لم يكد الفتى يبلغ القاهرة ويستقر فيها حتى سمع ذكر الادب والادباء ، كما سمع ذكر العلم والعلماء . سمع حديث الادب بين هؤلاء الطلاب الكبار حين كانوا يذكرون الشيخ الشنقيطي ، رحمه الله ، وحماية الاستاذ الامام به وبره له . وقد وقع هذا الاسم الاجنبي من نفس الصبي موقعاً غريبا. وزاد موقعه غرابة ما كان الصبي يسمعه من اعاجيب الشيخ واطواره الشاذة وآرائه التي كانت تضحك قوماً وتغضب قوماً آخرين .



كان اولئك الطلاب الكبار يتحدثون بانهم لم يرو قط ضريباً للشيخ الشنقيطي في حفظ اللغة ورواية الحديث سنداً ومتناً عن ظهر قلب . وكانوا يتحدثون بحدته وشدته وسرعته الى الغضب وانطلاق لسانه بما لا يطاق من القول . وكانوا يضربونه مثلاً لحدة المغاربة . وكانوا يذكرون اقامته في المدينة ورحلته الى القسطنطينة ، وزيارته للاندلس ، وربما تناشدوا شعره في بعض ذلك. وكانوا يذكرون ان له مكتبة غنية بالمخطوط والمطبوع في مصر وفي اوربا . وانه لا يقنع بهذه المكتبة وانما ينفق اكثر وقته في دار الكتب قارئاً او ناسخاً. ثم كانوا يذكرون بعد ذلك متضاحكين قصته الكبرى تلك التي شغلته بالناس وشغلت الناس به ، وعرضته لكثير من الشر والالم ، وهي رايه ان "عمر" مصروف لا ممنوع من الصرف.



وكان الصبي يسمع حديث "عمر" هذا فلا يفهم منه شيئاً اول الامر ، ولكنه لم يلبث ان فهمه في وضوح حين تقدم في درس النحو وعرف المصروف والممنوع من الصرف ، وعرف غير المتمكن والمتمكن ، والمتمكن الامكن من الاسماء. وكان اولئك الشباب يذكرون مناظرات الشيخ مع جماعات من علماء الازهر في صرف "عمر" هذا او منعه من الصرف ، ويتحدثون ضاحكين بان العلماء اجتمعوا للشيخ ذات يوم في الازهر يراسهم شيخ الجامع ، فطلبوا اليه ان يعرض عليهم رايه في صرف عمر. فقال الشيخ في لهجته المغربية المتحضرة: لا اعرض عليكم هذا الرأي حتى تجلسوا مني مجلس التلاميذ من الاستاذ . فتردد الشيوخ ، ولكن واحداً منهم ماكراً ماهراً نهض عن مجلسه وسعى حتى كان بين يدي الشيخ فجلس على الارض متربعاً ، واخذ الشيخ في عرض رايه فقال : انشد الخليل



فقال:



ياايها الزاري على عُمرٍ قد قلت فيه غير ما تعلم



فقال الشيخ الجالس مجلس التلميذ بصوته الماكر النحيف : لقد رايت الخليل امس فانشدني البيت على هذا النحو: "ياايها الزاري على عُمرَ " ولم يدعه الشيخ الشنقطيطي يتم انشاده، وانما قطع عليه الانشاد محتداً وهو يقول : "كذبت ، كذبت! لقد مات الخليل منذ قرون طويلة فكيف يمكن لقاء الموتي؟!" وجعل بعد ذلك يشهد الشيوخ على تعمد صاحبهم للكذب ، وعلى جهله بالنحو والعروض . وضحك القوم وتفرق المجلس دون ان يقضى في امر "عمر" اممنوع من الصرف كما يقول النحاة ام مصروف كما يقول هذا الشيخ الغريب. وكان الصبي يسمع هذا الكلام فيحفظه ، ويجد اللذة فيما فهم منه ، ويعجب بما لم يفهم .



وكان الشيخ يقرأ لبعض الطلاب هذه القصائد التي تعرف بالمعلقات ، وكان اخر الصبي وبعض اصدقائه يسمعون هذا الدرس في يوم الخميس او في يوم الجمعة من كل اسبوع ، وكانوا يعدون هذا الدرس كغيره من الدروس . وكذلك سمع الصبي لاول مرة



قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل.



وما اسرع ما انصرف هؤلاء الطلاب الكبار عن هذا الدرس الذي لم يسيغوه! ولكن اخا الصبي حاول ان يحفظ المعلقات ، فحفظ منها معلقة امريء القيس ومعلقة طرفة. كان يردد الابيات بصوت مرتفع والصبي يسمع فيحفظ ، ثم لم يلبث ان اشرك الصبي معه في الحفظ. لكنه لم يتجاوز هاتين المعلقتين وانصرف الى دروسه الازهرية الاخرى. واستقرت المعلقتان في نفس الصبي يحفظهما ولا يفهم منهما الا قليلاً.



