غزوات ومِحن وسيول وقحط وثّقت سنين الأجداد! 422820681191.jpg

في تاريخنا المحلي الحديث سلك الآباء نهج أجدادهم من خلال تسمية الأعوام بأشهر الأحداث المتزامنة معها، وكان القدماء يحسبونها بما يسمونه "حروف الجمل"، وقد يحصل أن يسمى العام الواحد بعدة أسماء، والسبب في ذلك أن ما يحدث في هذا الإقليم أو ما تمر به هذه القبيلة أو المنطقة قد لا تعيشه المناطق والأقاليم الأخرى، وهذا حدث كثيراً في مواسم الأمطار والجفاف، فمثلاً حين تهطل الأمطار بغزارة على شمال الجزيرة العربية يلجأ أهالي هذه المنطقة وقبائلها إلى تسمية هذا العام بمسمى يدل على الخصب ورغد العيش، وربما اختلفت التسمية في مناطق أخرى عاشت الجفاف أو أنه لم يمر عليها ما مرّ على تلك المناطق والقبائل، وهكذا تختلف التسميات أيضاً بما تتعرض له هذه الأقاليم من حروب ومعارك قد لا تعرفها الأقاليم الأخرى.

وبإطلالة على بعض الظروف التي مرت على بعض أقاليم بلادنا في القرنين الماضيين نجد أن معظم التسميات جاءت وفقاً لظروف المناخ وهطول الأمطار وانقطاعها، أو ما عاشه الأجداد من معارك وحروب مع خصومهم، ولعلنا نبدأ مع عرض تسميات بعض هذه السنوات التي ما زالت تعرف بمسمياتها التي أطلقت عليها منذ ذلك الحين.

خصب وجدب

ذكر المؤرخون أن نهاية القرن الهجري الثاني عشر كانت سنوات قحط وجفاف ارتفعت فيها الأسعار واختفت فيها المؤن والمواد الغذائية ومات فيها خلق وبهائم كُثر، وعُرف هذا القحط ب "دولاب" كما ذكر "ابن بشر" أما "الفاخري" فوصفه قائلاً: "وقع في الإبل موت عظيم وعمم ذلك على غالب البوادي والحضر حتى إنّ مطية المسافر تموت وهو فوقها، وبمطلع القرن الجديد آنذاك وهو عام 1200ه انتهت سنوات القحط وكثر الخصب ورخص الطعام حتى إن عام 1208ه عُرف عند الأهالي آنذاك بسنة (موّاسي)".
غزوات ومِحن وسيول وقحط وثّقت سنين الأجداد! 92.gif