الأنفلونزا عند الأطفال

الأنفلونزا هي عدوى في المسالك التنفُّسية, يسبِّبها عدد من الفيروسات. وتنتقل هذه الفيروسات في الهواء لتدخل الجسم عبر الأنف أو الفم. ويمكن للأنفلونزا أن تكون خطيرة, بل وربَّما قاتلة عند كبار السنِّ أو الرضَّع حديثي الولادة أو الأشخاص المُصابين بأمراض مُزمنة معيَّنة. تظهر أعراض الأنفلونزا بشكل مفاجئ, وهي أسوأ من أعراض الزُّكام. ويُمكن أن تشتمل على: • آلام جسدية أو عضلية. • قَشعريرة. • سُعال. • حُمَّى. • صُداع. • التهاب الحلق. وتتشابه أعراض الزُّكام مع أعراض الأنفلونزا تشابهاً شديداً, لكن الزُّكام يندر أن يُسبِّب الحمَّى أو الصداع, أمَّا الأنفلونزا فيندر أن تسبِّب اضطراباً في المَعدة. وأمَّا "أنفلونزا المعدة" فهي ليست أنفلونزا مطلقاً, بل هي التهابُ مَعِدة وأمعاء. تقوم الطريقة الأساسية للوقاية من الأنفلونزا على أخذ اللقاح السنوي المضاد للأنفلونزا. ويُمكن أن يصف الطبيبُ الأدويةَ لمساعدة جسم المريض على محاربة عدوى الأنفلونزا وتخفيف أعراضها.

مقدِّمة
الأنفلونزا مرضٌ مُعدٍ, يسبِّبه فيروس الأنفلونزا. يمكن أن تُؤدِّي العدوى بفيروسات الأنفلونزا إلى مرض شديد, وإلى مضاعفات تُهدِّد حياة المريض. لكنَّ معظم الناس يشفون من هذا المرض في غضون أسبوع إلى أسبوعين. يساعد هذا البرنامج التثقيفي الأطفالَ المراهقين ومن يرعى المرضى لكي يفهموا هذا المرض وتأثيراته في الأطفال. وهو يناقش أسبابه وأعراضه وتشخيصه ومعالجته والوقاية منه.

ما هي الأنفلونزا؟
تنجم الأنفلونزا عن فيروس الأنفلونزا. والفيروسُ هو أصغر أنواع الكائنات الحيَّة. يقاوم جسم الإنسان هذه الفيروسات بتشكيل أجسام مضادَّة (أضداد) تحميه منها. تهاجم فيروسات الأنفلونزا الفم والحلق والرئتين. وهي تنتقل من شخص إلى آخر؛ فحين يسعل شخص مصاب بالأنفلونزا أو يعطس أو يتكلَّم, ينتشر الفيروس في الهواء, ويمكن أن يستنشقه الآخرون. كما يمكن أن ينتشر الفيروس أيضاً حين يلمس الشخص سطحاً عليه فيروسات الأنفلونزا, مثل مقابض الأبواب, ثم يلمس أنفه أو فمه. يشفى معظم المصابين بالأنفلونزا خلال أسبوع أو اثنين. لكنَّ بعض المرضى تظهر لديهم مضاعفات مهدِّدة للحياة, مثل التهاب الرئة, وتكون نتيجةً للأنفلونزا. وهؤلاء يُعرَفون باسم الأشخاص من ذوي الخطورة العالية من حيث ظهورُ مضاعفات الأنفلونزا. يضمُّ الأطفال من ذوي الخطورة العالية من حيث ظهورُ مضاعفات الأنفلونزا:
o الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ستَّة أشهر إلى ثلاثة وعشرين شهراً.
o الأطفال المصابين بحالات مرضية مزمنة, مهما تكن أعمارهم.


يُصاب بالأنفلونزا مئات الملايين من الاشخاص. ويدخل المستشفيات حوالي خمسة ملايين شخص, ويموت منهم حوالي نصف مليون وذلك حسب احصاءات منظمة الصحة العالمية.