وكان هؤلاء الطلاب يتحدثون عن درس آخر كان يلقى في الازهر ليعلم الازهريين صناعة الانشاء. وكان يلقيه شيخ سوري من خاصة الاستاذ الامام ، وقد اختلف اليه هؤلاء الطلاب فاشتروا الدفاتر وكتبوا موضوعات الانشاء ، ولكنهم عدلوا عنه بعد قليل كما عدلوا عن درس الشنقيطي . واقبل اخو الصبي ذات يوم ومعه مقامات الحريري ، فجعل يحفظ بعضها رافعاً صوته بالقراءة والصبي يحفظ صامتاً ، ثم اشركه في الحفظ كما اشركه في حفظ المعلقات ، ومضيا في ذلك حتى حفظا عشر مقامات . ثم انصرف الشيخ الفتى الى الاصول والفقه والتوحيد ، كما انصرف عن الملعقات ودرس الانشاء.



واقبل مرة اخرى ومعه كتاب ضخم يسمى نهج البلاغة فيه خطب الامام علي وقد شرحها الاستاذ الامام نفسه . فجعل يحفظ من هذه الخطب ويحفظ الصبي معه ، ثم اعرض عن هذا الكتاب كما اعرض عن غيره بعد حفظ الصبي طائفة من الخطب.



وصنع الشيخ الفتى هذا الصنيع نفسه بمقامات بديع الزمان الهمذاني . ولم ينس الصبي قط فصيدة ابي فراس :



اراك عصي الدمع شيمتك الصبر اما للهوى نهي عليك ولا امر



فقد اقبل بها اخوه وقد طبعت مشطرة او مخمسة ، شطرها او خمسها بعض الازهريين ، فجعل يقرا في هذه القصيدة ، ثم لم يلبث ان اعرض عن تشطير الازهري او تخميسه واخذ في حفظ القصيدة نفسها مع اخيه : وانما ذكر الصبي هذه القصيدة لانه صادف في اثنائها بيتاً كان يقع في اذنه موقعاً غريباً ، وهو قول ابي فراس:



بدوت واهلي حاضرون لانني ارى ان داراً لست من اهلها قفر



فقد قراه الشيخ الفتى واحفظه اخاه: لانني ارى دار الست من اهلها قفر. وكان الصبي يسال نفسه عن معنى هذا البيت ، كما كان يرى غريباً ان تاتي كلمة الست في بيت من الشعر . فلما تقدمت به السن وتقدمت به المعرفة ايضاً قرأ البيت على وجهه ففهمه ، وعرف كذلك ان كلمة الست ربما جاءت في شعر المحدثين من العباسيين ، ونثرهم ايضاً .



وكذلك اتصل صاحبنا بالادب على هذا النحو المضطرب المختلط ، وجمع في نفسه اطرافاً من هذا الخليط من الشعر والنثر . ولكنه لم يقف عند شيء من ذلك ولم يفرغ له ، وانما كان يحفظ منه ما يمر به حين تتاح له الفرصة ، ثم يمضي نشاته وفناقله .



وفي ذات يوم من اول العام الدراسي اقبل اولئك الشباب متحمسين اشد التحمس لدرس جديد يلقى في الضحى ، ويلقى في الرواق العباسي ، ويلقيه الشيخ محمد المرصفي في الادب ، وسموا ديوان الحماسة .



وكانوا قد فتنوا بهذا حين سمعوه فلم يعودوا الى غرفاتهم حتى اشتروا هذا الديوان ، وازمعوا ان يحضروا الدرس وان يعنوا به وان يحفظوا الديوان نفسه . واسرع اخو الصبي كعادته دائماً ، فاشترى شرح التبريزي لديوان الحماسة وجلده تجليداً ظريفاً ، وزين به دولابه ذاك، وان كان قد نظر فيه بين حين وحين . وقد جعل اخو الصبي يحفظ ديوان الحماسة ، وربما قرأ عليه شيئاً من شرح التبريزي ، وكان يقرؤه على نحو نحو ما كان يقرأ كتب الفقه والاصول ، ويتفهمه على نحو ما يتفهم هذه الكتب.



وكان الصبي يحس ان هذا الكتاب لا ينبغي ان يقرأ على هذا النحو ولا ان يُفهم على هذا النحو . كان الشيخ الفتى واصحابه يرون ديوان الحماسة متناً ، وكتاب التبريزي شرحاً ، وكانوا ياسفون على ان احداً لم يكتب على هذا الشرح حاشية . وكانوا كثيراً ما يقصون حديث الشيخ اليهم وعبثه بهم وتندره على اساتذتهم وعلى كتبهم الازهرية .



يقصون ذلك ضاحكين منه معجبين به ، ماضين على الرغم منه في درسهم الازهري لا يفترون عنه ولا يقصرون فيه .



