بعد تصحيح الأخطاء الإملائية


بعد تظاهرة لآلاف المتشددين الإسلاميين في العاصمة الاندونيسية
فرضت الحكومة الاندونيسية في الأسبوع الثاني
من شهر يونيو (حزيران) 2008 قيودا على الطائفة القاديانية (الاحمدية)
المتهمة بالخروج على أصول الإسلام
لعدم اعتقادها إن النبي محمدا صل الله عليه واله أخر النبيين
والقرار الذي أصدرته وزارتا الداخلية والشؤون الدينية
يحظر على إتباع فرقة الاحمدية البالغ عددهم نحو مائتي إلف شخص
بث أفكارهم الدينية ... لكنه لا يعني حل هذه الفرقة الدينية

و ينص الدستور الاندونيسي
على ضمان حرية العقيدة
لكن القطاع العريض من المسلمين
الذين يشكلون أغلبية سكان الدولة يعبرون عن رفضهم
لما تدعو إليه الطائفة الاحمدية
من إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أخر الأنبياء
باعتبار ذلك أمرا مخالفا لثوابت الإسلام..

ويعتقد كثير من المحللين
إن أجهزة الاستخبارات الأوربية
هي التي تقف وراء تنامي هذه الطائفة في جمهورية اندونيسيا
خصوصا بعد إن بدأت حركات الإسلام السياسي تتزايد في اكبر بلد إسلامي
ويشيرون إلى كون القاديانية حركة نشأت سنة 1900
بتخطيط من الاستعمار الانجليزي في القارة الهندية
بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص
حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام
وكان لسان حال هذه الحركة
هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الانجليزية..
ومن ابرز شخصيات هذه الطائفة
مرزا غلام احمد القادياني 1839-1908.

وتعتقد القاديانية ان غلام احمد
هو أفضل الأنبياء جميعا
كما يعتقدون إن جبريل عليه السلام ينزل على غلام احمد
وانه كان يوحي إليه
وان الهاماته كالقرآن ......
ويقولون انه لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود (الغلام)
ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته
ولا نبي إلا تحت سيادة غلام احمد..
ويعتقدون إن كتابهم منزل
واسمه الكتاب المبين وهو غير القرآن الكريم.

وكان ألاف الإسلاميين قد تظاهروا في العاصمة
للمطالبة بحظر هذه الفرقة وحلها
وقال محمد الخثاث الأمين العام لمنتدى مسلمي اندونيسيا
إن هذا التصرف تكرر لتذكير الحكومة بالقيام بواجبها على الفور
وحل الاحمدية التي أثبتت بوضوح تشويهها لتعاليم الإسلام..

وكان مسملون متشددون
قد هاجموا علنا إتباع الاحمدية واحرقوا مساجدهم
بعدما أعلنت الحكومة في ابريل (نيسان) الماضي أنها تدرس حظر الطائفة ..
كما تعرض الرئيس الاندونيسي لضغوط متزايدة من الإسلاميين
لدفعه إلى حظر هذه الفرقة
في حين يطالبه المدافعون عن الحريات الدينية
بحماية حقوق الأقليات الدينية ومن بينها الأقلية الاحمدية..

( الشريعة والبانكاسيلا )

في الوقت نفسه بدأت العديد من الأصوات تتعالى
من اجل سرعة تطبيق الشريعة الإسلامية..
بل إن جماعات العنف الإسلامي
التي ترفض مبدأ تطبيق الشريعة باللين والدستور
بدأت في فرض تواجدها على الساحة
وهناك العديد من المناطق والأقاليم التي بدأت في فرض هذه القوانين..
لكن مناقشات حادة في البرلمان بسبب هذه التشريعات
خصوصا إن اندونيسيا دولة إسلامية متعددة الثقافات والأديان..
ولاحظ المراقبون السياسيون
إن المد الإسلامي قد اخذ في التزايد
لمواجهة ما يعتقد السكان انه مؤامرة غربية
ترعى نشر الاحمدية لاستهداف الحركات الإسلامية
التي تعلن تبنيها لفريضة الجهاد الشرعية...
وللدلالة على هذا الانتشار
يؤكد المراقبون إن مدينة ماكاسار
عاصمة جنوب جزيرة سزلايسي واحدة من تلك المدن
التي تشهد نموا في المد الإسلامي
حيث تم فرض الجلباب الطويل على الفتيات ابتداء من هذا العام .