أعراض الأنفلونزا
حين تدخل فيروسات الأنفلونزا الأنف أو الحَلق أو الرئتين, فإنَّها تبدأ بالتكاثر, ممَّا يسبِّب ظهور أعراض الأنفلونزا. تأتي الأنفلونزا على نحو مفاجئ عادة, وقد تشتمل أعراضها على:
o حُمَّى شديدة.
o صداع.
o تعب أو ضعف, قد يكون شديداً.
o سعال جاف.
o التهاب الحلق.
o سيلان الأنف.
o آلام جسدية وعضلية.
كما قد يحصل إسهال وقيء أيضاً, وهما أكثر شيوعاً لدى الأطفال. الزُّكام والأنفلونزا كلاهما مُعدٍ بشدَّة, وقد يبدوان متشابهين في المراحل الأولى. لكنَّ الأنفلونزا, بخلاف الزُّكام, مرض خطير يمكن أن تكون له مضاعفات مهدِّدة للحياة. إذا أجرى المريض اختباراً طبِّياً خلال يومين أو ثلاثة أيَّام من ظهور الأعراض, يمكن أن يحدِّد الطبيب ما إذا كان مُصاباً بالأنفلونزا أم لا.

مضاعفات الأنفلونزا
تشتمل مضاعفات الأنفلونزا على التهاب الرئة الجرثومي والجفاف وتفاقم الحالات المرضية المزمنة, مثل فشل القلب الاحتقاني أو الرَّبو أو السكَّري. قد يُصاب الأطفال بعدوى الجيوب والأذنين أيضاً.

علاج الأنفلونزا
عندما يُعدُّ المريض من ذوي الخطورة العالية فيما يتعلَّق بمضاعفات الأنفلونزا, لابدَّ أن يراجع الطبيب عندما تظهر عليه أعراض مشابهة لأعراض الأنفلونزا. لقد ثَبُت أنَّ الأدوية المضادَّة للفيروسات تعالج الأنفلونزا. ويجب على المريض أن يبدأ بالمعالجة في غضون اليومين الأوَّلين من الإصابة. إذا ظهرت لدى المريض أعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا, ولم تكن لديه أيَّة حالة مرضية خفيَّة, فهو يستطيع أن يساعد جسمه على مقاومة العدوى من خلال:
o الإكثار من الراحة.
o الإكثار من السوائل.
o تجنُّب التدخين امام الطفل( أي التدخين السلبي).
o التفكير بتناول الأدوية التي تُخفّف أعراض الأنفلونزا, وتُعطى من دون وصفة طبِّية.

على الأطفال أو المراهقين المصابين بالأنفلونزا أن ينالوا قسطاً كبيراً من الراحة, وأن يُكثروا من تناول السوائل. كما يجب ألاَّ يكون الأسبرين من بين الأدوية التي تُؤخذ لتخفيف الأعراض (لا يُعطى الأسبرين أبداً للأطفال أو المراهقين الذين لديهم أعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا, خاصَّة الحمى, إلاَّ بعد مراجعة الطبيب؛ فإعطاء الأسبرين للأطفال والمراهقين المصابين بالأنفلونزا يمكن أن يسبِّب مرضاً نادراً, لكنَّه خطير, يُدعى متلازمة راي). لتجنُّب انتشار المرض ونقل العدوى إلى الآخرين:
o على المريض أن يلازم البيت ليتفادى الاحتكاك مع الآخرين.
o على المريض أن يغطِّي أنفه وفمه بمنديل حين يسعل أو يعطس.

العلامات الإسعافية
هناك بعض "العلامات الإسعافية المنذرة" التي تحتاج إلى اهتمام طبِّي عاجل. ومن بين هذه العلامات لدى الأطفال:
o الحمَّى الشديدة أو المديدة.
o التنفُّس السريع أو المضطرب.
o شحوب لون الجلد.
o عدم شرب ما يكفي من السوائل.
كما ينبغي طلب الرعاية الطبِّية العاجلة عند:
o ملاحظة تغيُّرات في حالة الطفل الذهنية.
o عدم استيقاظه.
o عدم تفاعله.
o الهياج الشديد ورفض الطفل أن يُحمل.
o وجود نوبات صرعيَّة.