وكان صاحبنا يسمع احاديثهم ، فيبتهج لها اشد الابتهاج ، ويشتاق الى هذا الدرس اشد الشوق . ولكن اولئك الشباب لم يلبثوا ان اعرضوا عن هذا الدرس كما اعرضوا عن غيره من دروس الادب ، لانهم لم يروه جداً ، ولانه لم يكن من الدروس الاساسية في الازهر ، وانما كان درساً اضافياً من هذه الدروس التي انشاها الاستاذ الامام ، والتي كانت تسمى دروس العلوم الحديثة ، وكانت منها الجغرافيا والحساب والادب . ولان الشيخ كان يسخر منهم فيسرف في السخرية ، ويعبث بهم فيغلوا في العبث.



ساء ظنه بهم ، فرآهم غير مستعدين لهذا الدرس الذي يحتاج الى الذوق ولا يحتمل الفنقلة . وساء ظنهم به ، فرأوه غير متمكن من العلم الصحيح ولا بارع فيه ، وانما هو صاحب شعر ينشد وكلام يقال ، ونكت تضحك ثم لا يبقى منها شيء.



وكانوا مع ذلك حراصا على ان يحضروا هذا الدرس ، لان الاستاذ الامام كان يحميه ، ولان الشيخ كان مقرباً من الاستاذ الامام ، ينتهز كل فرصة لينشيء في مدحه قصيدة يرفعها اليه ثم يمليها على الطلاب ، وياخذ بعضهم بحفظها على انها من جيد الشعر ورائعة . وكانوا يرونها جيدة رائعة لانها كانت في مدح الاستاذ الامام.



وقد بذلوا ما استطاعوا من الجهد للمواظبة على هذا الدرس ، ولكنهم لم يطيقوا عليه صبراً ، فانصرفوا عنه. وانقطع عن صاحبنا ذكر الادب بعد ان حفظ من ديوان الحماسة جزءاً صالحاً ، ثم اشيع ذات يوم ان الشيخ المرضفي سيخصص يوميم من ايام الاسبوع لقراءة المفصل للزمخشري في النحو. فسعى صاحبنا الى هذا الدرس الجديد. ولم يسمع للشيخ مرة ومرة حتى احبه وكلف به وحضر درس الادب ف ايامه في الاسبوع ، ولزم الشيخ منذ ذلك الوقت.



وكان الصبي قوي الذاكرة ، فكان لا يسمع من الشيخ كلمة الا حفظها ، ولا رأياً الا وعاه ، ولا تفسيرأ الا قيده في نفسه . وكثيراً ما كان يعرض البيت وفيه كلمة قد مضى تفسيرها او اشارة الى قصة قد قصها الشيخ فيما قدم من درسه ، فكان صاحبنا يعيد على الشيخ ما حفظ من قصصه وتفسيره وما قيد من آرائه وخواطره ونقده لصاحب الحماسة وشراحها ، وتصحيحه لرواية ابي تمام ، واكماله للمقطوعات التي كان ابو تمام يرويها .



واذا الشيح يحب الفتى ويكلف به ، ويوجه اليه الحديث في اثناء الدرس ، ويدعوه اليه بعد الدرس فيصحبه الى باب الازهر ثم يدعوه الى ان يصحبه في بعض الطريق . وقد دعاه ذات يوم الى ان يُبعد معه في السير ، حتى انتهى الشيخ وتلميذه هذا وتلاميذ آخرون الى قهوة فجلسوا فيها ، وكان هذا اول عهد الفتى بالقهوات . وقد طال المجلس منذ صليت الظهر دعا المؤدن الى صلاة العصر . وعاد الفتى سعيداً مغتبطاً قوي الامل شديد النشاط.



ولم يكن للشيخ حديث الى تلاميذه اذا تجاوز درس الادب الا الازهر وشيوخه وسوء مناهج التعليم فيه . وكان الشيخ قاسياً اذا طرق هذا الموضوع . وكان نقده لاذعاً وتشنيعه على اساتذة وزملائمه اليماً حقاً . ولكنه كان يجد من نفوس تلاميذه هوى ، وكان يؤثر في نفس هذا الفتى خاصة ابلغ تاثير واعمقه .



واذا الفتى يؤثر هذا الدرس على غيره من الدروس شيئاً فشيئاً ، ويختص اثنين من التلاميذ المقربين الى الشيخ بمودته ثم بوقته . واذا هم يلتقون اذا كان الضحى فيسمعون للشيخ ، ثم يذهبون الى دار الكتب فيقرءون فيها الادب القديم ، ثم يعودون الى الازهر بعد العصر فيجلسون في هذا الممر بين الادارة والرواق العباسي ، يتحدثون عن شيخهم وعما قرءوا في دار الكتب ، ويعبثون بشيوخهم الاخرين ، ويعبثون بالداخلين والخارجين من الشيوخ والطلاب . فاذا صليت المغرب دخلوا الرواق العباسي فسمعوا درس الشيخ بخيت الذي كان يقرأ في تفسير القرأن مكان الاستاذ الامام بعد ان توفى.



