العالم ابن الهيثم
جامع العلوم
ابن الهيثم Avicenna_3.jpeg
ابن الهيثم 1882009-063514PM.jpg

نشاته
أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم (354 هـ/965م-430 هـ/1040م) عالم موسوعي مسلم قدم إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم التشريح وعلم الفلك والهندسة والطب وطب العيون والفلسفة وعلم النفس والإدراك البصري والعلوم بصفة عامة بتجاربه التي أجراها مستخدمًا المنهج العلمي، وله العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.


صحح ابن الهيثم بعض المفاهيم السائدة في ذلك الوقت اعتمادًا على نظريات أرسطو وبطليموس وإقليدس، فأثبت ابن الهيثم حقيقة أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين، وليس العكس كما كان يعتقد في تلك الفترة، وإليه ينسب مبادئ اختراع الكاميرا، وهو أول من شرّح العين تشريحًا كاملاً ووضح وظائف أعضائها، وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار. كما أورد كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ما زالت تعرف باسم "مسألة ابن الهيثم".

انتقل ابن الهيثم إلى القاهرة حيث عاش معظم حياته، وهناك ذكر أنه بعلمه بالرياضيات يمكنه تنظيم فيضانات النيل. عندئذ، أمره الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بتنفيذ أفكاره تلك. إلا أن ابنالهيثم صُدم سريعًا باستحالة تنفيذ أفكاره، وعدل عنها، وخوفًا على حياته إدعى الجنون، فأُجبر على الإقامة بمنزله. حينئذ، كرّس ابن الهيثم حياته لعمله العلمي حتى وفاته.
سيرته
ابن الهيثم alhaitham-1.gif
ولد ابن الهيثم في البصرة سنة 354هـ/965م في فترة كانت تعد العصر الذهبي للإسلام، واختلف المؤرخون أكان من أصل عربي أم فارسي. بدأ ابن الهيثم في تلقى العلم خلال تلك الفترة التي قضاها في البصرة، حيث قرأ العديد من كتب العقيدة الإسلامية والكتب العلمية. بعض المؤرخين يؤكد أنه كان أشعري كـ (ضياء الدين سردار ولورانس بيتاني) ومعارض للمعتزلة، والبعض قال أنه معتزلي كـ ( بيتر إدوارد هودجسون) ، أو شيعي كـ (عبد الحميد صبرة )


جاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم: «لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان.» فوصل قوله هذا إلى الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي دعاه إلى مصر لتنظيم فيضانات النيل، وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان، وبعد أن تفقّد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع لضعف الإمكانات المتاحة في ذاك الوقت، وخوفًا من غضب الخليفة، إدعى الجنون، فاحتجز بمنزله من عام 401 هـ/1011م حتى وفاة الحاكم في عام 411 هـ/1021م وخلال تلك الفترة، كتب كتابه الأشهر المناظر.

رغم أن هناك حكايات طويلة حول فرار ابن الهيثم إلى سوريا، ثم مغامرته بالانتقال إلى بغداد في وقت لاحق، وقيل البصرة حيث تظاهر بالجنون، لكن من المؤكد أنه كان في مصر حتى عام 428 هـ/1038م خلال فترة وجوده في القاهرة، ارتبط ابن الهيثم بالجامع الأزهر، الذي كان بمثابة جامعة المدينة، وبعد انتهاء فترة إقامته الجبرية في منزله، كتب عشرات الأطروحات الأخرى في الفيزياء والفلك والرياضيات. ثم سافر بعد ذلك إلى الأندلس، حيث كان لديه متسع من الوقت لمساعيه العلمية والتي شملت البصريات والرياضيات والفيزياء والطب، والقيام ببعض التجارب العلمية؛ وكتب العديد من الكتب في تلك الموضوعات.


