من المعلوم ان
علم الأنساب هي من العلوم التي لا تحتمل الظن والإفتراضات
، وللأسف ان هناك من يقول
: { ان علم النسب علم ظني الدلالة }
وهذا الإستدلال خاطئ
، لأن علم النسب
يدخل ظمن الأمور الشرعية
وقد حظنا الشرع على تعلم الأنساب
فقد ذكر في كتاب { صحيح البخاري } الجزء / 3 صفحة 1287 / باب المناقب :
قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]
وقوله تعالى :
{ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
وحول اهمية هذا العلم يقول الإمام { البخاري } :
{ حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما
ثم وجعلناكم شعوبا وقبائل قال الشعوب القبائل العظام والقبائل البطون }
ويقول :
{ حدثنا قيس بن حفص حدثنا عبد الواحد حدثنا كليب بن وائل قال حدثتني ربيبة النبي صلى الله واله عليه وسلم زينب بنت أبي سلمة قال قلت لها ثم أرأيت النبي صلى الله عليه واله وسلم أكان من مضر قالت فممن كان إلا من مضر من بني النضر بن كنانة}
ولو لم يكن علم النسب قطعي الدلالة لما
امر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بتعلمه
، فقد قال { أبن حجر العسقلاني } في كتابه { فتح الباري } الجزء 6 / صفحة 527 باب
قوله تعالى { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية } :
{ بل ورد في المرفوع حديث تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
وله طرق أقواها ما أخرجه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة
وجاء هذا أيضا عن عمر ساقه بن حزم بإسناد
رجاله موثوقون إلا أن فيه انقطاعا }
وحول تفسير آية { شعوبا وقبائل } يقول { أبن حجر } :
{ لتعارفوا أي ليعرف بعضكم بعضا بالنسب يقول فلان بن فلان وفلان بن فلان أخرجه الطبري عن مجاهد }
وعن تفسيره لآية { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } يقول :
{ وقوله تعالى واتقوا الله الذي تساءلون به
والأرحام قال بن عباس أي اتقوا الأرحام
وصلوها أخرجه بن أبي حاتم عنه والأرحام جمع رحم
وذووا الرحم الأقارب يطلق على كل من يجمع بينه
وبين الآخر نسب والقراءة المشهورة والأرحام نصبا وعليها جاء التفسير }
فالإنسان لا يتسنى له معرفة قبيلته
و اولي رحمه إلا بتعلم النسب ،
ولذلك فقد شدد على الذين يقولون ان
{ علم النسب ظني وليس قطعي } فقال :
{ والمراد بذكر هذه الآية الإشارة إلى الاحتياج إلى معرفة النسب
أيضا لأنه يعرف به ذوو الأرحام المأمور بصلتهم
وذكر بن حزم في مقدمة كتاب النسب له فصلا
في الرد على من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر
بأن في علم النسب ما هو فرض على كل أحد
وما هو فرض على الكفاية وما هو مستحب
قال فمن ذلك أن يعلم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
هو بن عبد الله الهاشمي فمن زعم أنه لم يكن هاشميا
فهو كافر وأن يعلم أن الخليفة من قريش
وأن يعرف من يلقاه بنسب في ليجتنب تزويج
ما يحرم عليه منهم وأن يعرف من يتصل به ممن يرثه
أو يجب عليه بره من صلة أو نفقة أو معاونة
وأن يعرف امهات المؤمنين وأن نكاحهن حرام على المؤمنين
وأن يعرف الصحابة وأن حبهم مطلوب وأن يعرف الأنصار ليحسن إليهم لثبوت الوصية بذلك ولأن حبهم إيمان وبغضهم نفاق قال ومن الفقهاء من يفرق في الجزية وفي الاسترقاق بين العرب والعجم فحاجته إلى علم النسب آكد وكذا من يفرق بين نصارى بني تغلب وغيرهم في الجزية وتضعيف الصدقة قال وما فرض عمر رضي الله عنه الديوان إلا على القبائل ولولا علم النسب ما تخلص له ذلك وقد تبعه على ذلك عثمان وعلي وغيرهما وقال بن عبد البر في أول كتابه النسب ولعمرى لم ينصف من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر انتهى }
فمن هذا المنطلق اخوتنا الأعزاء فإننا نقول { لا مكان للتخمين والإفتراضات والمجازات في معرفة قبائلنا } لأنه علم قطعي وليس ظني ، بمعنى انه يجب على من تصدر للتأليف والبحث في انساب قبائلنا المعاصرة من تحقق الأمانة العلمية والتاكد من المصادر وعرضها على أكثر من رواية ومخطوطة وسؤال اهل هذا العلم والتأكد من الصحيح والسقيم من الروايات ، وان يقوم بزيارات ميدانية إلى مكان الحدث حتى يتحقق بعينه لا ان يعتمد على الكتب والسماع والمشهور ، وكما أسلفت في موضوعي السابق ان علم النسب جزء من علوم الحديث والمبني على الروايات فما يعتري الحديث الشريف من قوة وضعف و إضطراب في الرواية كذلك يعتري انساب القبائل العربية القديمة والمعاصرة .
آمل انني قد وفقت إلى تبيين ضرورة تعلم هذا العلم النفيس إلى حضراتكم .
متمنيا لكم دوام التوفيق والسداد .