ولكن الفتية لم يكونوا يسمعون للشيخ الذي يقرأ كما كان يسمع له غيرهم من الطلاب ، وانما كانوا يسمعون له ليضحكوا منه وليقيدوا عليه اغلاطه ، وكانت كثيرة ولاسيما حين كان يعرض للغو والادب. وليشنعوا عليه بهذه الاغلاط بعد الدرس ، وليعرضوا هذه الاغلاط من الغد على شيخهم المرضفي ، فيقدموا اليه مادة جديدة للتشنيع على اساتذته وزملائه من الشيوخ .



وقد كانت نفوس هؤلاء الفتية ضيقة بالازهر ، فزادها الشيخ ودرسه بها ضيقاً . وكانت نفوسهم شيقة الى الحرية ، فحط الشيخ ودرسه عنها القيود والاغلال.



وما اعرف شيئاً يدفع النفوس ، لا سيما النفوس الناشئة ، الى الجرية والاسراف فيها احياناً كالادب ، وكالادب الذي يدرس على نحو ما كان الشيخ المرضفي يدرسه لتلاميذه حين كان يفسر لهم الحماسة او يفسر لهم الكامل بعد ذلك . نقد حر للشاعر اولاً ، وللراوي ثانياً ، وللشرح بعد ذلك ، وللغويين على اختلافهم بعد اولئك وهؤلاء . ثم امتحن للذوق ورياضة له على تعرف باطن الجمال في الشعر او النثر ، في المعنى جملة وتفصيلاً ، وفي الوزن والقافية وفي مكان الكلمة بين اخواتها . ثم اختبار للذوق الحديث في هذه البيئة التي كان يلقى فيها الدرس ، وموازنة بين غلظة الذوق الازهري ورقة الذوق القديم ، وبين كلال العقل الازهري ونفاذ العقل القديم ، وانتهاء من هذا كله الى تحطيم القيود الازهرية جملة ، والى الثورة على الشيوخ في علمهم وذوقهم وفي سيرتهم واحاديثهم بالحق في كثير من الاحيان ، والاسراف والتجني في بعض الاحيان .



ومن اجل هذا لم يثبت حول الشيخ من تلاميذه الذين كثروا اول الامر الا نفر قليل ، وامتاز منهم هؤلاء الثلاثة خاصة ، فكونوا عصبة صغيرة ولكنها لم تلبث ان بعد صوتها في الازهر ، وتسلمه بها الطلاب والشيوخ ، وتسامعوا خاصة بنقدها للازهر وثورتها على التقاليد ، وربما كانت تنظم من الشعر في هجاء الشيوخ والطلاب واذا هي بغيضة الى الازهريين مهيبة لهم في وقت واحد.



ولم يكن الشيخ استاذاً فحسب ، ولكنه كان اديباً ايضاً ، ومعنى ذلك انه كان يصطنع وقار العلماء اذ لقى الناس او جلس للتعليم في الازهر ، فاذا خلا الى اصدقائه وخاصتهم عاش معهم عيشة الاديب ، فتحدث في حرية مطلقة عن كل انسان وعن كل موضوع ، وروى لخاصته من شعر القدماء ونثرهم ما يثبت انهم كانوا احراراً مثله ، يقولون في كل شيء وفي كل انسان لا متنطعين ولا متحفظين ، كما كان يقول .



وكان ايسر شيء واهونه ان يذهب الطلاب مذهب شيخهم ولا سيما ، اذا احبوه واكبروه ، ورأوا فيه المثل الاعلى للصبر على المكروه والرضا بالقليل ، والتعفف عما لا يليق بالعلماء والترفع عما كان ينغمس فيه كثير من شيوخ الازهر من الوان السعاية والنميمة والكيد والتقرب الى الرؤساء واصحاب السلطان.



كان تلاميذ الشيخ يرون منه ذلك راى العين ويلمسونه بايديهم ، ويعيشون معه ، في حين كانوا يزورونه في منزله ذلك المتهدم الخرب القديم في حارة قذرة من حارات باب البحر يقال لها "الركراكي" . هناك في اقصى هذه الحارة كان يسكن الشيخ ، يسكن بيتاً قذراً متهدماً ، تدخل فيه من بابه ، فاذا انت في ممر ضيق رطب تنبعث فيه روائح كريهة ، قد خلا من كل شيء الا هذه الدكة الخشبية الضيقة الطويلة العارية التي قد اسندت الى حائط يتساقط منه التراب .



