الفيس بوك عالم للمبدعين وليس للثرثرة فقط ! 2014-635506469488818




فيس بوك: هذا الموقع الجهنمي الذي يقتحم حياتنا بطريقة مزعجة، رغم ما يتردد عنه، فإنه كاد يصبح عند البعض كالماء والهواء. وحتى لا يكون فقط موقعا للثرثرة وتفاهات الحوار، قرر كثير من المبدعين، شعراء وروائيين ومفكرين، أن يقتحموا هذا العالم ولا يعاملونه بالأنفة النخبوية التقليدية.
فمنهم من استعاض به عن الركض وراء دور النشر، خاصة بعدما صارت تكاليف النشر يتحملها المؤلف ولم يعد للنشر جدوى مادية تذكر.. ومنهم من رأى أنه ساحة موازية يتواصل بها مع الجمهور, ومنهم من جعله مقهاه الافتراضي المفضل، فهو يتواصل مع الناس بنشر أحاديثه ونكاته وآلامه وأحلامه، فيتلقى ردود فعل لحظية من جمهوره يستحيل أن يتلقاها عبر أي وسيط آخر للنشر سوى فيس بوك.

ولعل الكاتبة صابرين الصباغ قد ولجت هذا العالم مبكرا بكتابة إبداعاتها التى يبدو أنها تخلصت فيها من تقليدية الإبداع الورقى، فجاءت لغتها سهلة رشيقة لكنها عميقة تناسب الفضاء الإلكتروني والتواصل المباشر، حتى لكأنها كتبتها خصيصا، ولذلك كان تواصلنا معها بالطريقة نفسها على فيس بوك فكتبت عن تجربتها تقول: «عندما تكون ممن يحترفون الإبداع ولا يحترفون التجارة به؛ تصبح كتاباتك سجينة «حاسوبك» أو أدراج مكتبك والأخطر إذا كنت لا تحترف علاقات المصلحة والشللية والمحسوبية، فلن تكون وقتها سوى مبدع يبدع في الظل. ثم يظهر الفيس بوك ليتصدر المشهد، فتسطع الشمس على كُتاب الظل.

الفيس بوك موقع للتواصل الاجتماعي وبالنسبة للمبدعين هو موقع للتواصل الثقافي الإبداعي، ليحل محل النشر في الصفحات الأدبية.. خاصة أنك تتعامل مباشرة مع القارئ وتنشر دون تدخل من أحد، فيكون الرفض أو الانتظار.

وتضيف: أما بالنسبة للنشر على الفيس فيختلف جملة وتفصيلا عن النشر الورقي.. أولا هو نشر فوري ويرى كتاباتك عدد الأصدقاء والمتابعين في نفس اللحظة، أما النشر الورقي فلا يزيد على ألف نسخة قد تباع أو لا.. ومن خبرتي لسنوات عديدة، فقارئ الفيس بوك لا يتحمل قراءة الكتابات الطويلة؛ لأنه يدخله للتواصل مع أصدقائه؛ وبالكاد يقرأ لهذا الكم الهائل من المبدعين والمدعين وما أكثر الصنف الأخير.

بالنسبة لنوعية النشر: فالإقبال على الومضة الشعرية والنثرية والقصة القصيرة جدا «ماقل ودل» وأعتقد أنه إبداع المستقبل.. برغم كثرة كتاب هذا النوع من الإبداع، فإن الكتاب الحقيقيين منهم أقلية؛ ولهذا يصل الكاتب الحقيقي للقارئ ويرتبط به ارتباطا وثيقا حتى إن صفحته تصبح وِرْدًا يوميا لبعض قرائه. غير أن الطباعة الورقية تصنع تاريخا للأديب وتحمي إبداعه من السرقة عكس (الإنترنت وفيس بوك) فهناك خطورة لا ينتبه لها البعض وهى المجاملة في التعليقات حتى إن البعض يتخيل أنه أصبح كاتبا كبيرا فلا يقوم بالاجتهاد ولا العمل.

أما الشاعر عزت الطيري، فتراه وكأنه لا يكاد يغادر صفحته فتجده معك في كل وقت وحين، وهو يحدثك عن حياته اليومية بطريقه تغرقك في الضحك، خاصة مع شخصية «محمود بن عمه» التى دشنها على الموقع ويضع على لسانها النوادر والنكات والمواقف المضحكة، وبين متابعاته يضع مقاطع من قصائده المنشورة، وأحيانا يتفاعل مع شاشته فينثر ويشعر نصوصا على الصفحة، حتى اتخذ قرارا فريدا بأن يجعل فيس بوك ناشره الأول وديوانه الجامع لكل أشعاره ليكون الاتصال مباشرا بينه وبين قرائه، مع أن أشعار الطيري قد صدرت مطبوعة مرارا ونشرتها هيئة الكتاب في مجموعة كاملة، لكنه صار من أشهر شعراء الموقع الجهنمى في التواصل الحي، أما الروائي حمدي البطران فرأى أن فيس بوك تجربة فريدة لها مزايا جمة، حققت للأديب ما لم تحققه الكتب المطبوعة والمؤتمرات، بل كتابات النقاد فكتب إلينا عبر بريد فيس بوك: «الفيس بوك عالم حي، فمن أطلق عليه أنه عالم افتراضي, فقد أخطأ, إنه عالم واقعي يموج بالحركة والتفاعل.

وعن تجربته الأدبية, قال: «سبق أن نشرت مجموعة قصصية وخمس روايات وكتابا في التاريخ وكتابا عن الجماعات الإرهابية وكتابا عن الأمن، أي أنها تسعة كتب، كما نشرت كثيرا من القصص في صحف ومجلات عربية وشاركت في مؤتمرات أدبية دولية، فضلا عن مؤتمرات في مصر، ومع ذلك أجدني وكأنني لم أكتب, فلم يحدث أن تكلم معي أحد فيما أكتبه, ولا أتذكر أنني كاتب إلا بين زملائي الكتاب, فنشكو همومنا ونتبادل الملاحظات حول ما نكتب, لكنى اكتشفت أننا كروائيين نكتب لبعضنا البعض, إلا قلة قليلة كتلك التي ساعدها بعض كبار الناشرين وحصلوا لهم علي جوائز من جوائز الدولة أو جوائز الخليج عالية المردود المادي، خلاف هذا، لا يشعر المصري بأنه كاتب.. إلى أن من الله علينا بالفيس بوك وبدأنا نكتب خواطرنا, لنري رد فعل ما نكتبه من غير المتخصصين أو الكتاب, فوري ومباشر وعفوي, وتكون العديد من الأصدقاء ممن لديهم ذائقة راقية وحس نقدي عال وأحيانا أكتب نصوصي, فأجد رد فعل فوريا, وأحيانا يشير بعضهم بتعديل بعض الكلمات. إنه التفاعل الحي بين كاتب وقارئ, وقد لا يكتفي الأمر بمجرد القصص القصيرة, فقد كنت أضع آرائي السياسية أحيانا ونتجادل جدالا خاليا من التعصب.

ولأن جمهور فيس بوك ليس لديه استعداد للقراءة المطولة, بدأت أكتب قصصا قصيرة جدا, تأتي فكرتها في لحظة.