الثورة العربية في الجبل" في مطلع هذا القرن بدأ تفتح الوعي العربي السياسي، يتمثل على أرض الواقع، فتشكلت الجمعيات القومية التي تدعو للتحرر من الاستعمار التركي الثقيل، الذي جثم على صدر الأمة العربية أكثر من أربعة قرون، ذاق الشعب خلالها الويلات من المؤامرات الدنيئة, والفتن الطائفية, والمعارك الدموية والحروب المحلية, التي أنهكت البلاد والعباد. وما كادت تلوح أخبار الثورة العربية في الأفق سنة 1916, حتى اقبل عليها الوطنيون وهلل لها الأحرار في كل بقعة من الوطن العربي الكبير, آملين تحررهم وإنقاذهم وتوحيدهم في امة عربية واحدة, تتابع مسيرة الأسلاف في خدمة الحضارة والإنسانية. ولمَا أطلَ شبح المجاعة الرهيب على سورية و لبنان، أثناء الحرب العالمية الأولى ، فتح الموسرون من أبناء الجبل و حتى الفقراء ، بيوتهم و مضافا تهم ، فنادق و مطاعم مجانية للجياع ، ومختلف اللاجئين إلى الجبل ، من سورية و لبنان و سائر الأقطار العربية ، على اختلاف مذاهبهم و بلدانهم . فكان البرغل و اللحم و السمن يطبخ و يوزع مع الخبز مجاناً على اللاجئين و المحتاجين و يذكر المؤرخون أن عدد اللاجئين إلى الجبل ففي تلك الأيام زاد على خمسين ألف نسمة . و قد أضحت قرى الجبل ملجأًًًًًً أميناً لعدد كبير من أحرار العرب و منطلقاً لنشاطهم المناهض للحكم العثماني الجائر . فهذا سلطان الرشيد يلجأ لآل زهر الدين في الصّورة ثم إلى متان و لعريسي لآل المغوش في خلخلة ونسيب البكري الذي حل ضيفاً على حمد البر بور في أم الرّمان و قد كان من العار على الناس بيع الخبز و الطعام بالدراهم وهذه بعض قصائدهم في هذا الموضوع و معكم الأتراك الجائر : يا بياعين الخبز بقروش تبقوا نور ما لكم تالي من طبتي فضت أني المنكوش و الرفش يلحق على التالي يا ويلي من حكم أبو طربوش(1) حكم بنا والحكم طالي لهيا هنّو (2) من بني خربوش بمعلقات قفى سالي كان السيد نسيب البكري قد نقل إلى الجبل قرار الشريف حسين بإعلان الثورة العربية ضدّ الأتراك ورغبة الأمير فيصل بالتعاون مع أبناء الجبل خاصّة وقد كان الكثير منهم أعضاء في الجمعيّات العربية الوطنيّة التي زاد نشاطها عندئذٍ في البلاد العربية وحتّى في العاصمة العثمانية (( الآستانة )) لمقاومة التتريك و الاستعمار التركي . توثيق : يقول سلطان الأطرش في مذكراته ح3 :وما إن انقضت أشهر الشتاء البارد من سنة 1917 وأطلّ علينا الربيع بطقسه الجميل حتّى قررنا الجهر بالثورة و جعل بلدتنا القريّا مقراً لها في الجبل ثم احتفلنا بحضور نفر من أحرار العرب برفع العلم العربي فوق دارنا ، و باشرنا بتسيير الملة الكبيرة التي كنّا قد أعددناها من قبل لتلتحق بالجيش الفيصلي في العقبة . حوالي ثلاثمائة خيال وهجان على رأسها من أعيان الجبل : حمد البر بور، معذى المغوش أسد الأطرش و عبد الله العبد الله ((ح3)) . وقد توجه الفرسان نحو العقبة يترنمون بأهزوجة معذى