بعد وفاة علي بن يوسف بن تاشفين عام 537هـ تولى الحكم بعده ابنه تاشفين وكانت دولة الموحدين المناوئين لحكم المرابطين في المغرب قد خطت شوطا كبيرا في الانتشار والقوة وأصبح الموحدون يشكلون تهديدا خطيرا للدولة المرابطية ولم يكن تاشفين في قوة جده يوسف بن تاشفين وأبيه علي في صفات القيادة والبطولة.

ومن الإنصاف أن يقال أن الإحداث التي مرت بها الدولة كانت فوق طاقته رغم شجاعته الشخصية وقد اشتبك تاشفين بن علي في عدة معارك مع الموحدين وتوفي عام 539هـ إثر سقوطه وهو على متن فرسه بينما كان يريد القفز به من فوق جبل في وهران ( الجزائر ) فرارا من ملاحقة قوات الموحدين له

استولى بعد ذلك الموحدون على تلمسان ثم فاس وفي عام 541 هـ استولوا على مراكش بعد حصارهم لها لمدة طويلة وقتل إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين آخر أمراء المرابطين

هذه الأحداث المباشرة التي تصور كيفية سقوط دولة المرابطين
عوامل سقوط دولة المرابطين
أولا : تكتل الدول النصرانية ضدها :

شعورا منها بالخطر المحدق الذي كان يتهدد كيانات هذه الدول نتيجة قوة دولة المرابطين لجأت هذه الدول النصرانية في شمال الأندلس إلى التكتل في وجه هذه الدولة التي أحيت تقاليد الجهاد الإسلامي في الأندلس من جديد وأحرزت انتصارات باهرة في عديد من المعارك الكبرى ضد هذه الدول فاتحدت فيما بينها وضغطت على الدولة المرابطية من الشمال والشرق والغرب بصورة مستمرة وبعد السنوات الأولى من حكم علي بن يوسف بن تاشفين تغير موقف هذه الدول من الدفاع إلى الهجوم وسقطت مدينة سرقسطة في الثغر الأعلى عام 512هـ للفونسو المحارب ملك أراغون وتعاظم خطر هذا الملك وازدادت وطأته حتى أنه حاصر غرناطه في الجنوب عام 519هـ عدة أشهر وقد أدت هذه التطورات لإضعاف الدولة المرابطية .
ثانيا : شيوع الترف بين بعض الولاة :

من أبرز ملامح دولة المرابطين في فترة قوتها حياة الخشونة والتقشف والبساطة وعلى مضي الزمن أخذت تظهر في مجتمع المرابطين وخاصة بين ولاتها ملامح حياة مترفة ناعمة وبالتالي أدى ذلك إلى الانصراف عن مهامهم الأساسية في الحكم والإدارة على سبيل المثال تميم بن يوسف بن تاشفين وانعكس ذلك على الدولة مما جعل الشيخوخة تدب إلى كيان الدولة بسرعة . <o:p></o:p>

ثالثا : الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية :

برزت في المجتمع المرابطي بعد عصر يوسف بن تاشفين وأوائل عهد ابنه علي كثير من المنكرات الفاسدة وظهر فئة من المترفين استهزئوا بالقيم والأخلاق الاسلامية وكانت تلك ذريعة لمحمد بن تومرت في بث الدعاية ضد الدولة المرابطية وهكذا لما يظهر الترف والفساد في أمة إلا كان ذلك مؤذنا بهلاكها قال تعالى ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )

رابعا : الافتقار إلى حكام أقوياء :

لم تحظ الدولة المرابطية بعد يوسف بن تاشفين من الأمراء من يكون في مواهبه وعبقريته وها هو ذا ابنه وخليفته في الحكم علي بن يوسف لم يكن في مستوى الأحداث التي واجهت الدولة في عهده إذ لم يستطع إدراك خطورة هذه الدعوة ولم يفكر في ملاحقتها والقضاء عليها في السنوات الأولى من ظهورها ’ أما ابنه تاشفين كان أضعف من أبيه في مواجهة هذا الخطر الذي تعاظم رغم خوضه عددا من المعارك .
خامسا : ظهور الموحدين :

لا شك أن أهم عـــــامل في سقوط دولة المرابطين بجانب العوامل السلبية الآنفة الذكر عامل ايجابي مهم وهو ظهور الدعوة الموحدية التي تزعمها محمد بن تومرت المصمودي من البربر في حدود عام 515هـ والتي سرعان ما نمت وازداد عدد أتباعها حتى أصبحت دولة في عام 524هـ وخاضت هذه الدولة معارك عديدة ضد المرابطين في عهد عبدالمؤمن خليفة ابن تومرت وتحقق النصر تلو النصر حتى تمكنت من الإطاحة بها .

وبعد حوالي تسعين عاما من قيامها اضطرت هذه الدولة إلى إخلاء المكان لدولة جديدة هي دولة الموحدين

(وتلك الأيام نداولها بين الناس )

آمل أن أكون قد أعطيت صورة واضحة للدولة المرابطية وأن يستفيد منها إخواننا وأخواتنا أعضاء منتدانا الحبيب منتدى التاريخ الإسلامي
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى