عندما بلغ سيدنا (يعقوب) سن الزواج، أشار عليه والداه أن يسافر إلى أرض حران بالعراق، ويخطب إحدى بنات خاله (لابان)، وقد استجاب (يعقوب) لطلب والديه، وانطلق إلى خاله بالعراق، ووجد لديه ابنتين، (ليا) وهى الابنة الكبرى، و(راحيل) الابنة الصغرى التى فاقت اختها جمالاونقاءاً وذكاءاً

تقدم (يعقوب) للزواج من (راحيل) التى أحبها، لكن والدها طلب منه أن يستأجره لمدة سبع سنوات يتم خلالها صداق ابنته الصغرى (راحيل)، ووافق (يعقوب) على ذلك، ظل يعمل ويكد لسبع سنوات متتالية حتى إذا جاء الموعد زوجه خاله من ابنته الكبرى (ليا)

فى صبيحة اليوم التالى ذهب (يعقوب) - عليه السلام- غاضبا إلى خاله، واخبره أنه قد خطب الابنة الصغرى لا الكبرى، لكن الخال أفهمه أن من عادات هذه الأرض ألا تتزوج الصغرى قبل الكبرى، فما كان من (يعقوب) إلا أن اتفق مع خاله أن يستأجره لسبع سنوات أخرى ليتزوج بعدها من (راحيل)ا
، ولم يكن زواج الأختين محرما كما حدث بدخول الإسلام، ولكن بعض المفسرين ذهبوا إلى أن (يعقوب) قد تزوج من (راحيل) بعد وفاة الابنة الكبرى (ليا)ا

فى خلال السبع سنوات ولد ليعقوب بضعة أولاد من زوجه (ليا)، لكنه كان مصرا على الزواج بمن أحبها، حتى وصل إلى مبتغاه

كان (لابان) قد وهب إلى كل ابنة من بناته جارية، فاهدى إلى (ليا) جاريتها (زلفى)، وإلى (راحيل) الجارية (بلهى)، ولما رأت (راحيل) أن اختها قد ولدت ليعقوب أربعة ابناء فى حين تأخرت هى عن الحمل، فاهدته جاريتها (بلهى) فولدت له
وكذا فعلت ليا أيضا منافسة لأختها، فوهبت له الجارية (زلفى) لتلد له

فما كان من (راحيل) إلا أن توجهت إلى الله تسأله الولد الصالح، حتى استجاب لها الرحمن الرحيم ووهبها (يوسف)، طفلاً جميلاً أشبه بجدته لابيه (سارة) زوج (ابراهيم) الخليل، لهذا كان اقرب ابناء (يعقوب) إلى قلبه

كان ليعقوب -عليه السلام- اثنا عشر ولدا من أربع زيجات
ولدت له ليا: روبيل، شمعون، يهودا، ايساخر، زابلون
وولدت له راحيل: يوسف وبينيامين
الثالثة بلهى ولدت له: دان، ونفتالى
أما الرابعة فولدت له: جاد، واشير
كان (يوسف) هو الوحيد من ابناء يعقوب الذين خصهم الله بالنبوة

ظلت (راحيل) مع زوجها فى العراق لمدة عشرين عاما، كانت تعبد الله فيها وتؤمن به مع زوجها (يعقوب)، على حين كانت الأصنام منتشرة فى بلاد ابيها
حتى جاء أمر الله إلى (يعقوب) أن يعود إلى مسقط رأسه ببلاد المقدس، فجمع يعقوب ماله وأولاده الذين امتثلوا لأمره جميعا، فساعدوا والدهم فى جمع الأغراض على حين اهتمت (راحيل) بأمر الأصنام، فجمعت أصنام والدها وذهبت بها لتلقيها فى أحد الأنهار دون أن يعلم بصنيعها أحد

وهناك فى بيت المقدس ولدت (راحيل) الأخ الشقيق ليوسف، (بنيامين) الذى تم استرقاقه فيما بعد حين صار (يوسف) ملكا على مصر

كانت (راحيل) واحدة من نساء الانبياء اللاتى سجل التاريخ مواقفها العطرة فى مجالات خيرة متعدة، فقد كانت خير امرأة فى كل موقف، كانت مثال الزوجة الوفية، ومثال الأم العطوف، ومثال العابدة الشاكرة والصابرة

كانت عوناً ليعقوب عند فقد (يوسف)، أمة مؤمنة صابرة فكافئها الله على صبرها بأن صارت أما لنبى وأما لملك مصر عاشف فى كنفه راضية حتى توفاها الله
يقال أن (راحيل) قد توفيت بمصر، ولكن أغلب الظن أنها قد عادت إلى بيت المقدس لتموت وتدفن هناك

والله اعلم...منقول