لعسير , الا ان شريف ابي عريش ناصب العداء للدعوه ..

بعد استتباب الامور للامير محمد بن عامر اجرى بعض الاصلاحات الاداريه , واصبح همه نشر الدعوه السلفيه بين الناس, وعين القضاة الشرعيين واهتم باالامور الشرعيه . واهتم كثيرا بنزع السلاح من ايدي القبائل , وكان له ذلك في قبائل السراه , الا ان محاولاته باءت بالفشل مع عسير تهامه (رجال المع ) , وكان لقربهم واتصالهم بحاكم المخلاف السليماني شريف ابي عريش دور في رفضهم .. وقد حاول الامير التفاوض معهم قبل اجبارهم بالقوه وكان له ذلك ... كان كل ذلك لما يمثله رجال المع من قوه مؤثره لها دورها ومكانتها وكلمتها في ترجيح كفة أي حاكم , خاصة ان حملهم على ذلك بالقوه سيؤدي الى خسائر فادحه من الطرفين رغم غلبة الامير ومن معه ..

عاد الامير محمد بن عامر من احدى رحلاته للدرعيه , الا انه اصيب بمرض الجدري في طريق عودته , وتوفي متأثرا بالمرض .. وقد استمر حكمه مدة عامين كانت مليئه بالكفاح والدعوه ..

بايع اهل عسير اخاه عبدالوهاب خليفة له ...


** بايع العسيريون عبدالوهاب بن عامر عن قناعة تامه .. وبلغ الامر علم الامام عبدالعزيز بن محمد بن سعود فوافق على ذلك , وموافقته كون المتاحمه وصلو للحكم بولاء ودعم سعودي لوجيستي ومعنوي ..
ارسل الامام السعودي قاضيا للعمل بجوار الامير العسيري وذلك استمرارا لتبني المتاحمه دعم الدعوه الوهابيه في عسير ..
جبل الامير عبدالوهاب على صفات شخصيه حميده وشجاعه وبأس وتديـّـن جعلته يتمكن من جمع الموالين حوله وكسب تأييدهم .
اتخذ الامير عبدالوهاب طبب عاصمة لحكمه امتدادا لمافعله سلفه و شقيقه من قبل .
استطاع الامير عبدالوهاب اخضاع القبائل التي تشارك عسير اقليميا الى طاعته كقحطان وشهران ورجال الحجر ولم يخرج عن طاعته سوى شيخ محائل حيث ابدى ولاءه لشريف مكه غالب بن مساعد الا انه خضع لطاعة عبدالوهاب فيما بعد .

** كان مما يؤرق الامير عبدالوهاب وحليفه الامام ابن سعود وجود امير ابي عريش الاميرالشريف حمود ابو مسمار وتنامي قوته وتهديداته لمن جاوره وخصوصا عسير , وعد الامير عبدالوهاب حليفه بالقضاء على ابي مسمار حيث جمع مايربو على 20 الف مقاتل من القبائل المواليه له وقصد المخلاف السليماني سالكا عقبة ضلع المعروفه , كان ذلك في رمضان عام 1217 هـ ..
(كان الامير حمود ابومسمار قد أرغم ابن أخيه علي بن حيدر على التنازل له بالاماره ).

واصل الامير عبدالوهاب زحفه الى ابي عريش عاصمة حكم الامير حمود وفي طريقه احتل مدينة صبيا وقوبل بتأييد اميرها منصور بن ناصر , ثم احتل ضمد وايده الكثيرون من الاهالي كالنعاميه وبني شعبه .
حاصر جيش الامير المتحمي ابي عريش وكان هنالك مفاوضات كثيره لاستسلام المدينه لكنها باءت بالفشل وذلك لتعنت اميرها الامير حمود وادراكه بتحصينه لمدينته ناهيك عن حشده للكثير من المقاتلين داخل المدينه وخارجها , اضف الى ذلك انه استعان بعدد من المرتزقه من حاشد وبكيل ويام ودهم (كماعرف عنهم سابقا) .

اشتد القتال بين الطرفين وشارك الاميران ودخلا ساحة المعركه بكل بسالة . مالت الكفة لصالح الامير عبد الوهاب عندما قامت الحصون تسقط بايدي جيشه واحدا بعد الاخرحتى ان قواد الامير حمود بدأو يستسلمون واحد بعد الاخر دون الرجوع للامير حمود . وكان الامير المخلوع الشريف علي بن حيدر وبعض بني عمه من اوائل المستسلمين , حتى انه اسقط في يد الامير حمود واخذ ينتقم ممن خانه او يفكر في الخيانه ..

اشتد الضغط على الامير حمود واخذ كبار رجالاته يحثونه على الاستسلام وانقاذ الناس من الفناء , وعندما يئس الامير حمود رضخ للامر الواقع وكتب للامير عبدالوهاب طالبا منه ايقاف القتال واستلام الامر , اعلن عن ايقاف القتال بعد سقوط مايربو على الالفي قتيل معظمهم من جيش الامير حمود . ثم ان الامير حمود قابل الامير عبدالوهاب واعلن له الطاعه والولاء .

