سنتناول في هذه الدراسة بعض المراحل من تاريخ الصحافة العراقية من خلال تناولنا لصحافة الهزل والفكاهة والاحزاب السرية والعلنية وفي البداية سنتطرق الى الصحافة الهزلية:

صحيفة "حبز بوز" الهزلية
تعتبر الفكاهة غذاء لا غنى عنه للروح ، مثل الموسيقى والادب وهي فن لا يحسنه كل شخص وليس بمقدور أي فرد ان يكون فكهاً، وبغداد عجت بالكثير من الظرفاء في مطلع القرن العشرين ، وكانت تعقد مجالس وندوات خاصة بهؤلاء الظرفاء يتبادلون فيها النكات وكان الجمهور البغدادي يطرب لها ويتناقلها في مجالسه الخاصة وكان الهدف منها انتقاد بعض العادات غير المستحسنة في المجتمع و اصلاح وتقويم ما أعوج من أمور الدولة في ذلك الوقت، وأشتهر من هؤلاء الظرفاء في ذلك الزمان : نوري ثابت و الشيخ عبد الحليم الحافي المشهور بالحافاتي وأحمد القيماقجي والشاعر عبد الرحمن البناء صاحب جريدة (كناس الشوارع) وعبد القادر المميز صاحب جريدة(أبو أحمد) والاسطة عبد الله الخياط ومحمد سعيد المصطفى الخليل والحاج شكري الحمداني ، وقد صدر آنذاك العديد من الصحف الهزلية بالإضافة للصحف المذكورة سابقاًمثل : خان جغان، بالك، خان الذهب، البلبل، بكي مودة، كرمة ونرمه، الاسرار ، جكه باز، دونبلا، الضحكات ، جحا الرومي، الحقائق، الربيع الهزل، صدى الحقائق، الناظرة، السعادة ، بهلول، الممثل، وغيرها، ويرى المؤرخ فائق بطي بأن هذه الصحف ومنها حبزبوز كانت البذرة الاولى لصحافة الهزل والنقد في تلك الظروف العصيبة التي مر بها العراق سيما وان نقدها كان فريداً بالنسبة للصحافة العربية.
نوري ثابت : نشأته وحياته
نشأ نوري ثابت في محلة (فرج الله) وبدأ حياته ضابطاً في الجيش العثماني ، وفي بداية تأسيس الدولة العراقية زاول مهنة التدريس حيث كان يدرس مادة الجغرافية في الثانوية المركزية وبقى فيها الى سنة 1930 ثم أعتزل الخدمة وفي ايلول من عام 1931 قدم طلباً الى مديرية المطبوعات بوزارة الداخلية ( حيث كانت هي السلطة المشرفة على الصحافة ) لإصدار جريدة فكاهية ويكون هو مديرها المسؤول فأجيب طلبة ،وفي صباح يوم 29/9/1931 صدر العدد الاول منها بعنون
( حبزبوز صحيفة فكاهية أسبوعية لصاحبها ومديرها المسؤول نوري ثابت ). هذا ويذكر انه نبغ في العراق في فترة ما بين الحربين العالميتين كاتب فكاهي منتقد نادر المثال ( نوري ثابت) عرف بتوقيع (حبزبوز) وهو محرف عن(أ. حبزبوز) أي أحمد حبزبوز (أحد المتبطلين المشهورين في تلك الفترة) ، كتب في جريدة (الكرخ) لصاحبها الشاعر الشعبي (عبود الكرخي) وتستر وراء توقيع( خجة خان) وكان همة النقد الاجتماعي الهادف ولا دخل له بالسياسة وكتب كذلك في جريدة (البلاد) حيث شغل القراء وحظى باستحسان المجتمع وقال فيه السياسي ياسين الهاشمي( أنه خير من يصف اخلاق المجتمع واهله وصفاً فيه الاجادة كلها والعبرة البالغة)، وحبزبوز كاتب خفيف الظل اسلوبه محبب الى النفوس تمازجه تعابير دارجة عند الدهماء مطعمة بالأمثال السائرة على السنة الناس على مختلف طبقاتهم، وذكر المؤرخ عبد الرزاق الحسني في كتابة تأريخ الصحافة العراقية جريدة حبزبوز الفكاهية .
أصل اسم حبزبوز
حبزبوز هذا الاسم الذي أختارة نوري ثابت لجريدته مستعار عن اسم( احمد حبزبز)
وهو رجل هزال وكانت مهنته السرقة ،ومغامراته ونكاته اكثر من ان تستقصي ومن تلك النكات أن والده وأسمه (الملا عليوي) أجبره ذات يوم على أن يصلي صلاة العيد وعندما أستقبل القبلة رفع صوته عالياً بقولة ( نويت أصلي ركعتين صلاة العيد جفيان شر الملا عليوي) فذهبت قولته مثلاً. ومنها ايضاً حادثته المشهورة مع (الهياته) والهيئة التي كانت تقوم بواجب مماثل لواجب الشرطة على عهد الحاج احمد آغا والي بغداد – وتتلخص الحادثة أن أحمد حبزبز قاد نفراً من السراق ، للسطو على دار أحد الاغنياء وكانت خالية من ساكنيها – فأوعز لعصابته بدخول الدار وجمع ما خف حمله وغلا ثمنه ، وأخرج هو قدراً كبيراً وملاه بالماء وأوقد تحته ناراً حامية ، فمر الحاج أحمد آغا مع شرطته من ذلك الزقاق فسأل أحمد حبزبز عما في القدر فأعلمه انه يسخن ماء ليغسل ميت توفى لساعته فأستفسر الحاج احمد آغا عن سبب عدم الصراخ المعتاد في مثل هذه الحالات فأجابه (مولانا تالي الليل تسمع حس العياط) فذهبت مثلاً كذلك.
