الأطــــــلال..شـعر د. ابراهيم ناجى

ألحان رياض السنباطى..مقــــام هــزام 1966


يا فؤادى لا تسل أين الهوى....كان صرحا من خيال فهوى

اسقنى واشرب على أطلاله....وارو عنى طالما الدمع روى

كيف ذاك الحب أمسى خبرا ....وحديثا من أحاديث الجوى


لست أنساك وقد أغريتنى....بفم عذب المناداة رقيق

ويد تمتد نحوى كيد....من خلال الموج مدت لغريق

وبريق يظمأ السارى له....اين من عينيك ذياك البريق


يا حبيبا زرت يوما أيكه....طائر الشوق أغنى ألمى

لك إبطاء المذل المنعم ....وتجنى القادر المحتكم

وحنينى لك يطوى أضلعى....والثوانى جمرات فى دمى


أعطنى حريتى أطلق يديا....إننى أعطيت ما استبقيت شيا

آه من قيدك أدمى معصمى....فلم أبقيه وما أبقى عليا

ما احتفاظى بعهود لم تصنها....وإلام الأسر والدنيا لديا


أين من عبنى حبيب ساحر....فيه عز وجلال وحياء

واثق الخطوة يمشى ملكا....ظالم الحسن شهى الكبرياء

عبق السحر كأنفاس الربى....ساهم الطرف كأحلام المساء


أين منى مجلس أنت به ....فتنة تمت سناء وسنى

وأنا حب وقلب هائم....وفراش حائر منك دنا

ومن الشوق رسول بيننا....ونديم قدم الكأس لنا


هل رأى الحب سكارى مثلنا....كم بنينا من خيال حولنا

ومشينا فى طريق مقمر....تثب الفرحة فيه قبلنا

وضحكنا ضحك طفلين معا....وعدونا فسبقنا ظلنا



وانتبهنا بعد ما زال الرحيق....وأفقنا ليت أنا لا نفيق

يقظة طاحت بأحلام الكرى....وتولى الليل والليل صديق

وإذا النور نذير طالع....وإذا الجر مطل كالحريق

وإذا الدنيا كما نعرفها....وإذا الأحباب كل فى طريق



أيها الساهر تغفو....تذكر العهد وتصحو

فإذا ما التأم جرح....جد بالتذكار جرح

فتعلم كيف تنسى....وتعلم كيف تمحو



يا حبيبى كل شيء بقضاء....ما بأيدينا خلقنا تعساء

ربما تجمعنا أقدارنا....ذات يوم بعد ما عز اللقاء

فإذا أنكر خل خله....وتلاقينا لقاء الغرباء

ومضى كل إلى غايته....لا تقل شئنا فإن الحظ شاء


الأطـــــــلال
القصيدة المغـناة يختلف نصها عن القصيدة التى وردت فى ديوان ناجى بنفس الاسم ، وقد أضيف إليها مقطع من قصيدة أخرى لناجى وهو البادئ بالبيت هل رأى الحب سكارى مثلنا ، وبلغ التوفيق حده فى هذا المزج إذ أن ذلك المقطع بلغ ذروة القصيدة بل إنها اشتهرت به ، والشاعر الدكتور ابراهيم ناجى كان طبيبا بالفعل وعرف عنه إنسانيته البالغة فى معاملته لمرضاه حتى أنه كان يعطى مرضاه من الفقراء نقودا بدلا من أن يتقاضى منهم أجرا
رياض السنباطى فى هذه القصيدة حلق بالنغم فى آفاق جديدة ، فرغم شرقيته المفرطة إلا أن اللحن بدا وكأنه يطرق نغمات جديدة على السمع ، فقد تخلص السنباطى من كثير من الجمل التقليدية وصاغ جملا بعيدة عن التوقع ، وقد وفق تماما فى التعبير عن الموضوع نصا وكلمات بل وربما حروفا أيضا ، ويبلغ اللحن أقصى مداه فى التعبير فى تصوير الأبيات حسب موقفها الدرامى ، ومن عجائب لحن الأطلال أنه لم يلق ذلك القبول الفائق الذى لقيه فى أسماع الناس وقلوبها من أول مرة ، فقد جاءت الأطلال يعد موجة من ألحان عبد الوهاب لأم كلثوم وضع فيها كيرا من الإبهار ، وتعـود الناس على هذا الأسلوب حتى جاء السنباطى فبهر الجميع ليس بالآلات الجديدة ولا الإيقاعات الجذابة وإنما بقوة التعبير الفائقة والتى احتاجت لبعض الوقت حتى يمكن للجمهور قراءة النص جيدا ، خاصة أنها قصيدة شعرية
غنت أم كلثوم الأطلال فى إحدى حفلاتها بالقاهرة عام 1966، واختارت أن تغنيها بعد ذلك بعام على مسرح أولمبيا فى باريس عام 1967 وهنا قامت الدنيا ولم تقعد فقد استمع إليها مباشرة جمهور جديد ، وانبهر الناس بأدائها خاصة حين غنت أعطنى حريتى أطلق يديا ، وأحدث أداؤها دويا هائلا جذب الناس إليها جذبا ، وتظل الأطلال حتى يومنا هذا نموذجا رائعا للموسيقى العربية الأصيلة.



مع الشكر