عاد الامير عبدالوهاب الى بلاده بعد ان اسند امارة ابي عريش للامير حمود نفسه وكانت تلك القشه التي قصمت ظهر البعير كما سيتضح لاحقا ..

** استغل الامير حمود ابو مسمار منصب الاماره على ابي عريش لتحقيق غاياته وتوسيع نفوذه وتحقيق مصالحه الاقتصاديه باسم الامير العسيري والامام السعودي والدعوه السلفيه التي " تقـنّـع " بمبادئها , حيث مافتئ يجمع الاموال والمغانم باسم الجهاد والدعوه , ناهيك عن توسعه باتجاه تهامة اليمن وصعده وجبال خولان وحرض , واتصاله سرا بامام صنعاء لاطلاعه على حقيقة حربه مع المتحمي وعلاقته بابن سعود وانه جنح للسلم القسري الظاهري غير انه يرغب في استجماع قواه لحرب اخرى ثأريه , كان الامير حمود قد اوفد في ذلك وزيره الحسن بن خالد الذي عاد خائبا , كان الامير حمود سياسيا داهيه , شجاعا مخاتلا ظهر ذلك في حروبه مع العسيريين واليمنيين حيث كان له صولات وجولات وحروب طاحنه مع اليمنيين ايضا ..

الزم الامير حمود المناطق التي احتلها من اليمن بالالتزام بمبادئ السلفيه وكلفهم بدفع ضرائب باهضه .

** لم يرق للامير عبدالوهاب مابلغه من اخبار امير المخلاف السليماني الامير حمود وتجاوزه لصلاحياته دون الرجوع اليه (الى الامير عبدالوهاب) فبعث اليه بعضا من رجاله لنقاش الوضع فرفض ابومسمار مطالب امير عسير , ثم ان ابي مسمار كتب الى ابن سعود دون علم المتحمي رسائل وديه تضمنت اعترافه بالولاء واستعداده لدعم الدعوه بافضل مما يفعله المتحمي وحملت الرساله بعض الانتقادات لاسلوب المتحمي في ايصال الدعوه وظلمه للناس . وكان له ما ارد اذ وصل المدد من نجد لدعم غزو ابي مسمار لليمن حيث بدا بالحديده وزبيد وضمها الى حكمه بعد قتال عنيف .
بعد هذا استقل الامير حمود ابومسمار عن امارة عسير واميرها عبدالوهاب بن عامر المتحمي الا ان الامير عبدالوهاب حفظها له حتى تحين الفرصه ..

** في العام 1218هـ , استنجد الامام سعود بن عبدالعزيز بالامير عبدالوهاب لنصرته ضد الشريف غالب بن مساعد (شريف مكه) , حيث ان القوات السعوديه المرابطه بمكه ومن ضمنها حوالي 500 مقاتل من عسير قد هوجمت من قبل الشريف واخرجت .. كما كتب الامام لامراء تهامه طالبا النجده والانضمام لقوات الامير عبدالوهاب . توجه الامير عبدالوهاب بجيش قوامه عشرة الاف هزت اخباره الافاق , وما ان وصل الليث حتى خرج الشريف لملاقاته فالتقى الجيشان بجبال يلملم ودارت معارك حاميه عنيفه استمرت سبعين ليله ونجم عنها مايربو على ثلاثة الاف قتيل والاف الجرحى . ورغم تفوق العسيريين على جيش الشريف الا ان ذلك لم يكن كافيا للتقدم خاصة بعد كثرة القتلى والجرحى من الطرفين , مما دعا كل طرف للعوده ادراجه . وفي طريقه وصل الامير عبدالوهاب الى حلي ابن يعقوب واخذ خيل بني شعبه تأديبا لهم ولاميرهم عرار بن شار وتخلفهم عن الغزو معه .

** تأزم الموقف بين عرار بن شار والامير عبدالوهاب مما حدا بابن شار للاتصال بالامير حمود ابو مسمار امير ابي عريش وخصم الامير عبدالوهاب اللدود .
حرض الامير حمود الامير عرار بن شار على مهاجمة رجال المع وطرد حامية الامير عبدالوهاب من تلك الجهات , وشجعه على ذلك ان رجال المع لم يكونو على وفاق تام مع عبدالوهاب امير عسير .
علم الامير عبدالوهاب بالماّمره عليه من قبل امير بني شعبه ورجال المع , فتقدم من السراه بجيش استطاع دحر ابن شار ومن معه من رجال المع من الشعبين , فاندحرو الى درب بني شعبه , الا ان الامير عبدالوهاب نكل اشد نكال بمن وجد في طريقه منهم , ثم قرر الثار من غريمه الازلي الامير حمود ابومسمار والذي شجع بني شعبه ورجال المع على الخروج ..