العدد الاول
صدر العدد الاول من الجريدة كما مر بنا في يوم الثلاثاء 29/9/1931وتحت عنوانها التعريفة التالية( صحيفة فكاهية اسبوعية ثمن النسخة )عانه( واحدة صاحب الامتياز والمدير المسؤول ثابت نوري ، مطبعة السريان – بغداد- محل الادارة شارع السراي عمارة الشابندر، أما شروط الاشتراك فهي 5،8،6 ربيات على التوالي في بغداد وفي الخارج وللضباط والمعلمين وطلاب المدارس اما الرسائل فلاتعاد لأصحابها نشرت أم لم نشر والمراسلات خالصة الاجرة وباسم صاحب الجريدة ) وقد كانت جريدة حبزبوز تصدر يوم الثلاثاء من كل اسبوع بثماني صفحات وكان صاحبها يحررها كلها بنفسه لا يساعده احد الا في القليل النادر.
وكان الناس يتهافتون على شرائها يوم صدورها وكانت ترسل مئات النسخ الى خارج العاصمة للمشتركين وهم بالمئات وكانت تصرف في بعض الاحيان (10000) عشرة الاف نسخة من كل عدد تباع كلها للقراء مما أضطر صاحبها للاستعانة بعدد من الموظفين لا نجاز العمل ، وقد كان الناس داخل العاصمة وخارجها – على قلة المتعلمين وقتئذ – ينتظرون بحرارة ولهفة موعد صدور حبزبوز ويتهافتون على شرائها ، فكان الناس يختطفون نسخها من أيدي الباعة اختطافاً وكثيراً ما كان البعض يضطر لشراء بعض النسخ بضعف سعرها وهذه ظاهرة لم تشهد بغداد وربما سوف لن تشهد لها مثيلاً مطلقاً .

صحافة الأحزاب
إنَّ تاريخ الصحافة العراقية يمتد لفترة الحكم العثماني للعراق ففي محاولة لإصلاح ولاية بغداد المهملة قامت الحكومة العثمانية بتعيين (مدحت باشا) واليا على بغداد وذلك عام 1869حيث قام بالعديد من الاصلاحات المهمة ومن أعماله الخالدة قيامة بعد تأسيس مطبعة الولاية بإصدار جريدة في بغداد وأسماها (الزوراء) نسبة الى التسميات القديمة لمدينة بغداد وصدر العدد الاول منها يوم الثلاثاء 15 حزيران 1869باربع صفحات صفحتين باللغة العربية والاخرى بالتركية، فكانت اول جريدة صدرت في العراق وفاتحة عهد الصحافة فيه. وتولى رئاسة تحريرها الصحفي التركي أحمد مدحت أفندي ، واسهم في الكتابة فيها مجموعة من الكتاب العراقيين ابرزهم الشاعر جميل صدقي الزهاوي وعبد الحميد الشاوي وفهمي المدرس. سنتناول تاريخ صحافة الاحزاب بعد نشوء الدولة العراقية الحديثة وسنتحدث عن الصحافة بعد دخول قوات الاحتلال البريطاني وصحافة ثورة العشرين والصحافة السرية وصحافة الحزب الشيوعي في عدد قادم ، ومن هذه الصحف التي صدرت عن عدد من الاحزاب منها.
1:- الحزب الديمقراطي: أصدر (الاهالي)و (صوت الاهالي)و (صدى الاهالي)و(نداء الاهالي) في بغداد. وقد تناوب على امتيازها وتحمل مسؤوليتها كمدير مسؤول المحامي حسن جميل وكامل الجادر جي والمحامي نائل سمحيري والمحامي عبد المجيد الونداوي والمحامي عواد علي النجم والمحامي عباس حسن جمعة. كما اصدر الحزب المذكور بعض الصحف في الالوية ، فصدرت جريدة(نداء الاهالي) في البصرة في اذار 1925 لمديرها المسؤول محمد احمد الرشيد ، جريدة (المستقبل) في الموصل في 8 كانون الثاني 1952 لمديرها المسؤول يعقوب يوسف البناء.
2: - حزب الاستقلال : منح امتياز اصدار جريدته المركزية (لواء الاستقلال) في 26حزيران 1946لمديرها المسؤول المحامي قاسم حمودي و(صدى الاستقلال) بعد تعطيلها واصدر جريدته (النضال) في الموصل لمديرها المسؤول المحامي غربي الحاج احمد ومنحت الامتياز في 20 نيسان 1950 ، كما أصدر جريدة(صوت الناس) في البصرة لمديرها المسؤول المحامي حمد الفارس ومنح الامتياز في 5 اذار1950 وجريدة (صوت الفرات) فرع الحلة لمديرها المسؤول المحامي علي القزويني في عام 1950.