رحلته إلى مصر



جاء في كتاب أخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم:
« لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان.»فوصل قوله هذا إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي، فأرسل إليه بعض الأموال سرًا، وطلب منه الحضور إلى مصر. وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، ولكن ابن الهيثم بعد أن حدد مكان إقامة وباشر دراسة النهر على طول مجراه، ولما وصل إلى قرب أسوان وجد مياه النيل تنحدر منه من كافة جوانبه، أدرك أنه كان واهمًا متسرعًا في ما ادعى المقدرة عليه وهو بناء سد يحجز ماء الفيضان، وأنه عاجز على البرّ بوعده بإمكانات عصره.حينئذ عاد إلى الحاكم بأمر بالله معتذراً، فقبل عذره وولاه أحد المناصب.غير أن ابن الهيثم خاف غضب الحاكم عليه، فخشي أن يكيد له، وتظاهر بالجنون، وظل على التظاهر به حتى وفاة الحاكم الفاطمي.وبعد وفاته عاد عن التظاهر بالجنون، وسكن قبة على باب الجامع الأزهر، واتخذ نسخ بعض الكتب العالمية موردًا لرزقه، هذا بخلاف التأليف والترجمة؛ حيث كان متمكنًا من عدة لغات، وتفرغ في سائر وقته للتأليف والتجربة، وذلك حتى وفاته في عام 1039 م، وقد وصل ما كتبه إلى 237 مخطوطة ورسالة في مختلف فروع العلم والمعرفة، وقد اختفى جزء كبير من هذه المؤلفات لكنها وجدت مرة أخرى تحت فراشه،
تحويل منهج ابن الهيثم العلمي
تحويل منهج ابن الهيثم العلمي
اعتمد ابن الهيثم في بحوثه على أحد منهجين:

1.منهج الاستقراء
2.منهج الاستنباط
وفي الحالين كان يعتمد على التجربة والملاحظة، وكان همه من وراء البحث هو الوصول إلى الحقيقة التي تثلج صدره، وقد حدد الرجل هدفه من بحوثه، وهو إفادة من يطلب الحق ويؤثره، في حياته وبعد مماته.
وكان ابن الهيثم يرى أن تضارب الآراء هو الطريق الوحيد لظهور الحقيقة. وقد جعل من التجربة العملية منهاجًا ثابتًا في إثبات صحة أو خطأ النتائج العقلية أو الفرضيات العلمية، وبعد ذلك يحاول التعبير عن النتيجة

عرف ابن الهيثم بالبصري نسبةً إلى مسقط رأسه في مدينة البصرة، وعرفه الغرب باسم Alhazen (نقحرة: الهَزَن)، ولقّبوه ببطليموس الثاني (باللاتينية: Ptolemaeus Secundus)[9] وبالفيزيائي في أوروبا القرون الوسطى. يعد ريزنر هو أول من أطلق عليه اسم "Alhazen"، بعدما كان يعرف باسم "Alhacen"، وهو الاسم الأقرب للنطق العربي. حظي هذا العمل بسمعة كبيرة خلال العصور الوسطى. في عام 1834، اكتشفت أعمال لابن الهيثم حول مواضيع هندسية في مكتبة فرنسا الوطنية في باريس، كما توجد بعض المخطوطات الأخرى في مكتبة بودلين في أكسفورد ومكتبة ليدن.
أعماله
غلاف النسخة اللاتينية من كتاب ابن الهيثم المناظر, التي تظهر كيف أحرق أرخميدس سفن الرومان عند مهاجمتهم لسرقوسة باستخدام المرايا المقعرة.


كان لابن الهيثم أسهامات جليلة في مجال البصريات والفيزياء والتجارب العلمية، كما كانت مساهماته في علوم الفيزياء بصفة عامة وعلم البصريات خاصةً، محل تقدير وأساس لبداية حقبة جديدة في مجال أبحاث البصريات نظريًا وعمليًا تركزت أبحاثه في البصريات على دراسة النظم البصرية باستخدام المرايا وخاصة على المرايا الكروية والمقعرة والزيغ الكروي، كما أثبت أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية الانكسار ليست متساوية، كما قدم عددًا من الأبحاث حول قوى تكبير العدسات.


