معروف الرصافي
معروف الرصافي (1875 - 1945 م) هو شاعر عراقي من أب كردي و أم تركمانية من عشائر القرغول والتي يرجع أصولها إلى قبيلة الشاة السوداء التركمانية التي حكمت العراق و قسماً من إيران زمناً ما قبل العثمانيين, عاش في مدينة بغداد حيث أكمل دراسته فيها ، ثم انتقل إلى اسطتنبول والقدس ، وبعد إتمام دراسته عاد إلى وطنه .

له تمثال في الساحة المقابلة لجسر الشهداء عند التقاطع مع شارع الرشيد المشهور قرب سوق السراي والمدرسة المستنصرية الاثرية.
امتاز أسلوب الرصافي بمتانة لغته ورصانة أسلوبه ، وله آثار كثيرة في النثر والشعر واللغة والآداب أشهرها ديوانه [ ديوان الرصافي] حيث رتب إلى احد عشر بابا في الكون والدين والاجتماع والفلسفة والوصف والحرب والرثاء والتاريخ والسياسة وعالم المرأة والمقطعات الشعرية الجميلة .
لقد استأثرت حياة الشاعر العراقي معروف الرصافي (1875-1945) باهتمام الباحثين والدارسين ولم يتركوا شاردة ولاواردة الا احصوها، ويأتي ذلك بسبب الحياة الطويلة العريضة التي عاشها الشاعر الرصافي بأنفلات واضح في السلوك والتصرف وغشيان الكثير من المحظورات .

كان الرصافي قد ارتحل من بغداد من الدار التي ما زالت قائمة في سوق الهرج وفي الزقاق المؤدي من السوق إلى بناية الثانوية المركزية ارتحل منتصف الثلاثينات(1933) إلى مدينة الفلوجة ونزل في ضيافة آل عريم الكرام، الذين انزلوه احد منازهم المطلة على نهر الفرات قريباً من الجسر الذي كان قد ابتني حديثاً والشبيه بجسر الصرافية ببغداد .
ارتحل إلى هناك بعد ان سئم الحياة في بغداد ولغرض التفرغ للمطالعة والكتابة فكان يمضي مدة الصباح حتى الظهر بالكتابة لكنه على الرغم من السنوات الطوال وحتى مغادرته الفلوجة ابان احداث ايار1941 ونشوب الحرب بين الجيش العراقي والقوات البريطانية لم يكمل تأليف كتابه (الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس)، والذي ظل مخطوطاً طيلة هذه السنوات ومنه نسخة لدى الاستاذ كامل الجادرجي واخرى لدى الاستاذ طه الراوي وثالثة في المجمع العلمي العراقي .

ليلاً ينعقد مجلس الشراب اليومي الذي يحضره عدد من اصدقائه منهم حاكم محكمة الصلح في الفلوجة خالد محمد حافظ رحمه الله حتى اذا انفض السامر ولعبت الخمرة بالرصافي كل ملعب جلسا ليتحدثا ويسمرا وقد وجد خالد ان احاديث الرصافي هذه قمينة بالتسجيل والتدوين فأنه بدأ بتدوين الاحاديث حالما يعود إلى داره خشية اللبس وضياعها من الذاكرة لابل كان يستزيده ويستوضحه عن اشياء محددة وحوادث مهمة وبعضها شخصي اذ كان الرصافي يتحدث على سجيته وحينما يكون في اوج تدفقه وتألقه وازال عن طريقه كل المحظورات والممنوعات واوغل في التنقيب عن الاسرار وتعرية الذات والآخرين واذا كان ابو نواس قد اوقفها عند موطن الاسرار فأن الرصافي ما اوقفها ، ترك نفسه تاخذ حريتها كاملة وكأنه يتحدث إلى نفسه.

في احاديث الرصافي المنشورة, اختلاف واضطراب وخاصة ما يتعلق بزواجه من الامرأة التركية المسماة (فاطمة) يوم ذهب إلى الاستانة عام 1912 نائباً عن المنتفك في مجلس المبعوثان التركي (النواب) الذي انشئ بعد الانقلاب ضد السلطان عبد الحميد عام 1908 وعزله والمناداة بالسلطان عبد المجيد بدلاً عنه ومن ثم اعلان الدستور (المشروطية) اذ لم تخلف هذه المرأة بحجة كونها ضعيفة البنية، اذ يقول : (وكانت زوجتي فاطمة نحيفة للغاية ولهذا كانت احوالها الصحية لاتساعدها على الولادة فإنها حملت مرة واحدة واجهضت ابناً وأشار الطبيب عليها بعد ذلك بعدم الحمل والا فقدت حياتها واعطيت الادوية اللازمة وقد جاء ارشاد الطبيب في مصلحتي لاني لم اكن راغباً في الاولاد وبقيت في معاشرة زوجتي فاطمة المذكورة والسكن معها في بيت واحد المدة التي قضيتها في الاستانة وحتى تركي الاستانة بعد الهدنة).