3:- حزب الاحرار:اصدر جريدته المركزية ( صوت الاحرار) في 27 نيسان 1946 لرئيس تحريرها لطفي بكر صدقي ثم عوضها بجريدة ( صدق الايام) لصاحبها ومديرها المسؤول المحامي توفيق علاوي.
4:- حزب الاتحاد الوطني: اصدر جريدته المركزية (السياسة) في 7تموز و(صوت السياسة) بعد تعطيل ( جريدة السياسة) وكان رئيس هيئة التحرير ناظم الزهاوي ومديرها المسؤول موسى الشيخ راضي.
5:- حزب الشعب : اصدر جريدته المركزية (الوطن) في نيسان 1946 لمديرها عزيز شريف.
6:- الحزب الوطني: اصدر جريدته الرسمية ( صدى الاستقلال) في 15 ايلول 1930 أي بعد تأسيس الحزب بثماني سنوات (تـأسس الحزب في 2 آب 1922) ولكنها لم تلبث ان تعطلت بعد مرور شهر واحد على صدورها ، فأصدر الحزب جريدة (صدى الوطن) بدلا منها في 25 تشرين من العام نفسه وايضاً تم تعطيلها وأصدر جريدة (الثابت) في 30 كانون الاول 1931 اما قبل صدور جريدته الرسمية كان الحزب يعبر عن أفكاره من خلال جريدة (الاستقلال) لصاحبها عبد الغفور البدري احد أعضاء الحزب المذكور وقد لعبت جريدته دوراً بارزاً في مقاومة المعاهدة العراقية البريطانية.
7:- حزب النهضة: أصدر حزب النهضة الذي تأسس في 19 آب 1922جريدته الرسمية (النهضة العراقية) في 10 آب1929 تعرضت للتعطيل في أول أيلول عام 1929واصدر عوضاً عنها جريدة (صوت العراق) لصاحب الامتياز مزاحم الباجه جي لفترة قصيرة جداً ثم تعطلت في 29 تشرين الثاني 1929.
8:- الحزب العراقي الحر: كان الحزب العراقي الحر المؤسس في أيلول 1922 اسرع الاحزاب آنذاك في اصدار جريدة ناطقة بلسانه خاصة ان المندوب السامي البريطاني لعب دوراً هاماً في تأسسيه للوقوف بوجه المعارضة الوطنية بعد ان أجج حزبا الوطني والنهضة الانتفاضة الشعبيةضد سلطات الاحتلال وتدخل المندوب السامي في شؤون البلاد فنجح محمود النقيب ابن رئيس الوزراء آنذاك السيد عبد الرحمن النقيب مع بعض ذوي العلاقة والقرابة والاقطاعيين والاسر المعروفة بتأسيس الحزب واصدار جريدة (العاصمة) في عام 1922.
9:- حزب الاستقلال بالموصل: أصدر جريدة (العهد) (جريدة سياسية عربية تصدر في كل يوم ثلاثاء مؤقتاً) في مدينة الموصل برز في عددها الاول في 20 كانون الثاني لتكون لسان حال ( حزب الاستقلال العراقي) الذي أسسه فريق الموصليين المشتغلين في القضايا الوطنية في اوائل أيلول من سنة 1924 لدحض الإدعاءات ومطامح الاتراك في ولاية الموصل ، ثم صارت تصدر ثلاث مرات في الاسبوع ، وتعطلت بعد أكثر من سنة بعد ان اقرت (عصبة الامم) بقاء (ولاية الموصل) للعراق كجزء لا يتجزأ منه.
10:- حزب الشعب: ظهر حزب الشعب اثناء انعقاد وافتتاح اول مجلس نيابي منتخب في تموز عام 1925 بزعامة ياسين الهاشمي ، وأصدر جريدته المركزية باسم (الشعب) وعلى أثر تعطيل الجريدة ، اصدر الحزب بدلاً عنها جريدة (نداء الشعب) في 20كانون الثاني 1926لديرها المسؤول المحامي حقي الجيبة جي لقد نجحت هذه الجريدة نجاحاً سريعاً لتبنيها قضايا الشعب ومهاجمة المعاهدة العراقية البريطانية والرد على الصحف المؤيدة للمعاهدة وفي مقدمتها (العراق) و(بغداد تايمس) ودأبت على تعرية سياسة الانتداب والدفاع عن حرية الصحافة، وتوقفت عن الصدور تلقائياً على أثر اشتراك الحزب في وزارة جعفر العسكري وذلك في 6تموز عام 1927 حتى ان أغلب أعضاء الحزب تسلموا وظائف عالية في الدولة وغيرهم ترك العضوية بعد ان فتر نشاطه المعارض.
11:- حزب التقدم : لقد كانت غالبية الصحف في تلك الفترة تؤيد وتؤازر وزارات عبد المحسن السعدون المتوالية وعلى رأسها جريدة (العراق) و (العالم العربي) الا ان أعضاء حزب التقدم ارتأوا ان تكون للحزب جريدة ناطقة بلسانه فاصدر جريدة (اللواء) في 20 ايار عام 1928 لأيام معدودة.