وفي العالم الإسلامي، تأثر ابن رشد بأعمال ابن الهيثم في علم البصريات كما طوّر العالم كمال الدين الفارسي (المتوفي عام 1320م) أعمال ابن الهيثم في علم البصريات، وطرحها في كتابه تنقيح المناظر . كما فسّر الفارسي وثيودوريك من فرايبرغ ظاهرة قوس قزح في القرن الرابع عشر، اعتمادًا على كتاب المناظر لابن الهيثم. واعتمد العالم الموسوعي تقي الدين الشامي على أعمال ابن الهيثم والفارسي، وطوّرها في كتابه نور حدقة الإبصار ونور حقيقة النظر عام 1574م.

تكريمًا لهأطلق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر، وفي 7 فبراير 1999، أطلق اسمه على أحد الكويكبات المكتشفة حديثًا وهو "59239 Alhazen". وفي باكستان، تم تكريم ابنالهيثم بإطلاق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان وفي العراق، وضعت صورته على الدينار العراقي فئة 10,000 دينار الصادرة في عام 2003، كما كان اسمه يطلق على واحدة من المنشآت البحثية التي خضعت للتفتيش بواسطة مفتشي الأمم المتحدة الباحثون عن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في عهد صدام حسين


يعد أشهر أعمال ابن الهيثم كتابه ذي السبعة مجلدات في علم البصريات المناظر الذي كتبه بين عامي 401 هـ/1011م - 411 هـ/1021م. ترجم الكتاب إلى اللاتينية على يدي رجل دين غير معروف في نهاية القرن الثاني عشر أو بداية القرن الثالث عشر الميلاديين. وكان لهذه الترجمة عظيم الأثر على العلوم الغربية، كما طبعه العالم "فريدريش ريزنر" في عام 1572، تحت عنوان "الكنز البصري: الكتب السبعة للهَزَن العربي، المجلد الأول، صعود الغيوم والشفق" (باللاتينية: Opticae thesaurus: Alhazeni Arabis libri septem, nuncprimum editi; Eiusdem liber De Crepusculis et nubium ascensionibus). وقد ظهر أثر هذا الكتاب على أعمال روجر باكون الذي استشهد باسمه، وعلى أعمال يوهانس كيبلر، كما أسهم في التطور الكبير للأساليب التجاربية.

نظرية الرؤية
أثبت ابن الهيثم أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة باستخدام التجارب العلمية في كتابه المناظر.


سادت نظريتان كبيرتان حول كيفية الرؤية في العصور القديمة. النظرية الأولى نظرية الانبعاثات، التي أيدها مفكرون مثل إقليدس وبطليموس، والتي تفترض أن الإبصار يتم اعتمادًا على أشعة الضوء المنبعثة من العين. أما النظرية الثانية نظرية الولوج التي أيدها أرسطو وأتباعه، والتي تفترض دخول الضوء للعين بصور فيزيائية. عارض ابن الهيثم كون عملية الرؤية تحدث عن طريق الأشعة المنبعثة من العين، أو دخول الضوء للعين من خلال صور فيزيائية، وعلل ذلك بأن الشعاع لا يمكن أن ينطلق من العينين ويصل إلى النجوم البعيدة في لحظة بمجرد أن نفتح أعيننا. كما عارض الاعتقاد السائد بأن العين قد تجرح إذا نظرنا إلى ضوء شديد السطوع، ووضع بدلاً من ذلك نظرية ناجحة للغاية تفسر عملية الرؤية بأنها تحدث نتيجة خروج أشعة الضوء إلى العين من كل نقطة في الكائن، وهو ما أثبته عن طريق التجارب. كما وحّد علم البصريات الهندسية مع فرضيات أرسطو الفيزيائية لتشكل أساس علم البصريات الفيزيائية الحديثة. أثبت ابن الهيثم أيضًا أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة، كما نفذ تجارب مختلفة حول العدسات والمرايا والانكسار والانعكاس. وكان أيضًا أول من اختزل أشعة الضوء المنعكس والمنكسر في متجهين رأسي وأفقي، والذي كان بمثابة تطور أساسي في البصريات الهندسية، واقترح نموذج لانكسار الضوء يُفضى إلى استنتاج مماثل لما أفضى إليه قانون سنيل، لكن ابن الهيثم لم يطور نموذجه بما يكفي لتحقيق تلك النتيجة.

