الفرق بين الفراسه والظن ان الظن يخطىء ويصيب وهو يكون مع ظلمه القلب ونوره وطهارته ونجاسته ولهذا امر الله تعالى باجتناب كثير منه واخبر ان بعضه اثم واما الفراسه فاثنى على اهلها ومدحهم فى قوله تعالى "ان فى ذلك لايت للمتوسمين "قال ابن عباس رضى الله عنهما وغيره اى للمتفرسين وقال تعالى "يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيمهم "وقال تعالى ولو نشاء فلعرفتهم بسيمهم ولتعرفنهم فى لحن القول "فالفراسه الصادقه لقلب قد تظهر وتصفى وتنزه من الادناس وقرب من الله فهو ينظر بنور الله الذى جعله فى قلبه وقد قال رسول الله "اتقوا فراسه المؤمن فانه ينظر بنور الله "وهذه الفراسه نشاْت له بقربه من الله فان القلب اذا قرب من الله انقطعت عنه معارضات السوء المانعه من معرفه الحق وادراكه وكان تلقيه من مشكاه قريبه من الله واضاء له النور بقدر قربه فراْى ذلك النور ما لم يره البعيد المحجوب كما ثبت فى الصحيح من حديث ابى هريره عن النبى فيما يروى عن رب العزه "وما تقرب الى عبدى بشىء احب الى مما افترضته عليه وما يزال عبدى يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها فبى يسمع وبى يبصر وبى يبطش وبى يمشى "فاخبر سبحانه ان تقرب عبده منه يفيده محبته له فاذا احبه قرب منه وصار قلب المؤمن كالمراْْه الصافيه تبدو فيها صور الحقائق على ما هى عليه واذا غلب على القلب النور فاض على الاركان وبادر من القلب للعين فكشف بعين بصره بحسب ذلك النور وقد كان رسول الله يرى اصحابه فى الصلاه وهم خلفه كما يراهم امامه وراْى بيت المقدس عيانا وهو بمكه وراْى قصور الشام وابواب صنعاء ومدائن كسرى وهو بالمدينه يحفر الخندق وراءى امراءه بمؤته وقد اصيبوا وهو بالمدينه وراْى النجاشى بالحبشه لما مات وهو بالمدينه فخرج الى المصلى فصلى عليه وراْى عمر ساريه بنهاوند من ارض فارس هو وعساكر المسلمين وهم يقاتلون عدوهم فناداه :يا ساريه الجبل وقيل ان الشافعى ومحمد بن الحسن جلسا فى المسجد الحرام .فدخل رجل فقال محمد :اتفرس انه نجار ؟فقال الشافعى اتفرس انه حداد :فساْلاه .....فقال كنت حدادا وانا اليوم نجار ومن فراسه امير المؤمنين عمر انه دخل عليه رجل من قبيله مذحج فيهم الاشتر النخعى فصعد اليه البصر وقال ايهم هذا .قالوا مالك بن الحارث فقال ماله قاتله الله انى لارى للمسلمين منه يوما عصيبا وقد كان كذلك فيما بعد وكل هذا يدل على فراسه المؤمن ورؤيته للامور كلها وهذا من شده ايمانه وقربه من الله وكذلك منغض بصره عن المحارم وامسك نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بدوام المراقبه وظاهره باتباع السنه وتعود اكل الحلال لم تخطىء فراسته