المغوش الآتية : يا ميرما ودها سكـــــــوت لازم تزور بلادنـــــــا لابد عَ حلق نفـــــــــــــوت وتشوف عج طرادنــا عيال الجبل أحرار ثبـــوت يفني العدا ملكادنــــــا من مصر لساحل بيــــروت لنجد لبغدادنـــــــــــــا من أجلها نحيا و نمــــــوت ونحمي حمى أجدادنـــا رجال العرب ياهل البخوت بالسيف نحمي لأمجادنا توثيق: في أواخر كانون الأول سنة 1917 تلقى سلطان الأطرش كتاباً من نسيب البكري جاء فيه : " إن الجيش الحجازي طهر مكة المكرمة من الأتراك . وجيش الخلفاء المنضم إليه الجيش العربي قد افتتح بئر السبع عن طريق غزه في 21 اكتوبر سنة 1917 وياما في 16 نوفمبر و القدس في 9 ديسمبر . و قريباً سندخل جبلكم المنيع بواسطتكم الله ينصر العرب " استمرت أخبار انتصارات الجيش العربي تصل إلى الجبل تباعاً عن طريق نسيب البكري حتى عاد هذا إلى الجبل مع بعض المرافقين مندوباً مفوضاً من قبل الأمير فيصل وافتتح مقراً للنشاط بدار حمد البربور في أم الرمان وقد رفع على المقر علم الثورة العربية . وقد حمل بياناً من قيادة الجيش الفيصلي هذا نصه : توثيق :إلى أهالي جبل الدروز و حوران المحترمين : بما أننا قد انتدبنا السيد نسيب بيك البكري إلى جهاتكم بالوكالة عنا بينما نحضر بذاتنا أو يحضر أخونا الأمير زيد لجهتكم فيجب و الحالة هذه إجراء جميع التسهيلات المقضية التي اعتدنا أن نراها من أمثالكم الموصوفين بالغيرة العربية و الخمسة و الشهامة العدنانية بطرد أعدائنا و أعداء وطننا ... الذين إذا لم نتحد على طردهم من ديارنا فإنهم لم يبقوا منا قرداً . و إننا بعونه تعالى سنأتيكم قريباً . بجيوشنا ومعداتنا هدانا الله و إياكم سواء سبيل . تحريراً في 18 جمادى الآخر سنة 1336 هـ الموافق في 28 مارس آذار سنة 1918 م . قائد الجيوش الشمالية ابن ملك العرب فيصل بن الحسين . مذكرات حلقة 3 ( م ح 3 ) . وقد نظم السيد برجس المغوش في ذكرى الثورة العربية سنة 1916 الأهزوجة التالية : طاب الموت يا عرب (1) فيصل الأول قالهـــا يوم الجرح لحق القتب(2) و الظلم زاد هوالهـــا صاح اشعلوا نار الحرب فوق القمم و جبالهـــا نحرر بها بلاد العـــــرب و نجمع شباب رجالها سلطان أول من وثــــــب تّحدّ و أني خيالهـــــــا و حمد سن سيوف الحرب ينتخي و هو شيالهـــا معذى حداها بالعـقـب(4) يا فيصل شد رحالها الشام ميعاد الركــــــب نعدل حمول ثقالهـــا قول و فعل سوق الحرب بني معروف أبطالها تركيا ولت بالغصــــــب و فرنسا يعلن فالها و اليوم عاد (أبولهب ) يغزل على مثوالها يغتال حرية الشعب و يبتز قوت عيالها و يتآمروا شرق و غرب و يتقاسموا بترولها و يضحك على عبي القصب و يسلب غزير أموالها القدس أعياها الغضب تندب مصير أطفالها يا حيف عَ أمجاد العرب ضاعة عيد أنذالها (1) طاب الموت يا عرب : إشارة لعبارة فيصل التي اطلقها عندما اعلن الحرب على الاتراك (2)القتب : شداد البعير من الخشب