وفي نفس العام اصدر الحزب جريدة (التقدم) وعهد تحريرها الى سلمان الشيخ داوود وتوقفت عن الصدور في 5 ايار 1929 وبعدها بفترة اقدم عبد المحسن السعدون رئيس الحزب على الانتحار بعد ان قال كلمته الشهيرة بعدم استطاعته التوفيق بين تطلعات الشعب العراقي الوطنية ومطاليب الحكومة البريطانية في الحفاظ على مصالحها في البلاد وتفرق من بعده اعضاء الحزب الى احزاب وكتل اخرى.
12:- حزب العهد: حزب العهد : أنشأ حزب العهد لنوري السعيدجريدته (صدى العهد) في 7 آب 1930 ومنح امتيازها لعبد الرزاق الحصان ، وقد تخصصت في الرد والتهجم والطعن بالصحف المعارضة والوطنية الحزبية والمستقلة وترويج للمعاهدة البريطانية .
وفي وزارة ناجي شوكت في تشرين الثاني عام 1932، عطلت الحكومة جريدة ( صدى العهد) واصدر اعضاء الحزب بدلا منها جريدة ( الطريق) في 6 آذار 1933 وبدأت تساند الحكومات المتعاقبة على دفت الحكم الواحدة بعد الاخرى حتى انقلاب بكر صدقي حيث عطلتها حكومة حكمت سليمان في 23 تشرين الثاني 1936 وتصفية مطبعتها ، تناثر اعضاء الحزب بين الكتل والاستقالات وانتهى عهد الحزب الذي عاش في السلطة اكثر من اي حزب طيلة العهد السياسي للعراق قبل ثورة تموز 1958 وقيام الجمهورية.



صحافة الأحزاب
لنستمر في نشر تاريخ الصحافة العراقية ونستمر في عرض صحافة الحزب الشيوعي العراقي حيث ذكرنا شرحاً عن صحيفة (كفاح الشعب) وتأتي بعدها:
2ـ جريدة الشرارة
بعد عودة يوسف سلمان يوسف (فهد) من الاتحاد السوفيتي وتشكيله لجنة مركزية جديدة اصدر الجريدة السرية الثانية للحزب الشيوعي العراقي وهي جريدة (الشرارة) التي صدر العدد الاول منها في كانون الاول عام 1940 وقد برز من كتاب ومحرري (الشرارة) عبد الله مسعود القريني وصفاء مصطفى ونعيم طويق اما فهد فلم يظهر اسمه في الاعداد الاولى للشرارة لكنه اخذ يكتب في فترات لاحقة،وتعتبر الشرارة التوأم لجريدة كفاح الشعب من حيث الاسلوب والتحرير والاخراج الصحفي، حاول فهد في مقالاته التي كان يوقعها بالحرف (ف) وهو الحرف الاول من أسمه الاممي (فردريك) ابراز الجانب الاممي ومركز الشيوعية العالمية فكانت معظم اعدادها مكرسة للحديث عن الشيوعية الدولية، وكانت الجريدة تطبع بألة كاتبة ثم تسحب على جهاز (ستنسل) حكومي حيث لم يكن لدى الحزب الشيوعي العراقي يومها امكانيات طباعية جيدة بمساعدة عبد الكريم عبد الجبار الصفار المشرف على قسم الطباعين في الادارة العامة لسجل الاراضي في بغداد وعندما اشترى الحزب آلة طابعة نقل الطباعة الى وكر سري، الميزة الوحيدة التي تميزت بها (الشرارة) عن (كفاح الشعب)هي لجوئها الى استعمال بعض الايات القرانية على الصفحة الاولى بدلاً عن الشعارات الشيوعية مثل قوله تعالى (فأما الزَّبد فيذهبُ جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض)سورة الرعد (الاية 16) وفي العدد التاسع الصادر في أيلول عام 1941 جاءت الاية الكريمة في صدر صفحتها الاولى(وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون) سورة الشعراء (الاية 26) واستمرت جريدة (الشرارة) تصدر حتى حزيران 1943 حيث صدر العدد الاخير والذي يحمل الرقم (10).
3ـ جريدة الى الأمام
وهي الجريدة السرية الثالثة للحزب الشيوعي العراقي وقد اصدرها الانشقاق الاول للحزب في عام 1942 وكان الانشقاق الاول بزعامة ذنون ايوب ويعقوب كوهين.
4ـ جريدة القاعدة
وقد صدرت في كانون الثاني عام 1943 وتولى اصدارها كل من داود الصائغ وحسين الشبيبي وزكي بسيم وعبد تمر، وقد جاء بترويستها في القسم الاعلى الشعار الشيوعي (ياعمال العالم اتحدوا) كذلك رسم في عنوان الجريدة المنجل والمطرقة وقد تضمن العدد الاول كذلك الشعار الاتي (قاطعوا الشرارة الجديدة لانها وقعت في ايدي الانتهازيين المخربين) وقد كان احد ابواب الانفاق الرئيسية في الميزانية المالية للحزب الشيوعي نفقات طباعة (القاعدة) السرية وتوزيعها حيث كانت تصل سنوياً الى ما مجموعه 424 دينار وفي تشرين الاول عام 1948 تعرضت المجموعة المنشقة التي تصدر الجريدة الى ملاحقة السلطة لها فتوقفت عن الصدور ولكنها عاودت الصدور في اوائل شباط 1950 بخط اليد ومن ثم صدرت مطبوعة وفي عام 1956 أستبدل اسم جريدة (القاعدة) بأسم جديد هو (إتحاد الشعب).
