الحضارة الكنعانية وصلت الى اليونان

بسم الله الرحمن الرحيم
الحضارة الكنعانية وصلت الى اليونان
الحضارة الكنعانية وصلت اليونان

جزء من ارضية عثر عليها في تل الكابري

اسامة العيسة


كشفت حفريات أجريت أخيراً في أحد المواقع الكنعانية الفلسطينية عن أن الكنعانيين، أو على الأقل جزءاً من الممالك الكنعانية، لم يكتفوا بثقافتهم المحلية، بل كانوا على صلة مع حضارات أخرى، كالحضارة المينوسية التي هي من أقدم حضارات اليونان وأوروبا، وهي نشأت في جزيرة كريت في العصر البرونزي.
والفن المينوسي هو من أجمل الفنون في البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة، استخدم فيه السيراميك والعديد من المعادن في تشييد هذه اللوحات والقطع المتوافرة التي ترجع إلى 2500 سنة قبل الميلاد.
ووفقاً لتقرير أصدرته جامعة حيفا أخيراً، التي ينقب آثاريوها في تل الكابري، على الساحل الفلسطيني تحت أقدام جبال الجليل الغربي، فإنه عُثر على بقايا لوحة مينوسية، في هذا التل، الذي يضم بقايا مدينة كنعانية من العصر البرونزي الوسيط (2000ـــــ1550 قبل الميلاد)، التي كانت أهم المدن في الجليل الغربي خلال تلك الفترة.
وعثر داخل القصر الكنعاني على بقايا لوحة فنية تتميز بخلفية زرقاء، هي الأولى من نوعها التي يُعثَر عليها في فلسطين. يؤكد هذا الاكتشاف أن المدينة الكنعانية لم تكتف باعتماد الأساليب الفنية السورية وحضارة ما بين النهرين، بل مدت جسوراً أبعد من ذلك. ويتميز موقع الكابري (بالإضافة إلى أنه من أقدم القرى في العالم) بآثاره الكنعانية، وخاصة القصر. ومياه نبع تل الكابري كانت قد سحبت منذ آلاف السنين بقنوات جر إلى عكا التي حينما حاصرتها العصابات الصهيونية عام 1948 عمدت إلى تلويث القناة التاريخية التي تحمل المياه من تل الكابري إليها بالتيفوئيد.
وينقب في تل الكابري، فريق من معهد الدراسات البحرية في جامعة حيفا وفريق آخر من جامعة جورج واشنطن، ويكتسب التل أهمية استثنائية لدى علماء الآثار باعتباره مدينة كنعانية خالصة ستُمكن علماء الآثار من الحصول على معلومات وصورة بانورامية عن الحياة السياسية والاجتماعية في الفترة الكنعانية، ومعرفة علاقة هذه المدن بحكومة مركزية، وكيف كانت الضرائب تُجنى، وأي نوع من الزراعة ساد في تلك الفترة.
المثير في المكتشفات الأثرية الأخيرة في تل الكابري، الذي طُهر أهله عرقياً عام 1948، على يد العصابات الصهيونية، وأقيم مكان قريتهم المدمرة (كيبوتس كابري) اليهودي، أنها تظهر اختلافاً عن مستوطنة كنعانية شهيرة في الجليل الشمالي، هي تل حاصور، وهذا التل هو أكبر مدينة كنعانية، وأثار اهتماماً استثنائياً من الآثاريين وعلماء الأنثربولوجيا، وكُشف في هذا التل عن منحوتات فنية، تؤكد ما هو شائع عن تأثر الكنعانيين بالفنون والأساليب السورية وحضارة ما بين النهرين.
ولهذا السبب، نُظر باهتمام لما كشف عنه في تل الكابري، وهي المرة الأولى في فلسطين التي تظهر فيها الأساليب الفنية المينوسية، وتبين أن كنعانيّي الكابري لم يرتبطوا فقط بعلاقات تجارية مع الممالك الأخرى على البحر المتوسط، كما هو حال كنعانيّي تل حاصور مثلاً، لكنهم اختاروا بوعي مد جسور ثقافية وفنية.
سلطة الآثار الإسرائيلية نقبت في تل الكابري، بعد عشر سنوات من احتلاله (1957ـــــ1958)، وبينت أهمية الموقع خلال العصر البرونزي الوسيط، ثم توالت الحفريات منذ عام 1986.
ويشتمل التل على تحصينات ضخمة، ومبانٍ سكنية ومقابر، وقصر كبير اكتشفت فيه أرضيات وجدران مزينة بالنمط الميسوني. فيها تفاصيل فنية، وإحدى الجداريات شبيهة بأخرى وجدت في إحدى الجزر اليونانية.
وهذه الأدلة الفنية على الاتصالات بين بحر إيجة وجزيرة كريت القديمة مع الكنعانيين وغيرهم من سكان الشرق الأدنى القديم هي فريدة من نوعها في فلسطين وكل مناطق الانتشار الكنعاني.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانيه