انصار الحسين:

:.لقد خلت الثورات والحركات التاريخية من النزاهة الكاملة فلا بد من تغلغل عناصر ممن يأتون بفعل المؤامرات والإختراقات الجاسوسية، لا بفعل الايمان والقوة العقيدية واصالة المبادئ والعزيمة والتصميم على الصبر والتوطين على الجهاد حتى النهاية.
اما حركة سيد الشهداء عليه السلام ونهضته المباركة فقد تميّزت بخلوّها من الإختراقات العميلة ولا نجد السبب في ذلك الا لكون الدافع الذاتي هو المحرك للقائمين عليها وانصارها وهذا السلوك الذاتي هو في قبال السلوك الجمعي المحرك للجيش الأموي المعادي.
فقد تنزهت تلك النخبة العملاقة عن دخول فردٍ واحدٍ فيها على الاقل، قد جاء ليحارب بفعل السلوك الجمعي اللاشعوري غير الواعي..
فلم يقنع أحدهم نفسه بوفرة الجند والرجال والفرسان ووفرة العدة، اذ كان لا يهتم كل منهم بكثرة او بقلة ممن سينصرون الامام عليه السلام اذ عليه هو بنفسه هو، فاتفق معها وتحالف مع ذاته، فانطلق منها حراً دونما تأثير غاشم خادع.
فهم كلهم، انما كانوا ينصرون الحسين وينصرون الله.. هذا ما كان في روعهم بلا اعتبارات اخرى..
•غربلة الانصار:
:.لقد هرب الكثيرون ممن لحقوا بالركب من مكة، فلم يهتم الانصار لذلك، رغم كون عدد المنسحبين الضعفاء يربو كثيراً جداً على عدد الصامدين. وبالمقابل فقد ازداد عدد أفراد جيش الحكم الفاسد يوماً بعد يوم، حتى بلغ الآلاف المؤلفة، فلم يكترثوا لذلك ايضاً، وهم لا يزيدون عن المائة رجل الا قليلاً!!! هكذا تكون نزاهة البواعث، والإ، فلا..
لقد أجابوا داعي الله ونداء السماء بحي على الجهاد تحت لواء الحق، أملاً بالبذل والاستشهاد، وهم موفوروا الايمان، على اتم الاستعداد لبلوغ أعلى ما ينشده المؤمن الكامل الشخصية.. فمنذ انطلقت المسيرة المجيدة من المدينة فمكة حتى بطحاء كربلاء، وحتى تمت عدة كل النبلاء، كانوا متترسين، بالعقيدة متدرعين بالمبادئ من اجل الكلمة الحرة، ومن اجل مستقبل أجيال الامة المتقادمة..
لقد كانوا على اعظم معنويات، وأرفع طاقات شهدها تاريخ الابطال البسلاء!.. لم يستوحشوا من قلتهم، او يخشوا كثرة العدو اللدود.. ولم يستاؤوا لندرة عددهم «.. وإنما تكون الندرة هنا أدل على جلالة المرتقى الذي تطيقه النفس الواحدة او الانفس المعدودات، ولا تطيقه نفوس الاكثرين».
بل كانوا يبتسمون، ويضحكون.. كأنما هم في اوقات مباهج الدنيا المقبلة عليهم، حتى أن المزاح وانشراح الصدر مع تصاعد الضحكات من هذا المجاهد أو ذاك، كانا مألوفين تقريباً!. استخفافاً واستهانة بالموت


شرف التضحية:

:.«ولقد أبرزت بطولات كربلاء شرف التضحية على نحو باهر وجليل، ولنكاد نحسب أن الاقدار إنما ارادت ذلك اليوم بكل اهواله وتضحياته لتؤكد شرف التضحية في وعي البشرية كلها، وليضيء بمغزاه العظيم ضمير الحياة..».
«من أجل ذلك، اختارت لها في يوم كربلاء، نماذج رفيعة، بالغة الرفعة .. وقضية عادلة، بالغة العدالة ونضالاً باسلاً بالغ البسالة»..
وخلاصة الأمر ان السلوك الذاتي في شخصية كربلاء هو الأبرز والأوحد ولا وجود للسلوك الجمعي إلا عند معسكر الأعداء فكانت كربلاء قتال الشخصية المستقلة الذاتية في قبال الشخصية الهامشية التبعية.
والحمد لله رب العالمين.