5ـ جريدة العمل
انشق داود الصائغ عن الحزب الشيوعي العراقي(جماعة فهد) وأسس (رابطة الشيوعيين العراقيين) وأصدر جريدة سرية بأسم (العمل) في نيسان 1944 وصدرت بشكل متقطع لعدم كفاية الموارد المالية.
6:- جريدة وحدة النضال
من بين الانشقاقات التي تعرض لها الحزب الشيوعي العراقي برزت مجموعة شيوعية صغيرة من يهود العراق اطلقت على نفسها اسم (وحدة النضال) وتميزت بسيطرة اليهود عليها وكانت بزعامة (يوسف هارون زلخة) وقد طلبت هذه المجموعة الانضمام الى قيادة (فهد)التي قبلت وفق شروطها ثم أصُدرت جريدتهم السرية باللغتين العربية والكردية لتكون لسان حال الحزب الشيوعي العراقي.
7:- جريدة شورش
اسس الاكراد من اعضاء وحدة النضال الذين رفضوا الانضمام الى جماعة القاعدة منظمة شيوعية جديدة واصدرت جريدة لها بإسم (شورش) وكانت هذه المنظمة بزعامة صالح الحيدري.
8:- جريدة النجمة
اصيب الحزب الشيوعي العراقي في بداية عام 1949 بأخطر نكسة حيث انشق الحزب الى خمس مجموعات هي (الحقيقة) و( النجمة) و(الصواب)و(الاتحاد)و(القاعدة) وقد صدر العدد الاول من (النجمة) بتأريخ 23/تموز/ 1949 وقد جاء في ترويستها الشعار ( المجد الخالد لقادتنا الشهداء الابطال) وقد صدرت خطية غير مطبوعة.
9:- جريدة الاتحاد
تمرد عدد من اعضاء كتلة النجمة المنشقة عن الحزب الشيوعي العراقي على رئيسها (أكرم ياملكي) من التنظيم لارتكابه اخطاء تنظيمية وفكرية واعلنوا تكوين منظمة بأسم (الاتحاد) واصدرت جريدة (الاتحاد) واستطاعت الشرطة العراقية من القضاء على التنظيم وانهاء صدور هذه الجريدة في تاريخ 16/10/1949.
10:- جريدة النضال
ترجع جذور جريدة النضال الحزب الشعب الذي الغيت اجازته في أيلول 1947 وأغلقت جريدته (الوطن) عام 1948 برئاسة عزيز شريف الذي اضطر للعمل السري تحت اسم حزب وحدة الشيوعيين في العراق (جماعة النضال) وقد اصدر جريدة بأسم (النضال) في تموز 1949 واستمرت بالصدور بصورة متقطعة وتوقفت عن الصدور في نيسان1956بعد الاتفاق الذي حصل بين جماعة النضال وجماعة القاعدة .
11:- جريدة راية الشغيلة
أعلن السجناء الشيوعيون في بغداد وعلى رأسهم جمال الحيدري وعزيز محمد رفضهم لقيادة بهاء الدين نوري واعلنوا تشكيل حزب شيوعي آخر واصدار جريدتهم (راية الشغيلة) وصدر العدد الاول منها في آذار 1953وكانت تطبع في بيت تسكنه ( رضية رضا الصفار) في محلة الزوية وقد تزوجت هذه فيما بعد من الكادر الحزبي المتفرغ لشؤون الطباعة (سليم اسماعيل) ثم انتقلت الى دار آخرى في ساحة الحرية وبعدها الى دار في تل محمد وقد حملت ترويسة هذه الجريدة الشعار الشيوعي( سلم وطيد.. وطن حر.. وشعب سعيد) وقد استمرت بالصدور حتى اغلاقها في اواسط حزيران 1956 بعد ان اصدرت (36) عدداً.
12:- جريدة كفاح السجين الثوري
جريدة خطية اصدرها السجناء الشيوعيون في سجن بعقوبة نهاية عام 1953 واستمرت بالصدور حتى آب 1954،في تلك الفترة كان (حميد عثمان) مسؤول اللجنة المركزية الخامسة في السجن يزاول العمل الحزبي كمسؤول اول وأبرز محرري الجريدة، وقد صدر العدد الاول على شكل صفحة واحدة وبشكل جريدة حائط ثم اعيدت كتابتها بتاريخ 9/2/1954 .
13:- جريدة كفاح الطلبة
صدرت في منتصف 1953 وهي لسان حال اتحاد الطلبة العراقي العام وقد ظهرت في صفحتها الشعارات الاتية( في سبيل سلم دائم مستقبل افضل)و( اتحدوا ايها الطلاب في جبهة طلابية شاملة لاحباط قانون التدريب العسكري الفاشي) وقد طبعت اعدادها الصادرة في الاعوام 1953و1954و1955 بآلة رونيو وبحجم ورق عادي وبامكانيات طباعية محدودة.

14:- جريدة الشباب
صدرت في منتصف العام 954 وهي لسان ( اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي) وقد احتوت على شعارات في اعلى صفحتها الاولى ( أتحدوا ايها الشباب) و (سلم دائم وصداقة بين الشعوب ومستقبل افضل) وكان اسم الجريدة مكتوباً بخط اليد وكانت تطبع بآلة الرونيو وبحجم الورق العادي.