ترى لماذا لم يعد اليها ، بله ان يصطحبها معه؟ او ليست زوجته؟ اهي متاع فيتركها هناك، وقد عاشرها سنوات وسنوات؟ ولنسمعه يتحدث عن طلاقها منه بكل برودة اعصاب وكأنه ترك نفاية (انقطع الاتصال بيني وبين زوجتي فاطمة وحسبما علمت بعد ذلك ان زوجتي اقامت الدعوى تطلب الفرقة لغيابي غيبة منقطعة وهي اربع سنوات فحكم (....) المذكور بالفرقة وهذا كل ما علمته عنها فيما بعد) اذ هناك من يقول انه لم يتزوج من البكر (فاطمة) بل تزوج ثيباً اسمها بلقيس واذ اضطربت الروايات وتناقضت في مسألة لاتحتاج إلى تناقض فيرى البعض انه لم يتزوج وهذه من مبتدعاته واخيلته وعدم الاهتمام البادي في حديثه عنها يؤكد انه امضى سنواته هناك لاهياً وصاحب قصيدة (بداعة لاخلاعة) لاشأن له بالاسرة ولا بالزواج.

الاخيلة ، تكاد تنسحب على قصة لقائه بالملك فيصل الأول وانه غادر المجلس مع عدم صدور ما يستوجب زعله من قبل الملك فيصل الأول اذ كان قال ضد الملك وبلاطه شعراً فأرسل عليه الملك جليل الشأن ليستوضحه ويعاتبه وبدل ان يعتذر عن قولته الفاحشة ترك المجلس مغاضباً واعلانه في احاديثه للحاكم خالد محمد الحافظ انه ترك المجلس لايزيد في شأنه بل يزيد من شأن الملك واسع الصدر.


الملك لايريد المفاهمة
قال الرصافي اخذني تحسين قدري وكان احد المرافقين وادخلني على جلالة الملك في غرفته بادرني الملك ليش يا معروف انا الذي اعدد اياماً واقبض راتباً ولم يكن بخلدي ان القصيدة ستسبقني اليه فأجبته : اسأل الله ان لا تكون كذلك وجلست على الكرسي دون استئذان ثم قال ليش كل هذا العداء يا معروف ؟ فأجبته يا صاحب الجلالة لايوجد شخص واحد في الدنيا يقول ان لي مطمعاً في مقامكم لاجل ان يكون لي عداء معكم (....) ولما وجدت ان الملك لايريد المفاهمة قمت من مجلسي ولوحت يدي بالسلام وانصرفت..).

واذا كان لهذه الذكريات من فضيلة فلها فضيلة اظهار الرصافي على حقيقته بدون مواربة او رتوش الذي روى الاحداث من غير تعمية او مجاملة ذلك انه كما ارى كان يتحدث حديث الصديق لصديقه من دون ان يكون يطرق ذهنه انها ستنشر في زمان ما لذا جاء على ذكر الكثير من المسكوت عنه انها اشبه بتأريخ ما اغفله التاريخ الذي يقف عند الحوادث الكبرى والمهمة اما الصغيرة والشخصية فيطويها النسيان وكر الايام فجاءت هذه السطور لتصور عقوداً من حياة العراق الحديث والمنطقة العربية وحياة الرصافي في تألقه وخفوته في غضبه وحبوره في انفته واستجدائه ، او بين او جه وحضيضه على لغة الشيخ جلال الحنفي - رحمه الله- الذي الف كتاباً عن الرصافي بهذا العنوان ، نشره عام 1962 انه قريب من كتاب (بغداد كما عرفتها) للبغدادي العراقي الحاج امين المميز - رحمه الله- فلقد جاء في كتابه على الكثير من الاسرار مما دفع الرقابة إلى نزع صفحات منه من ص282 -ص293 والاهل كان الرصافي يتحدث عن ماسونيته التي غادرها سريعاً؟ او حديثه الصريح مع رجينة واختها سليمة بنتي مراد بن باشا وبوحه الذي لاتقبله اعراف المجتمعات الشرقية التي تميل إلى التستر وتعمل الموبقات وتستحي من الاعلان عنها؟


من شعره
قال في وصفه في عظمة الله:
انظر لتلك الشجرة --ذات الغصون النظره
كيف نمت من حبة --وكيف صارت شجره
فابحث وقل من ذا الذي-- يخرج منها الثمره


فللرصافي مشاهد كثيرة في الحكم والأوصاف والأقاصيص الحزينة التي تظهر بؤس وفقر الأمة ومقاومتها للاستبداد وظلم الأجنبي ، بالإضافة إلى آرائه الحدية في السياسة وانتقاد السلطة ، فهو يدعو إلى الثورة الاجتماعية والسياسية ليعم الرخاء ولتنعم البلاد بالحرية والمساواة .
عاصر معروف الرصافي الشاعرَ العراقي جميل صدقي الزهاوي وقد دعى كلاهما إلى تحرير المرأة ونزع الحجاب (العباءة) التي كانت مستخدمة من قبل عامة نساء العراق. ولكن كانت المنافسة والعدواة بينهما شديدة حيث قال الرصافي اشياء كثيرة في النيل من الزهاوي.
توفي الرصافي سنة 1945م