إذا ما تحسَّنت الأعراض الشبيهة بأعراض الأنفلونزا, ثمَّ عادت مترافقة مع حُمَّى وسُعال شديد, فإنَّ على المريض أن يطلب الرعاية الطبِّية بأسرع ما يمكن. وعندما يصل إلى هذه الرعاية, يجب أن يوضح أعراضه, وقد يُطلَب منه أن يرتدي قناعاً, وأن ينعزل عن الآخرين لوقايتهم من العدوى.

الوقاية من الأنفلونزا
تكون أفضل طريقة للوقاية من الأنفلونزا هي أخذ اللقاح كلَّ خريف. وحين لا يكون ذلك ممكناً, هناك بعض الطرق الأخرى للوقاية من الأنفلونزا. يمكن استخدام الأدوية المضادَّة للفيروسات من أجل تفادي الإصابة بالأنفلونزا. لكنَّها تحتاج إلى وصفة طبِّية, ولا بدَّ من استشارة الطبيب بشأنها. قد تكون الخطوات التالية مفيدة في منع انتشار أمراض الجهاز التنفسي, ومنها الأنفلونزا:
o تجنُّب المخالطة الوثيقة مع المرضى. وحين يُصاب المريض, عليه أن يبتعد عن الآخرين لحمايتهم من العدوى.
o يجب أن يبقى المريضُ في البيت ولا يذهب إلى المدرسة, إذا كان ذلك ممكناً؛ وبذلك, يحمي الآخرين من التقاط العدوى.
o يجب على المريض أن يغطِّي فمه وأنفه بمنديل حين يعطس أو يسعل. فذلك يقي الأشخاص الذين من حوله من التقاط العدوى.
o يجب الأكثار من غسل اليديين؛ فهذا يساعد على وقاية المريض من الجراثيم والفيروسات التي تسبِّب العدوى.
o يجب أن يتجنَّب المريض لمسَ عينيه أو أنفه أو فمه؛ حيث تنتشر الفيروسات والجراثيم المُمرضة غالباً حين يلمس الشخص شيئاً ملوَّثاً بها, ثمَّ يلمس عينيه أو أنفه أو فمه.

لقاح الأنفلونزا
يستطيع الإنسان حماية نفسه من الإصابة بالأنفلونزا باستخدام لقاح الأنفلونزا الذي يساعد الجسم على تكوين مناعة تجاه هذا المرض. إنَّ أفضل فترة لإعطاء اللقاح هي قبل حلول الشتاء, وهي الفترة التي تنتشر فيها الأنفلونزا. وهذا هو السَّبب في أنَّ اللقاحات تُعطى في تشرين الأوَّل (أكتوبر) أو الثاني (نوفمبر) عادة. في كلِّ عام, تظهر أنماط جديدة من فيروسات الأنفلونزا, وتدفع العلماء المختصِّين بهذا المرض إلى تحضير لقاح جديد لكلِّ موسم من مواسم الأنفلونزا؛ فاللقاح يقي من الفيروسات الثلاثة التي يكون انتشارها هو الأرجح. يحتوي لقاح الأنفلونزا على فيروسات الأنفلونزا المعطَّلة (الميتة). ويُنصَح به لدى الأشخاص من ذوي الخطورة العالية الذين يمكن أن تظهر لديهم مضاعفات خطيرة. تعدُّ آثار اللقاح الجانبية نادرة, ما عدا الاحمرار أو التقرُّح في منطقة إعطاء اللقاح. كما قد تظهر لدى بعض الأشخاص حُمَّى خفيفة وصداع وعلامات شبيهة بعلامات الأنفلونزا, مثل ألم العضلات, خاصَّةً عند الذين يأخذون اللقاح للمرَّة الأولى. ويبدأ ظهور ردَّات الفعل هذه خلال ستِّ ساعات أو اثنتي عشرة ساعة, وتدوم يوماً أو يومين. لا ينبغي إعطاء الأطفال الذين ينتمون إلى المجموعات التالية لقاح الأنفلونزا إلاَّ باستشارة الطبيب:
o الأطفال الذين لديهم حساسية شديدة تجاه بيض الدجاج.
o الأطفال الذين سبق أن ظهرت لديهم متلازمة غِيَّان - باريه في غضون ستَّة أسابيع من إعطاء اللقاح.