15:- جريدة صوت الفرات
صدرت في النجف أواخر العام 1954 وهي لسان حال منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الفرات الاوسط واستمرت بالصدور للعام 1955.اقتصرت طباعتها على الحروف دون الصور او الرسوم.
16:- جريدة شغيلة الجنوب
صدرت في البصرة في أوائل عام 1955 عن اللجنة المحلية في البصرة وقد اقتصرت طباعتها على الحروف دون الصور أو الرسوم.
17:- جريدة كفاح الشغيلة
صدر العدد الاول منها في شباط 1955 وقد اصدرتها اللجنة المحلية في كربلاء وهي ذات امكانيات محدودة واعتمدت على الحروف دون الصور او الرسوم وهي واحدة من الصحف التي صدرت بتوجيه من المركزالقيادي للحزب الشيوعي العراقي التي اصدرت(راية الشغيلة) واصدرت لجانها المحلية في المناطق (شغيلة بغداد) في بغداد و(شغيلة الجنوب ) في البصرة و(كفاح الشغيلة) في كربلاء وجريدة باللغة الكردية إسمها ( ريكا) ومعناها (الطريق).
18:- جريدة آزادي
صدرت باللغة الكردية وكان المسؤول عن تحريرها اعضاء الحزب في السليمانية وكركوك واربيل وجميعهم من الاكراد.
19:- جريدة حرية الوطن
وهي اول جريدة سرية شيوعية تعنى بالقوات المسلحة صدر العدد الاول منها في كانون الاول عام1954 وقد جاء في ترويستها انه تصدر عن اللجنة الوطنية لاتحاد الجنود والضباط ،واقتصرت على الحروف دون الصور وكانت تعنى فقط بالقوات المسلحة .
الجدير بالذكر ان الحزب الشيوعي العراقي ومنذ بداية عمله بالصحافة الحزبية السرية اعتمد على مبدأ التخصص في العمل خاصة المهمات الطباعية حيث أطلق على المجموعة التي تتخصص بالعمل الطباعي وتنفيذ المهمات الطباعية والاشراف على مطبعة الحزب ( الجهاز الطباعي)وكان يرتبط بقيادة الحزب مباشرة من خلال احد اعضاء اللجنة المركزية ، ويعتبر عام 1958 في تاريخ الصحافة السرية الشيوعية في العراق بمثابة النكسة حيث تم كبس المطبعة الرئيسية لحزب في أوائل هذا العام في منطقة الكرادة الشرقية في بغداد وجرى إعتقال العاملين فيها ، وأدى ذلك الى توقف الصحافة السرية للحزب مؤقتاً.


صحافة ثورة العشرين
سنتناول في هذه الدراسة بعض المراحل من تاريخ الصحافة العراقية من خلال تناولنا لصحافة الهزل والفكاهة والاحزاب السرية والعلنية اليوم نتطرق للصحف التي صدرت ايام ثورة العشرين.
لصحافة ثورة العشرين تاريخ متميز يحتاج الى الدرس والتحليل باسلوب من شانه ان يساعد على فهم افضل الجوانب المهمة لواحدة من اهم حلقات حركة التحرر الوطني للشعب العراقي ،لاسيما مايخص دور المثقفين فيها، فأن جريدتي ثورة العشرين " الفرات" و"الاستقلال " تدخلان ضمن اروع ما تركته " ثورة العشرين " وتؤلفان واحدة من انصع صفحات الصحافة العراقية ،وهما يعتبران من اهم المصادر التي يلجأ اليها الباحثون والمؤرخون لتلك الفترة لتغني لهم البحث العلمي ، وبالرغم من كل ذلك لم يستخدم المؤرخون (الفرات) و(الاستقلال) لدراسة دوافع ثورة العشرين وأحداثها الا في نطاق ضيق جداً يقرب من العدم فعلياً، ولنوضح هذه الثغرة الكبيرة في دراسة ثورة العشرين وصحافتها نورد مثالين : الاول يخص كتاب " الثورة العراقية الكبرى" للمؤرخ المعروف عبد الرزاق الحسني والذي يصف كتابه بنفسه كأدق دراسة كتبت عن العوامل والاسباب السياسية والادبية التي ادت لنشوب الثورة عام 1920وعاد المؤرخ الحسني الى مصادر بحثة العربية والانكليزية حوالي 252 مرة و 92 مرة لست صحف عربية وثلاث صحف اجنبية ، وكذلك استخدم جريدة " العرب" ثمان مرات مع العلم ان الاحتلال كان يصدر هذه الجريدة قبل اندلاع الثورة ، واستخدم جريدة " العراق" المعاصرة للثورة 74 مرة وان كانت موالية للانكليز ومعادية للثورة ، وتمكن المؤرخ وعن طريق محتوياتها من تسليط الضوء على جوانب مهمة من احداث الصيف والخريف عام 1920وكان من الصعب معرفتها دون الرجوع والاستناد لجريدة "العراق" بالذات. ولم يستخدم الحسني جريدة "الاستقلال " النجفية سوى مرتين لتوضيح موضوعين احدهما غير اساسي ، ولم يتطرق الى جريدة" الفرات" التي كانت افضل