او الحديد (3) لحد : عبارة نخوة (4)حداها بالعقب : غناها بالعقبة (5) معذى المغوش : يعني معذى الذي غنى القصيدة (6) ابو لهب : ريغن وشركاه توثيق: قبل وصول الجيش الفيصلي إلى درعا كانت الحالة في الجبل قد وصلت إلى شفير الحرب الأهلية بسبب نشاط الأتراك المستمر في مختلف المناطق و النواحي و بذلهم الأموال الطائلة و نشر الدعاية ضد الثورة العربية . و قد وصلت إلى سلطان الأطرش من سليم الأطرش زعيم الجبل الرسالة التالية : (لجناب قائد الجيش الدرزي دولتو سلطان باشا المعظم : بعد السلام عليكم ، اطلعت على تحريركم المرسل منكم إلى أهل "أم الرمان " و "الغارية " و "عنز" و "حوط" و "المغيّر" و"بكّا " ، تطلبوهم كي يوافوكم إلى بصرى أسكي شام ، لأجل تتوجهوا عند الشريف لأجل انتقامكم من الدولة العثمانية الأبدية القرار إن شاء الله . أيها القائد العظيم : أسلافنا عند اختلاف الدولة و أهل الشمال انقسمت الدروز قسمين : قسم مع الدولة و قسم مع أهل الشمال . لا تحوجنا نقسم الدروز قسمين ، بل اهجعوا و ارجعوا عن طغيكم وبغيكم للناس . ثانياً: نستغني عنكم ونحسب أن سلطان ما كان ، ثالثاً : لا تسبحوا على شبر من الماء ، رابعاً : تخبروا الناس و تفشوهم أن نابلس لحد الناصرة سقطت مع ثلاثين ألف عسكري يسرا "أسرى" ولا نعلم أن عندكم تلفون بلا سلك لحتى فهمتوا الحقيقة تطغوا جهلاء الدروز بالاشتراك مع جيش علبة العطارة جيش الشريف . و نحن ليس غشاشين ولا هو كار أسلافنا الغش للطائفة مثل منهجكم ينغشوا في المال و يضيعوا إحساسهم و إحساسات الطائفة (م) في 17 ذي الحجة سنة 1736 ه ) كاتبه : سليم الأطرش . يلاحظ في هذا الكتاب النفسية المستعلية على أبناء الجبل وحتى أبناء العائلة و كان زعيم الجبل له الحق بالطرد من الجبل ومن العائلة و حتى القضاء على المعارضين لرأيه . وقد أجاب سلطان الأطرش في 19 ذي الحجة سنة 1336 هـ بالكتاب التالي :(( لجناب معالي قائد الجيش التركي سليم باشا الأطرش الأفخم : بعد السلام عليكم ، أبدي أني اطلعت اليوم على رسالتكم الوهمية التي لقنت عليكم من صُنّاع الترك . وكنت أريد أن أجيبكم على كل حرف فيها ، غير أن وقتنا الثمين لا يسمح لنا و خاصة على ذكركم الدولة التركية البائدة و وصفكم إياها بأسماء و صفات هي لا تقبلها على نفسها لأنها تقر بقصر باعها و عجزها و كفاها ذلك باستنادها عليكم . فيا حضرة ابن العم المحترم ، لسنا المغشوشين لأننا لم نطعم من مأكل " دماسكوس بالاس " و لا دخلنا جنينة البلدية بالشام . ولا قابلنا تركيا قاتلة آباءنا و هاتكة عرض بلادنا . اقرأ أشعار جدك شبلي رجل الدروز الذي هو اليوم يناديك من أعماق قبره و ينهيك لعدم طاعتك تعليماته التي يتسلح فيها العدو قبل الصديق يأخذ احتياطه من خيانة الترك الظالمين . و نحن أعلنا الحرب المقدسة على بواقي جيوش الترك الجائعة . و ننصحك أن تعود إلى جادة الصواب لئلا بعد قليل تندم