** رجع الامير عبدالوهاب الى مقر امارته وهو يفكر بالانتقام من خصومه الامير حمود ابومسمار امير ابي عريش والامير عرار بن شار اميربني شعبه ومن انضم اليه من رجال المع , حيث كتب لابن سعود في ذلك .
زحف الامير عبدالوهاب الى درب بني شعبه في 10 الاف مقاتل عن طريق عقبة ضلع , وعندما علم امير بني شعبه عرار بن شار هرب وانضم في 800 مقاتل الى الامير حمود بابي عريش (منهم 500 من رجال المع) , تقدم عبدالوهاب ودمر حصون بني شعبه ونهب اموالها ونكل بالقبائل المتمرده على حكمه , ثم استنجد بالقبائل التي تواليه من محائل وقنا ورجال المع للانضمام للجيش الزاحف تجاه ابي عريش , وعند نشوب القتال بين طلائع جيش عبدالوهاب ومن قابله من جيش ابي مسمار وصلت رسل الامام سعود من الدرعيه وطالبت بايقاف القتال واللجوء للتحكيم الذي سيكون في الدرعيه , فتوقف القتال الذي شمل بعض القتال في السفن الشراعيه وكان يؤذن بحرب طاحنه . تراجع الجيشان وتوجه الامير عبدالوهاب الى الدرعيه , وصحبه ايضا امير صبيا منصور بن ناصر والامير عرار بن شار , ولم يذهب الامير حمود ابومسمار للدرعيه حيث اناب ابنه احمد ووزيره العلامه الحسن بن خالد الحازمي .
جرى التحكيم بالدرعيه وانتهى بترجيح كفة الامير عبدالوهاب على خصومه وانه صاحب الحق , الا ان الامام سعود اقترح اعطاء كل طرف صلاحيته في حدود امارته لانه بدا واضحا عدم اتفاقهما , وذلك ماعدا امير بني شعبه .

** اعلن الامير حمود ابومسمارامير المخلاف السليماني مجددا انفصاله عن امارة عسير واستقل بامارته . لم يرق للامير العسيري ماجرى خاصة ان ابي مسمار ضم بلدانا كانت تدين له بالولاء كالحديده وزبيد .
بعث الامير العسيري عام 1222هـ ابن عمه الامير طامي بن شعيب لجس نبض الحديده وزبيد فوجدهما في قبضة الامير حمود فعاد من حيث اتي للتجهز لغزو بقوة اكثر .
قام الامير عبدالوهاب بنفسه بقيادة حمله على قبائل الريث التي تسكن جبال القهر الوعره لاظهار القوه واستفزاز خصمه الامير حمود , واستطاع اخضاعها لنفوذه .
** ان اختلافات الامير عبدالوهاب والامير حمود السياسيه كانت سببا في سقوط الالاف من القتلى والجرحى , ومع هذا تقبل الناس الدعوه السلفيه التي روج لها الامير عبدالوهاب وادعى الامير حمود دعمها .
كان الامير عبدالوهاب يشك في اخلاص اهل تهامه للدعوه , رغم ان الحال كان بخلاف ظنه .

** جمع الامير عبدالوهاب جيشا قوامه 50 ألف مقاتل لغزو الامير حمود وتلقى بعض الدعم من الدرعيه بالرجال والعتاد , وماان علم الامير حمود بذلك حتى جمع جيشا كثيفا من قبائله ومن القبائل المجاوره له , التقى الجيشان بوادي بيش وبقيا على مقربة من غير نشوب قتال , وبدا واضحا قلة جيش الامير حمود مقارنة بخصمه , الا ان الامير حمود قاد سرية من جيشه توغلت و هاجمت مخيم الامير عبدالوهاب (حيث كانت عيون الامير حمود ) ونشب قتال نجم عن مصرع الامير عبدالوهاب بشكل لم يكن متوقعا ابدا , الا انه القدر , لكن الجيش العسيري انقض على خصمه بقيادة الامير طامي بن شعيب (ابن عم الامير عبدالوهاب) وهزمهم شر هزيمة الا ان الامير حمود نجا باعجوبه .
حاصر الجيش صبيا وكانت محصنة تحصينا قويا ودارت معارك عنيفه تمخضت عن طلب اميرها منصور بن ناصر للصلح وتقرر تسليمها للجيش الزاحف مع بقاء اميرها مواليا , الا ان اميرها فضل مغادرتها ولحق بعمه الامير حمود بابي عريش ..
حاصر الجيش الزاحف ضمد وبعض المناطق القريبه من صبيا وابو عريش .
عاد الجيش ادراجه بعد سقوط الاف القتلى والجرحى وخصوصا من جانب جيش المخلاف .

** بعد مصرع الامير عبدالوهاب بن عامر في 29 جمادى الثانيه من عام 1224 هـ , بايع العسيريون بامارتهم بمباركة سعوديه الامير طامي بن شعيب المتحمي (ابن عم الامير عبدالوهاب بن عامر ) , والذي وضع نصب عينيه الثأر لابن عمه قتيل معركة بيش , فاختار لامارة صبيا ابن عمه الامير محمد بن احمد المتحمي ..



منقول