كما قدّم ابن الهيثم أول وصف واضح وتحليل صحيح للكاميرا المظلمة والكاميرا ذات الثقب. على الرغم من أن أرسطو وثيون الإسكندري والكندي والفيلسوف الصيني موزي سبق لهم أن وصفوا الآثار المترتبة على مرور ضوء واحد عبر ثقب صغير، إلا أن أيًا منهم لم يذكر أن هذا الضوء سيُظهر على الشاشة صورة كل شيء في الجانب الآخر من تلك البؤرة. كان ابن الهيثم أول من شرح هذه التجربة مع مصباحه، فكان بذلك أول من نجح في مشروع نقل صورة من الخارج إلى شاشة داخلية كما في الكاميرا المظلمة التي اشتقّ الغرب اسمها من الكلمة العربية: "قُمرة".

بالإضافة إلى فيزياء البصريات، أرسى كتاب المناظر أسس "علم نفس البصريات" أسهم ابن الهيثمأيضًا في الطب وطب العيون والتشريح وعلم وظائف الأعضاء، وكانت له تعليقات على أعمال جالينوس. وصف ابن الهيثم عملية الإبصار وتكوين العين وتكوّن الصورة في العين ونظام الإبصار. كما عدل نظريات الرؤية المزدوجة وتوقع الحركة التي سبق وناقشها من قبل أرسطو وإقليدس وبطليموس.
كانت معظم إسهاماته التشريحية وصفًا تشريحيًا لوظيفة العين كنظام بصري وفّرت له تجاربه بالكاميرا المظلمة المناخ المناسب له لتطوير نظريته في إسقاط النقطة المقابلة من الضوء من سطح جسم لتكوين الصورة على الشاشة. أحدثت مقارنته بين العين والكاميرا المظلمة توليفته بين علم التشريح وعلم البصريات، والتي شكلت أساس علم نفس البصريات، كما كان تصوره لمرور الضوء خلال الثقب في تجاربه بالكاميرا ذات الثقب، مشبّهًا انعكاس الصورة الناتج، بما يحدث في العين التي تمثّل فيها الحدقة ثقب الكاميرا. فيما يتعلق بعملية تكوين الصور، فقد أخطأ بموافقته لفكرة ابن سينا بأن عدسة العين هي العضو المسئول عن الرؤية، لكن الصحيح أن شبكية العين تشارك في عملية الرؤية

المنهج العلمي

ذكرت عالمة الأعصاب "روزانا غوريني" أنه "وفقًا لمعظم المؤرخين، فإن ابن الهيثم رائد المنهج العلمي الحديث" فقد وضع ابن الهيثم طرق تجريبية صارمة لمراقبة التجارب العلمية للتحقق من الفرضيات النظرية واستقراء النتائج. بينما رأى بعض المؤرخين العلميين في تجاربه على فرضيات بطليموس وتفسيرها ميلاً نحو التجديد، مما جعله لا يحظى باهتمام الكافي من المؤرخين.
هناك مفهوم ارتبط بأبحاث ابن الهيثم البصرية، اعتمد على النظامية والمنهجية في التجريب واستخدام المنهج العلمي في تحقيقاته العلمية. إضافة إلى ذلك، استندت تجاربه على الجمع بين الفيزياء الكلاسيكية والرياضيات (الهندسة على وجه الخصوص) واستخدام منهج الاستنتاج الاستنباطي في مجال البحث العلمي. أكّد هذا النهج الرياضي الفيزيائي في تجاربه معظم افتراضاته في كتابه المناظر، وأيّد نظرياته حول الرؤية والضوء والألوان، فضلاً عن أبحاثه في علم المرايا ودراسته لانكسار الضوء، وهو ما استفاد منه كمال الدين الفارسي وطوّره في كتابه "تنقيح المناظر".