وفي إحدى المدن الصغيرة بغرب جزيرة سومطرة
لا تستطيع النساء حتى غير المسلمات الخروج من البيت حاسرات الرأس
كما إن هناك 22 بلدية ومديرية في ست عشرة محافظة
من مجموع 32 محافظة في الدولة
تفرض قوانين محلية مستوحاة من الشريعة
وغالبا ما تدور هذه القوانين حول التركيز على تدريس القرآن لأطفال المدارس
وفرض الحجاب على النساء
أو فرض عقوبات صارمة على العلاقات الجنسية خارج نطاق الزوجية
وشرب الخمور ولعب القمار..

وفي البرلمان القومي
يدور جدل صاخب بين المعارضين
البالغ عددهم 156 والمؤيدين البالغ عددهم 134
حول شرعية هذه القوانين المحلية المستوحاة من الشريعة .
خصوصا إن جمهورية اندونيسيا التي أسست العام 1945 لا تزال دولة علمانية
وتقوم على المبادئ الخمسة لفلسفة دولة البانكاسيلا
التي تحاول الجمع بين كل من الديانات واللغات والثقافات المختلفة
وتقوم على شعار ( الوحدة في ظل التنوع )
ويقف غالبية المسلمين في اندونيسيا
موقفا محايدا تجاه الصراع بين البانكاسيلا والإسلام
مثل بقية أعضاء البرلمان البالغ عددهم 260
وكثير من كبار رجال السياسة الاندونيسيين
الذين لا يرغبون في إفساد العلاقة مع الجزء المتدين من الجمهور

وعلى عكس ذلك ترفض جمعية نهضة العلماء
- كبرى الجمعيات الإسلامية في اندونيسيا-
تطبيق القوانين المحلية المستوحاة من الشريعة..
وفي اجتماع سنوي للجمعية أكد كبار الفقهاء المسلمين
على أنهم يؤيدون البانكاسيلا على اعتبار إن الدولة سوف تتعرض للانهيار
إذا استمرت بعض الجماعات في جعل اندونيسيا دولة إسلامية.

الإباحية الأخلاقية

الحكومة الاندونيسية تؤيد مثل هذه الجماعات وإعمالها
حتى ولو كانت مثل الاعتداء على المنشآت التي يرون أنها غير أخلاقية
كمعرض الصور العارية وإدارة تحرير مجلة (بلا بوي)
الإباحية في اندونيسيا..
إما حزب العدالة والرفاهية
فيحاول منذ بداية هذا العام حث الجماهير
على تنفيذ مشروع قوانين جديدة ضد الإباحية
وهذا المشروع لا يزال موضع خلاف شديد
خصوصا أنها سوف تفرض على النساء في جميع البلاد
تعليمات جديدة بالنسبة للباس
كما أنها سوف تحد من حرية التعبير في الفن والإعلام .

وتعليقا على هذه المواقف المتباينة
يرى السيد فرحان أفندي الأستاذ في علوم الإسلام
إن راديكالية المسلمين الاندونيسيين نابعة من ضعف التعليم
فمعظم مدارس اندونيسيا تعاني من نقص المدرسين والتمويل المادي
وفي حصة التربية أو البيئة التاريخية للإسلام
ويقول إن الشباب ينقصهم اليوم قيم بديلة يتمسكون بها
لذلك فسوف يميلون للانضمام إلى المجموعات الراديكالية
طالما أنهم لا يجدون من يقوم بردعهم عن القيام بأعمالهم
ويعتقدون أنهم على حق فيها..


منقول بتصرف