وكان الشيخ ينزل لتلاميذه فيجلس معهم على هذه الدكة ، ولكنه يجلس راضياً مطمئناً ، يسمع لهم باسماً ويتحدث اليهم ارق الحديث واعذبه واصغاه وابراه من التكلف . وربما كان مشغولاً حين يقبل تلاميذه لزيارته ، فيدعوهم الى غرفته ، فيصعدون اليه في سلم متهدم ، ويسلكون اليه دهليزاً خالياً من كل شيء قد انتشر فيه ضوء الشمس . حتى اذا بلغوا غرفته دخلوا على شيخ منحن قد دخل على الارض ، ومن حوله عشرات الكتب يبحث فيها عن مقطوعة يريد ان يتمها ، او بيت يريد ان يفسره ، او لفظ يريد ان يحققه ، او حديث يريد ان يصحح الرأي فيه ، وعن يمينه ادوات القهوة . فاذا دخلوا عليه لم يقم لهم ، وانما تلقاهم مستبشراً فرحاً ، ثم دعاهم الى الجلوس حيث يستطيعون ، ودعا احدهم الى صنع القهوة وادارتها عليه وعليهم . ثم تحدث اليهم لحظات ، ثم دعاهم الى ان يشركوه فيما كان بسبيله من بحث او تحقيق.



ولم ينس الفتى واحد صديقيه انهما زارا الشيخ ذات يوم حين صليت العصر .. فلما صعدا اليه لقيا شيخاً قد جلس على فراش متواضع القي في هذا الدهليز ، والى جانبه امراة محطمة قد انحنت حتى كاد راسها يبلغ الارض والشيخ يطعمها بيده .



فلما راى تلميذيه هش لهما ، وامرهما ان ينتظراه في غرفته شيئاً . ثم اقبل عليهما بعد حين وهو يقول ضاحكاً واضي النفس ، "كنت اعشي امي ".



كان هذا الشيخ اذا خرج من داره صورة الواقار والدعة ، وامن النفس وطمأنينة القلب وصفاء الضمير . وكان صورة الغنى واليسار، لا يحس من يتحدث اليه الا رجلاً قد يُسر عليه في الرزق ، فهو يعيش عيشة امن وهناءة وهدوء.



ولكن تلاميذه وخاصته كانوا يعلمون حق العلم انه كان من اشد الناس فقرا واضيقهم يداً ، وانه كان ينفق الاسبوع او الاسابيع لا يطعم الا خبز الجراية يغمسه في شيء من الملح ، وكان على ذلك يعلم ابنه تعليماً ممتازاً ، ويرعى غيره من ابناءه الذين كانوا يظنون العلم في الازهر رعاية حسنة ، ويدلل ابنته تدليلاً مؤثراً ، يصنع هذا كله براتبه الضئيل الذي لم يكن يتجاوز ثلاثة جنيهات ونصف جنيه . كان من اصحاب الدرجة الاولى ، فكان يتقاضى جنيها ونصف جنيه لذلك ، وكان الاستاذ الامام قد كلفه درس الادب فكان يتقاضى لذلك جنيهين . وكان يستحي ان يقبض راتبه اول الشهر ، ويكره ان يختلط بالعلماء وهم يتهافتون على "المباشر" ليتقاضوا منه رواتبهم ، فكان يدفع خاتمه الى تلميذ من خاصته ليقبض له هذا الراتب الضئيل في الضحى ويؤديه اليه بعد الظهر.



كذلك كان يعيش هذا الشيخ ، وكان تلاميذه يرونه ويشاركونه في حياته تلك البائسة الحرة الممتازة . وكان يرون ويسمعون من امر شيوخ اخرين ما كان يملأ قلوبهم غيظاً وحنقاً ونفوسهم ازدراء واحتقاراً . فاي غرابة في ان يفتتنوا بشيخهم ويتاثروه في سيرته وفي مذهبه وفي ازدرائه للازهريين وثورته بما كان لهم من تقاليد !



لم ينكر تلاميذ الشيخ عليه في ذلك العهد الا انه انحرف ذات مرة يوم عن الوفاء للاستاذ الامام حين تولى الشيخ الشربيني مشيخة الازهر ، فنظم الشيخ قصيدة يمدح فيها الشيخ الجديد ، وكان تلميذاً للشيخ محباً له . وكان الشيخ الشربيني خليقاُ بالحب والاعجاب . واملى الشيخ المرصفي على تلاميذه قصيدته التي مساها ثامنة المعلقات : والتي عارض بها قصيدة طرفة . فلما فرغ من املائها ، والتف حوله تلاميذه ، مضى في الثناء على استاذه ، وعرض بالاستاذ الامام شيئاً ، فرده بعض تلاميذه في رفق ، فارتد اسفاً خجلاً واستغفر الله من خطيئته .



وكذلك اندفع هؤلاء التلاميذ فيما دفعهم اليه حبهم للشيخ وتاثرهم به ، فاسرفوا على انفسهم وعلى شيخهم .