مفهوم شفرة أوكام ورد أيضًا في كتاب المناظر. فعلى سبيل المثال، بعد أن شرح كيف أن الضوء ينشأ من كائنات مضيئة، وينبعث أو ينعكس نحو العين، وقال بإن "نظرية الانبعاثات التقليدية لا لزوم لها وغير مجدية"


مسألة ابن الهيثم
ابن الهيثم الملقب باسم Alhazen.

ضم المجلد الخامس من كتابه المناظر مناقشة ما هو يعرف الآن بـ "مسألة ابن الهيثم"، التي صاغها بطليموس للمرة الأولى عام 150م، وهي تتألف من رسم خطّين من نقطتين على سطح دائرة ليجتمعا في نقطة على محيط الدائرة، ويصنعان زاويتين متساويتين مع المستوى العمودي على السطح عند تلك النقطة، وهو ما يشبه العثور على نقطة على حافة طاولة بلياردو دائرية التي تستهدفها الكرة الضاربة لضرب كرة أخرى في نقطة أخرى. وبالتالي، فإن التطبيق الرئيسي لهذه المسألة في علم البصريات هو "إذا كان لدينا مصدر ضوء ومرآة كروية، هو كيف نحدد النقطة على المرآة التي يتنعكس عليها الضوء لعين الناظر"، وهو ما قاده إلى معادلة من الدرجة الرابعة. قاد ذلك مصادفةً ابن الهيثم لصياغة صيغة رياضية لجمع متوالية من القوة الرابعة، باستخدام طريقة بدائية من البرهان الرياضي بالاستقراء الرياضي، فاستنتج في النهاية طريقة يمكن استخدامها بسهولة للحصول على مجموع أي متواليات من قوى أكبر. استخدم ابن الهيثم طريقته في إيجاد مجموع متواليات القوى، لتحديد حجم سطح مكافئ من خلال التكامل. وبالتالي، تمكن من إجراء التكامل على كثيرات الحدود حتى الدرجة الرابعة، واقترب من التوصل إلى صيغة عامة للتكامل أي من كثيرات الحدود. كان ذلك أساسًا لتطوير علم تفاضل وتكامل متناهيات الصغر كما حل ابن الهيثممسألته باستخدام الأقطاع المخروطية والإثباتات الهندسية، وعلى الرغم من أن العديد من بعده حاولوا إيجاد حلول جبرية لتلك المسائل، إلا أنه لم يتم الوصول إلى الحل إلا في عام 1997 على يدي عالم الرياضيات في جامعة أكسفورد بيتر نيومان.
أعمال فيزيائية أخرى
الأبحاث البصرية


في كتاب المناظر، كان ابن الهيثم أول عالم يقول بأن الرؤية تحدث في الدماغ بدلاً من العينين. وأشار إلى أن التجارب الشخصية لها تأثير على ما يراه الناس وكيف يرونه، وأن الرؤية والتخيل أمور نسبية.

