بندر بن سرور العتيبي رحمه الله
أسطورة عتيبه
وواحد من أشهر شعراء الشعر النبطي في القرن العشرين
شاعر قوي في سبك القصيدة وجزالة الألفاظ ووقوة المعنى
لم يترك غرض من أغراض الشعر الا طرقه
اشتهر بالحكمة.. والمدح.. والهجاء .. والغزل
عاش حياة قاسية نوعا ما
قرأت عن ما كتب عنه سابقا أحد ابناء عتيبه في احد المنتديات قبل فترة وحفظتها في جهازي فقال
هذا الشاعر الذي ذرع البيداء يميناً وشمالاً، وأكثر من الترحال، ولم يقر له قرار، ولما عاناه في حياته القاسية، قد يظن أنه أعطى صدوداً عن الغزل في شعره، وأنه لم يعشق، غير أن الحقيقة غير ذلك، فما هو إلا ذلك البحار الذي أنفق عمره في البحث عن حب وعن أحباب، كما يقول نزار!! إذ حمل بندر بين جوانحه قلباً أحب وعشق، وهام وجداً، فقال شعراً غزلياً رائعاً، إلا أنه لم يسهب في ذلك شأنه بذلك شأن صاحبه المتنبي القائل:
وللخود مني ساعة ثم بيننا
============== فلاة الى غير اللقاء تجاب
يتجلى جميل الشعر الغزلي عند بندر بن سرور عندنا يعلن في احدى قصائده عما يختلج في جوانحه من الوجد والهيام بقوله:
آه يا فيحان من بعد المسافة
============== بين نجد وبين ريعان الحوية!!
مطلع رائع يعطي انطباعاً وشعوراً بالغربة، ولكن ما أسباب ذلك الوجد؟ من يا ترى هذا الذي ادمى الفؤاد الأسير؟
يا صل اللي بان بالقلب اختلافه
================ عيت الأيام تسمح له مجيه
شبه وضحى قيضت فوق اللصافة
================ ربعت بطبيق وفياض الثنية
نعم، إنه يحق لشاعرنا هذا التوجد على محبوبته، إذا ما علمنا أن الشاعر يعيش نجداً في حمارة القيظ، في الوقت الذي تقيض فيه جوهرة آماله في ريعان الحوية بالطائف!!
وفي قصيدة أخرى يتوجد الشاعر فيقول:
ألا يا وجودي وجد من صك دونه باب
================ بقفل أعجمي مغلقات مساميره!!
على اللي كواني كية العظم بالمشهاب
================ على أقصى عراو القلب محم مناشيره!!
والخطر هنا عندما يتمكن المحبوب من أعماق قلب المحب متجاوزاً شغافه، لذلك كان الوجد كبيراً لدى الشاعر، فهو ليس حباً عارضاً ، يزول بزوال سببه كما قال ابن حزم الظاهري!! إنه متمكن على الرغم من بعد دار المحبوب، يقول بندر عنه:
عشير ورا الكودة وأنا من مشعاب
================ بعيد قريب تعيب يا هون تيسيره!!
إنها صور شعرية متدفقة، تحمل إلى القلب والنفس ذلك الحزن العميق. ويقول:
ألا واهني اللي عن الحب ما قد تاب
================ وأنا تبت عنه وعدت له يا الله الخيرة!!
وفي قصيدة أخرى يؤكد في مطلعها على عزمه واصراره في التمسك الشديد بهذا الحب، يقول:
عز الله إني جزت عن كل ما أقول
================ لاشك ردتني على القول ضيحه!!
ثم يسترسل في هذه الأبيات الغزلية الرائعة:
لا يا عيون اللي ليا صك بالجول
================ منه أبرق الجنحان عجل مطيحه
يا عود ريحان رفع غصنه الطول
================ بستم قليبه ما يهون ضبيحه
يوم استوى عوده على داير الحول
================ عجوا به التجار من زين ريحه!!
يا شيخة الخفرات بالزين وادلول
================ من مات من سبتك ربه يبيحه!!
وفي براعة الاستهلال الغزلي، يقول بندر:
سرى البارق اللي روس مزنه تنصت الغال
================ على هجرة ابن سنون وادني الشبيكية
ولكن، لماذا كل هذا الدعاء بالغيث ؟ :
على شان حصة جعل يسقيهم الوبال
================ إليا عودت مالي ومال الحبر دية
ثم لماذا حصة بالذات، ولماذا لم تكن سعاد أو نادية ! ! يجيب بندر قائلا ً :
تتل الضماير تل غرب على محال
================ تصافق به الجيلان ملح اجماليه
هذا هو المعيار الذي ميز حصة عن غيرها من بنات الحي!! ثم يستطرد الشاعر ليكشف لنا خاصية من خصائص عالم المرأة، فيقول:
اليا نقضت شقر على ردفها ميال
================ تخابط سبلهنه مطارق شراطيه
ألا يا عيون اللي مواكيرها بالخال
================ توايق رقايب نجد ما هيب بحرية!!