ولم يكتفوا بهذا العبث الذي كانوا يعبثونه بالطلاب ، ولكنهم جعلوا يجهرون بقراءة الكتب القديمة وتفضيلها على الكتب الازهرية . يقرءون كتاب سيبويه او كتاب المفصل في النحر ، ويقرءون كتاب عبد القاهر الجرجاني في البلاغة ، ويقرءون دواوين الشعراء لا يتحرجون في اختيار هذه الدواوين ولا في الجهر بانشاند ما كان فيها من شعر المجون يقولونه احياناً في الازهر . ويقلدون هذا الشعر ويتناشدون ما ينشئون من ذلك اذا التقوا . والطلاب ينظرون اليهم شرزاً ، ويتربصون بهم الدوائر ، وينتهزون بهم الفرص . وربما اقبل عليهم بعض الطلاب الناشئين يسمعون منهم ويتحدثون اليهم ، ويريدون ان يتعلموا منهم الشعر والادب ، فيغيظ ذلك نرءهم من الطلاب الكبار ويزيدهم موجدة عليهم وائتماراً بهم.



وفي ذات يوم كان صاحبنا يعد مع احد صديقيه درس الكامل ، فعرضت لهم هذه الجملة من كلام المبرد : "ومما كفرت العلماء به الحجاج قوله والناس يطوفون بقبر النبي ومنبره : انما يطوفون برمة واعواد." فانكر صاحبنا ان يكون في كلام الحجاج ما يكفي لتكفيره ، وقال لقد اساء الحجاج ادبه وتعبيره ، ولكنه لم يكفر . وسمع بعض الطلاب ذلك فانكروه ، ثم تناقلوه .



وان فتيانا الثلاثة لفي مجلسهم حول الشيخ عند الحكيم عطا واذا هم يدعون الى حجرة الشيخ الجامع ، فيذهبون واجمين لا يفهمون شيئاً .فاذا دخلوا على الشيخ حسونة لم يجدونه وحده وانما وجدوا من حوله اعضاء مجلس ادارة الازهر وهم من كبار العلماء ، فيهم الشيخ بخيت ، والشيخ محمد حسن العدوي ، والشيخ راضي وآخرون . ويلقاهم الشيخ متجهماً ، ثم يامر رضوان رئيس المشدين ان يدعوا من عنده من الطلاب . فيقبل جماعة من الطلاب فيسالهم الشيخ عما عندهم . ويتقدم احدهم فيتهم هؤلاء الفتية بالكفر لمقالتهم في الحجاج ، ثم يقص من امرهم الاعاجي.



وكان هذا الطالب ماهراً حقاً ، فقد احصى على هؤلاء الفتية كثيراً جداً مما كانوا يعيبون به الشيوخ ، ومما كانوا يعيبون به الشيخ بخيت والشيخ محمد حسنين، والشيخ راضي والشيخ الرفاعي ، وكانوا جميعاً حاضرين ، فسمعوا باذانهم آراء هؤلاء الفتية فيهم . وشهد طلاب آخرون بصدق هذا الطالب في كل ما قاله . وسئل الفتية فلم ينكروا مما سمعوا شيئاً . ولكن الشيخ لم يحاورهم ولم يداورهم ، وانما دعا اليه رضوان فامره في شدة بمحو اسماء هؤلاء الطلاب الثلاثة من الازهر لانه لا يرديد مثل هذا الكلام الفارغ ، ثم يصرفهم عنه في عنف . فخرجوا وجلين قد سقط في ايديهم لا يعرفون ماذا يصنعون ، وكيف يصورون هذه القصة لاهلهم.



ولم يقف امرهم عند هذا الحد ولا عند نظر الطلاب اليهم في ضحك منهم وشماتة بهم ، ولكنهم اقبلوا بعد صلاة العشاء ليلقوا شيخهم المرصفي وليسمعوا منه درس الكامل . واقبل الشيخ ، فلقيه رضوان وانبأه في ادب ولطف بان الشيخ الجامع قد الغى درس الكامل ، وبانه ينتظره في مكتبه اذا كان الغد.



فانصرف الشيخ محزوناً ، ومضى معه تلاميذه الثلاثة خجلين وجلين ، والشيخ يُسري عنهم مع ذلك . حتى اذا كانوا في بعض الطريق خطر لهم ان يذهبوا الى الشيخ بخيت ليستعطفوه ويوسطوه عند شيخ الجامع . وقال لهم شيخهم ، لا تفعلوا ، فلن تبلغوا من سعيكم هذا شيئاً ، ولكنهم مضوا مع ذلك الى دار الشيخ بخيت . فلما ادخلوا عليه عرفهم فتلقاهم ضاحكاً ، ثم سالهم عن جلية امرهم في فتور . فلما احذوا يدافعون عن انفسهم قال لهم في فتور ايضاً : ولكنكم تدرسون الكامل للمبرد ، وقد كان المبرد من المعتزلة ، فدرس كتابه اثم.