إضافة إلى كتاب المناظر، كتب ابن الهيثم العديد من الأطروحات الأخرى في علم البصريات. أطروحته رسالة في الضوء كان بمثابة استكمال لكتابه المناظر، احتوت تلك الأطروحة على تحقيقات حول خصائص الإنارة والإشعاعية المشتتة خلال مختلف الوسائط الشفافة. قام ابن الهيثمأيضًا بالعديد من الفحوص التشريحية على عين الإنسان ودراسة الزيغ البصري، كما صنع أول كاميرا مظلمة والكاميرا ذات الثقب، وأيضًا درس خصائص قوس قزح وكثافة الغلاف الجوي، وبحث في الظواهر السماوية المختلفة (بما في ذلك كسوف الشمس والشفق وضوء القمر). درس ابن الهيثمأيضًا الانكسار والمرايا المقعرة والكروية والعدسات المكبرة.
لابن الهيثم أيضًا نظرية لشرح وهم القمر، التي لعبت دورًا هامًا في التقاليد العلمية في أوروبا في القرون الوسطى. كان يحاول تفسير ظاهرة ظهور القمر في الأفق القريب أكبر منه في السماء، وهو النقاش الذي لم يتم حله حتى يومنا هذا. اعترض ابن الهيثم على نظرية بطليموس حول الانكسار، وقال أن صورة القمر زائفة وليست حقيقية. وقال أن الحكم على مسافة كائن يعتمد على ماهية ما هو موجود بين الكائن والرائي. وفي حالة القمر، لا يوجد أشياء وسيطة، لذلك، وحيث أن حجم الكائن يعتمد على بعد من يراه عنه، وهو في هذه الحالة مسافة غير محددة، لذا يبدو القمر أكبر في الأفق. اعتمدت أعمال من روجر باكون وجون بيكهام وويتلو على تفسير ابن الهيثم، وبدأ تقبل فكرة وهم القمر تدريجيًا كظاهرة نفسية، مع رفض نظرية بطليموس في القرن السابع عشر.

في مخطوطته ميزان الحكمة ، ناقش ابن الهيثم كثافة الغلاف الجوي للأرض وربط بينه وبين الارتفاع، ودرس أيضًا الانكسار في الغلاف الجوي. اكتشف أن الشفق يبدأ أو ينتهي، عندما تكون الشمس تحت الأفق بتسع عشرة درجة، وحاول قياس ارتفاع الغلاف الجوي على هذا الأساس.

الفيزياء الفلكية

في مجال الفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية، ذكر ابن الهيثم في أطروحته الخلاصة في علم الفلك أن الأجرام السماوية يمكن تفسير ظواهرها قوانين الفيزياء. وضم كتابه ميزان الحكمة نقااشات في الاستاتيكا والفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية. كما ناقش نظرية تجاذب الكتل، وكان على دراية بمقادير التسارع من مسافة ما الناتج عن الجاذبية وفي مخطوطة مقالة في قرسطون هي أطروحه حول مراكز الثقل. لا يعرف الكثير عن هذا العمل، باستثناء ما نقله عنه عبد الرحمن الخازني في القرن الثاني عشر الميلادي. في هذه المخطوطة، وضع ابن الهيثم نظرية حول أن ثقل الأجسام يختلف بحسب المسافة التي تفصلها عن مركز الأرض.
وفي مخطوطة آخرى مقالة في ضوء القمر التي كتبها قبل كتابه المناظر، كانت أول محاولة ناجحة للجمع بين علم الفلك الرياضي والفيزياء، وفيها أقدم محاولة تطبيق المنهج التجريبي في علم الفلك والفيزياء الفلكية. وفيها فنّد الفكرة الشائعة بأن القمر يعكس ضوء الشمس كالمرآه، وصحح ذلك بأن "القمر يعكس الضوء من تلك الأجزاء من سطحه التي يسقط عليها أشعة الشمس". وليثبت أن "الضوء ينبعث من كل نقطة على سطح القمر المضيء"، صنع جهاز تجارب مبتكر. وفقًا لمتياس شرام:

ابن الهيثم وضع ابن الهيثم تصور واضح للعلاقة بين النموذج الرياضي المثالي ومنظومة الظواهر الملحوظة. فقد كان ابن الهيثم أول من استخدم طريقة تثبيت أحد المتغيرات، وتغيير باقي المتغيرات بانتظام، وذلك في تجربته لتوضيح أن كثافة بقعة الضوء التي يشكلها سقوط ضوء القمر من خلال فتحتين صغيرتين على شاشة، تقل عند حجب أحدها تدريجيًا.

