كان يذهب صباح كل يوم إلى الكلية فيراها مطلة من النافذة ،
ويعود من الكلية بعد ...الظهر فيجدها ما تزال في النافذة ، وخفق قلبه.
لم تقل له أى كلمة ، لم تشر له أي إشارة ،
وإنما كانت ابتسامتها تتكلم وتتحدث وتغنى عن أي شئ.
وأحس أنها تنتظره هو وحده ، وتبتسم له وحده ،
دون عشرات... الألوف من الناس الذين يمرون في هذا الشارع.
وكان في بعض الأحيان يتعمد التأخير فيجدها في انتظاره ،
وكان أحيانا يقدم الموعد فيجدها في انتظاره تبتسم له
كانت فتاة شقراء ، دقيقة التقاطيع ، جميلة الملامح ،
أحس أنها أجمل فتاة في العالم ،
وأن ابتسامتها أحلى ابتسامة في الدنيا ،
وكان انتظارها الدائم له يفعل في نفسه فعل السحر ،
لأول مرة في حياته يجد أحدا يهتم به ويبتسم له ،
تقدم في دراسته من أجلها ،
كان يشير إليها فتبتسم ، ألقى إليها رسالة فابتسمت ،
ونال بكالوريوس الهندسة ، وسافر في بعثة إلى أمريكا ، وعاد بعدها ،
مر من تحت نافذتـها فوجدها ما زالت مبتسمة ،
لم تغضب لغيابه الطويل لحصوله على الدكتوراه ،
أكيد ستتفهم الوضع ما دامت ستعرف أنه فعل كل هذا من أجلها....
وذهب لخطبتها من أبيها..
هز الأب رأسه وقال : هل تعرفك؟؟
نعم.. إنها تعرفنى منذ ثمانى سنوات ، تعرفنى كل يوم ،
وتبتسم لى كل يوم......
قال الأب والدموع تنهمر من عينيه :
ولكنها عمياء يا بنى ، لم ترى عيناها النور منذ ولادتـها...
وإذا بالدكتور المهندس الشاب يقول : إنه مصر على أن يتزوج بـها وهى عمياء!!!!!
ودهش الأب ، وقال المهندس :
إننى مدين لهذه الابتسامة بكل ما وصلت إليه في حياتى
والمرأة التي تصمد لهذا العجز وتبتسم للدنيا
برغم حرمانها من أن ترى جمالها هى امرأة رائعة...
وتزوج المهندس من الفتاة العمياء ،
ومشت معه في طريق الحياة ، ووقفت بجانبه في الشدائد ،
وما زالت عيناها العمياوان أجمل عينين رآهما في حياته
حقا : القلوب أحيانا تبصر أحسن مما تبصر العيون .
جمال الروح يظهر فى أن نحب إناسا لم نراهم بأعيننا بل بقلوبنا رأيناهم وبإحساسنا لمسنا رقيهم وجمال قلوبـهم

‏الأذواق ليست على كفة واحدة ، فأحدهم يراك عاديً و الآخر يراك الجمال بعينه.

جمال الجسم يفنى مثلما تفنى الزهور وجمال النفس يبقى زاهراً مرّ الدهور
جبران خليل جبران.


[warning]ناسف لحظركم كونك نبهت اكثر من مره على عدم وضع رابط دعائي[/warning]