وهنالك نسى الفتية انهم جاءوا مستعطفين ، واخذوا يجادلون الشيخ حتى احفظوه . وانصرفوا عنه وقد ملاه الغضب وملاهم الياس . ولكنهم مع ذلك تضاحكوا من الشيخ واعادوا بعض كلماته وتفرقوا وقد تعاهدوا ان يخفوا الامر على اهلهم حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً .



ولقوا شيخهم من الغد ، فانباهم بان شيخ الجامع قد حظر عليه قراءة الكامل ، وكلفه قراءة الغنى لابن هشام ، ونقله من الرواق العباسي الى عمود في داخل الازهر . ثم جعل الاستاذ يعبث بشيخ الجامع ، ويزعم لتلاميذه انه لم يخلق للعلم ولا للمشيخة ، وانما خلق لبيع العسل الاسود في سرياقوس ، وكان قد فقد اسنانه فكان ينطق السين ثاء ، وكان يتكلم لغة القاهرة فكان يجعل القاف همزة ، ويمد الواو بينها وبين السين ، وكان يتكلم هامساً ، فلم ينس تلاميذه قط هذه الجملة التي طبعوا بها الشيخ حسونة رحمه الله ، فسموه "بائع العثل في ئرياؤوث".



ولكن بائع سرياقوس هذا كان شديداً حازماً ، وكان مهيباً صارماً ، يخافه الشيوخ جميعاً ومنهم الشيخ المرضفي ، فقد اخذ يقرأ كتاب المغنى ، وذهب اليه تلاميذه مطمئنين، وما يعنيهم ان يقرأ الشيخ هذا الكتاب او ذاك. حسبهم ان يقرأ الشيخ وان يسمعوا منه ويقولوا له وقد سمعوا منه . فلما هم الفتى ان يقول له بعض الشيء اسكته في وفق وهو يقول: لأ ، لأ ، عاوزين ناكل عيش ؟. ولم يعرف الفتى انه حزن منذ عرف الازهر كما حزن حين سمع هذه الجملة من استاذه ، فانصرف عنه ومعه صديقاه ، وان قلوبهم ليملؤها حزن عميق.



على انهم لم يرضوا بهذه العقوبة التي فرضها عليهم شيخ الجامع ، وانما فكروا في الطريق التي يجب ان يسلكوها ليرفعوا عن انفسهم هذا الظلم ، فاما احدهم فقد آثر العافية وفارق صاحبيه واتخذ لنفسه مجلساً في جامع المؤيد بمعزل من العدو والصديق حتى تهدأ العاصفة . واما الاخر فقص الامر على ابيه ، وجعل ابوه يسعى في اصلاح شأن ابنه سعياً رقيقاً . ولكن الفتى لم يفارق صاحبيه ولم يعتزل عدواً ولا صديقاً ، وانما كان يلقى صاحبه كل يوم فيتخذان مجلسهما بين الرواق العباسي والادارة ، ويمضيان فيما تعودا ان يمضيا فيه من العبث بالطلاب والشيوخ.



واما صاحبنا فلم يحتج الى ان يقص الامر على اخيه ، فقد انتهى الامر الى اخيه عن طريق لا يعرفها . ولكن اخاه لم يلمه ولم يعنف عليه ، وانما قال له : "انت وما تشاء فستجني ثمرة هذا العبث وستجدها شديدة المرارة ". ولكن الفتى لم يكن يعرف رفقاً ولا ليناً ، فلم يسع الى احد ولم يتوسل الى الشيخ باحد ، وانما كتب مقالاً عنيفاً يهاجم فيه الازهر كله وشيخ الازهر خاصة ويطالب بحرية الرأي. وماذا يمنعه من ذلك وكانت الجريدة قد ظهرت وكان مديرها يدعو كل يوم الى حرية الرأي.



وذهب صاحبنا بمقاله الى مدير الجريدة فتلقاه لقاء حسناً فيه كثير من اعلطف والاشفاق . وقرأ المقال ثم دفعه ضاحكاً الى صديق له كان في مجلسه يومئذ ، فالقى الصديق نظرة على هذا المقال ثم قال غاضباً : لو لم تكن عوقبت على ما جنيت من ذنب لكانت هذه المقالة وحدها كافية لعقابك . وهم الفتى ان يرد على هذا الصديق ، ولكن مدير الجريدة قال له مترفقاً : ان الذي يحدثك هو حسن بك صبري مفتش العلوم الحديثة في الازهر . ثم قال له : اتريد ان تشتم الشيخ وتعيب الازهر ، ام تريد ان يرفع عنك هذا العقاب؟ قال الفتى : بل اريد ان يرفع عني هذا العقاب ، وان استمتع بحقي من الحرية . قال مدير الجريدة : فدع لي هذه القصة وانصرف راشداً .



