رأى الكاتب الأمريكي فريد زكريا أن اجتياح روسيا لأوكرانيا أثار تساؤلا ملحا حول نوعية العالم الذي نعيش فيه.. ورصد اتهام العديد من النقاد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالانفصام عن هذا الواقع والعيش بدلا من ذلك في عالم من الخيال تحكمه قواعد دولية.

وأشار -في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست- إلى إعلان السيناتور الجمهوري جون ماكين أن إدارة أوباما هي الأكثر سذاجة على مدار التاريخ، ولفت إلى اتهام الكثيرين لأوباما بأنه لا يعرف طبيعة القرن الذي نعيش فيه.

ورصد زكريا سخرية كافة النقاد تقريبا من وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ما فعلته روسيا، من تغيير الحدود بالقوة، بأنه سلوك ينتمي إلى القرن التاسع عشر يتم تطبيقه في القرن العشرين.

وبرهن زكريا على صحة وصف كيري بالرجوع إلى الحقائق التاريخية التي تقول إن عمليات تغيير الحدود بالقوة كانت أمرا عاديا حتى الحرب العالمية الأولى ثم تراجعت كثيرا بعد ذلك لا سيما في العقود الأخيرة.. وأنه قبل عام 1950 كانت الحروب تتمخض عن تغيير الحدود بنسبة 80 بالمئة وهي نسبة تراجعت بعد ذلك إلى 27 بالمئة.. وقال زكريا "في الواقع منذ عام 1946 اقتصرت أمثلة تغييرالحدود بالقوة على 12 مثالا فقط كلها قبل عام 1976" وعليه استنتج الكاتب أن سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم شبه جزيرة القرم ينتمي في الواقع إلى القرن التاسع عشر.

ورأى الكاتب ذو الأصل الهندي أن التحول في العلاقات الدولية ذهب إلى ما هو أبعد من تغيير الحدود على نحو انتهت معه عصور الحروب الاستعمارية التي ظلت آلاف السنين ملمحا حياتيا دوليا، كما تراجعت الحروب بين الدول بشكل دراماتيكي بنسبة أكثر من 50 بالمئة على مدار العقود الثلاثة الماضية.. وبحسب باحثين من جامعة ماريلاند الأمريكية فإن العقد الأخير شهد أقل عدد من الصراعات منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال زكريا إن العديد من وجوه الحياة الدولية لا تزال على قسوتها وقتامتها، وليس أيسر على المرء من التظاهر بالحدة للإيحاء بتفهم الوقائع الصعبة لسياسات القوى.. لكن الشيء الأكثر إثارة للدهشة بخصوص هذا الواقع العالمي يتمثل في الدرجة التي وصلت إليها الأمور، لاسيما منذ عام 1945.



أكثر...