وليعلم أن «حصة» ليس الاسم الحقيقي لمحبوبة الشاعر، إنما هو قناع اتخذه لعلمه أن عاداته الاجتماعية تنهاه من أن يصرح باسم محبوبته!! ولعلنا من خلال هذه المقالة نخلص إلى القول إن الشاعر بندر لم يوقف حبه على امرأة واحدة.
إنما رأيناه يتعقب الجمال في كل مكان، رأيناه أولاً في ريعان الحوية بالطائف، ثم رأيناه في هجرة ابن سنون حول الشبيكية، وثالثة رأيناه يطلب الجمال وراء الكودة، حيث يقيم عشيرة، وأخيراً نجده في هذا البيت يقول:
ابغى الذي بين المضيع وعكاش
=============== روقية تزها يديها الخواصير
جرب شاعرنا بندر جميع ألوان الشعر .. الغزل والمدح والرثاء والتوجد
وحتى الهجاء .. وربما كان الأخير هو السبب في مقتله
له قصائد في المديح أشهرها ماقاله في الشيخ زايد آل نهيان
الكار للي صار غيثـ(ن) للاجواد
= لاقبلها صارت ولا من بعدها
الى ان قال :
حلحيل حل ٍ حلو مرار حصاد
================ كبد ٍ يداويها وكبد ٍ لهدها
واللي عجوز ٍ من ورى شط بغداد
=============== سمت على شيخ الفلاحي ولدها
تبيه يطلع مثل زايد ولافاد
==============ماكل من هاز الطويلة صعدها
ومن توجده القصيدة المشهورة للشيخ تركي ابن حميد امير عتيبه
والتي كانت ردا ً على بنت الشيخ لما قالت لأبيها ( المرجوج ) وتقصد بندر
فقال :
ياسهيف الذرعان مانيب مرجوج
============= رجتني الدنيا بغدر ٍ وحيلة
وقد توفي تقريبا ً 1401 هـ قبل 25 سنة في مكان قريب من محافظة الدوادمي بنجد
ومـن قـصــائــده الـتـي يعشقها الكثيرين
قـصـيـــدة (( مـا نـي وأنـا بـنـدر ))

يـا الله يـا جــــال الأمــــور الـمـهـمــــــه
=تـجــلا وهـج قـلـب بــرا حـــال راعـيــــــه
الـبـر دجـتـه والـبـحــر رحــت يـمـــــــه
=يـقـطـعـــك يـا حـظ عـلـى الله مـسـاعـيــــه
يـوم أن ولـد الـلاش رزقـه عـلـى أمـــــه
=رزقـي عـلـى اللـي مـيـت الـقـشـع يـحـيـيـه
يـأمــل قـلـب كـــل مـا مـــات هـمــــــــه
=دارت دوالـيـب الـدهــــر لـيـــن تـحـيـيــــه
فـراق شـمـل الـنـــاس عـيـــا يـلـمــــــــه
=وقـت يـشـيـب الــرأس مـن شـايـــة فـيــــه
أحـــــدٍ يـنـــام وحــط رأســــه بـكـمـــــه
=وأحــدٍ تـخـم الـنـــوم عـيـنــــه وتـخـطـيــه
وأحــدٍ يـحـاول بـالــردى بـنـت عـمـــــه
=وأحــدٍ يـحــــول سـتـر عــذراء عـوانـيــه
مـانـي وأنـا بـنـدر بـبـيــــاع دمــــــــــــه
=يـقـطـعـك يـا بـيــــاع دمــه ومـهـفـيـــــــه
الـلـي يـبـيـــع لابـســـــــات الازمــــــــه
=ثــور يـبـا بـيـض الـرعـابـيـب تـغـنـيـــــه
يـزعــل لـيـا جـت لـيـلــة الــدور يـمــــه
=يـرضـى بـســوق المــال فـخــوه وفـأبـيـه
خـطـو الـبـخـيــل الـلـي يـكـبــر مـعـمــه
=يـقـرأ الـكـتـاب وواجــب الله يـخـلـيـــــــه
إمـر هـرج لـك فـي رفـيـقــــه بـنـمــــــه
=والاعـطـــا وامـــــه تـضـيــع هـقــاويـــه
أنـشـدك يـا لـلـي كـل فــرض تـتـمـــــــه
=تـقــرأ الـكـتـاب وكـل فـرض تـصـلـيــه
ويـش الـقـلـيـب الـلـي غـمـيـق مـجـمـــه
=ما فـاد غـرسـه مـاه عـطـشـى سـوانـيــه
تـخـالـف الأنـظـــار شــرق ويــمــــــــه
=وكـل هـدف رآيـه من الـنـاس مـرضـيـه
سـم الـسـبـب يـا عــارف عـنــه سـمــــه
=ســم الـسـبـب يـا عـارفــه قـبـل اسـمـيـه

منقوول