حيث لا ينفع الندم . و عليه باسم عائلتنا الكريمة التي لا أريد أن أخرج من صف رجالها كما تريد أنت . أنصحك أن ترعوي و تعود إلى صوابك لئلا تصبح محروماً من أن تكون طرشا نياً ... ! أما جيش علبة العطارة فهو جيشك الفار ونحن إن شاء الله سنكون خير خلف لخير سلف و سنحافظ على شرف الدروز و مستقبلهم و لا نجعلهم يداسون كما تريد أن تضعهم أنت تحت أقدام أسقط و أوحش دولة في العالم و دمتم . في 19 ذي الحجة سنة 1336 هـ ، ابن عمكم سلطان الأطرش . يلاحظ في هذه الرسالة نفسية الثائر المصمم على تحرير الوطن ... " و قد وردت الرسالتان بمذكرات سلطان الأطرش الحلقة الرابعة كما وردت بكتاب ذوقان قرقوط . تطور الحركة الوطنية في سورية ص 265 توثيق : يضيف سلطان الأطرش بمذكراته بعد هاتين الرسالتين : سرعان ما وصلتني رسالة الفرج من الأمير فيصل يقول فيها : " أخي سلطان ... الملتقى درعا غداً !! " بناءً على هذه الرسالة جرت الاتصالات و المفازيع إلى القرى الموالية للثورة و ما هي إلا ساعات حتى كان عج الخيل وأهازيج الفرسان و البيارق تموج خفاقة و مع الجوفيات الحماسية مثل : يا الله يا معبودنا يا حاكم علقبايل يا الله يا معبودنا ترشد مان يقودنا عالعز يين الحما يل ترشد مان يقودنا و الشور لكبارنا و الفعل لزغارنا بالكون ربو الهوايل و الفعل لزغارنا أيضاً : شديت لك جدعية بالكور منسوبة جدعية تسبق هبوب الريح لواجاها بعد التداول بالرأي تقرر الاكتفاء بخمسمائة خيال ساروا خباً فوق الخيول المطهمة تتقدمهم راية الثورة العربية ذات الألوان الأربعة تخفق مع دقات القلوب التي تتوق لرفعها في سماء دمشق راية عربية أولى تبشر بالنصر و التحرير . وفي بصرى استسلمت الحامية التُُُركيَة دون مقاومة تذكر ، و استولى الثوار على الأسلحة و الذخائر و مستودعات الحبوب المصادرة من الأهالي ، فأعيدت لأصحابها كما وزعت الحبوب و المواد التموينية على المعوزين و تابعت الحملة مسيرها إلى الشيخ مسكين دون المرور بدرعا التي احتلها الجيش الفيصلي . و هناك في الشيخ التقت عدة فصائل عربية منها : فريق من حملة الجبل السابقة إلى العقبة ، و فريق من عشائر عنزي بقيادة نوري الشعلان طراد الملحم ، ثم الحويطات بقيادة عودي أبو تايه . و قبائل بني صخر بقيادة مثقال الفايز حديث الخريشة .و الحورانيون بقيادة اسماعيل الترك الحريري . و قد تقدمت جميع هذه الفصائل بقيادة الشريف ناصر تطارد فلول القوات العثمانية و الألمانية المتراجعة حتى توقفت قرب الكسوة أمام خط دفاعي حصين و قوي أقامه الاتراك في تلول المانع ، تساقطت منه قذائف المدفعية الثقيلة بغزارة و دون انقطاع على المطاردين ، ففتحت في صفوفهم ثغرات واسعة أدت تشردهم و انسحاب أكثرهم . وفي المساء عرج فرسان الجبل على أقاربهم في الدير علي للمبيت ووضع الخطة المناسبة للتنفيذ في اليوم التالي "مذكرات ح4". و قد وصلهم كتاب بنفس الليلة من الأمير