واغنى من جريدة" الاسقلال" من وجوه كثيرة. المثال الثاني كتاب الدكتورعبد الله الفياض( الثورة العراقية الكبرى سنة 1920) وهي رسالة ماجستير تقدم بها لجامعة بيروت في بداية الخمسينيات من القرن الماضي ويعد هذا لكتاب من افضل ما أُلف عن "ثورة العشرين" ومع ذلك لم يول صاحب الرسالة صحافة ثورة العشرين الحد الادنى مما تستحق من اهتمام ، فقد استفاد من العددين الثاني والثالث من جريدة " الفرات " النجفية وذلك لمجرد توضيح مدى تاثر الثوار بالثورة البلشفية في روسيا. لم يكن متوقعاً في ظل ظروف عراق ما بعد الحرب العالمية الاولى ان تمتلك ثورة العشرين صحافتها الخاصة بها ، ولم يكن بوسع الانكليز ان يحققوا ما كانوا يبتغونة من كل سياساتهم اتجاه الثورة وهذا يوضحهُ لسان شاعر الثورة البارز محمد مهدي البصير بقولة: ان من اهم الاغلاط التي اثارت سخط الشعب على الحكومة ووقعت في نفوس المفكرين من ابنائه اسوا وقع.. خنق الحرية الفكرية ومنع اصدار اي جريدة سياسية غير الجرائد الرسمية .. وقد ادت مصادرة الحرية في البلاد الى رغبة لاحد لها في قراءة الجرائد السورية الحرة وصحف مصر. لقد كان احد مطالب الوطنيين العراقيين الرئيسية هي حرية الصحافة ، حيث طالب محمد مهدي البصير في اجتماع عقد في جامع الحيدرية بتاريخ 17حزيران 1920الجمهور بتقديم احتجاج شديد على تأخر سلطة الاحتلال بالاستجابة لمطالب الوطنيين العراقيين بإطلاق حرية الصحافة ، ويشير تقرير اخر الى ان المجتمعين بجامع الوزير يوم 15تموز طالبوا بصحافة حرة. كان هذا العامل الاساسي والموضوعي الاول الذي فرض ظهور صحافة خاصة تنطق بلسان ثوار العشرين ، فضلا عن ذلك حاجة الثورة لنشرة وطنية تذكي النار في النفوس وتشد العزائم وتوضح اهداف الثورة وتدحض إدعاءات اعدائها وتذيع اخبار انتصاراتها ، لاسيما بعد ان تضاربت الانباء والاراء في المرحلة الاولى من الثورة. اصدر عدد من المثقفين جريدتين ايام الثورة في مدينة النجف المحررة ، احداهما بأسم ( الفرات) والاخرى بأسم (الاستقلال) ، ومن المؤسف ان تتضارب اراء مؤرخي الصحافة العراقية حول تاريخ صدور هاتين الصحيفتين وان تنالا اهتماماً يفوق الاهتمامات الاخرى في ميدان الصحافة العراقية التي دشنت الثورة، بالرغم من جريدة (الاستقلال) اشارت الى تاريخ صدورها بالتقويمين الهجري والميلادي الا ان العديد من الباحثين ذكروا يوم صدور العدد الاول بصورة غير صحيحة فقد اضاف (كشاف الجرائد والمجلات العراقية) يومين كاملين لتاريخ صدور (الاستقلال) حينما عد الثالث من تشرين الاول عام 1920 بداية لظهورعددها الاول في النجف ، وهذا مافعله روفائيل بطي وفايق بطي وهما ابرز من عمل في ميدان الصحافة العراقية وأرخوا لها، إختزل مؤلف ( الصحافة العراقية وأتجاهاتها السياسية والاجتماعية والثقافية) الدكتور منير بكر التكريتي من تاريخ صدور العدد الاول من جريدة (الاستقلال) (13) يوماً حينما اكد انها صدرت في الثامن عشر من ايلول عام 1920طافحة بالمقالات واراء المجتهدين من رجال الدين وفتاويهم مع العلم ان العدد الاول من (الاستقلال) يخلوا كليا من كل هذا. ومن الجدير بالذكر ان التاريخ الذي يشير اليه الدكتورهو تاريخ موافقة المجلس البلدي والمجلس العلمي على طلب منح الامتياز الذي تقدم به السيد محمد عبد الحسين لحضرة قائم قام النجف الاشرف نور السيد عزيز بتاريخ الخامس عشر من ايلول عام 1920. لم يذكر مؤرخ واحد تاريخ صدور العدد الاول من جريدة ( الفرات) بالتقويم الميلادي بصورة صحيحة ودقيقة واغلبهم أخطأ في تحديد تاريخها الهجري الذي اقتصرت الجريدة على ذكره في صدر اعدادها جميعاً ،عدعبد الرزاق الحسني ومن بعده اخرون ( روفائيل وفايق بطي والدكتور منير بكر التكريتي وغيرهم) غرة المحرم 1339 ، 15ايلول 1920 يوم صدور العدد الاول من جريدة (الفرات) بينما الخامس من ايلول 1920 هو بالتحديد يوم صدور العدد الخامس والاخير من الجريدة المذكورة.