وقد انصرف الفتى ، ثم لم يلبث ان تبين وتبين معه صاحباه ، ان شيخ الجامع لم يعاقبهم ولم يمح اسماءهم من سجلات الازهر ، وانما اراد تخويفهم ليس غير.. ومنذ ذلك الوقت اتصل الفتى بمدير الجريدة وجعل يتردد عليه ، حتى جاء وقت كان يلقاه فيه كل يوم .



وفي مكتب مدير الجريدة ظفر الفتى بشيء طالما تمناه ، وهو ان يتصل ببيئة الطرابيش بعد ان سئم بيئة العمائم ، ولكنه اتصل من بيئة الطرابيش بارقاها منزلة واثراها ثراء ، وكان وهو فقير متوسط الحال في اسرته ، سيء الحال جداً اذا قام في القاهرة . فاتاح له ذلك ان يفكر فيما يكون من هذه الفروق الحائلة بين الاغنياء المترفين والفقراء البائسين .







الكتاب الثالث : من الفصل الثاني .....



....ثم مضت الايام وتتابعت فيها الاحداث ، حتى اذا دار العام راى الفتى نفسه يتهيأ للامتحان في الازخر لينال درجة العالمية . وقد تلقى الفتى حينئذ ما كان يسمى بالتعيين ، وهو الدروس التي يجب ان يعدها ليقيها امام لجنة الامتحان ، ويثبت لمناقشة الممتحنين فيها.



فاستعد الفتى واحسن الاستعداد ، وحفظ فاحسن الحفظ ، حتى اذا لم يبق بينه وبين شهود الامتحان الا سواد الليل ، اقبل عليه شيخه المرصوفي - رحمه الله -فأبناه هذا النبأ العجيب الذي لم يحمله اليه في ضوء النهار ، وانما حمله اليه في ظلمة الليل ، بعد ان صليت العشاء.



قال الشيخ : اذا اصبحت يابني فاستقل من الامتحان ولا تخضره في عامك هذا ، فان القوم ياتمرون بك ليسقطوك.



قال الفتى : وما ذاك ؟!



قال الشيخ : تعلم اني عضو في لجنة الامتحان التي ستحضر امامها غداً ، والتي يرأسها الشيخ دسوقي العربي ، فقد دُعى رئيس اللجنة الى رئيس اللجنة واُمر باسقاطك مهما تكن الظروف.



قال الفتى : ولكني ساحضر امام لجنة اخرى يراسها الشيخ عبد الحكيم عطا .



قال الشيخ : فان هذه اللجنة لن تجتمع لان رئيسها ابى ان يسمع للشيخ الاكبر حين امره باسقاطك . فلما الح الشيخ الاكبر عليه الح هو في الاباء ، فلما خيره الشيخ الاكبر بين اسقاطك وبين ال اتجتمع لجنته آثر الا تجتمع اللجنة ، وقال انما هو غداء وثلاثون قرشاً .



وأبى الفتى ان يستقيل على رغم الحاح الشيخ المرضفي عليه في ذلك ، ونام ليله هادئاً موفوراً ، واستقبل صاحبه راضياً مسروراً . وغدا على لجنة الامتحان ، وكانت في مكان ما في الدراسة لا يعرف الفتى اقائم هو ام درس من المنازل والدور.



غدا على لجنة الامتحان فالقى التحية ، وجلس ، وكان اعضاء اللجنة يشربون الشاي.



قال الرئيس للفتى : "هل افطرت؟"



قال الفتى : "نعم"



قال الرئيس: "فاتمم هذا الكوب الذي شربت نصفه لتحصل لك البركة. "



واخذ الفتى من الشيخ كوبه مبتسماً ، وشرب ما فيه متكرهاً. ثم اخذ في الدرس الاول فانفق فيه ساعتين ونصف ساعة ، ولقى فيه من المناقضة اشدها ، ومن الجدال اعنفه . وفي اثناء ذلك دخل الشيخ الاكبر ، فلم يسلم ، وانما قال : حرام عليك ياشيخ دسوقي ، حرام عليك ، ارفق به! ارفق به! ثم انصرف .



ولم يرفق الشيخ دسوقي بالفتى ، وانما اضاف شدة الى شدة ، وعنفاً الى عنف ، وانقضى الدرس الاول . وقيل للفتى اذهب فاسترح .



وخرج الفتى فاذا كرسي قد وضع الى جانب الباب ، وجلس عليه الشيخ الاكبر كانه ينتظر شيئاً . ولم يكد يرى الفتى حتى دعا شيخاً من الشيوخ كان هناك وقال له : خذه ياشيخ ابراهيم فاسقه فنجاناً من القهوة . وفي انتظار هذا الفنجان اقبل من حمل المحفظة الى الفتى ايذاناً بانه قد سقط ، وبأن اللجنة لا تريد ان يتم ما بقي له من الدروس.

نقل اليكم