هناك نوع جديد من اللقاح على شكل رذاذ أنفي, وهو يحوي فيروسات الأنفلونزا الحيَّة المُضعفَة. يحوي لقاح الأنفلونزا الذي يكون على شكل رذاذ الأنفي ثلاثة فيروسات أنفلونزا حيَّة مختلفة, لكنَّها مُضعفَة. وعند دخول هذه الفيروسات الأنف, فإنَّها تُحرِّض جهاز المناعة في الجسم على تصنيع أجسام مضادَّة واقية. وهذه الأجسام المضادَّة تحول دون الإصابة بعدوى ناجمة عن فيروسات الأنفلونزا الطبيعية. لا يجوز أن يأخذ الأطفال الذين ينتمون إلى المجموعات التالية لقاحَ الأنفلونزا المُضعَف:
o من تقلُّ أعمارهم عن خمس سنوات.
o الأطفال أو المراهقون الذين يتناولون الأسبرين.
o الأطفال الذين سبق أن أُصيبوا بمتلازمة غِيَّان - باريه.
o الأطفال الذين سبق أن تحسَّسوا لأيِّ مكوِّن من مكوِّنات لقاح الأنفلونزا الحيِّ المُضعف أو البيض.
o الأطفال الذين لديهم ضعف في جهازهم المناعي.
يمكن أن تشتمل الآثار الجانبية للقاح فيروس الأنفلونزا الحيِّ المُضعَف, لدى الأطفال, على سيلان الأنف والصداع والتقيُّؤ والآلام العضلية والحُمَّى.

الخلاصة
الأنفلونزا مرض مُعدٍ, يسبِّبه فيروس الأنفلونزا. ويمكن للعدوى بفيروسات الأنفلونزا أن تؤدِّي إلى مرض شديد ومضاعفات مهدِّدة للحياة. تشبه أعراضُ الأنفلونزا أعراضَ الزُّكام, لكنَّها تكون مفاجئة أكثر,, وأشدَّ,, وتشتمل على حمَّى شديدة عادة. بالنسبة للأطفال الأصحَّاء, تكفي الراحة عادةً مع تناول كثير من السوائل لشفاء المريض من الأنفلونزا. أمَّا لدى الأشخاص من ذوي الخطورة العالية, الذين يمكن أن تحدث لديهم مضاعفات الأنفلونزا, فقد تكون هناك حاجة إلى تناول الأدوية ودخول المستشفى. لقاحاتُ الأنفلونزا متوفِّرة, ويُنصح بها للأطفال من ذوي الخطورة العالية من حيث حدوث المضاعفات. وهناك لقاح على شكل رذاذ أنفي متوفِّر أيضاً للأطفال الأصحَّاء فوق سنِّ خمس سنوات. يستطيع الإنسان أن يحمي نفسه من الأنفلونزا بتجنُّب الاختلاط مع الأشخاص المصابين, وبالإكثار من غسل اليدين. ويمكن لمن أُصيب بالإنفلونزا أن يساعد على الحدِّ من انتشار هذا المرض المعدي من خلال مُلازمة المنزل في أثناء المرض, وكذلك من خلال تغطية الفم والأنف خلال السُّعال والعُطاس.

المصدر: المفسر – التوعية الصحية