ابن الهيثم
أعماله في علم الفلك
تشكيكه في نظريات بطليموس

انتقد ابن الهيثم في مخطوطته شكوك على بطليموس التي نشرها بين عامي 416 هـ و419 هـ، العديد من أعمال بطليموس بما في ذلك كتبه المجسطي والكواكب المفترضة والبصريات، مشيرًا إلى الكثير من المتناقضات التي وجدها في هذه الأعمال. اعتبر ابن الهيثم أن بعض الأجهزة الرياضية التي استخدمها بطليموس في علم الفلك، وخاصة الإيكوانت، فشلت في الخصائص الفيزيائية للحركة الدائرية المنتظمة، وكتب نقدًا لاذعًا حول الواقع المادي لنظام بطليموس الفلكي، مشيرًا إلى عبثية اقتراحه بالربط بين الحركات الفيزيائية، والنقاط والخطوط والدوائر الرياضية الوهمية.
ابن الهيثم افترض بطليموس نظامًا لا يمكن أن يتواجد، والحقيقة أن هذا النظام الذي تخيله حول حركة الكواكب، لا يعفيه من الخطأ الذي افترضه في هذا النظام، فحركة الكواكب الموجودة لا يمكن أن تنتج وفق هذا النظام المفترض... فتصور الرجل لدائرة في السماء يدور فيها الكوكب ليست هي الدافع لحركة الكوكب.


ابن الهيثم

وجّه ابن الهيثم المزيد من الانتقادات لأعمال بطليموس سواءً بالتجربة أو الملاحظة أو الاستنباط، لاستخدام بطليموس للحدس في نظرياته بدلاً من تسجيله لملاحظات حول الظواهر، وهو ما لم يرض عنه ابن الهيثم بسبب اصراره على استخدام التجارب العلمية. وخلافًا لبعض علماء الفلك الذين انتقدوا في وقت لاحق نظام بطليموس على أساس كونه يتعارض مع فلسفة الفيزياء الأرسطية، كان ابن الهيثم يعارضه بملاحظاته التجاربية والتناقضات الداخلية في أعمال بطليموس وقد قال ابن الهيثم في مخطوطته، معلقًا ابن الهيثم على صعوبة تحقيق المعرفة العلمية:


ابن الهيثم الحقيقة ذاتها تبحث عن الحقائق، المغمورة في الشكوك (مثل أعمال بطليموس الذي قال أنه يحترمه كثيرًا) وليست بمنأى عن الخطأ...

ابن الهيثم

وقال أن نقد تلك النظريات التي تسيطر على كتاب المجسطي، سيكون لها دورًا كبيرًا في نمو المعرفة العلمية :

ابن الهيثم إن الباحث عن الحقيقة ليس هو من يدرس كتابات القدماء، على حالتها ويضع ثقته فيها، بل هو من يُعلّق إيمانه بهم ويتساءل ما الذي جناه منهم. هو الذي يبحث عن الحجة، ولا يعتمد على أقوال إنسان طبيعته يملأها كل أنواع النقص والقصور. وبالتالي فإن من الواجب على من يحقق في كتابات العلماء، إذا كان البحث عن الحقيقة هدفه، هو أن يستنكر جميع ما يقرأه، ويستخدم عقله حتى النخاع لبحث تلك الأفكار من كل جانب. وعليه أن يتشكك في نتائج دراسته أيضًا، حتى يتجنب الوقوع في أي تحيز أو تساهل


ابن الهيثم
مخطوطة تكوين العالم

في مخطوطته تكوين العالم، على الرغم من انتقاداته الموجهة إلى بطليموس، تقبّل ابن الهيثمحول نظرية بطليموس حول كون الأرض مركز الكون، وقدّم وصف تفصيلي للمجالات السماوية في تلك المخطوطة :


ابن الهيثم الأرض ككل كرة مركزها هو مركز العالم، وتتمركز في وسطه، وهي ثابتة لا تتحرك في أي إتجاه بأي نوع من الحركات، فهي دائمًا ساكنة.


يتبع صفحة اخرى