فيصل يطلب إليهم الزحف بسرعة لدخول دمشق قبل وصول الجيش البريطاني إليها ..... " توثيق : يقول سلطان الأطرش بمذكراته "ح4" : لقد قمنا بحركة التفاف حول مواقع الأتراك و تحصينا تهم ثم باغتناهم بهجوم صاعق عطل بطريات مدافعهم و نازلناهم بالسلاح الأبيض بالخنادق فقُتل من قُتل و استسلم الأحياء أسرى كان من بينهم ضابط كبير هو رضا باشا الركابي ، أسره فرسان قرية الغارية . و لما عرفت هويته العربية أعدت إليه سلاحه و قدمت له جواداً رافقنا عليه مروراً بالحرجلة حتى دخلنا دمشق من جهة حي الميدان و وصلنا ساحة المرجة في 30 أيلول 1918 . مع أهزوجة "وسعوا المرجة ترى المرجة لنا وسعوا المرجة تتلعب خيلنا عقبة المريخ شكينا العلـــــــــــــم جيناا نستشهد في سبيل بلادنا" ثم تقدمت جموعنا و رفعنا فوق دار الحكومة العلم العربي الذي كان يرفرف في مقدمة حملتنا منذ خروجنا من الجبل . في حين انسحبت فلول الجيش التركي نحو الشمال لتخلي المدينة إلى غير رجعة . في اليوم التالي تولى الأمير سعيد الجزائري إدارة حكومة عربية مؤقتة من أعضائها " شكري الأيوبي و فارس الخوري " أخذت على عاتقها السهر على أمن المدينة ريثما يصل الأمير فيصل على رأس القوات العربية الرئيسة . توثيق : يقول منير الريس في الكتاب الذهبي ( ص 94 ): " بعد الانسحاب و الانهيار في جبهة قتال فلسطين كانت أول قوة عربية دخلت دمشق بقيادة سلطان الأطرش مؤلفة من محاربي جبل الدروز سبقت الجيش العربي في دخوله المدينة . فأحتلت حي الميدان والجيش التركي على ضفة بردى ينسحب مشتتاً ومصطفى كمال قائده يقيم في فندق فكتوريا مقر قيادة الجيش التركي, على ضفة بردى مقابل دار الحكومة او دار الولاية , تحرسه قوة من جيش الصاعقة (بيلدرم اوردونسي) وعندما ارتفع العلم العربي ذو الالوان الاربعة على دار الحكومة نزل مصطفى كمال فوراً من الفندق وركب سيارته مغادراً دمشق مع حراسه بأتجاه الشمال , وكانت وراءه سرية اخرى من الصاعقة تنسف الجسور في طريقها لتعرقل تقدم جيش عدوه توثيق : دخل الامير فيصل دمشق في 2 تشرين الاول 1918 , واستقبل المهنئين بدار فخري البارودي الواقعة في حي القنوات , وما لبثت حكومة الجزائري ان استقالت وتشكلت حكومة جديدة برئاسة رضى الركابي نفسه الذي سمي بحاكم دمشق العسكري , وعين الامير عادل ارسلان معاوناً له ومستشاراَ للامير فيصل , كما عُين رشيد طليع مديراً للداخلية , وقد اعتذر سلطان الاطرش عن قبول أي منصب حكومي بالرغم من الحاح الامير فيصل عليه بذلك ( مذكرات حلقة 4) , بعد أيام قليلة جمع الأمير فيصل بديوانه في المهاجرين وجهاء الجبل المناوئين والمساهمين في الثورة , وبعد ان أبدي الأمير رغبته بإزالة آثار الخلافات تصافح الجميع وتعاهدوا على السير في خط واحد تحت راية الدولة العربية الناشئة . وقد عين الأمير سليم الأطرش حاكماً على الجبل , ونسيب الأطرش عضو في مجلس الشورى بدمشق . أخذت بعد ذلك الأحزاب السياسية والجمعيات الوطنية تنشط في النوادي والمحاضرات والصحف داعية للوحدة الوطنية والحياة الاستقلالية الجديدة التي بدت كأنها تسير في مجراها الطبيعي . من جهة ثانية بدى موقف فرنسا وانكلترا من القضية العربية يتكشف على حقيقته , وبدأت تظهر على الساحة أسرار معاهدة (سايكس بيكو) , ويتوضح معها الخطر المحدق بالبلاد من جراء تقسيمها لمناطق نفوذ بين فرنسا وانكلترا . توثيق : في 20اذار 1920 , اعلن المؤتمر السوري استقلال سوريا بحدودها الطبيعية ومبايعة الأمير فيصل ملكاً عليها . يقول الدكتور الشهبندر ( المقالات ص 230) في 20ايار 1920 تشكلت حكومة فيصلية على الشكل الاتي : هاشم بيك الاتاسي رئيساً _ علاء بيك الدروبي للشورى _ رضى بيك الصلح للداخلية _ يوسف بيك العظمه للحربية _ فارس بيك الخوري للمالية _ ساطع بيك الحصري للمعارف _ يوسف بيك الحكيم للتجارة والزراعة والاشغال العمومية , جلال بيك زهدي للعدلية , الدكتور الشهبند للخارجية . استبشر المواطنون خيراً , وطفحت الافئدة بالامل خاصة عندما تسلمت القيادة في البلاد , شخصيات وطنية مشهود لها بالاخلاص والجرأة والصلابة في مواجهة التحديات الفرنسية , مثل هاشم الاتاسي , فارس الخوري , عبد الرحمن الشهبندر وغيرهم. لكن كارثة ميسلون في 20تموز1920 جاءت بالضربة القاصمة التي ادت لانهيار الجبهة الوطنية , وبلبلت الاوضاع بالداخل . وقد كانت حملة سلطان الاطرش بدعم الجيش الوطني في ميسلون قد وصلت إلى بلدة السجن شمال غرب السويداء , عندما وصلتها انباء دخول الجيش الفرنسي إلى دمشق وانسحاب الملك فيصل وحاشيته بأتجاه درعا , فأرسل سلطان وفداً من حمد البربور وصياح الاطرش وعبدالله العبدالله , للإتصال به , ودعوته إلى الجبل لدراسة الموقف معه ومتابعة الكفاح ضد الفرنسين , وقد حاول الوفد اللحاق به حتى فلسطين , فلم يتمكن من مقاباته , خيث سافر إلى اوربا وعاد الوفد دون ان ينجح بمهمته ( مذكرات ح 4 ) عند وصول الملك فيصل إلى درعا حصلت حوادث شغب عنيفة , حيث التفت حوله الجماهير واسقبلته بحرارة وحماس مما اغضب الفرنسين , فأرسلوا على جناح السرعة بعض اعضاء الحكومة بالقطار لتهدئة الوضع . وقد هاجمت الوفود المحتشدة القطار بمحطة خربة غزالة , فقتلت علاء الدين الدروبي رئيس الوزراء , والوزير عبدالرحمن اليوسف , ونجا الوزير عطا الايوبي . وكلهم من الوزارة التي شكلها الفرنسيون بعد دخولهم إلى دمشق لذلك ارسلت فرنسا جيشاً كبيراً , اشتبك معه الحورانيون بعدة معارك دامية كبيرة , كبدوه فيها خسائر فادحة في الارواح والعتاد , خاصة في المعركة الكبيرة التي وقعت قرب (نبع الكتيبة) , حتى تغلب الجيش عليهم اخيراً بالكثرة والاسلحة الحديثة الفتاكة , فخضعوا مكرهين يترقبون الفرصة السانحة للانقضاض والثأر.منقول

الكاتب لم يذكر جميع قبائل حوران والتي شاركت بالثورة واهمها قبيلة السردية

منقوول