اما صاحبة ( كشاف الجرائد والمجلات العراقية) فقد اختزلت من التاريخ المذكور انفاً ثلاثة ايام لتجعل الثاني عشر من ايلول بداية صدور العدد الاول من ( الفرات). يعد الاستاذ سليم طه التكريتي افضل من كتب عن صحافة ثورة العشرين الا انه اضاف شهرا ويوما واحداً الى التاريخ الصحيح لصدور العدد الاول من جريدة (الفرات) بالتقويم الميلادي فقد جعل من يوم السبت الحادي والعشرين من شهر ذي القعدة سنة1338 هجرية يوافق اليوم الثامن من شهر ايلول 1920.ومع ان الواقع يقول بأن الدكتور علي الوردي هو الوحيد الذي اقترب كلياً من تحديد التاريخ الصحيح لصدور العدد الاول من جريدة (الفرات) فقد اختزل يوماً واحداً بسبب الاختلاف في تحديد بداية شهر ذي العقدة الذي شهد ميلاد الجريدة الاولى للثورة، يقول الوردي ان العدد الاول من (الفرات) صدر في اليوم السادس من آب 1920 واضاف الوردي ستة ايام الى تاريخ صدور العدد الثاني ويومين الى عمر الجريدة حينما عد 20 آب تاريخاً لصدور العدد الثاني والسابع عشر من ايلول تأريخاً لصدور العدد الاخير من (الفرات).صدر من جريدة (الفرات) خمسة اعداد فقط وقد صادف صدور عددها الاخير يوم الاربعاء الثاني من غرة محرم عام 1339 اي الخامس عشرمن ايلول 1920وكانت تصدر بأربع صفحات وبحجم صغير نسبياً( 34*20سم) ولكن حسبما يبدو من افتتاحية العدد الاول من الجريدة كان صاحبها توسيع حجمها فقد ورد فيها: .. "ولكن الافاضل من الخارج والداخل جعلنا نقدم على غير عدة فأصدرناها على هذا الحجم الصغير مؤقتاً ". أشرف الشيخ محمد باقر الشبيبي ابن الشيخ جواد شبيب ( 1889- 7 حزيران 1960) احد مؤسسي جمعية حرس الاستقلال السرية، على اصدار جريدة (الفرات) وحرر بنفسه معظم مقالاتها، ومع ان (الفرات) تصف نفسها بأنها جريدة اسبوعية الا انها لم تصدر بشكل منتظم على العكس من جريدة (الاستقلال) . اما جريدة " الاستقلال" فقد صدر عددها الاول يوم السبت 18محرم عام 1339هجرية اليوم الاول من تشرين الاول عام 1920ميلادية وصدر بصفحين فقط بحجم أكبر من "الفرات" وقد بلغ مجموع ماصدر منها ثمانية اعداد غطت بمجموعها النصف الاول من شهر تشرين الاول(من 1 الى 14) فهي صدرت اربع مرات بالاسبوع بصورة منتظمة بإشراف محمد عبد الحسين الكاظمي وعبد الرزاق الحسني الذي ذكرته الجريدة نفسها بأسم عبد الرزاق البغدادي، كان الاستقلال طبع بمطبعة الشيخ صادق الكتبي في النجف التي كانت مطبعة صغيرة جلبها صاحبها من الهند لطبع الرسائل الدينية. ان مجموع ماصدر من جريدتي الثورة بلغ 13 عدداً فقط، ولم يتجاوز عمر صحافة ثورة العشرين اكثر من 53يوماً تعادل حسب المقاييس جميعاً ردحاً طويلاً بالنسبة للاحداث التي حفلت بها دون النظر عن قصرها الزمني المفروض، يكمن السبب الحقيقي لقصر عمر صحافة ثورة العشرين وقلة اعداد جرائدها في أمرين اساسين يتعلق الاول منهما بتأخر المثقفين في اصدار صحف تنطق بلسان الثورة الامر الذي يعكس انعدام بعد نظر سياسي كاف لدى القيادة فقد مر 69يوماً على اندلاع الشرارة الاولى للثورة في الرميثة قبل ان يباشر الثوار باصدار صحافة خاصة بهم مع العلم ان الطرف المقابل حول الصحافة الى اداة فاعلة لتشويه الاذهان والى عامل مساعد للحيلولة دون انتشار نيران الثورة في المناطق الاخرى فقد ادت جريدة " بيشكه وتن" (التقدم) الكردية مثلاً دوراً واضحاًفي هذا المجال.اما السبب المهم الاخر فقد نجم عن الظروف الصعبة التي عاشتها الثورة نفسها، يذكر احد المطلعين على احداثها ان جريدة " الاستقلال" صدرت بدراهم شاب كان لاجئاً للثوار، ويتحدث عبد الرزاق الحسني ( مدير شؤون الاستقلال) عن ندرة الورق وصعوبة الحصول عليه في تلك الايام العصيبة كما تحدثت ( الفرات) في افتتاحية عددها الاول عن قلة المعدات الالية فلا ورق كثير ولا مطبعة كاملة وبالاسلوب نفسه تشير جريدة (الاستقلال) في افتتاحية عددها الاول الى قلة العدة والوسائل. ولكن مع قلة اعداد جرائدها ومحدودية امكاناتها فان صحافة ( ثورة العشرين) قيمة وجديرة بالاهتمام والتقويم.


اعداد:كفاح حيدر فليح